جريدة الجرائد

طالباني: إيران مستعدة للتفاهم مع أميركا من أفغانستان إلى لبنان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مستلزمات الحرب الاهلية غير موجودة والسلطة تعالج اختراقات "فرق الموت"
متفائل بالخطة الجديدة وانسحاب الاميركيين قبل المصالحة مقلق
الرئيس العراقي أكد انه علم بإعدام صدام من الاذاعة وكرر معارضته الإعدامات ... ودعا الى إنهاء "هيئة اجتثاث البعث" ...


دمشق - غسان شربل


بدا الرئيس العراقي جلال طالباني مرتاحا في قصر الضيافة في "قصر الشعب" في دمشق. فالعاصمة السورية التي استقبلته سابقا معارضا لنظام صدام حسين استقبلته هذه المرة رئيسا للعراق، واكدت حرصها على دعم جهود الامن والاستقرار في بلاده.

وظهر واضحا ان زيارة طالباني بعد زيارته طهران العام الماضي، ترمي الى توفير مناخ اقليمي يساعد السلطات العراقية في كبح جماح العنف المستشري في البلاد والذي ينذر بحرب اهلية طاحنة، هذا اذا لم تكن هذه الحرب قد بدأت فعلا.

سألت "الحياة" الرئيس العراقي عن الاستراتيجية الجديدة للرئيس الاميركي جورج بوش والخطة الامنية الجديدة لحكومة نوري المالكي. سألته عن الحرب الاهلية و"فرق الموت" وهجمات "القاعدة: ومخاوف العراقيين على وحدة بلادهم، وكذلك "اجتثاث البعث" واعدام الرئيس السابق صدام حسين وملفات اقليمية بينها محاولته ترتيب لقاءات بين الايرانيين والاميركيين. واتسع صدر الرئيس طالباني، لكن الاسئلة التي سمح بها الوقت.

وهنا نص الحوار الذي شارك فيه مدير مكتب "الحياة" في سورية الزميل ابراهيم حميدي:

gt; بماذا يشعر رئيس العراق عندما يقرأ مثلا ان مشرحة بغداد استقبلت 16 ألف جثة خلال 2006 أو أن عدد القتلى وصل الى 34 الف؟

ـ يشعر بالألم الشديد والاكتئاب وخيبة الامل من الإجراءات الأمنية التي اتخذت وفي الوقت نفسه يشعر بالسخط والغضب على المنظمات الإرهابية وخصوصاً "القاعدة" التي ترتكب الجرائم بشكل عشوائي وكأنها تشن حرب إبادة ضد الشعب العراقي بدون رادع من ضمير او من اسلام او من قوانين حرب. مثلا جريمة أول من أمس، تفجير سيارتين مفخختين في جامعة المستنصرية قتلت اكثر من 70 طالبا بمن فيهم طلاب ربما يكونون عربا سنة أو شيعة أو تركمانا أو كردا أو مسيحيين أومسلمين. هذه جريمة وليست مقاومة. المقاومة كما عرفناها في جميع انحاء العالم تستهدف قوات الاحتلال وقوات الحكومة ولكن هنا تستهدف المواطنين المدنيين الأبرياء. انا عندي احصائية: الى الان نسبة القتلى بين العرب الشيعة اكثر بكثير من العرب السنة والكرد وفي العام الماضي لدينا ارقام نحو 34 الف مدني. هذا شكل من أشكال حرب الابادة ضد الشعب العراقي ينفذه قادمون من خارج العراق. اعلن قبل فترة انه قتل من الغزاة الاجانب اربعة الاف انسان واعتبروهم شهداء طبعا، ونحن نعتقد ان الرقم هذا قليل. وهذا يدل على وجود تكالب ضد العراق الهدف منه معلن. "القاعدة" اعلنت ان الشيعة روافض اذا دمهم حلال، وان الكرد خونة اذا دمهم حلال، وان عرب السنة الذين لا يتبعونهم مرتدون وهم ايضا عقابهم معروف، حتى انه اعلن بالاسم ان حزب طارق الهاشمي وهو "الحزب الاسلامي العراقي"، وهو اقوى تنظيم عربي سني، اعتبر اعضاءه من المرتدين. في الحقيقة هذا إعلان حرب على الشعب العراقي.

gt; هل تخشى سيادة الرئيس ان لا يكون هناك مخرج من هذا الوضع؟

ـ لا، انا اعتقد بوجود مخرج. اعتقد ان هناك خللا من جانبنا نحن العراقيين ومن جانب قوات التحالف. الى هذه اللحظة او لأكون دقيقا الى بداية هذا العام، الملف الامني كان بيد قوات التحالف والجانب العراقي كان استشاريا، ولكن الآن انقلبت الآية، الملف الامني انتقل الى الايدي العراقية والقائد العام للقوات العراقية نوري المالكي اصبح المسؤول الاول وهنالك قوات عراقية تحت تصرفه وامرته. هذا الخلل اعتقد انه انتهى الان وبامكاننا ان نلعب كعراقيين دورنا في تحقيق الامن والاستقرار. نحن ادرى من قوات التحالف بالوضع العراقي، مثلا قوات التحالف عندما كانت تأتي لتطهير منطقة من الإرهابيين تترك المنطقة وبعد أيام يعود الإرهابيون، اما نحن فلن نترك المنطقة عندما نطهرها. نسلمها الى أهل المنطقة او نضع فيها قوات حكومية أو مراكز شرطة. وكذلك نعتمد على الناس في المناطق المحررة وكذلك المناطق التي ابتليت بالإرهاب. اعتقد عندنا أيضا خطة اكثر دقة ساهمنا فيها جميعا وهنالك ملاحظات دقيقة من أطراف كثيرة لتكملة الخطة الامنية في بغداد. انا اعتقد ان هذه الخطة ستنجح بين 80 و 90 في المئة. انا لا اقول مئة بالمئة. هناك بعد ذلك المناخ السياسي. سِأكون صريحا معك، الجميع اعتقدوا انه لم يعد القتال وسيلة لتحقيق اهدافهم، وهناك من جانب المقاومة او الذين يسمون انفسهم المقاومة العراقية المعادية لقوات الاحتلال، هذه المقاومة بدأت تشعر بان هذه الاعمال لا تؤدي الى ما كانت يطمح اليه وبالتالي بدأت تتجه نحو القبول بمبدأ المصالحة، طبعا تدريجيا وليس دفعة واحدة. وهناك شيء اخر جيد بالموقف وهو ان ايران وسورية بدأتا بمساعدة الحكومة العراقية بشكل جيد. انا هنا في سورية وجدت لدى الرئيس بشار الاسد والاخوة كل تأييد للامن والاستقرار في العراق، وقالوا بصراحة ان امن العراق واستقراره ضروري لسورية لان العدوى قد تنتقل اليهم في ما بعد وهذا تطور مهم. توصلنا الى اتفاقات جيدة بين وزيري الداخلية، وهذه الاتفاقات ان شاء الله ستنفذ وستشكل لجان تعاون مشتركة، وعندنا الهيئة العليا للعلاقات السورية- العراقية، تتألف من رئيسي الوزراء في البلدين، قررنا احياء هذه الهيئة ومواصلة العمل المشترك في هذا المجال. اضف الى ذلك نقطة اخرى وهي ان اهالي المناطق المبتلية بالاعمال الارهابية او بالمقاومة بدأوا يشعرون بانهم تخلفوا عن العمران والتقدم، مثلا المحافطات المبتلية بالأعمال الإرهابية لا تستطيع صرف المساعدات المقررة لها سنويا من الدولة، مثلا اذا كان مقررا لكل محافظة 500 مليون دولار، المحافظة الآمنة تصرف 500 مليون على العمران وضرورات الحياة بينما المحافظات المبتلية بالإرهاب أو بالمشاغبات لا تستطيع ان تصرف هذه الاموال، وبالتالي الناس يبقون محتاجين وهذا يؤثر على المدراس والمستشفيات والجامعات، فأهل المناطق المبتلية بالإرهاب بدأوا يقومون عمليا بمقاومة الإرهابيين، وهناك في مناطق معينة استعداد كامل من الاهالي للعمل مع القوات الحكومية من اجل القضاء على الاعمال الارهابية، هذه الظاهرة جيدة. من ناحية اخرى اود ان اقول بوجود تبدل في فكر المجتمع السني تقريبا، اذا لم يكن كله فقسم منه، وكذلك في فكر الذين يدعون المقاومة. هذا التبدل انهم باتوا يعتبرون ان ايران الخطر الاساسي وليس الاميركيين، لذلك بهذا المعنى يجب ان يحاولوا التوصل الى نوع من الهدنة مع قوات التحالف الموجودة، وبدأوا فعلا يتفاوضون سرا مع الاميركان. نستطيع ان نؤكد بان الجو العام في العراق يسير نحو ايجاد امكانات للخروج من الأزمة خصوصا اذا أجادت الحكومة الحالية تنفيذ الخطة في بغداد، لان خطة بغداد تشمل منطقة واسعة. بغداد ليست مدينة صغيرة الان هي منطقة واسعة فيها سبعة ملايين عراقي، اذا تم تحقيق الامن في بغداد يسهل تحقيق الامن في مناطق اخرى بسهولة.

gt; يعني تتوقع نجاح الاستراتيجية الجديدة التي اعلن عنها الرئيس جورج بوش؟

ـ لم اطلع على كل تفاصيل الاستراتيجية الجديدة، ولكن اعتقد ان هذه الاستراتيجية احسن من سابقاتها واكثر تطابقا مع الواقع العراقي ومع الآمال العراقية وبالتالي هنالك امكان لتعاون اكثر بين القوات العراقية وقوات التحالف. اعتقد بامكانية نجاح هذا الاستراتيجية اكثر من أي استراتيجية سابقة.

gt; يعني بينك وبين نفسك، هل تخشى ان تستيقظ ذات يوم على قرار اميركي بالانسحاب من العراق؟

ـ انا اريد ان اكون صريحا في هذا الموضوع. لا اتوقع ان ينسحب الاميركيون بدون ظروف معينة او شروط معينة، حتى الحزب الديموقراطي المعارض انا اتصلت مع كثير من قادته والتقيت مع الرئيس السابق بيل كلينتون ونائبه آل غور والسيدة هيلاري كلينتون والسيناتور بايدن، وكثير من الاميركيين وحتى المرشحين للرئاسة وجدت لديهم تصميما على عدم ترك العراق من دون تحقيق نتائج ملموسة. صحيح ان الديموقراطيين يعارضون تكتيكات الرئيس بوش ولكن لديهم افكارا في بعض الاماكن اقرب الى الافكار العراقية من السابقة. مثلا كانوا دائما يدعون الى نقل الملف الامني الى الحكومة العراقية وهذا ما كنا نحن نطالب به لجهة تحميل الحكومة العراقية مسؤوليات اكثر، لذلك اريد ان اقول لك القسم الثاني من الرأي، اذا انسحب الاميركان قبل تحقيق المصالحة الوطنية، اخشى ان يشتد الخلاف الداخلي الشيعي- السني. انا اعتقد ان القوى الحاكمة الان تملك من التأييد الشعبي ومن القوات حتى اذا اردت ان تسميها قوات مسلحة، تملك ما هو اكثر من قوات التحالف، مثلا إذا أخذنا الحكومة الحالية بأحزابها تستطيع اذا أرادت ان تجند مئات الالوف من المقاتلين ولكن نحن نخشى فقط في تلك الحالة التي سألت عنها من حدوث حرب اهلية.


الحرب الأهلية

gt; يعني الا نستطيع القول ان العراق يعيش اليوم حربا اهلية؟

ـ لا ليس هناك حرب اهلية، فالحرب الاهلية كما تعرفون وكما رأيتم في لبنان تعني ان مجتمعا يقاتل مجتمعا. هناك افراد من مجتمع يتقاتلون مع افراد من مجتمع اخر فهي ليست حربا اهلية. الان المجتمع السني لا يقاتل المجتمع الشيعي والمجتمع الشيعي لا يقاتل المجتمع السني. هناك افراد من المجتمع الشيعي نعم يقومون بأمور مخالفة للقانون يقومون بالاغتيالات وبالخطف. وهذه الأعمال منكرة ومستنكرة حتى من المراجع الشيعية العليا، سماحة السيد السيستاني دعا علنا إلى تجريد كل من هو غير حكومي من السلاح والى منع الميليشيات من العمل والى فرض القانون، هذه تعتبر فتوى بالنسبة للمرجع الكبير. ثم هناك ايضا تصميم من القوى الاساسية من جانب المجتمع الشيعي على تحسين العلاقات مع القوى الاساسية في المجتمع السني. اريد ان اقول ان هناك توافقا تاما بين "الحزب الاسلامي العراقي" و"التحالف الكردستاني" و"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" في العراق والى حد ما مع حزب "الدعوة" ونريد ان نجمع كل القوى المؤمنة بالاعتدال وبعدم فرض فئة على فئة، بحيث نكون حقيقة قوة كبيرة تفرض الامن والاستقرار في العراق. اذا العلاقات ما زالت موجودة بين فئات قوية من المجتمع الشيعي مع المجتمع السني لذلك ما تقوم به عصابات من الجانبين لا تعبر عن رأي الناس.

وهنالك نقطة اخرى احب ان اوضحها، ان تركيبة المجتمع العراقي لا تسمح بحرب اهلية، مثلا اذا اخذنا العشائر العراقية الكبيرة نرى ان نصفها شيعي ونصفها سني، اذا اخذنا المناطق المعينة المتداخلة، اضافة الى العلاقات التاريخية وعلاقات الزواج والمصاهرة، فمستلزمات حرب اهلية في العراق غير موجودة.

gt; هناك عمليات تطهير في بغداد يتم الحديث عنها؟

ـ نعم هناك عمليات اغتيال واختطاف وعمليات تطهير وتهجير، هذه اعمال مستنكرة هناك بعض المتطرفين من العرب السنة الذين يعيشون في الخارج امثال الشيخ الضاري وغيره يصيحون دائما ان هناك حربا ضد السنة وان السنة يقتلون ولكن الحقيقة ان الذين يقتلون في العراق هم من السنة والشيعة. انا اعطيك ارقام من 01/01/2006 الى 20/11/2006 عدد القتلى 20101 قتيلا بينهم 15522 من الشيعة، أي 77 في المئة، الشهداء السنة 2138 أي 11 في المئة، مجهولو الهوية من كرد ومسيحيين ومسلمين، هوياتهم غير معروفة نحو 2441 يعني 12 في المئة، الجرحى نسبتهم 17360 جريح من بينهم 15320 من العرب الشيعة أي 88 في المئة 1848 من العرب السنة أي 11 في المئة، الاخرى 1192 أي 1 في المئة. يعني ان المظالم تتوزع، الشيعة يقتلون والسنة يقتلون، فليس هنالك كما يدعي البعض حربا ضد السنة، الذين يقتلون من الشيعة والسنة، وهذا لا يعني انه ليس هناك عصابات شيعية تقتل السنة. نحن قررنا كحكومة ان نفرض سيطرة القانون على الجميع وان لا نسمح بأي ميليشيات خارج القانون ولا نسمح بأي أعمال تقوم بها الميليشيات وبالتالي سوف نقاومها بالقوة. الحكومة العراقية اصدرت اوامر صريحة للقوات المسلحة بان تضرب أي قوة تتجاوز القانون مهما كانت سواء شيعية سنية او كردية عربية.

gt; هناك مشكلة وهي اختراق المسلحين للاجهزة الامنية، يقال ان فرق الموت اخترقت الاجهزة هل هذه المشكلة على طريق المعالجة؟

ـ نعم انا اوافق على ذلك. لنكن صريحين، المخابرات ليست بأيدينا فالمخابرات العراقية تابعة لقوات التحالف الى الان. الاختراق نعم موجود في قوات الشرطة. قوات الشرطة منذ البداية جندت بشكل خاطئ، الضابط الاميركي المسؤول عن تجنيد الشرطة جمع الناس "عامي شامي" كما نقول أي بدون حساب ومعلومات عن الاشخاص بحجة انهم يريدون المساواة والقضاء على البطالة، وبين هؤلاء اصبح هناك عدد من مختلف الاتجاهات. والاختراقات ليست من طرف واحد وانما من اطراف مختلفة، كل طرف حاول ان يزج من جماعته في التجنيد، لذلك توجد اختراقات في قوات الشرطة. في هذا العام وزير الداخلية الجديد طهر اكثر من اربعة الاف شرطي وضابط من القوات الموجودة، نحن نشعر باختراق خطير ونسعى للقضاء عليه بسرعة.


مشكلة اجتثاث البعث

gt; هل تعتقد ان موضوع هيئة اجتثاث "البعث" غلطة زادت في إبعاد العرب السنة عن الحكم الجديد ؟

ـ انا اعتقد وكتبت رأيي في جريدة "الاتحاد" الناطقة باسم "الاتحاد الوطني الكردستاني" انه اولا الغلطة بدأت من الاسم وهو اجتثاث البعث، لماذا هذا الاسم، انا كنت افضل ان يكون نزع الصدامية وليس اجتثاث، لماذا؟ اولا لان "البعث" بعثان في العراق البعث العربي الاشتراكي (قيادة قطر العراق) ناضل معنا وكان احد احزاب الجبهة الوطنية التي تكونت في سورية وهو من الاحزاب التي قدمت الشهداء وكان معنا في الجبال والوهاد في العراق. ثانيا قسم كبير من البعثيين اجبروا على تسجيل اسمائهم في حزب "البعث" انطلاقا من انك لا تقبل في الجامعة ولا تصبح معلما ولا ضابطا او شرطيا الا اذا قبلت في"البعث"، عدا ذلك نحن لم نعلن كحكومة وكأحزاب أي عداء ضد "البعث" انما ضد المجرمين الذين ارتكبوا الجرائم. لم يعتقل نفر واحد في العراق بتهمة "البعث" الى الان، انما هنالك مجرمون ارتكبوا جرائم. والاتجاه الان ان ننهي "هيئة اجتثاث البعث" ونترك الامور للقضاء .

gt; اذا يمكن ان نقول على لسانك انك تدعو الى انهاء "هيئة اجتثاث البعث"؟

ـ هناك نقطة اخرى وهي ان القوى العراقية كلها لا تريد عدم الاستفادة من كفاءات البعثيين مثل اساتذة الجامعات والاطباء والدكاترة، وهناك لعلمك رغم وجود الاجتثاث الاف من البعثيين اللذين يشملهم هذا القانون اعفوا من هذه الفقرة واعيدوا الى الوظائف والى الحكم. اريد ان اضيف شيئا. بعد اعدام صدام حسين اعتقد بوجود جو آخر لدى الطرفين، الطرف البعثي، الوهم الذي كان عندهم انهم سيعودون الى الحكم انتهى. كان هناك وهم بان صدام قد يتعاون مع الاميركيين وبالتالي سيعيدونه مرة اخرى الى الحكم او ان دولا عربية ستضغط، هذا الوهم انتهى. من جانب اخر الذين عانوا من جرائم صدام حسين شعروا بانهم اخذوا جزءا من حقهم فليس لهم الان الحق في المغالاة في هذا الاتجاه. لذلك اعتقد بوجود مجال لتصفية موضوع اجتثاث "البعث" ولفتح صفحة جديدة مع البعثيين الذين يقبلون بالمسيرة الديموقراطية والسلمية ويرفضون القتال ضد الحكومة الحالية.


طمأنة السنة

gt; كيف يمكن طمأنة السنة، مثلا بصرف النظر عن المشروع الفيدرالي المقترح للجنوب او بتطمينهم بتوزيع الثروة النفطية بشكل عادل. كيف يمكن طمأنة السنة؟

ـ أولا أريد أن أصحح موضوع السنة. أنت ركزت على العرب السنة، نحن أيضا سنة. طبعا الإسلام لا يفرق، السنة يعني ان هناك تركماني سني وعربي سني وكردي سني. لنأخذ أولا تركيبة الحكومة العراقية، نسبة السنة والشيعة كم، نبدأ برئاسة الجمهورية داعيك المخلص (سني)، طارق الهاشمي (سني)، حافظ عبد المهدي (شيعي) أي من ثلاثة واحد شيعي. رئاسة الوزراء، رئيس الوزراء (شيعي)، الدكتور برهم صالح (سني)، الدكتور سلام الزوبعي (سني)، يعني اثنين بواحد ايضا. رئاسة مجلس النواب، رئيس المجلس (سني) نائبه الاول شيعي والثاني سني. اذا ترى نسبة السنة كبيرة في الهيئات الرئاسية الثلاث وكذلك في الوزارات.هذا من ناحية اما من ناحية توزيع الثروة، هنالك مع الاسف الشديد نوع من التشويش على هذه المسألة. الدستور واضح في هذه المسألة المادة 110 و111 و112، فالمادة 111 من الدستور تنص على ان النفط ثروة وطنية عامة وتستغل كلها من قبل الدولة المركزية، اما المادة 112 فتنص على ان النفط ثروة وطنية عامة في المناطق الجديدة التي تجري فيها التنقيبات والاكتشافات تكون الادارة مشتركة بين الحكومة المركزية والاقاليم، وذلك لرفع الخلل لانه موجود في كثير من المجالات، مثلا في "شركة نفط كركوك" في الشمال، من بين 15 الف عامل ومستخدم هناك 450 عاملا كرديا هل هذا معقول؟ يجب اذا ان يكون هناك نوع من التعادل بالنسبة للموظفين. نضيف جانبا ايضا، البصرة والعمارة مدينتان محرومتان من مياه الشرب، هل هذا معقول؟ اذا ليس هناك خلاف على التوزيع، واردات النفط جزء من الميزانية العامة للدولة العراقية، كيف يجب ان توزع؟ هناك اتفاق واعتقد انه اتفاق عادل. إن التوزيع يجب أن يتم وفق عدد السكان واحتياجات المناطق. إذا الثروة التي تأتي من النفط تذهب إلى الميزانية العامة، هذه الثروة توزع حسب نفوس المحافظات واحتياجاتها. فالثروة عامة وتوزع على الجميع بما فيها المناطق العربية السنية والمناطق الكردية والشيعية.


الدستور والفتوى

gt; هناك من عرب السنة من يقول ان البلاد لا تحكم من قبل الدستور وان ما هو اهم من الدستور فتاوى السيد علي السيستاني؟

ـ دعني اكن صريحا معك، انا وصفت السيد السيستاني بانه نعمة من الله للعراق. السيد السيستاني عالم ديني كبير يحرص على العراق وامنه واستقراره بشكل شديد وهو عامل مهم في عدم تحول الخلافات الى حرب اهلية. فعندما يجري تفجير بجوار ضريح الامام علي ويقتل فيه شخص مثل سماحة السيد محمد باقر الحكيم هذا يثير المشاعر، لكن يضبطها "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" وسماحة السيد السيستاني، وعندما يجري تفجير مرقد العسكريين في السامراء هذه اهانة كبيرة لمقدسات الشيعة، من يضبطهم؟ السيد السيستاني. في الحقيقة السيد السيستاني لا يتدخل في الامور الصغيرة والتفصيلات. دائما يعطي فتاوى في امور عامة، والى الان كل الفتاوى التي اصدرها خدمت امن العراق واستقراره وهو دائما يصر على احترام حقوق العرب السنة والمساواة بين المواطنين. لنأت الى كيف يحكم؟ العراق الان صحيح انه في الدستور اعطينا الحكم للاكثرية، ولكن بجانب هذا عندنا اتفاق بان الحكم يجب ان يكون بالتوافق وبالمشاركة بين القوى الاخرى. شكلنا المجلس السياسي للامن الوطني الذي يضم الرئاسات الثلاث ورؤساء الكتل البرلمانية، هذا المجلس يعمل بمبدأ التوافق، والحكومة التي شكلناها يجب ان تكون حكومة مشاركة حقيقية بين المكونات الاساسية للمجتمع العراقي العرب السنة، العرب الشيعة، الكرد وسائر المشتركين في الحكومة. إذا ليس هناك حرمان للاخوة العرب السنة قانونيا من الحكم، ولكن انا أقر امامك بانه الى الان لم يطبق هذا المبدأ بشكل جيد، نحن بصدد ايجاد آلية لتطبيق هذا المبدأ بشكل جيد يرضي الجميع. مثلا من جملة الإجراءات التي اتخذناها تشكيل هيئة مصغرة داخل مجلس الوزراء تقود المجلس وتضم جميع الاطراف الاساسية. والان نفكر في تشكيل لجنة اخرى تشرف على تطبيق الاتفاقات التي تم التوقيع عليها وتضمن للسنة والشيعة والكرد والعرب حقوقهم ومساهمتهم ومشاركتهم في الامر. اعتقد انه ليس هناك من يستطيع ان يفرض الاحتكار على العراق، يعني لايمكن ان يكون مثلا الحكم احتكاريا للشيعة او للسنة، وضع العراق يتطلب التوافق والمشاركة بين الجميع.

gt; الرئيس بوش تحدث عن التصدي للشبكات الايرانية والسورية داخل العراق، اريد ان اعرف شعورك هل العلاقات الاميركية - الايرانية تتجه نحو صدام على ارض العراق وخارج ارض العراق؟

ـ تتذكرون ان الرئيس بوش نفسه قال في لقائه مع السيد نوري المالكي بان للعراق الحق في ان يتحاور مع جيرانه، سورية وايران، لحل مشاكله وموضوعه الامني. طبعا نحن لا نتمنى ان تتطور العلاقات الاميركية - الايرانية الى صراع يدور على ارض العراق. بالعكس نحن بذلنا جهودا من اجل يتم اتفاق او تفاهم اميركي - إيراني للعمل المشترك من اجل الامن والاستقرار في العراق، وسأروي لك حادثتين، في العام الماضي أثناء زيارتي إلى إيران اتفقنا مع الأخوة الإيرانيين على لقاء ثلاثي بين إيران وأميركا والعراق من اجل العمل لفرض الأمن والاستقرار في العراق، وعندما رجعت أخبرت الصديق السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد بالموضوع وبعد استشارته واشنطن وافق على هذا اللقاء. كان شرط الإخوة الإيرانيين ان يتم اللقاء بصورة سرية بعيدا عن الاعلام والاعلان وحتى اتفقنا على اليوم ومكان الاجتماع وحضر السفير الاميركي الى المكان قبل الموعد بيوم، لكن الإخوة الإيرانيين الغوا الاجتماع لان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أعلنت ذلك أمام الكونغرس فشاع خبر اللقاء.

gt; اين كان اللقاء مقررا؟

ـ في كردستان العراق في دوكان، لكن هذا نصف الموضوع دعني اكمل النصف الثاني. بعد فترة سماحة السيد عبد العزيز الحكيم زعيم الائتلاف العراقي الموحد و"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" ناشد الإيرانيين ان يستأنفوا الحوار مع اميركا حول العراق، وانا أيضا أيدت وناشدت الاخوة في ايران فقبلوا، والاصدقاء الاميركان أيضا قبلوا. جاء وزير الخارجية الايراني الى بغداد وتباحثنا معه حول ان يتم الاجتماع في مكان معين وطلبوا مني ان احضر الجلسة الاولى للاجتماع فقبلت. الاميركان طلبوا عقد الاجتماع بعد الانتهاء من تأليف الحكومة العراقية التي كانت المداولات جارية من اجل تشكيلها، لكن الاخوة الإيرانيين زعلوا من هذا الامر واعتبروه مماطلة وتسويفا فقطعوا الحوار. يعني مرة الاميركان اجلوا ومرة الايرانيون اجلوا. يعني نحن بذلنا جهودا من اجل لقاء اميركي - ايراني لحل الخلافات حول العراق بعيداً من الصراع الاميركي- الايراني العتيد والقديم.

gt; هل مازالت هذه الجهود مستمرة؟

ـ نعم نحن ما زلنا نحاول. سأكشف لك سرا، انا في زيارتي الأخيرة إلى طهران بحثت الموضوع مع المسؤولين الايرانيين واعلنوا استعدادهم للقاء مع الاميركان لكنهم قالوا بصورة رسمية ليعلن الاميركان استعدادهم ونحن جاهزون للقاء بهم للبحث في موضوع الامن في العراق وحل القضايا المختلفة الاخرى.

gt; اذا هناك محادثات في القضايا الاخرى؟

ـ نعم. الايرانيون في هذا المجال ابدوا مرونة، انا للتاريخ اشهد بانهم قالوا انهم مستعدون للتفاهم مع اميركا من افغانستان الى لبنان وانهم مستعدون للبحث من اجل الوصول الى نتائج ترضي الطرفين.

gt; هل حملك الرئيس بشار الاسد رسالة الى الاميركان؟

ـ لا والله الى الان.

gt; هل ستراه مرة اخرى خلال زيارتك؟

ـ طبعا، اللقاء الاخير الذي سيتوج اللقاءات الاخرى سيتم ان شاء الله قريبا.

gt; بما انك صديق قديم لسورية، هل شعرت بان هناك امكانا لتحقيق تقدم ما بين واشنطن ودمشق؟

ـ نعم، انا اعتقد بان هناك امكانا وهنالك ضرورة لذلك، من اجل ذلك نحن سنبذل جهودا. بكل صراحة كعراقيين لنا مصلحة في ان تكون العلاقات السورية - الاميركية جيدة ولا تنعكس خلافات على الاراضي العراقية، كما يهمنا ان تكون العلاقات الاميركية-الايرانية جيدة ولا تنعكس صراعات على ارض العراق.

gt; هل سورية ايضا مستعدة ان تبحث مع الاميركيين في موضوع العراق والعلاقات الثنائية وفي موضوع لبنان. هل لمست هذا الشيء كما الاستعداد الايراني؟

ـ بصراحة لم ابحث هذا الموضوع مع فخامة الرئيس لكن استنتاجي بأن سورية تقبل أن تتباحث وتتفاوض في هذه القضايا.


اعدام صدام

gt; هل كنت على علم بموعد إعدام صدام حسين ؟

ـ لا.

gt; عندما تبلغت، من ابلغك؟

ـ من الراديو سمعت.

gt; ماذا كان شعورك الاول؟

ـ دعني اروي لك قصة. أنا كنت من الناس الذين وقعوا على بيان عالمي ضد الاعدام، ثم اني الأمين العام لـ "الاتحاد الوطني الكردستاني" العضو الفاعل في الدولية الاشتراكية التي تعارض الاعدام، وبالتالي أنا إلى الآن لم أوقع أي حكم بالإعدام في العراق. حكم إعدام صدام حسين لم يكن بحاجة إلى توقيع او مصادقة من رئاسة الجمهورية. القرار واضح. طبعا أنا بحكم كوني غير موافق على أحكام الإعدام وموقفي ان أحكام الإعدام تبدل باحكام المؤبد وطريقة الموت السياسي والتدريجي برأيي احسن من الموت السريع، لكن دعني اقول لك شيئا واحدا وهو ان الاكثرية الساحقة من الشعب الكردي ومن العرب العراقيين الشيعة يعتبرون اعدام صدام حسين عيدا.

gt; هل زرت صدام في السجن؟

ـ لا.

gt; الم يرسل لك رسالة؟ الم يحدث بينكما خلال وجوده في السجن أي اتصال؟

ـ لا. مرة واحدة المرحوم برزان التكريتي بعث لي خبرا حول صحته، وأنا تدخلت لدى رئيس الوزراء انذاك الدكتور ابراهيم الجعفري وكان كريما ووافق على مداوته في المستشفى. فقط هذا الاتصال الوحيد.

gt; لكن أخبروك ان برزان قطع رأسه خلال تنفيذ حكم الاعدام بحقه؟

ـ سمعت من الراديو لكن لم اسأل. لعلمك لست من مؤيدي مواصلة الاعدامات.

gt; طلبتم من سورية تسليم أسماء محددة ؟

ـ لا، هذه مسألة تعود الى اللجنة الفرعية في وزارة الداخلية بين البلدين.

gt; هل دعوت الرئيس الاسد لزيارة بغداد؟

ـ نعم سأدعوه رسميا لزيارة العراق.

gt; هناك حديث عن قوائم سلمتها بغداد الى دمشق تتعلق بمطلوبين مثل طاهر حبوش ومحمد يونس وعزت الدوري؟

ـ العراق يطالب فقط بمجرمين أو بمن يقاتلون لكن لا يمكن ان نطلب من سورية تسليمنا كل العراقيين الموجودين في سورية، هناك 800 الف عراقي في سورية وعدد كبير منهم بعثي. لا يمكن ان نطلب تسليم كل هؤلاء، انما اذا وجد مثلا متهمون بالسرقة، هناك قرار محاكم. في قضايا الفساد هناك اناس متهمين بسرقة الاموال او جرائم بشعة وزارة الداخلية تطلب من الداخلية السورية. اذا لدينا اتفاق بتبادل المطلوبين لكن ليس على اساس سياسي.

gt; وفئة المتهمين بدعم الارهاب؟

ـ المحكومون بالارهاب. نحن نتمنى طبعا واخوتنا في سورية يوافقون على ان لا يسمحوا لاي انسان يمارس او يشجع الارهاب بان يكون موجودا في بلادهم، لانهم يحرصون على امن وسلامة العراق، كما قالوا لنا، حرصهم على امن وسلامة سورية، وبالتالي لا يمكن ان يسمحوا بوجود من يحرض هنا أو يقود عمليات الإرهاب ضد العراق.

gt; سبق وجرى توقيع اتفاقيات امنية بين سورية والعراق في تموز 2004 ؟

ـ كتبت لكن هذه المرة وقعت.

gt; ما الذي يجعلكم تطمئنون الى ان التطبيق سيحصل هذه المرة؟

ـ الارادة السياسية لدى القيادتين ومن ثم ما سمعناه من سيادة الرئيس بشار الاسد.

gt; هل صحيح انكم طلبتم ايضا تغييرا في الخطاب السياسي السوري بمعنى كلما حصلت عملية ارهابية كبرى في العراق ان تصدر جهات رسمية و ادانة واضحة لهذه العمليات؟

ـ لم ندخل في مثل هذه التفاصيل، انما نحن طلبنا الدعم السياسي والاعلامي السوري للمسيرة الديموقراطية في العراق وللحكومة المنتخبة وهذا هو طلبنا. هذه قضية داخلية سورية نحن لا نتدخل فيها.

gt; هل هناك صعوبة في ان يكون رئيس العراق كرديا؟

ـ هناك نكتة عن هذا الموضوع. لكن دعني اقول لك اولا كيف صرت رئيسا. انا لم أرشح نفسي إلا عندما وافقت الكتل الأربع على ترشيحي: "الائتلاف" و"التوافق" و"العراقية" و"التحالف"، وقلت في الصحافة انا لن ارشح نفسي اذا لم توافق احدى هذه الكتل. يعني انا مرشح اجماع وليس اكثرية، رغم ذلك هناك نكتة عراقية تقول: " لا قصب لا حصران لا عندنا بردي... فوق القهر والضيم رئيسنا كردي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف