جريدة الجرائد

خلافات اللحظات الأخيرة بين مسؤولين أميركيين والمالكي قبيل إعدام صدام

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جهود واشنطن لوقف الإعدام استمرت قبل 6 ساعات من التنفيذ والعراقيون طلبوا منهم وقف التدخل


بغداد: جون بارنز وجيمس غلانز وسابرينا تافرينيز ومارك سانتورا


كشف مسؤولون أميركيون وعراقيون تفاصيل جديدة حول خلافات اللحظات الأخيرة التي سبقت إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وأكدوا وجود انقسامات حادة بين مسؤولين اميركيين ورئيس وزراء العراق نوري المالكي قبيل الإعدام. وحسب المصادر التي تحدثت الى عدد من المسؤولين في الجانبين فان الجانب العراقي كان يصر على ضرورة تسلم صدام لإعدامه، فيما شدد الجانب الأميركي على أهمية التريث حتى لا تحدث ردة فعل كارثية.

وأشارت المصادر الى ان الجهود الأميركية التي قادها السفير الأميركي في بغداد زلماي خليلزاد استمرت حتى قبيل ست ساعات من التنفيذ. وتقدم الجنرال جاك غاردنر رئيس القوة الخاصة 134 المشرفة على الاعتقــالات بطلب رسائل تؤكد قانونية الاعدام من المالكي والرئيس جلال طالباني ورئيس المحكمة العليا التي حاكمت صدام حسين، طبقا لما ذكره خبير قانوني عراقي. وكان التركيز على نقطتين: مطلب دستوري بإقرار المجلس الرئاسي الثلاثي لكل الاعدامات، وقانون من عهد صدام يحظر الاعدام خلال المناسبات الدينية. ولجأ العراقيون الى ما اعتبروه ورقتهم المرجحة عبر مكالمة هاتفية الى كبار رجال الدين الشيعة في مدينة النجف طالبين موافقة المرجعية الشيعية. وعندما ابلغ المسؤولون المالكي أنهم حصلوا على موافقة المرجعية وقع رئيس الوزراء رسالة تفوض بتنفيذ الاعدام. وكانت الساعة الحادية عشرة وخمسا وأربعين دقيقة مساء.

عندما ايقظ الجنود الاميركيون صدام حسين في زنزانته بالقرب من مطار بغداد في الساعة 3:55 فجرا يوم السبت 30 ديسمبر ابلغوه بارتداء ملابسه لرحلة الى بغداد. وقد نفذ ذلك عشرات المرات من قبل، حيث كان يسافر بالهليكوبتر في ظلام ما قبل الفجر الى قاعة المحكمة حيث قضى 14 شهرا يحاكم.
وعندما اطفأ صدام ضوء زنزانته يوم الجمعة، ربما كان يأمل في الحياة لعدة ايام اخرى، او ربما ينجو من الجلادين. وطبقا للقوة الخاصة 134 الاميركية المسؤولة عن كل المعتقلين العراقيين، كان صدام "سمع بعض الإشاعات في الراديو بخصوص تواريخ اعدام محتملة". ولكنه لم يقلل من اهميته الشخصية، فقد ابلغ محاميه منذ عدة شهور ان الاميركيين ربما لا يعدمونه، من اجل مفاوضات لإنهاء التمرد، الذي يسمع تفجيراته اليومية، عبر نافذة زنزانته.

وخلال استعداد صدام للسير في برد الصحراء يرتدي معطف تفصيل اسود، انتهى الوهم الاخير. فبعدما جرى استيقاظه وابلغ انه سيسلم الى العراقيين، كشف بيان من القوة الخاصة تم ارساله عبر البريد الاليكتروني الى صحيفة نيويورك تايمز "المح على الفور انه يعلم انه سيجري الاعدام بعد ذلك".

وخلال مغادرته منطقة الاعتقال، شكر الحرس والفريق الطبي للمعاملة التي تلقاها، كما اوضح الكولونيل كير كيفن كاري المتحدث باسم القوة الخاصة. ثم نقل الى طائرة هليكوبتر من طراز "بلاك هوك" في الرحلة التي استغرقت 10 دقائق الى سجن الاستخبارات القديم في شمال بغداد، حيث انتظرته مجموعة من المسؤولين العراقيين في غرفة الاعدام. وذكر المتحدث "خلال فترة النقل القصيرة كان صدام حسين يبدو أكثر جدية".

وقد حلقت الطائرة في الساعة 5:05 فجرا وكان امام صدام 65 دقيقة للحياة. ولكن خلال تحليقه فوق ضواحي بغداد المظلمة، لم يكن يعرف أي شيء عن معارك اللحظات الاخيرة التي جرت بين المسؤولين العراقيين والاميركيين ـ وبين الاميركيين انفسهم ـ عما اذا كانت عملية الاعدام المزدحمة بالغموض والحساسيات الدينية الاسلامية، يجب ان تمضي ام لا.

وتركزت المعارضة الاميركية لإعدامه بسرعة، جزئيا، على ان عيد الاضحى يبدأ فجر السبت. وفي بغداد كانت الشمس ستشرق في الساعة 7:06. وتعهد المسؤولون العراقيون بإنهاء الاعدام قبل انبلاج ضوء الفجر عبر سعف النخيل الذي يظلل شوارع العاصمة.

وتجدر الاشارة الى ان السخرية والمضايقات التي تعرض لها صدام من الحرس الشيعي وحبل المشنقة حول رقبته، قد اثارت ضجة في جميع انحاء العالم، وأدت الى احتجاجات غاضبة بين العراقيين السنة. ولكن الاحداث المتعلقة بالجهد الكبير الذي بذله القادة الاميركيون والدبلوماسيون لوقف الإعدام حتى منتصف ليلة الجمعة، قبل 6 ساعات من اعدام صدام، بدأت تتبلور الان فقط، بعدما بدأ المسؤولون العراقيون والأميركيون، في ضوء الغضب الدولي حول الإعدام، يتنافسون في تقديم روايتهم عما حدث.

وهي رواية حول محاولة رئيس الوزراء العراقي نوري كامل المالكي، اجبار المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين من الطبقة الثانية، على تسليم صدام حسين، اولا مساء الخميس، ثم مرة اخرى يوم الاربعاء. وقد تعقدت جهود الاميركيين لمواجهة الضغوط بغياب السفير الاميركي في العراق انذاك زلماي خليلزاد وكبير القادة العسكريين الجنرال جورج كيسي، اللذين كانا خارج العراق. وكانت الرسالة الاميركية هي ان الاسراع بإعدام صدام حسين يمكن ان تكون لها ردة فعل كارثية، وهو ما حدث.

وهي رواية ايضا حول خلافات الاميركيين بين انفسهم. فبعد المكالمة الاخيرة للمالكي في الساعة 10:30 مساء الجمعة، طبقا لما ذكره المسؤولون الاميركيون والعراقيون، توصل خليلزاد الى عدم وجود فرصة لاقناع العراقيين بتأخير الاعدام وبعث بهذه الرسالة الى واشنطن. ولم يقبل العسكريون تلك النتيجة، الذين كان عليهم تسليم صدام لإعدامه.

كما حدثت خلافات بين العراقيين انفسهم، فقد دخل قاض كبير من المحكمة التي حكمت على صدام بالموت وثلاثة من المحاميين الاميركيين الذين عملوا عن قرب مع العراقيين خلال المحاكمة، في مواجهة مع العراقيين وابلغهم بدهشته من انه تلقى حكم الاعدام في قضية محدودة في قضية الدجيل وهي بلدة شيعية صغيرة شمال بغداد بعد محاولة اغتيال صدام في عام 1982.

وقد ادي الاعدام الى انتشار الفزع على نطاق واسع بين الاميركيين. وذكر مساعدون ان القيادات العسكرية غضبت غضبا شديدا من الطريق التي اجبروا بها على تسليم صدام حسين، وهي احداث اعتبرها القادة منطلقة من الرغبة في الانتقام بدلا من الاهتمام بتطبيق العدالة. ففي الايام التي اعقبت الاعدام، جرى تبادل الاتهامات بين القيادة العسكرية وسفارة الولايات المتحدة، التي اتهمها بعض الضباط بالتخلي عن المصالح الاميركية في منتصف ليلة الجمعة مقابل ارضاء المالكي والشيعة المتطرفين.

الا ان الاعدام، بالنسبة للدائرة المحيطة بالمالكي، كانت لحظة انتقام من عقود من الاستبداد الوحشى، بالاضافة الى فرصة لابلاغ سنة العراق البالغ عددهم 5 ملايين انه بعد قرون من الخضوع فإن وجود الشيعة في السلطة سيستمر. وفي "البيت الابيض" كما يصف المسؤولون مقر المالكي في المنطقة الخضراء عقد عشاء احتفالي يوم الجمعة حتى قبل سحب الاميركيين لتهديدهم بعدم تسليم صدام.

وذكر عراقي حضر الاعدام ان الحكومة اعتبرت ان الاميركيين يضيعون وقتهم بمطالبتهم بالتأخير الى ما بعد انتهاء عيد الاضحى، وأي وقت يتطلبه الحصول على اقرار قانوني يعتبرونه ضروريا.

واوضح العراقي "انهم لا يمكنهم التخلي عن المسؤولية، لقد كانت عملية مشتركة. لقد كان لديهم حق الاحتجاز الجسدي وكان لديهم حق الاحتجاز القانوني. وفي لحظة من اللحظات سألت "هل هو قرارنا ام قراركم؟ وقالوا هو قراركم. وقلت: اذا كان قررنا، لقد اتخذنا القرار".

بدأ العد التنازلي للاعدام قبل 8 اسابيع في 5 نوفمبر بعدما اصدر رئيس المحكمة رؤوف عبد الرحمن حكم الاعدام على صدام وبرزان التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام وعواد البندر رئيس المحكمة الثورية في عهد صدام في جرائم ضد الانسانية في عملية اعدام 148 رجلا وصبيا من البلدة الشيعية.

وفي يوم الخميس قبل الاعدام، قبل الاعدام، تم استدعاء مسؤولين عسكريين اميركيين. وكان خليلزاد والجنرال كيسي في اجازة، ولذا كان الفريق الاميركي الذي يتفاوض مع المالكي ومسؤوليه برئاسة الجنرال جاك غاردنر رئيس القوة الخاصة 134 المشرفة على الاعتقالات ومارغريت سكوبي رئيس القسم السياسي في السفارة الاميركية.

وذكر مسؤولون عراقيون انه لم يكن لغاردنر وسكوبي أي وزن بالنسبة لمالكي، الذي تعلم خلال مواجهات سابقة ان يهتم بعدم تنفير خليلزاد او الجنرال كيسي، اللذين لديهما اتصال مباشر بالرئيس بوش. وفي اجتماع بعد ظهر الخميس، توترت الاجواء. فطبقا لخبير قانوني عراقي حضر الاجتماع، طلب المسؤولون العراقيون من الاميركيين تسليم صدام تلك الليلة لإعدامه قبل فجر الجمعة.

وتقدم الجنرال غاردنر بمطلب خاص به، رسائل تؤكد قانونية الاعدام من المالكي والرئيس جلال طالباني ورئيس المحكمة العليا التي حاكمت صدام حسين، طبقا لما ذكره خبير قانوني عراقي. وكان التركيز على نقطتين: متطلب دستوري بإقرار المجلس الرئاسي الثلاثي لكل الاعدامات، وقانون من عهد صدام يحظر الاعدام خلال المناسبات الدينية.

ورفض الرئيس طالباني، وهو من معارضي حكم الاعدام، التوقيع على قرار الاعدام، ولكنه وقع على خطاب للمالكي ذكر فيه عدم اعتراضه اذا ما مضت الحكومة في قرارها. وذكر العراقيون في اطار دعم وجهة نظرهم، ان احكام قانون محاكمة صدام، الذي اعده الاميركيون، قطعية لا يعاد النظر فيها. ورفضوا حظر الاعدام خلال المناسبات الدينية، وقالوا ان الاميركيين اوقفوا العمل بقانون حكم الاعدام العراقي في عام 2003 وان البرلمان العراقي الجديد، الذي اعاد العمل بالقانون في عام 2004 لم ينص على اعادة العمل بالحظر.

وقال مشارك عراقي عارض الاعدام ان موفق الربيعي مستشار الامن القومي للمالكي قال غاضبا "هذه قضية عراقية. من الذي سيتولى اعدامه، انتم ام نحن؟" وبحلول مساء الخميس، تزايدت الضغوط على الاعدام السريع لصدام. اتصل عصام الغزاوى وهو من ضمن محامي صدام من الاردن وقال ان فريقه حرم من زيارة اخيرة لكامب كروبر، وانهم ابلغوا بإرسال شخص لجمع احتياجات صدام الشخصية. وفي منتصف الليلة، انفض الاجتماع واتصل الجنرال غاردنر بالقيادات في كامب كروبر وابلغهم بإنهاء وضع الاستعداد. وكانت القيادة الاميركية قد دخلت انذاك ما يطلق عليه "الساعة الاخيرة" وهي عبارة عن عد عكسي يبدأ قبل 10 ساعات من الاعدام يسجل كل ما يحتاج الاميركيون الى تنفيذه لضمان تسليم صدام بطريقة "امنة وكريمة" الى موقع الاعدام.

واستؤنفت المفاوضات صباح الجمعة. وفي فوينكس كان الجنرال كيسي يراقب العملية. فقد ظل المسؤولون العسكريون الأميركيون معارضين لتنفيذ عاجل للاعدام وابلغوا المالكي ان هناك عددا من القضايا القانونية مسألة حاجة حكومته الحصول على دعم دولي بتنفيذ الاعدام بطريقة يمكن ان تتفادى أي نقد.

وقال جنرال اميركي "قلنا ان عليكم ان تفعلوا ذلك في اطار القانون الدولي، وبالتوافق مع المعايير الدولية، وعليكم ان تظهروا انفسكم كبلد يحكمه القانون". وعندما قال المالكي ان على الأميركيين ان يحترموا حق العراق في تقرير الأمور بنفسه قال احد الأميركيين "انسوا ما يتعلق بنا. أنتم أمام المجتمع الدولي. وسيراقب الناس هذا الحدث".

واستمرت المجادلات في الليل العراقي. وعاد الجنرال غاردنر وسكوبي في مرحلة معينة الى القصر الجمهوري السابق، حيث المكاتب الأميركية في المنطقة الخضراء، ساعين الى نصيحة واشنطن. وفي الساعة العاشرة والنصف مساء قام السفير خليلزاد بآخر مكالمة هاتفية مع المالكي طالبا منه ان لا يمضي بتنفيذ الاعدام. وعندما بقي الزعيم العراقي ثابتا على موقفه قام السفير بمكالمة أخرى الى واشنطن ونقل "عزم رئيس الوزراء العراقي على المضي في التنفيذ"، وان استنتاجه انه ليس هناك ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة اكثر من ذلك ارتباطا باحترام السيادة العراقية.

وقال كبار مسؤولي ادارة بوش في واشنطن ان صلة خليلزاد الرئيسية في واشنطن هي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وانها اعطت الضوء الأخضر لتسليم صدام على الرغم من تحفظات القادة العسكريين في بغداد. وقال احد المسؤولين ان رايس كانت مدعومة في موقفها من جانب مستشار بوش للأمن القومي ستيفن هادلي.

واقترح خليلزاد أن يحصل العراقيون على حكم تحريري يقر الاعدام من مدحت المحمود القاضي الرئيسي في المحكمة الجنائية العليا. ورفض المحمود ذلك. ثم لعب العراقيون ورقتهم عبر مكالمة هاتفية الى كبار رجال الدين الشيعة في مدينة النجف طالبين موافقة المرجعية، وهي اعلى سلطة للشيعة في العراق. وعندما ابلغه المسؤولون بأنهم حصلوا على الموافقة وقع المالكي رسالة تفوض بتنفيذ الاعدام. وكانت الساعة الحادية عشرة وخمسا وأربعين دقيقة مساء.

واقترح الاميركيون حضور صحافيين أجانب عملية التنفيذ سوية مع مراقبين من الأمم المتحدة. وكان القادة العسكريون يخشون ان يتغلب حافز الانتقام. ورفض العراقيون فكرة المراقبين الخارجيين وجمعوا مجموعة شيعية من 14 مسؤولا شيعيا ورجل دين سني لمساعدة صدام في اداء الشهادة.

وفي كامب كروبر استمرت احداث الساعة الأخيرة ليلة اخرى. فقد اعدت طائرات الهليكوبتر واتخذت اجراءات أمنية خاصة على امتداد خط الرحلة. واستخدم الأميركيون الكلاب البوليسية على امتداد طريق خطوات صدام الأخيرة حتى غرفة الاعدام.

وقبل مغادرة المعسكر ودع صدام حراسه الأميركيين. وهبطت الطائرة التي تقله في الساعة الخامسة والربع صباحا في كامب جوستس، وهو الموقع العسكري الأميركي في منطقة الكاظمية، شمال بغداد، والذي كان سجن الاستخبارات، ومر الدكتاتور السابق عليهم رجلا رجلا شاكرا الأميركيين على العناية به.

وفي الساعة الخامسة وواحد وعشرين دقيقة صباحا اودع في السجن، وهو مبنى "كونكريتي" من اربعة طوابق، كان مقرا لاستخبارات صدام العسكرية في السابق، والآن قاعدة للواء في الجيش العراقي. وأخذه الأميركيون الى غرفة احتجاز وتبادلوا الأوراق الخاصة بالتسليم مع مدير السجن.

وفي الساعة الخامسة والنصف تسلمه العراقيون. وقال احد المسؤولين الأميركيين الذي شهدوا ذلك ان سلوك صدام "تغير في السجن العراقي عندما ابلغه المدير العراقي بتسلمه". وكان صدام قد ابلغ محتجزيه الأميركيين منذ زمن بعيد بأنه يثق بهم ولا يثق بالعراقيين. وقال المسؤول الأميركي انه "كان ما يزال معتدا بنفسه ولكنه كان يشعر بالازدراء".

وقال الربيعي، مستشار الأمن القومي، انه عندما خطا نحو منصة الاعدام، التي تقع في مبنى اسمنتي خلف مبنى السجن الرئيسي حيث اعدم الآلاف في عهد صدام، كان يبدو هادئا.

وقال "أبدى بعض الملاحظات التي تنطوي على النكتة. قال لي: لا تخف، كما لو انني أنا الذي سأعدم لم اجبه، ولكن احد الحراس هتف: لقد فعلت اشياء سيئة للعراق. فقال: حولت هذا البلد المتخلف الى بلد متقدم ومرفه". وبعد ذلك اخذت القصة عبر فيديو الهاتف المحمول غير الشرعي الذي ادى الى الضجة بين السنة العراقيين وفي مختلف أنحاء العالم، وهو يظهر صدام مثبتا على المشنقة بمعطفه الأسود ولحيته التي خطها الشيب، وهو يحدق الى الأمام ويرد على الكلام، بينما كان الشيعة المتجمعون امام المشنقة يطلقون الكلام الساخر.

ولم يكمل صدام الشهادة.. "لا اله الا الله، محمد....."، ثم انفتح باب الحفرة. كانت الساعة السادسة وعشر دقائق صباحا.

وقبل الساعة السابعة صباحا اعادت طائرة هليكوبتر المسؤولين العراقيين ثانية الى المنطقة الخضراء سوية مع جثمان صدام. ولفترة ما يقرب من 17 ساعة ظل المالكي ومسؤولوه في نزاع مع المسؤولين والزعماء السنة لعشيرة البو ناصر التي ينتمي اليها صدام، حيث كان مسؤولو المالكي يرفضون تسليم الجثة قائلين انهم لا يريدون مرقدا له. وظلت الجثة الملفوفة بقماش أبيض داخل سيارة الاسعاف في منطقة وقوف السيارات خلف مكتب المالكي.

وللمرة الأخيرة تدخل الأميركيون وجلبوا وفدا بالطائرة من تكريت، مدينة صدام، الى بغداد، وأعادوهم الى الشمال على بعد 110 اميال مرة أخرى بعد ان وافق المالكي، عند منتصف الليل تقريبا، على تسليم الجثة. ونقلت الى تابوت خشبي ووضعت في سيارة بيك اب مكشوفة ونقلت الى مهبط في المنطقة الخضراء. وإذ كانوا منزعجين مما جرى في غرفة الاعدام، وقلقين من اثارة أي غضب من جانب السنة العراقيين، امر الأميركيون قواتهم بان لا تمس الجثة بعد الاعدام، حتى عندما يجري نقلها الى الهليكوبتر او اخراجها منها.

وترك هذا الأمر المسؤولين العراقيين أمام مهمة نقل الجثة عندما عادت مجموعة الاعدام من السجن الى المنطقة الخضراء. وقال الربيعي، مستشار الأمن القومي، انه ساعد على نقل المحفة التي تحمل الجثة من الهليكوبتر الى سيارة الاسعاف المنتظرة.

وقال "لم نكن نسير بل كنا نهرول" نحو سيارة الاسعاف. واضاف "كان هذا فصلا اردنا ان ينفذ وننتهي منه. أردنا نهايته".

ـ ساهم في اعداد التقرير دافيد سانغر من واشنطن، وعاملون عراقيون في مكتب الصحيفة في بغداد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف