شهادات شهود عيان في تقرير يتضمن قتل رجال المارينز عراقيين عزل في أعقاب تفجير على جانب الطريق عام 2005
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
موت في بلدة "حديثة"
جوش وايت - واشنطن بوست
قتل جنود البحرية الأميركية بالرصاص خمسة عراقيين عزل من السلاح، والذين صادف وجودهم في المكان عند وقوع انفجار قنبلة مزروعة على قارعة الطريق عام 2005 في بلدة "حديثة" في العراق. وذلك وفق شهادات شهود عيان، والتي تشكل جزءاً من تقرير جاء حصيلة تحقيق مطول حصلت الواشنطن بوست على نسخة منه.
كان الرقيب فرانك د. فوتريخ، قائد الفصيل الأميركي قد أطلق النار على أولئك الرجال واحداً بعد الآخر بعد أن أمرتهم قوات البحرية بالترجل من سيارة تاكسي بيضاء في اللحظات التي أعقبت الانفجار الذي أسفر عن مقتل واحد من جنود البحرية وتسبب بجرح اثنين آخرين، وذلك وفق ما قاله أحد الشهود للمحققين. ثم قام رجل بحرية آخر باطلاق صليات من الرصاص على أجساد القتلى بينما كانت ممدة على الأرض.
وقال تقرير أصدرته دائرة التحقيقات الجرمية لقوات البحرية متعلق بالحادثة والذي جاء في آلاف الصفحات "إن شاغلي سيارة التاكسي الخمسة الذين غادروا المركبة، وفقاً لشهود عراقيين وأميركيين، قد قتلوا بالرصاص على يد فوتريخ بينما وقفوا غير مسلحين إلى جانب المركبة على بعد حوالي عشرة أقدام منه".
وكان أحد الشهود، وهو الرقيب أسد عامر مشوط، الجندي العراقي السابق (26 عاماً) والذي كان ضمن قافلة المارينز قد أخبر المحققين بأنه راقب مأخوذا بالرعب الطلاب الأربعة وسائق سيارة التاكسي وهم يسقطون. وقال "إنهم حتى لم يحاولوا الهرب. لقد كنا خائفين من رجال المارينز ورأيناهم يتصرفون مثل المجانين، وقد كانوا يزعقون ويصرخون".
وكانت حادثة إطلاق الرصاص تلك الأولى ضمن سلسلة من ردات الفعل العنيفة من قبل قوات المارينز في صبيحة 19 نوفمبر 2005، والتي خلفت 24 قتيلاً من المدنيين، الكثير منهم من الأطفال والنساء، فيما اعتبرته مجموعات حقوق الإنسان والعراقيون مذبحة نفذتها القوات الأميركية.
وكان التقرير الذي اعتمد على مئات المقابلات التي أجريت مع رجال المارينز والجنود العراقيين والمدنيين الناجين قد أجري بعد شهور من الحادثة، ليقدم رواية متشظية، ومتضاربة أحياناً، عن العنف الذي مورس في ذلك اليوم. ولكنها إذا ما أخذت معاً، فإن الشهادات تقدم دليلاً على أن قوات المارينز قد تعرضت لهجوم، وردت عليه بطرق يصعب التماس الأعذار لها نظراً لقواعد الاشتباك التي يخضعون لها.
وقد تم توجيه تهم لأربعة من رجال المارينز بالقتل في الشهر الماضي، والتي تتصل بموت المدنيين في حديثة، وهم فوتريخ الذي يواجه ثلاثة عشر تهمة بالقتل غير المبيت. والرقيب سانيك بي ديلا كروز، والعريف توستين ل. شارات، والعريف ستيفن ب. تاتوم، وكلهم يواجهون إمكانية إمضاء بقية حياتهم في السجن في حال إدانتهم.
وكان ثلاثة منهم قالوا من خلال محاميهم إنهم قد تصرفوا بشكل مناسب بينما يتعرضون لإطلاق النار في ميدان معركة تسوده الفوضى، وأن وفاة المدنيين كانت جزءاً يستوجب الأسف، ولكنه متعذر اجتنابه من أعمال الحرب في منطقة شديدة الخطورة بشكل خاص. وقد امتنع المدعي العام في قضية ديلا كروز عن التعقيب على ذلك.
وكانت قوات البحرية قد وجهت تهماً إلى أربعة ضباط أيضاً بسبب فشلهم في التحقيق والإبلاغ بشكل كامل عن ذبح المدنيين، وهم الليفتينانت كولونيل جيفري آر. تشيساني، والكابتن لوكاس ماك كونيل، والكابتن راندي دبليو. ستون، والملازم أندرو إيه. غريسون.
وقال رجال البحرية للمحققين إنهم اعتقدوا بأنهم كانوا مخولين بإطلاق النار بحرية داخل بيتين كانوا قد أغاروا عليهما في الدقائق التي أعقبت إطلاق الرصاص على راكبي سيارة التاكسي، وذلك بعد استنتاجهم أن متمردين كانوا يطلقون النار عليهم. وبعد أن أمرهم أحد الضباط "باحتلال" أحد البيتين وأمر فوتريخ القائل "أطلقوا النار أولاً ثم اطرحوا الأسئلة لاحقاً"، اعتبر رجال المارينز تلك البيوت "معادية"، وذلك وفقاً لإفادات قدموها للمحققين تحت القسم.
وكان ضباط في البحرية قد اتهموا القوات بالفشل في التعرف إلى أهدافهم بدقة قبل استخدام القذائف والبنادق ليقتلوا 14 من المواطنين العزل في منازلهم، بما فيهم العديد من الأطفال الصغار في ملابس نومهم، وكل ذلك في فترة لم تتعد العشر دقائق، وفقاً لما ورد في الوثائق.
وكانت صفاء يونس سالم (13 عاماً) والتي تظاهرت بالموت لتجنب إطلاق النار عليها هي الشخص الوحيد الذي نجا من هجوم قوات المارينز على المنزل الثاني. أما أختها عائشة (3 سنوات) فقد أطلقت النار عليها في ساقها وفارقت الحياة. وكذلك شقيقتها زينب (5 سنوات) التي أطلقت النار على رأسها. وقالت إنها فقدت خمسة آخرين من أفراد عائلتها في الغرفة نفسها، بمن فيهم والدتها. وقالت صفاء: "لقد أطلق النار وقتل الجميع.. أطلق الأميركيون النار وقتلوا الجميع".
وكان ضباط كثيرون ضمن سلسلة القيادة في العراق، بما فيهم ميجور جنرال، قد عرفوا عن موت المدنيين مباشرة تقريباً، ولكنهم لم يطلقوا تحقيقاً حول المسألة إلا بعد أشهر كما تقول إحدى المقابلات. ولم يصدق ضباط آخرون من رتب أخفض أن رجال المارينز يمكن أن يكونوا قد قاموا بأي فعل غير مناسب، بينما قلل الضباط من الرتب العليا من حجم المعلومات المتعلقة بالحادثة ولم يجروا أي تحقيق أبعد مدى.
وكان نيل باتيك، وهو أحد محامي الدفاع عن فوتريخ قد أحجم عن التعليق على الحادثة يوم أول من أمس، قائلاً إنه "منزعج بشكل عميق من أن تركز بعض وسائل الإعلام على ما يبدو وكأنما يشكل التحقيق بكامله". أما فوتريخ، فقد قال للمحققيق خلال مقابلة معه في شباط "إنني أريد إيضاح إننا لم نذهب قاصدين رش كل شخص نراه، وقد كنا نتعرض لإطلاق النار". وقد امتنع مسؤولو البحرية وأعضاء لجنة التحقيق عن التعليق على تفاصيل القضية لأنها ما تزال قيد البحث.
مهمة روتينية تتحول إلى حادثة عنف
يقدم التقرير رواية مفصلة عن الأحداث التي أفضت إلى نجوم العنف في حديثة. وكان ذلك اليوم قد بدأ في السادسة صباحاً عندما استيقظ عريف البحرية سلفادور أ. غازمان جيه. آر. في قاعدة فيرم بيس، واعلم مجموعة من فصيلته بأنهم سيضعون قوات عراقية جديدة إلى نقطة تفتيش للسير في بلدة حديثة. وقد اصطدم بالعريف ميغويل "تي. جي" تيرازاس الذي تندر قائلاً: "لا بد أننا سوف نتعرض للضرب بواسطة متفجرة بدائية ذات يوم لأننا نكثر من التنقل"، وفق ما أفاد به غازمان المحققين.
غادرت قوات المارينز القاعدة حوالي الساعة 6:45 صباحاً وأجرت تبديل النوبة في حوالي السابعة. ثم أدار أفرادها قافلتهم المكونة من أربع عربات وقفلوا عائدين. وكان العريف "شارات" في برج عربة الهامفي الأولى يلوح بعلم أبيض قصد الاستدارة إلى الجهة اليمنى من "مسار الكستناء"، وبينما كانت العربة تنزلق باتجاه الطريق الجنوبي ضرب صوت انفجار الحي.
تيرازاس، الذي كان يقود عربة الهامفي الرابعة، قتل مباشرة بفعل الهيدروكاربون المتفجر عن بعد، والذي مزق مقدمة المركبة وقذف بها إلى عرض الطريق. وعلق جندي بحرية آخر مصاب بجروح خطرة في الحطام.
وقال جنود البحرية الذين اندفعوا للمساعدة للمحققين إنهم قد تلقوا إطلاق نار من بنادق المتمردين من عدة مواقع من الجوانب الشمالية والجنوبية للطريق. وقال ممرض البحرية بريان دي. إنه كان يرى آثار الرصاص قرب قدميه وإنه لاحظ رجالاً يحملون البنادق بينما يختفون من على سطح منزل إلى الشمال. وظهرت بعض الإطلاقات وكأنما تأتي من خلف سيارة التاكسي البيضاء.
وتوافق رجال البحرية على القول إنهم كانوا تحت نيران تأتي من كل الجهات، مما يوحي بأن الحادثة كانت جزءاً من هجوم مركب شنه المتمردون، والذي استمر لمعظم ساعات اليوم.
وكان أحد جنود البحرية وجندي عراقي قد أخبرا المحققين بأن الرجال الذين كانوا في سيارة التاكسي كانوا يقفون في صف خارج السيارة، وكان بعضهم يرفعون أيديهم عالياً في الهواء عندما بدأ فوتريخ بإطلاق النار عليهم.
وقال فوتريخ من جهته إن الرجال قد ترجلوا من السيارة، وإنه أطلق النار عليهم لأنهم اعتبر أنهم يشكلون تهديداً. ولكن ديلا كروز قال إن الرجال كانوا يقفون في صف عندما بدأوا يتساقطون. وقال ديلا كروز للمحققين: "بينما كنت أعبر الجزيرة الوسطية، رأيت أحد المدنيين العراقيين، والذي كان يقف في منتصف الصف بينما يسقط على الأرض. وبعد ذلك مباشرة رفع عراقي كان يقف إلى جانبه يديه في الهواء، ثم سمعت إطلاق رصاص آخر ونظرت إلى يساري، فرأيت الرقيب فوتريخ وهو راكع على ركبته ويطلق نار بندقيته (إم-16) باتجاه المدنيين العراقيين".
وقال ديلا كروز للمحققين إنه قد أطلق النار على أجساد الرجال العراقيين بعد أن كانوا على الأرض وإنه قد تبول بعد ذلك على أحدهم.
بعد ذلك بدقائق، وصلت إلى المكان قوة تدخل سريع من قاعدة المارينز، ومن ضمنها أول الضباط الملازم ويليام تي كالوب. وقال كالوب للمحققين إنه بدأ بالتعرض لنيران العدو مباشرة تقريباً عقب وصوله. وعند ذلك الوقت، شاهد العريف هكتور أ. ساليناس رجلاً يطلق النار على الفصيلة من زاوية منزل في الجهة الجنوبية من الطريق. ووفقاً لمقابلة ضمها ملخص لجنة التحقيق مع كالوب، فإن "ساليناس قال حينذاك إن بوسعه رؤية العدو، وهكذا أمرهم كالوب (باحتلال المنزل)" وتقدم تلك المقابلة أول دليل على أن الضابط قد أمر بشن الهجوم.
وقد امتنع ريتشارد ماك نيل، وهو محام يمثل كالوب، عن الإدلاء بتعليق يخصه أو يخص دوره، ولكنه حذر من أن "ما يحصل عادة في تحقيقات لجان التحقيق، ان الروايات عادة ما يجري حرفها باتجاه تأويل الحكومة".
شكل فورتيخ وساليناس وتاتوم والعريف هامبيرتو مندوزا فريقاً لمهاجمة المنزل، مطلقين القنابل أولاً ثم مندفعين عبر الباب. وقال فورتيخ للمحققين: "قلت لهم أن يتعاملوا مع الموقف كبيئة معادية. قلت لهم أن يطلقوا النار أولاً ثم يطرحوا الأسئلة لاحقاً".
وقال محامو الدفاع إن الرجال كانوا يتبعون "قواعد الاشتباك" الخاصة بهم عندما أطلقوا النار في المنزلين، مستخدمين تقنيات فعالة في بيئة صعبة.
وكانت بطاقة قواعد الاشتباك الخاصة بالوحدة، والتي كانت سارية في غرب العراق عندئذ تقول لرجال البحرية "تجنبوا دائماً إحداث ضرر جمعي"، وقالت إن الأهداف يجب أن يتم تمييزها بشكل إيجابي على أنها تشكل تهديداً قبل أن يفتح رجل البحرية النار. وكانت تقول لرجال البحرية أيضاً "لا شيء على هذه البطاقة يمنعكم من استخدام كل القوة الضرورية للدفاع عن أنفسكم".
بعد دخول البيت الأول عبر المطبخ، قال تاتوم للمحققين إنه سمع ما ظنه سحب أقسام بندقية من طراز (إيه كي-47) أو تجهيزها للإطلاق خلف الزاوية. وهكذا ألقى هو وساليناس القنابل داخل الغرفة. ووفقاً للوثائق، فإن ماليد حسن (37 عاماً) قد قتل، كما وقعت خميسة علي (66 عاماً) قتيلة بالرصاص في الحجرة قبل أن يقتل أربعة آخرون في غرفة النوم بنيران القنابل والبنادق.
وقالت إيمان حامد (9 سنوات) للمحققين إن قنبلة قد سقطت قرب سرير جدها ثم انفجرت مرسلة شظاياها في أنحاء الحجرة. وقد قتلت أمها وأخاها البالغ عمره أربع سنوات، بينما زحفت مصابة بالجراح مع أخيها عبد (6 سنوات) لينجوا من القتل. وقال عبد للمحققين: "كل الغرف.. كانوا يطلقون النار في كل الغرف".
وقال العديد من رجال المارينز إنهم قد طهروا المنزل بسرعة بالنيران، مطلقين النار عبر الغبار والحطام والظلام للقضاء على ما اعتقدوا أنه يشكل تهديداً.
ومن هناك، قال فورتيخ ومندوزا وتاتوم إنهم قد تحركوا إلى المنزل الثاني بعد أن اشتبهوا بأن المتمردين ربما يكونون قد فروا. وقال مندوزا للمحققين إن رجال المارينز قد فعلوا بالبيت الثاني مثل الأول، متعاملين معه كبيئة معادية، وذلك وفق إفادته تحت القسم. وقال مندوزا إنه أطلق النار على رجل، هو يونس راسف (43 عاماً) من خلال زجاج باب المطبخ الزجاجي. وقال مندوزا للمحققين "لقد أطلقت النار لأنه قيل لي إن المنزل كان معادياً وكنت أتبع تدريبي القائم على أن كل الأفراد في بيت معاد ينبغي أن تطلق عليهم النار". ثم دخل رجال المارينز بعدئذ إلى المنزل وألقوا القنابل قبل الشروع بإطلاق النار على غرفة نوم خلفية، والتي وجدوا فيما بعد أنها مليئة بالأطفال والنساء.
وقال تاتوم "عارفاً بما أعرفه الآن، أشعر بشكل سيئ إزاء قتل المدنيين العراقيين الذين ربما كانوا أبرياء. ولكنني أقف بقوة إلى جانب القرار الذي اتخذته في ذلك اليوم، لأنني كنت أستجيب للتهديدات على النحو الذي فهمتها عليه في ذلك اليوم. إنني لم أطلق النار عشوائياً بنية إلحاق الأذى بالمدنيين العراقيين".
أما جاك زميرمان، محامي تاتوم، فقد امتنع يوم أول من أمس عن الإدلاء بأي تعليق، ولكنه شجب نشر الوثائق. وقال "إن القواعد الأخلاقية التي تحكم المحامين تحظر علي حتى مجرد مناقشة الموضوع".
ومن جهته، قال مشوط، الجندي العراقي الذي كان مع قوات المارينز إنه اعتقد بأن الهجوم على المنزلين كان مبرراً لأن كامل القافلة كانت تتعرض لإطلاق النار. ولاحظ المحققون انه اعتقد بأن رجال المارينز "كانوا يمتلكون المبرر" لأنهم كانوا "يدافعون عن أنفسهم".
بالتزامن، كانت قوة أخرى من رجال البحرية، بمن فيهم ديلا كروز، تتجه إلى الجهة الشمالية من الطريق، حيث عثرت على مسكن اعتقدت أنه كان "منزل إشعال الفتيل" للقنبلة التي زرعت على كتف الطريق. وقاموا على الأثر باحتجاز عدد من العراقيين وفق الوثائق، لكنهم لم يطلقوا النار على أي شخص خلال تفتيش عدة منازل. وقد تم إطلاق النار على رجل آخر بعد أن لاحظه رجال المارينز وهو يركض على طول تقاطع الشارع.
بعد ذلك ببضع ساعات، هاجم شارات وفوتريخ وساليناس منزلاً ثالثاً ورابعاً بعد أن لاحظوا رجالاً كانوا يحدقون فيهم على نحو يثير الشكوك. ويكشف التقرير عن أن ما حدث هناك لم يكن واضحاً. وقال شاهد عراقي ان رجال البحرية قد فصلوا الرجال عن النساء بشكل غاضب إلى صفين قبل أن يقودوا الرجال إلى البيت الرابع ويطلقوا النار عليهم. بينما قال رجال البحرية الثلاثة للمحققين إنهم كانوا يفتشون الرجال الذين رأوهم وأنهم فصلوا النساء ونقلوهن إلى جهة آمنة قبل أن يدخل فوتريخ وشارات إلى المنزل.
وقال شارات للمحققين إنه رأى رجلا يرفع بندقية (إيه كيه -47) كما ولو كان سيطلق النار عليه. وقال شارات إن بندقيته قد علقت، لكنه استل مسدسه من عيار 9 ملم وأطلق النار على المهاجم. وقال للمحققين إنه رأى رجلاً آخر يحمل بندقية وأطلق النار عليه وعلى رجلين آخرين لأنه "شعر بأنه مهدد". وقد أطلق فوتريخ بدوره النار على الرجال كما قال.
وقد وجهت إلى شارات تهمة القتل غير المبيت في ثلاث من عمليات القتل. وقد امتنع غراي مايرز، أحد محامي شارات عن الإدلاء بأي تعليقات أول من أمس.
في البداية: لا تحقيقات
في البداية لم تجر القيادة العسكرية اي تحقيقات في حوادث القتل في المدينة الى ان نشرت مجلة التايم تقريرا لمراسلها عنها بعد شهرين, وابلغ ضباط المارينز المحققين ان السبب كان بسيطا اذ انه لم تحمل التقارير التي تلقوها على اي مبرر يدفعهم للاعتقاد بان اجراء تحقيقات هو امر مضمون.
وبدا ان المحققين وجدوا القليل من الدلائل التي تشير بان جنود المارينز في الميدان او في القيادة حاولوا اخفاء حوادث اليوم, لكن ديلا كروز ابلغ المحققين بان واتيريتش دعم القول بان الرجال الذين كانوا في السيارة انما كانوا يحاولون الهرب قبل اطلاق النار عليهم.
وطعن بكيت, وهو محامي واتيريتش, في تأكيد ديلا كروز وقال "ان العريف وايتريتش ينفي بشدة ان يكون قد طلب من احد ان يكذب او يغير روايته".
وتظهر الوثائق بان جنود المارينز في الفرقة الثالثة (كليو كومباني) وفي فوج المارينز الاول ابلغوا قاعدتهم بالحادثة, بينما كانت تقع وانهم اوضحوا بان هناك عددا كبيرا من الاصابات بين المدنيين, وبالرغم من ان جنود المارينز صنفوا في البداية ثمانية من المارينز على انهم متمردون الا انهم سرعان ما قالوا ان خمسة عشر مدنيا على الاقل قد قتلوا خلال ما اسموه "تقاطع نيران" مع العدو.
ووقعت الحوادث وسط هجمات تمرد كثيفة في الحديثة في ذلك اليوم ما دفع بالمارينز في نهاية المطاف الى الاستنجاد بالطيران للاغارة على منازل يشتبه في انها كانت تؤوي متمردين, وقال المارينز للمحققين ان التوتر الذي كان سائدا في ذلك اليوم قد تسبب في صدور التقارير الاولية متناقضة وغير دقيقة.
وفي الاثناء قال قائد كليو كومباني, ماكونيل, لجنوده المارينز في يوم الهجمات انهم قاموا بعمل جيد وفق ما تضمنه تلخيص للتحقيقات في تقرير NCIS . وقال المحققون في الاثناء ان ماكونيل لم يرد ان يستجوب جنوده في يوم فقدوا فيه رفيقا لهم لكنه ابلغ المسؤولين عنه بوقوع وفيات بين المدنيين.
الى ذلك, قال كيفين مكديرفوت وهو محام يمثل ماكونيل "انه لم يكن ثمة اشارة مع ذلك بان هؤلاء الاولاد قاموا بعمل غير مناسب ابدا".
ومن جهتهم قال ضباط مارينز ان تشيساني قائد فرقة المارينز ابلغ المسؤول عنه قائد الفوج بالخسائر في صفوف المدنيين في نفس اليوم الذي سقطوا فيه وان ذلك المسؤول وهو الكولونيل ستيفن دبليو. دينيس قال له انه لا حاجة لاجراء تحقيقات.
وقال دينيس لمحققين عسكريين طبقا للنسخة "انه لم يكن هناك شيء غير عادي حول اي من هذا، بما في ذلك عدد القتلى المدنيين، يستدعي شيئا في مخيلتي يكون خارج المألوف.. ولا شيئا يتعلق بهذه الحادثة قد طفا على السطح امامنا في اي نقطة".
وقال الميجر جنرال ريتشارد ايه. هاك قائد الفرقة للمحققين انه علم بالاصابات المدنية في نفس اليوم الذي وقعت فيه وانه اعتقد انها كانت نتيجة لقنبلة قارعة الطريق وما تبعها من معركة بين جنود المارينز والمعتمدين. وزار هاك الحديثة بعد ثلاثة ايام واطلع على تفاصيل الحادثة من خلال ايجاز لها.
وابلغ هاك المحققين ايضا "لم يثر اي شيئ في الايجاز اهتمامي ولا اذكرإن كان الايجاز قد تطرق الى بحث عدد العراقيين الذين قتلوا في ذلك اليوم؛ لكنني استذكر بان الايجاز اشار الى قيام المارينز بتطهير المنازل في اعقاب هجوم ال IED".
واتهم ماكدنيل وشيساني في القضية اما هاك ودينيس فلم يتهما فيها, ولم تفلح محاولات جرت للوصول الى شيساني او محام عنه في الغضون.
في ديسمبر 2005 اجازت قوات المارينز تقديم مبلغ ثمانية وثلاثين الف دولار كتعويضات لعائلات المدنيين الذين قتلوا في المنزلين الاولين. كما ان شيساني برر دفع التعويضات في اوائل شباط- فبراير الماضي في مذكرة قائلا "ان العدو اختار التوقيت والمكان لنصب كمينه. ومن دون اهتمام قاسي القلب بحيوات الابرياء الواقفين، فان العدو لم يكن ليختار القتال من غرف النوم والمعيشة في منازل يشغلها مدنيون".
كان التحقيق الرسمي قد بدأ بعد أسبوعين بعدما أرسل مراسل مجلة "تايم" قائمة تضم أسئلة حول الحادثة إلى مسؤولي مارينز في العراق. وفي رسالته الالكترونية التي استندت إلى شريط فيديو كان قد صوره ناشط غداة الحادثة، أثار المراسل احتمال أن يكون جنود المارينز قد ارتكبوا مذبحة ضد مدنيين، وأن يكونوا قد أعدموا الرجال في سيارة التاكسي.
وقالت لجنة التحقيق إنها قد استبعدت تلك المزاعم، معتقدة بأنها جزء من حملة يشنها المتمردون لإلحاق الأذى بالمارينز. واعتقد ضباط مارينز آخرون بأن تلك المزاعم كانت خارج المألوف.
وقال الميجر صامويل إتش كاراسكو الذي كان في حينه ضابط عمليات فرقة إنه والضابط التنفيذي في الفرقة اقترحا إجراء تحقيق في الحادثة. وأبلغ كاراسكو المحققين بأن "اللفتنانت كولونيل شيساني صرخ عندها: "إن رجالي ليسوا قتلة".
إلى ذلك، دعم التحقيق الأولي الذي أجراه كولونيل الجيش غريغوري وات، والذي أمر بإجرائه اللفتينانت جنرال بيتر دبليو تشياريللي، والذي كان أعلى قائد ميداني في حينه في العراق، دعم تقارير المارينز عن الحادثة. وقرر وات أن القوات الأميركية كانت تمتلك المبرر للشك في الرجال الذين كانوا في سيارة التاكسي البيضاء. واستنتج أنهم لم يحددوا بشكل إيجابي تلك الأهداف التي استهدفوها داخل المنازل، وربما كان "يستحيل" توقع ما سيحدث في ميدان المعركة في ذلك اليوم.
وإلى ذلك، فإنه لم يجد أي إشارة إلى أن جنود المارينز "قد استهدفوا وقتلوا عن قصد أناساً غير مقاتلين". لكنه اقترح مع ذلك إجراء تحقيقات جنائية. وكانت تحقيقات لجنة المارينز قد بدأت في الثاني عشر من آذار، وهو ما أفضى إلى توجيه التهم المذكورة الشهر الماضي.