جريدة الجرائد

عمرو موسى : منصبي جلب لي اللعنات

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الأمين العام للجامعة العربية: هناك من يضع العصا في عجلة العمل العربي.. وندرس تشكيل قوة سلام
أخشى أن تضيع القضية الفلسطينية في خضم الخلافات
لا أستطيع تأكيد وجود تدخلات إيرانية في المنطقة ولكنها تستثمر الفوضى فيها لصالحها
رايس ستعود للمنطقة بعد شهور لبحث إقامة دولة فلسطينية
ردا على شعبان عبد الرحيم: أنا أكره سياسات إسرائيل

عبد المنعم مصطفى


دعا عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، مجلس الأمن الدولي إلى استصدار قرار يتبنى النقاط الست، التي دعت إليها الجامعة العربية بشأن الوضع في العراق. وقال في حديث لـ"الشرق الأوسط" في القاهرة انه اتفق بشأنها مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، اثناء لقائهما في الأقصر، معتبرا أن تلك النقاط تمثل إطار عمل لا غنى عنه للخروج من المأزق الراهن في العراق. واوضح موسى ان النقاط الست تؤكد على وحدة اراضي العراق والوفاق الوطني والمواطنة واقتسام الثروة وتعديل الدستور وحل الميليشيات.
وحول الوضع اللبناني قال موسى إنه قطعنا "نصف المشوار" من مهمته في بيروت، لكن ما تبقى يبدو أكثر وأصعب، مشيرا الى ان سورية لا تعارض المحكمة الدولية، لكنها تخشى تسييسها. وقال ان حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني الذي التقاه لثلاث ساعات "صريح ويخشى من تداخل الملفات في الازمة اللبنانية". وذكر موسى ان المبادئ العامة للتسوية في لبنان متفق عليها من الكافة، لكن الجميع مازالوا يبحثون عن الوزير الملك أو ما سماه "لويس الحادي عشر" فضلا عن اختلافهم حول التفاصيل، التي قال "ان الشياطين تسكن فيها".

واعتبر موسى ان الحديث عن إخلاء الشرق الأوسط من اسلحة الدمار الشامل لا محل له الآن، لأن المنطقة لم تعد خالية من تلك الاسلحة، وحذر من انفلات نووي في المنطقة، مشيرا الى ان المسألة ستكون مجرد وقت وسوف تلحق دول اخرى في المنطقة بهذه البرامج وأولها مصر، التي لن تقبل ان تكون الدولة الرابعة او الخامسة، وكذلك دول في المغرب العربي، طالما ظل الملف النووي من دون حسم في المنطقة، وفي ظل استثناء اسرائيل. وطالب بفتح مفاعلات نووية لأغراض السلم وتدريسها في المناهج الدراسية.

وأعرب موسى عن اعتقاده بأنه لا توجد دولة عربية واحدة على استعداد للانخراط في ائتلاف دولي جديد يسعى اليه بوش في مواجهة طهران، بنشر الصواريخ تارة وبالتخويف تارة أخرى. وكشف عن أن هناك من يضعون العصا في عجلة العمل العربي المشترك قائلا: "العجلة تدور وكثيرا ما قمنا بكسر العصا التى دخلت في العجلة"، ووصف من يضعونها بأنهم كارهون لأنفسهم وللعرب. وتناول موسى في حواره مع "الشرق الأوسط"، الملف الفلسطيني، محذرا من تضييع القضية بالخلافات بين فتح وحماس، وكذلك الوضع في دارفور والصومال. كما تحدث عن المشاكل التي تواجهه في عمله واقر ان منصبه جلب اليه اللعنات. وفيما يلي نص الحوار:

* دعنا نبدأ من الآخر.. جاءت زيارتكم الأخيرة لليبيا عقب قرار المملكة العربية السعودية، استضافة القمة العربية في الرياض في مارس (أذار) المقبل.. هل ثمة علاقة بين تلك الزيارة ومشاركة ليبيا في القمة؟

ـ هناك أهمية للمباحثات مع قائد الثورة الليبية حول الأوضاع العربية والافريقية، كما أنني اقوم بجولة عربية للاعداد للقمة العربية، التي ستعقد في الرياض يومي 28 و 29 مارس المقبل، وسبق وان زرت الجزائر والسعودية وسورية والتقيت مع الرئيس مبارك، واعتزم زيارة الاردن قريبا واستكمل الجولة العربية بهدفين، الأول هو الاعداد للقمة، والثاني لمواجهة الموقف وبحث معالجة المشاكل المطروحة على الساحة حاليا.

* ماذا تتوقع في مستوى التمثيل بالنسبة لليبيا في القمة العربية؟

ـ لماذا نتوقع.. ما زال الوقت أمامنا لنرى الموقف وللوصول الى صيغ مناسبة، وسوف نوجه الدعوة لمشاركة ليبيا.

* لماذا عادت القمة الى الرياض مرة أخرى؟

ـ كان لدي الشعور بذلك منذ اسابيع، ولا اشغل وقتي في بحث مسألة كهذه.

* كيف ترى تدخلات إيران في لبنان والعراق وفلسطين وكذلك التدخل الاثيوبي في الصومال، هل ترى ملامح ما يسمى الشرق الاوسط الجديد؟

ـ هو شرق الفوضى المدمرة، ولكن لا نستطيع القول بوجود تدخلات ايرانية، وانما هي دبلوماسية او تحرك ايراني نشط، يسعى لاستثمار الاوضاع الاقليمية لصالحه.

* لكنه مؤثر في المعادلة الداخلية في الدول التي تشهد استثمارا ايرانيا للحضور، أو تدخلا مباشرا؟ ـ هناك تغيير في المنطقة بسبب ما حدث في العراق والذي ادى إلى إخراج شياطين الانس والجن من القماقم، وأدى الى تهديد الوحدة الاسلامية في المنطقة، ودق الاسافين، ولذلك اقول إن أخطر ما في العراق هو النزاع الطائفي لأن الاحتلال يخرج مهما بقي أما الطائفية فإن نزاعاتها ستعيش في المنطقة عشرات السنين وتزج بها في ازمات لا قبل لنا بها، وبالتالي ليس من مصلحتنا ان يندلع صراع سني شيعي أو عربي فارسي، ولذلك يجب ان يحذر الكل من الوقوع في هذا المطب الخطير.

* حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من هلال شيعي، فيما تحدثت رايس خلال حرب اسرائيل ضد لبنان عن تحالف المعتدلين ضد المتطرفين في سياق سني/ شيعي.. هل نحن مستدرجون لهذا؟ ـ يجب علينا وقف الحركة التي تؤدي الى الصدام وعندما تحدث ملك الأردن عن هلال شيعي، فقد كان يصف حالة، وربما يحذر وهذا التحذير مضمونه لا داعي للتورط في هذا الطرح الطائفي، لأن الخسارة سوف تشمل الجميع ولن يكون بينهم رابح.

* هل ترى ان استراتيجية بوش الجديدة للعراق تدفع الامور باتجاه تصعيد الصراع الطائفي، بين شيعة المنطقة وسنتها؟ ـ قد تحدثت مع كوندوليزا رايس في مدينة الاقصر وطرحت معها أسس الحل فى العراق وأثرت نقاط استفهام لأنني لا استطيع أن أقر بشيء واوافق عليه من دون دراسة ونقاش.

* حول ماذا كانت نقاط الاستيضاح التي تقدمت بها لرايس خلال لقائكما في الأقصر؟ ـ مثل ادخال القوات الاميركية في القوات العراقية في مراحل معينة وبأشكال وأعداد معينة.. وسألت ماذا يعني هذا؟ ثم سألت أيضا عن أي قوات عراقية بالضبط تتحدث الخطة؟ وما هو الهدف منها؟ واكدت ان هدفي هو مستقبل العراق وقلت اذا كانت اميركا ترى من مصلحتها الخروج المشرف من العراق، فهذا حقها، لكن من واجبي أن أفكر في العراق ومستقبله، لأن أي خطأ سوف يؤثر على البلد وكل دول المنطقة، وهذا ما يهمني ولذلك تركزت اسئلتي مع رايس حول هذه النقاط. وأجابت رايس عن أسئلتي بكل وضوح سؤالا بسؤال. وبعد ذلك طرحت عليها الحل من وجهة نظري، مستندا الى قرارات القمة العربية واجتماعات وزراء الخارجية العرب بشأن العراق، وعليه قلت لرايس يجب الاتفاق على نقاط اساسية هي:

1ـ لا لتقسيم العراق تحت اي شكل من الاشكال او تحت اي عنوان فهو خط أحمر. 2 ـ المصالحة والوفاق موضوع رئيسي وألا تقف وشنطن للفرجة، وانما عليها المساهمة وبوضوح ولا بد من الدعم النشط في هذا الموضوع. 3 ـ المواطنة التي تضع كافة العراقيين على قدم المساواة، وعدم استخدام مقولة سني وشيعي وكردي في استثارة نزعات طائفية أو انفصالية. 4 ـ تعديل الدستور خاصة ان هناك قرارا من البرلمان العراقي بإنشاء لجنة لتعديل الدستور خلال مهلة زمنية معينة. 5 ـ توزيع الثروة بشكل عادل، حتى يشعر المواطنون ان ثروة العراق للجميع. 6 ـ حل الميليشيات.

وقد وافقت رايس على النقاط الست التي يجب ان تحكم اي سياسة موجهة الى العراق، وبعد ذلك يمكن وضع كل الخطط سواء خطط بوش أو المالكي أو الجامعة العربية، المهم ان تكون النقاط الست هي الأساس واذا تم الالتزام بها يمكن القول بأننا نسير على الطريق الصحيح لحل أزمة العراق.

* ما مدى قناعتكم بخطة بوش بعد ان استمعت الى شرح مستفيض من رايس كما تقول؟

ـ قناعتي هي أهمية التأكيد على هذه النقاط الست وأرى ان يصدر قرار من مجلس الامن لتثبيت هذه الاسس.

* هل هذه نقاط عمرو موسى؟

ـ لا، لا، هذه النقاط استندت اليها بناء على قرارات القمة العربية ووزراء الخارجية العرب، وأرى أن هذه النقاط هي الأساس، وبعد ذلك فلتأت بقوات او تسحب قوات او تحدد مسؤوليات رئيس الوزراء، كل هذا يمكن فهمه فى إطار الاتفاق على المبادئ الست التي تحدثت عنها.

* هل معنى هذا ان الجامعة العربية سوف تتقدم لاستصدار قرار من مجلس الأمن لتثبيت هذه المبادئ الست حول العراق؟ ـ العراق عضو في الامم المتحدة ويمكن ان يقدم ما يشاء (قالها وكأنما يحث حكومة المالكي على التقدم بالنقاط الست الى مجلس الأمن)، وانما الجامعة العربية تتحدث عن كيفية تسوية الأزمة في العراق وفي رأيي المتواضع أرى أن يصدر قرار من مجلس الامن، متبنيا النقاط الست باعتبارها إطار عمل لا غنى عنه للخروج من المأزق الراهن في العراق.

* بوش تحدث عن ان بقاء دول صديقة لأميركا في المنطقة، بات رهنا بحل المأزق العراقي.. كيف ترى ذلك؟

ـ بوش ذكر ان الفوضى والفشل في العراق سوف يؤثران على الجميع، وقد اوضحت لي رايس هذا، ولا أظن انه يقصد ان بقاء الدول الصديقة لأميركا رهن بوقوفها الى جواره في العراق.

* وماذا قالت لك رايس اثناء لقاء الأقصر عن عملية السلام في الشرق الاوسط؟

ـ قالت انها ستأتي الى المنطقة خلال ثلاثة او اربعة اسابيع، وسترسل ديفيد وولش قبل زيارتها للاعداد للمشاركة في إجتماع يعقد بين ابو مازن واولمرت للحديث عن قيام دولة فلسطين، وانا بدوري أرحب بهذا، وارجو ان يتم وسنرى ماذا يحدث.

* دعنا نذهب معك الى لبنان.. ففي يوم واحد أثناء مهمتك الأخيرة في بيروت، التقيت رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، ثم اتجهت الى السراي الحكومي للقاء مع فؤاد السنيورة، ومنها الى قصر قريطم للقاء سعد الحريري، ومن قريطم الى مكان مجهول للقاء حسن نصر الله، ثم التقيت عبد العزيز خوجة السفير السعودي في مقر اقامتك، وفي صباح اليوم التالي اتجهت الى بكركي للقاء البطريريك صفير، ثم الى الرابية للقاء ميشال عون، ومنها الى بكفيا للقاء امين الجميل رئيس الكتائب، ثم عدت الى السراي الحكومي ولا اعلم هل التقيت السنيورة مجددا ام لا، بعدها اتجهت الى المختارة والتقيت وليد جنبلاط.. أما وقد التقيت بكافة عناصر الأزمة وحلها داخل لبنان وخارجه.. ما هو العنصر الذي اكتشفت غيابه في معادلة الحل في لبنان.. ولماذا لم يأت الحل اذن؟

ـ لأنه ليس من المنتظر ان يأتي الحل في ظرف ايام وهذه قضية لها جذور وابعاد عربية واقليمية ودولية ومحلية وبالتالي كانت زيارتي الاولى استكشافية للتعرف على ما تريده الاطراف، ثم عدت وأجريت اتصالاً بالرئيس مبارك، كما أجريت اتصالات مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الأسد والعاهل الاردني وبعض الاخوة وزراء الخارجية العرب، ثم ذهبت مرة اخرى الى بيروت وطرحت المبادرة على الحكومة والمعارضة وابلغتهم برؤيتى للامور واستمعت اليهم واتفقنا على ان الحل يمكن ان يتحقق ضمن خطوات متوازنة، ثم عدت والتقيت مع الملك عبد الله بن عبد العزيز فى الرياض، وتحدثت هاتفيا مع الرئيس مبارك وقمت ببعض الاتصالات الاخرى.. ثم سافرت الى الولايات المتحدة، وهناك حدثني رئيس الوزراء فؤاد السنيورة وأبلغني أنه يريد الحديث معي بعد اطلاعه على عناصر المبادرة، وجرى الاتصال بالرئيس بري وشعرت ان الوقت حان للحل فقطعت زيارتي لواشنطن عائدا الى نيويورك، ومنها الى بيروت وقمت باللقاءات التي ذكرتها في سؤالك، وتمت بلورة الاتفاق وبدأنا في التفاوض حوله.

* ماذا يقول هذا الاتفاق؟

ـ هو قائم على ثلاث مراحل: الاتفاق على المحكمة.. وتوسيع الحكومة.. ثم الحديث عن رئيس الجمهورية والانتخابات مع استمرار الرئيس لحين انتهاء مدته، وقد طرحت عددا من النقاط بالنسبة للمحكمة، وقلت بضرورة عقد اجتماع بين المعارضة والموالاة والمتخصصين ومعهم عدد من القضاة لتشكيل فريق تكون مهمته البحث في تحفظات البعض على بعض النقاط المتعلقة بالمحكمة، وليس من حيث اقرارها أو عدمه وفي نفس الوقت يقوم فريق آخر ببحث مسألة الحكومة بالتوازي. وقد وافق الجميع على ذلك، ووضعت تصوري وقلت لا الأغلبية يكون عندها الثلثان ولا المعارضة يكون لديها الفيتو، وتحدثت عن عمل إيجابي يعطي المعارضة قيمتها ويحفظ لها دورها وفي نفس الوقت وضعت عيني على استقرار الحكومة ولبنان حتى لا تذهب كل يوم حكومة وتأتي اخرى. واقترحت ايضا ان يكون للأغلبية 19 وزيرا وللمعارضة 10 وزراء، بالاضافة الى وزير واحد سميته "لويس الحادى عشر" (أي الوزير الحادي عشر او الوزير الملك) وقدمت لهم في هذا الشأن عدداً من المقترحات لاختيار لويس الحادي عشر وقلت ان كل فريق يتقدم بقائمة تضم عشرة اسماء، قد يكون من بينها اسم مشترك بين القائمتين (المعارضة والموالاة) فيكون هو المتفق عليه، وقد وافق الجميع على هذا وحتى على الطريقة الدستورية في اصدار مرسوم المحكمة والحكومة وقد وقفنا عند التفاصيل وقلت انها ستأخذ وقتا انما كان يجب وقف المظاهرات، وحسم موضوع الرئاسة حتى لا تحدث فوضى اكثر من ذلك، وتركت النواحي الاجرائية والتفاصيل التي ذكرتها، محذرا من "أن الشياطين تسكن في التفاصيل".. لكن اذا سئلت: أين أنت من الحل أقول بأنني قطعت 50 ميلا، وباق أمامي 50 ميلاً.

* كلاكما أنت وحسن نصر تكرهان اسرائيل ـ على حد تعبير شعبان عبد الرحيم ـ كيف كان لقاؤك مع حسن نصر الله؟ وما هي مخاوفه؟

ـ (ضحك)..أنا أكره سياسات اسرائيل، أما عن حسن نصر الله، فقد تحدثنا بالتفصيل على مدى ثلاث ساعات، وهو رجل صريح مثلي وطرحت عليه المبادرة وجاءني الرد في اليوم التالي، كما فعلت كل الاطراف، ومخاوف حسن نصر الله من تداخل الملفات بسبب الوضع المتشابك والمتداخل في لبنان المحكمة، والحكومة، والرئاسة.

* لكن نصر الله متهم بتفجير الأزمة؟

ـ ما يهمني هو كيف أتعامل مع الأزمة، وليس من المتهم بتفجيرها، فالأزمة موجودة.

* أين العرب من قنبلتين نوويتين واحدة اسرائيلية أعلن عنها أولمرت صراحة لأول مرة، منهيا سياسة الغموض النووي، والثانية فارسية ربما يفصح عنها عناد الرئيس أحمدي نجاد؟ ـ الثانية لم تتأكد بعد.. ثم لا أرى أنه من الحصافة تسميتها بالفارسية، والموقف هو كما يلى: 1 ـ الشرق الأوسط لا يحتاج لبرامج عسكرية نووية. 2 ـ ليس من حق أحد منع دولة عضو في معاهدة منع حظر الانتشار النووي من استخدام الطاقة النووية في اغراض السلم كالتنمية والطب والتعليم. 3 ـ أي حديث او تحرك نووي أمر يمس كل الأمن الاقليمي فى المنطقة. 4 ـ إذا ارادت اي قوى الحديث معنا في موضوع ايران مع تجاهل اسرائيل، فإن هذا سيكون سقطة سياسية غير مقنعة، وهذه الازدواجية هي التي جعلت الموقف الغربي ازاء ايران لا يتمتع بدعم الرأي العام العربي لأن السؤال هو لماذا التعبئة الغربية ضد خطر محتمل وتجاهل خطر قائم.

ومرة اخرى أنا لا أتحدث عن اسرائيل النووية الدولة الطرف في النزاع العربي الاسرائيلي، وانما عن اسرائيل الدولة الموجودة في الشرق الاوسط ولأن استثناءها يعد طعنا في اهلية اسرائيل، وهنا لا بد من التأكيد على أمرين هما:

الاول: اعادة النظر في الطرح الخاص بإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية لأنها لم تصبح خالية.

الامر الثاني: ان المسألة ستكون مجرد وقت وسوف تلحق بهذه البرامج دول اخرى في المنطقة، وأولها مصر التي لن تقبل ان تكون الدولة الرابعة او الخامسة، وسوف تلحق دول اخرى مثل دول في المغرب العربي طالما ظل الملف النووي، من دون حسم في المنطقة وفي ظل استثناء اسرائيل.

* هل لدى الجامعة العربية مبادرة للاستخدام السلمي للطاقة النووية؟

ـ لا يمكن للمجتمعات العربية ان تقبل بتخلفها في العلم النووي عن دولتين في المنطقة، خاصة ان واحدة لديها السلاح النووي والثانية معها العلم النووي، ولذلك سوف ندخل اولا في اطار العلم النووي واقامة المفاعلات النووية لاستخدامها في الطاقة والكهرباء، وليكن ذلك تحت رقابة دولية، ونرى من المهم تدريس العلم النووي في المدارس بداية من المراحل الدراسية الاولى، ولذلك اصدرنا قرارا في الجامعة العربية لامتلاك المعرفة النووية وتكليف الهيئة العربية للطاقة النووية للقيام بدورها في هذا الشأن.

* لكن الخطر النووي المحدق بالعرب اليوم قد لا يحتمل ترف الانتظار، حتى نقوم ببناء المفاعلات والدخول في البحث العلمي وامتلاك المعرفة النووية.. ماذا سيفعل العرب لمواجهة الخطر النووي الاسرائيلي القائم والايراني المحتمل.. وهل نعالج الخطر بالانتظار فقط؟

ـ الخطة هي الدعوة لامتلاك العلم النووي والمفاعلات وليكن ذلك تحت رقابة دولية، ويجب العودة الى إثارة موضوع الامن الاقليمي، لأنني لا اعتقد ان اتفاقية سلام في الشرق الاوسط كافية، وانما يجب الاتفاق على خطة للامن الاقليمي تستبعد تماما السلاح النووي واسلحة الدمار الشامل ويكون ضمن اجراءاتها اتفاق لوقف سباق التسلح ونزع انواع معينة من الاسلحة، وهنا على مجلس الامن دور كبير وسوف نصل لهذه النقطة فى لحظة ما.

* الا تعتقد ان صداما عسكريا بين ايران واميركا في المنطقة، قد ينسف مجمل مفردات الحل في العراق ولبنان؟

ـ نرجو الا تتداعى الامور الى مثل هذا الصدام، وايران ليست العراق او افغانستان، كما أن الصدام مع ايران عسكريا، سيؤدي الى دخول المنطقة في دوامة عنف كبرى وخطيرة.

* قرار الرئيس بوش بإرسال حاملة طائرات اضافية مع مجموعتها الى مياه الخليج، فضلا عن حاملة ثالثة تتمركز عند مدخل البحر الأحمر، ثم حديثه ضمن خطته عن نشر صواريخ باتريوت في الدول الصديقة المجاورة للعراق، كل ذلك ربما كان اشارة لا تخطئها العين لعمل عسكري وشيك او للتلويح به، كذلك يمكن ملاحظة سعي بوش لبناء ائتلاف محارب جديد يرسم حدوده مرة بخارطة نشر صواريخ باتريوت واخرى بالتخويف من عواقب هزيمة أميركا في العراق على دول المنطقة؟

ـ نتائج أي عمل عسكري ضد ايران ستكون سيئة للغاية ومجالات التفاهم ما زالت متاحة ولا اظن ان دول المنطقة سوف تنخرط في سياق حرب جديدة ولا نريد حربا ثالثة في الشرق الاوسط، ولا اعتقد ان أي دولة عربية سوف تنخرط في ائتلاف بوش الجديد الذي يسعى لرسم حدوده سواء بالصواريخ او بالتخويف.

* كيف تتعامل مع الانتقادات الموجهة اليك؟

ـ لا اشغل نفسي بها، ومن واجبي الوطني والقومي ان أعمل لأن هناك في العالم العربي من لا يوجد لديهم مانع من حرق العرب ونسف الجامعة، وهؤلاء يكرهون أنفسهم ولكن لدينا المعدن الطيب من موريتانيا الى الخليج الى عمان، وأتذكر من حين لآخر نصيحة تريجفي لأول أمين عام للأمم المتحدة خليفته داج همرشولد قبل تسليمه مهامه في المنظمة الدولية، اذ قال له: "في هذا المنصب سوف تنهال عليك اللعنات بمقدار ما تعمل، ولن يكون بوسعك أبدا ارضاء الجميع".

* على مدى ست سنوات في منصب الأمين العام للجامعة هل شعرت في بعض المواقف، ان هناك من يضع لك العصا فى العجلة؟

ـ العجلة تدور وكثيرا ما قمنا بكسر العصا، التي دخلت في العجلة.

* هل يمكن ان نعرف عصا من التي قمت بكسرها على سبيل المثال؟

ـ أي عصا للكارهين للعرب، والعمل يدور على قدم وساق ولا نبالي بمن يحاول تعطيل المسيرة.

* هل تعتبر نفسك محظوظا عندما جئت كأمين عام للجامعة في عصر تحدق فيه الأزمات بالعرب من كل جانب؟

ـ السنوات الست التي أمضيتها في الجامعة اعطتني فرصة هائلة لأفهم العالم العربي من الداخل نبضة نبضة، ولمعرفة اين اقف وماذا اريد، ولكن هذا المنصب العمل فيه كثير، واللعنات فيه اكثر، ولا يترك لك يوما تتنفس فيه بحرية وانت مشغول ومتجول على الدوام، وتعمل على مدار الساعة، وللعلم أعمل منذ دخولي الجامعة يوميا حوالى 15 ساعة، وارى ان هذه الجامعة لو زودت بالكوادر المدربة كما يجب، لأصبحت اهم منظمة اقليمية على الارض، ومع ذلك لدينا مجموعة جيدة تعمل بكل طاقاتها في الجامعة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف