جريدة الجرائد

بري: خطأ البناء على حكمة لفظية أو على باطنية سياسية مفترضة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

علي حماده

لا جديد في كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يحذر من انفجار، وأمور أكبر وأخطر. فالمحظور وقع عندما تحول "حزب ولاية الفقيه" عن وظيفته المعلنة جنوباً الى محاولة فرض سيطرته على لبنان بأسره. فانطلق في دورة انقلابية ضد الشرعية، و الاستقلال، والنظام اللبناني برمته تحت شعارات لم تستطع ان تخفي حقيقة الانقلاب الفئوي في ساحتي رياض الصلح و الدباس في قلب بيروت الغاضبة. وفجّر الانقلاب مخاوف بقية الفئات اللبنانية وهواجسها من شبح الوقوع في قبضة هذه الفئوية واجندتها العجمية!

ومن ضحايا انقلاب "الحزب الإلهي" مجلس النواب سيد المؤسسات و منبع السلطان فيها. فالحزب اختطف الطائفة برمتها ومعها رئيس المجلس، الذي حمل بدوره مفاتيح مؤسسة الشعب اللبناني وذهب بها الى بيته، كأني به وارثها و لا من يسأل او يحاسب. ففي عهد الرئيس نبيه بري يحصل ما لم يحصل في تاريخ لبنان منذ الاستقلال: رئيس مجلس النواب يقفل ابواب المؤسسة الدستورية الأم، ويُخضعها الى فئة خارجة على القانون والشرعية، تقيم دولة فوق الدولة، و سلاحها فوق السلاح الشرعي.

واذا كانت المشكلة الرئيسية في البلاد اليوم وغداً هي هذه الدولة الخارجة على منطق الدولة الشرعية، فإن مشكلة اخرى تنبع من استسهال رئيس المجلس أمر مصادرته المؤسسة لحساب النظامين السوري والايراني، دونما التفات الى ان غالبية لبنانية متنوعة ودستورية لم تجز له ان يقوم بهذه المخالفة الخطيرة. لذا قلنا منذ البداية لمن يعذرون الرئيس بري، بالتحجج بأنه تارة خائف من الاغتيال السوري، و طورا يخشى انقلابا من "حزب الله" عليه في الطائفة وحتى داخل حركة "أمل" المخترقة، اننا غير معنيين بالبناء على نيات بري بل على افعاله التي، و يا للاسف لم تخدم حتى الآن سوى اجندة الانقلاب على الشرعية، وعلى الاستقلال.

وبوضوح اكبر نقول: ماذا يفيد الشرعية اللبنانية والغالبية التعويل على "حكمة" لفظية لرئيس المجلس او على "باطنية" سياسية مفترضة اذا كان لا يقدم لنا سوى الكلام و الشعارات الملطفة ، وفي نهاية الامر يدير ظهره للغالبية التي تمثل الشرعية داخل مجلس النواب؟

لا يرمي هذا الكلام الى خلق مشكلة اضافية مع رئيس المجلس الذي نكن له مودة شخصية وعائلية صادقة، انما المراد منه عدم بناء قصور من ورق استنادا الى مواقف او حتى "رسائل مغفلة" يبعث بها الرئيس بري في شتى الاتجاهات. وهو يرمي الى تنبيه الغالبية الشرعية في البلاد الى انه سيكون من الخطأ بمكان استمرار البناء على فكرة "العاطفة اللدودة" التي يكنها رئيس حركة "أمل" لـ"حزب الله" بمن وما يمثل. فالمهم في النهاية هو ان تلتفت الغالبية الى أولئك الشيعة - على قِلّتهم - الذين تجرأوا ويتجرأون كل يوم على نقد ما يمثله "حزب ولاية الفقيه" من نفي لمعنى لبنان الذي تمثل فيه الطائفة الشيعية مكونا اصيلا و اساسيا.

ان الحرص على مجلس النواب لا يعني ان يُترك الرئيس بري يفرطه عمليا و تدريجاً تحت وابل من مديح اهل الشرعية له. كما ان استعداء "لسان" بري ليس اخطر من السكوت عليه و هو يقدم عمليا الى الرئيس السوري بشار الاسد واحمدي نجاد، والسيد حسن نصرالله معا أم المؤسسات الدستورية على طبق من ذهب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف