أشياء صغيرة مضجرة..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ناصر الظاهري
هل يمكن أن تتحول الأشياء المضجرة والتي قد تعكر صفو الإنسان إلى همومmiddot; كنت أعتقد أن الهموم كما يعرفها علماء النفس وليدة تجربة عمرية وممارسة لأمور كبيرة في الحياة، فالطفل لا يمكن أن يحمل هماً والصبي لا يعرف هماً والشاب يحصر همومه في مسألة التعليم والدراسة والتعرف على الجنس الآخر، وهموم صغيرة طائرةmiddot;middot; وحدهم العقلاء يتوحدون بهمهم ويعيشون لهمهم ويعالجون بصدق ووعي همومهم الكبيرة والمتنوعة، لكن ما نحن بصدده هو الأشياء المضجرة والصغيرة في يوميات الإنسانmiddot; لقد حاولت أن أستعرض ما يضجر الناس فسألت فئات عمرية مختلفة ومن أجناس وجنسيات مختلفة عما يمكن أن يعكر مزاجهم وصفو يومهم أو ما يمكن أن نطلق عليه هموماً صغيرة نود ألا تحدث أو نمر بها في حياتنا اليومية، فما يضجرني قد يكون لا معنى له عند الآخر ويمكن أن يكون الشيء المضجر صغيراً في حين يكون ما مرّ بي أكبر وأثقل حسب مقاييس الحكم على الأشياءmiddot; فمثلاً امرأة يضجرها أن يقفل الباب على عبائتها، وأخرى تتشاءم إذا ما انكسر كعب حذائها اليمين وظلت تعرج حتى يتغير مزاجها وتنفر من يومها والحذاء، بعضهم يتوتر إذا ما التصقت علكة في حذائه أو نعاله، وبعضهم يتوتر من صوت العلكة وطقطقتها في الفم، وآخرون يتضايقون من شفطة الشاي المسموعة أو صوت الأكل لدرجة تشعر معها بأن هذا البني آدم محسوب بطريقة خاطئة على الإنسانية، هناك أناس يفرّون إن أكل أحد أمامهم تفاحة أو قشّر برتقالة، وهناك شخص قد يخسر في البورصة فيأخذ الأمر بشكل طبيعي لكن إن مرّ أحد على سيارته وكشط لونها ولو كان صغيراً تجده يجن ونسى الاحترام وينسى أنه رجل أعمال كم عنده من مالmiddot; كثيرون يتضايقون من قوم أبورنة وكثيرون يتضايقون حينما يهاتفون آخر ولا يردّ عليهم ولا يعرفون من الشفاعة أو التماس العذر للأخ البعيد شيئاً، والأكثر يتضايقون من رسائل اربح، اكسب، جرب، حطم أعصابيmiddot;middot; ــ على رأي كاظم ــ أنا مثلاً أتوتر من حك الحديد بالزجاج ومن حفاوة طبيب الأسنان، والبعض تطير شياطينه إذا ما غلب فريقه، وينسى الروح الرياضية وينسى ظروف المباراة ولا يتذكر في ذلك اليوم إلا اللوم على حكم المباراة وعلى مدرب الفريق الذي يستلم آخر الشهر همجة فلوس ويكاد أن يجمع الناس على أن صوت هورن السيارات خاصة التكاسي القديمة أمر مزعج بالنسبة لهم ما عدا صاحب التاكسي الذي يبدو مبسوطاً وغير مكترث، وأعرب زميلاً لي في الشغل يبدو أنه مشروع نكد منذ الولادة، فلا تعرف ما يفرحه ولا ما يضجره، تشعر أنه كتلة دون تفاصيل، البعض يكره الأشياء الرتيبة كقطرات الماء المتباعدة، دقات الساعة المملة أو صوت المنبه باكراً بعضهم يكرهون صرير الباب وصرير الأسنان، والبعض يعبس وجهه إذا ما رأى شخصاً يحمل كتلة مفاتيح، ثقيلة في اليد وثقيلة في الجيب وثقيلة على السمع، نصفها لأبواب مكسرة أو مغيرة أقفالها، السلم الكهربائي المعطل مثلاً من الأمور المضجرة جداًmiddot; أما إن كنت نائماً تحت جنح الملائكة، لا لك ولا عليك كطفل في مهده وتقوم الفلبينية بتشغيل المكنسة الكهربائية في الصالة مثلاً، أو تقوم بغسل الصحون والمواعين في الصباح الباكر، أو تسمع سيشوار الحاجة لمدة نصف ساعة مستمرة، أو من يفتح أنوار الغرفة كلها وبسرعة وفي لحظة واحدةmiddot;middot; كثيرة هي الأشياء المضجرة في تفاصيل يوم الناسmiddot;