فيدرين: اليمين في أميركا وإسرائيل وراء مأساة الفلسطينيين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وزير الخارجية الفرنسي السابق يعتبر ان "تحالف الحضارات" يتطلب معالجة قضايا "الصدام" ...
الغرب أضاع فرصة خاتمي وبوش لم يستفد من تقرير بيكر - هاميلتون
باريس - رندة تقي الدين
يرى وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين ان التصدي لتهديد "صدام الحضارات" لا يكون فقط في إجراءات تتخذ في مجالات "التربية والتدريب والشباب، بل عبر تناول قضايا سياسية محورية تسمم العلاقات بين الغرب والإسلام"، وفي طليعتها "الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المحوري في الشرق الأوسط".
ويُعالج فيدرين في حديث الى "الحياة" أفكاراً مطروحة في إطار الشق السياسي للتقرير النهائي لمجموعة "تحالف الحضارات" التي انشأها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان. ويشرح هذه الأفكار مشدداً على ان يشير التقرير الى ضرورة اطلاع الفلسطينيين والإسرائيليين "على خبرة ومعاناة الآخر" بهدف "استعادة الحوار".
وإذ يحمّل فيدرين مسؤولية معاناة الشعب الفلسطيني الى "اليمين الإسرائيلي واليمين الأميركي"، فإنه يدعم حواراً فرنسياً - ايرانياً ويعتبر ان الغرب اضاع فرصة "فترة تولي الرئيس محمد خاتمي للسلطة في ايران"، ويضيف: "أنا من الداعين الى عدم الامتناع عن التحدث مع ايران ومع سورية ومع "حزب الله" و "حماس"، وإن فعلت فرنسا ذلك فهذا لا يصدمني".
وهنا نص الحديث:
هل يمكن ان تشرح فكرة "الكتاب الأبيض" التي تناولتها في المقال الذي كتبته مع اندريه ازولي ونشرته صحيفة "لوموند"؟
- إن فكرة "الكتاب الأبيض" مطروحة في إطار كتابة الشق السياسي للتقرير النهائي للمجموعة الرفيعة المعروفة بـ "تحالف الحضارات" التي أنشأها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، باقتراح من رئيسي حكومتي اسبانيا خوسيه لويس ثاباتيرو، وتركيا رجب طيب اردوغان.
فبعد ان تحدثنا مطولاً، خلال سنة 2006، مع مختلف اعضاء هذه المجموعة في شأن صدام الحضارات، رأينا ضرورة أخذ هذا التهديد بجدية، والتصدي له ليس فقط عبر إجراءات في مجالات التربية والتدريب والشباب، بل ايضاً عبر تناول قضايا سياسية محوريــة تســمم العلاقات بين الغرب والإسلام وفي طليعتها الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المحوري في الشرق الأوسط.
ورأينا ان يشير التقرير الى محورية الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني، وأردنا مع اندريه أزولي، اضافة مقترح اكثر طموحاً وأطول مدى، مبني على ان للإسرائيليين والفلسطينيين خبرات متناقضة كلياً وغالبية شعبي المجتمعين ترفض معاناة الآخر.
وفكرنا انه من اجل المستقبل، ولمواكبة إمكانات أي حل سياسي محتمل وتطويرها، لا بد من ان يسمع الشعبان ويطلع كل منهما على خبرة الآخر ومعاناته، نظراً الى اهمية هذا الأمر على المدى الطويل.
و "الكتاب الأبيض" يطرح في شكل متواز خبرتي الشعبين بواسطة شخصية اسرائيلية مثقفة ولها وزن معنوي وشخصية فلسطينية تتسم بالمواصفات ذاتها.
لكن اسمي هاتين الشخصيتين لم يحددا بعد، فهذا يعود الى الأمين العام للأمم المتحدة، والفكرة مكملة لأي حل سياسي وليست بديلاً منه.
ماذا عن احتمال مساهمة آليات مؤتمر مدريد الذي احتُفل بالذكرى الـ 15 لعقده وكنت الفرنسي الوحيد المشارك في المناسبة، في اعادة إطلاق الحوار بين العرب والإسرائيليين؟
- كنت فعلاً الفرنسي الوحيد في مدريد - 15، وعُقد الاجتماع بهدف استعادة روح مؤتمر السلام، علماً بأن بالوضع الإقليمي غير ملائم، والسياسة والنهج الأميركيان اليوم على أسوأ ما يكون، وهما في خطأ تام، وليس هناك في اسرائيل قيادة قادرة.
في المقابل فإن الرأي العام الإسرائيلي يوافق على فكرة إنشاء دولة فلسطينية، ومأساة الفلسطينيين كبرى وهم في حال فوضى بالغة نتيجة سياسة أوحى بها اليمين الإسرائيلي واليمين الأميركي، وأدت الى مثل هذه المأساة.
إن فكرة استعادة الحوار الذي لم يعد موجوداً بين الأطراف، على رغم انها لن تؤدي الى عجائب، تظهر على الأقل ان هناك ضرورة لأن تنتهج الحكومات المعنية مثل هذه السياسة وان مبادرة مثل مدريد، يمكن ان تساهم في ذلك.
تنوي فرنسا إرسال مبعوث الى ايران، للتباحث حول دور طهران في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ولبنان، ومحاولة تصحيحه. فما رأيك؟
- ينبغي دائماً التحاور مع الدول التي تختلف معها في الرأي والتي لا تشاركنا قيمنا.
فالتحاور لا يعني بالضرورة الاتفاق، لكن هناك مواضيع عـــدة تمكن إثارتها مع ايران. فقد أضاع الغربيون فرصة فترة تولي الرئيس محمد خاتمي للسلطة ونحن الآن في مواجهة الرئيس محمود احمدي نجاد ورغبته في جعل بلده قوة نووية.
وهناك سياستان ممكنتان، إذ لا يمكن استبعاد إمكان ان تقوّم الإدارة الأميركية في غضون السنتين المتبقيتين من عهد الرئيس جورج بوش، بحض إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية للموقع النووي الإيراني.
وبوش مخوّل دستورياً، حرية القيام بذلك، فيما الديموقراطيون منقسمون حول الموضوع، وليس لديهم أي طرح بديل وواضح حيال ايران. وأنا لا أؤكد مثل هذا الاحتمال وليست لدي معلومات حوله لكنني لا استبعده.
والسياسة الأخرى تنطلق في ضوء ما يقوله خبراء في الشأن الإيراني من ان القدرة النووية الإيرانية لن تتحقق قبل سنوات، ومن جهة اخرى، ومن اجل ادارة المستنقع العراقي ومثلما اقترح (وزير الخارجية السابق جيمس) بيكر، ينبغي على واشنطن، ان تحاول إما مباشرة أو عبر مؤتمر يجمع جيران العراق، الحصول من ايران على سلوك مختلف وإظهار الثمن الذي يترتب دفعه من جانب الدول المجاورة المعنية باستقلال العراق.
وينبغي التحاور مع ايران خصوصاً ان هناك نقاشاً واختلافاً في الرأي داخل هذا البلد. وعندئذ يصبح لدى الإيرانيين غير المرتاحين الى سياسية احمدي نجاد وتصريحاته متنفس، وفي هذا السياق من المؤسف ان بوش لم يستفد من تقرير بيكر - هاميلتون.
اما بالنسبة الى فرنسا، فأنا من الداعين الى عدم الامتناع عن التحدث مع ايران ومع سورية ومع "حزب الله" و "حماس"، وإن فعلت فرنسا ذلك فهذا لا يصدمني، لكننا لسنا في الظرف ذاته الذي توفر لنا في ظل حكم خاتمي.
وفي حال سلوك مثل هذا التوجه، ينبغي شرح الأمر لأصدقائنا في العالم العربي وفي الغرب، ليفهموا منطلقاته وروحيته، وتأكيد انه ليس بهدف تعـزيز قدرة ايران على التهديد وزعزعة الاستقرار في المنطقة بل بالعكس.