ارفعوا أيديكم عن لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الأربعاء 10 يناير 2007
د. علي الطراح
لا نعرف إلى أين يقود الصراع في لبنان، فهو صراع يتحرك بفعل قوى خارجية والمستفيد منه بالدرجة الأولى القوى المحركة لهذا الصراع المدمر للبنان. لبنان مر بحرب مدمرة ولا نريد لهذه الحرب أن تعاد مرة أخرى، فما حدث للبنان من دمار؛ سواء أكان لبنانياً- لبنانياً أو بفعل إسرائيل، يكفي ولم يعد بمقدور المواطن اللبناني أن يحتمل مزيداً من التخريب والتعطيل للبنان.
"حزب الله"، ومن ورائه سوريا وإيران، يريد أن تحقق مطالبه، والغالبية الحكومية تريد أن تحتفظ بمواقعها، ولبنان سيدفع ثمن هذا التناحر. واقع الأمر أن هذا الوضع لابد له من مخرج، ليس من خلال ثني الرقاب أو كسر العظام، بل من خلال الحوار على طاولة المصلحة اللبنانية، وليس مصالح الآخر؛ هذا ما يجب تعزيزه بين الأطراف المتصارعة. نحن نعرف أن إيران لديها أجندة خاصة بها ويفرحها ما يحدث من انشقاق لبناني- لبناني، بل هي من يدعم هذا التمزق في النسيج اللبناني، وسوريا كذلك لا يسرها خروج لبنان عن عباءتها وهي تحاول أن تعيق أي تحول يعيد للبنان استقلاله.
لا نريد للمشهد العراقي أن يتكرر في لبنان ولا نريد للعنة الطائفية أن تشق طريقها، فما يحدث في العراق يكفي لتعطيل العرب والزج بهم في دهاليز اللعنة الطائفية. "حزب الله" لا يمكنه أن يحول لبنان إلى دولة شيعية، ولا يمكنه كذلك المضي قدماً في تنفيذ رغبات إيران في المنطقة، فلبنان دولة عربية وستبقى كذلك. وفيما يخص الاختلاف حول المحكمة الدولية، لا نعرف لماذا هذا الإصرار على رفض المبدأ الذي أقرته الأمم المتحدة. نحن نعرف أن الرئيس الحريري لم يكن أول شخصية يتم اغتيالها، وهذا ما يجعل البعض يستغرب حالة التصعيد في موضوع الحريري.
من المؤكد أن الغالبية ليست كل أوراقها سليمة؛ فهي أيضاً حبيسة لضغوط خارجية وعليها مسؤولية إدراك خطورة ضغوط البعض الذي يمارس نفس الضغوط في العراق. علينا أن نقبل بالفسيفساء اللبناني وأن نحتكم للدستور، فلبنان يشكل تركيبة نوعية ولا يمكننا إلا التعامل معها.
من حق حكومة لبنان أن تصفي المواضيع العالقة، سواء مع إسرائيل أو مع غيرها؛ فلبنان دولة ذات سيادة، وإذا ما أرادت أن تقيم معاهدة سلم في ضوء المصالح اللبنانية، فهذا شأنها خصوصاً بعد أن طرحت المملكة العربية السعودية مبادرتها الجريئة في مؤتمر قمة القادة العرب الذي عقد في لبنان.
لبنان وحده قادر على حل مشاكله، فتاريخ الخلافات العربية مليء بالشواهد المؤلمة، ولا نريد للبنان أن ينزلق في متاهات هذه الخلافات، ولا نريد له أن يتحول إلى ساحة للاقتتال والانتقام والثأر بين أطراف غير لبنانية. المخرج من المأزق اللبناني يأتي من خلال الاعتراف بالآخر وتقدير جميع الأطراف للمصلحة الوطنية اللبنانية.
الولايات المتحدة الأميركية جزء من هذا الصراع ولا يعني أن ننساق وراء كل ما تطرحه، فهي غير معنية بالمصلحة اللبنانية ولا بسلامة لبنان، فهي من أعطى الأذن لإسرائيل في حربها العدوانية الأخيرة ضد لبنان، وبالتالي هي تعمل وفق مصالحها. نحن ندرك خطورة الوضع اللبناني، ونعي طموحات إيران الخفية في خلط الأوراق، ليس حباً في لبنان بقدر ما هو مواجهة مع أميركا، فالأطراف المتصارعة عليها أن تنزع عباءة الوصاية وأن تتحرك وفق مصالحها الوطنية. أية حرب جديدة في لبنان لن تقف عند الحدود اللبنانية، وإنما ستكون حرباً عفنة تفوح منها طائفية مدمرة لكل العرب. الخوف أن يتمادى المتصارعون في حربهم الكلامية وأن يصل الأمر إلى نقطة اللارجعة، مما سيجعل جميع اللبنانيين يدفعون ثمناً غالياً لصراعات غير لبنانية.