اعتقاد العراق بأن الكويت جزء منه سبب التوتر بينهما
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
من وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن عام 1976
لندن: رائد الخمار - القبس
في نوفمبر العام 1976 شهدت الحدود الكويتية - العراقية توترا ملحوظا بسبب 'التنقيب عن النفط في منطقة الرتقة الكويتية التي لا تبعد سوى 800 متر عن الحدود العراقية وفي منطقة غير مرسمة على الاطلاق'. وافادت برقية وجهها السفير البريطاني في الكويت آرشي لامب الى الخارجية البريطانية ان احدا من كبار المسؤولين في شركة نفط الكويت او احدا من الوزراء لم يعط جوابا عن اسئلة للديبلوماسيين البريطانيين لمعرفة من وجه امرا لعمال في شركة النفط للتنقيب في هذه المنطقة الحساسة او ما اذا كان لخبراء نفطيين اميركيين دور في اثارة المشكلة كما يقول الجانب العراقي!
وعثرت 'القبس' في الوثائق التي افرج عنها الارشيف الوطني البريطاني نهاية العام الماضي على مذكرة سرية، من 15 صفحة و42 بندا، حملت تاريخ 6 فبراير 1969 صادرة عن مركز البحوث في دائرة الشرق الاوسط بوزارة الخارجية البريطانية وتحمل عبارة 'سري جدا' والرمز 'ال آر 6/31' وعنوان 'العلاقات بين الكويت والعراق'.
توتر دائم
تبدأ المذكرة بالاشارة الى ان العلاقات بين الكويت والعراق، قبل استقلال الكويت او بعده كانت دائما متوترة ولسبب رئيسي ان العراق يعتبر الكويت جزءا من اراضيه وان بريطانيا سلختها عنه بسبب النفط.
ويقدم العراق حجة ان الكويت كانت دائما اثناء الحكم العثماني جزءا من ولاية البصرة وانه بعد انتهاء العصر العثماني اصبح العراق والسلطة في بغداد مسؤولين عن ولاية البصرة والاراضي التابعة لها.
اعتراف نوري السعيد
ولاحظت المذكرة ان اتفاقا انكليزيا - تركيا يعود الى العام 1913 حدد الحكم الذاتي للكويت داخل الامبراطورية العثمانية. وتم تأكيد هذا الاتفاق خلال اقتسام اراضي العثمانيين بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى العام 1918 وعند وضع الاتفاق الانكليزي - العراقي الذي حدد العلاقات بين لندن وبغداد وفق شرعة عصبة الامم. ووجه نوري السعيد رسالة في العام 1932 اعترف فيها بالحدود بين الكويت والعراق.
وكانت المشكلة تنشأ بين فترة واخرى اخطرها حدث في العام 1961 ولم تهدأ الامور نسبيا الا العام 1963 عندما اعترفت الحكومة العراقية بسيادة الكويت واستقلالها.
ومع ان الحكومات العراقية المتعاقبة ابقت مطالبتها بالكويت لكن المشكلة الاساسية للحكومات الكويتية كانت ترسيم الحدود.
وكان لكثافة اكتشاف النفط في الكويت تأثير كبير في العلاقات مع العراق التي رأت حكومته ان من الافضل 'استخدام مردود النفط الكويتي في تنمية الدول الفقيرة بدلا من استثماره في الغرب واستغلاله في تنمية العراق'!
ولم تأحذ الحكومات العربية في الاعتبار ما تقدمه الكويت من مساعدات للدول العربية وفي المشاريع الحيوية في اكثر من قطر، كما جاء في المذكرة.
التجارة عبر البصرة
وكانت المطالبة العراقية بالكويت اقتصادية واستراتيجية معا خصوصا بعدما ادى ترسيم الحدود العام 1932 الى حرمان العراق من مرفأ عميق مطل على الخليج. ولم يكن المرفآن في البصرة والفاو يكفيان لصادرات النفط العراقية ولا لوارداته، ولم تكن لهما القيمة الكبيرة، في حين كان الاستخدام الامثل لميناء البصرة يعتمد على العلاقات الجيدة بين العراق وايران. وكان على العراق تطوير ميناء ام قصر لكن المشكلة نشأت من رفض بريطانيا ثم الكويت لاحقا السماح للعراق بذلك لان الامر يتطلب تخلي الكويت عن اراض لها في المنطقة.
ورفضت الكويت مرارا تأجير الاراضي اللازمة للعراق او بيعها له لمصلحة تطوير ميناء ام قصر لخدمة الاقتصاد العراقي.
وفي البند الرابع تحدثت المذكرة عن التفكير البريطاني بان الكويت يجب ان تكون الباب التجاري للعراق المطل على الخليج.
وذكر الكاتب بان البصرة وقعت في ايدي الفرس عام 1776 مما هدد طرق التجارة البريطانية في تلك الفترة (...) واستدعى تحويل التجارة الى الكويت واعطاها اهمية كبرى وعندما استرد العثمانيون البصرة ابقي جزء كبير من الحركة التجارية في الكويت.
وتزعم المذكرة على ان رخاء الكويت وازدهارها نتج على حساب العراق وتقدم اقتصاده.
ولاحظت المذكرة ان ميناء ام قصر هو الوحيد القادر على خدمة التجارة العراقية، وبعيدا عن قانونية او صحة المبدأ، حاول العراقيون مرارا استئجار الاراضي الكويتية التي تتحكم بالميناء ليتمكن العراق من تطوير ام قصر لكن الكويت كانت ترفض دائما في وقت كانت الاطماع العراقية ظاهرة بالثروة النفطية الكويتية.
العلاقات الكويتية - العراقية قبل الانقلاب في بغداد
لم تكن العلاقات الكويتية - العراقية جيدة جدا قبل انقلاب 1958 في بغداد خصوصا ان الجانب الكويتي لم يفعل شيئا لوقف حركة التهريب (التجارة) عبر الحدود او لتأمين حركة التجارة الى ام قصر.
وكان اعتراف العراق في عهد نوري السعيد باستقلال الكويت وحدودها تم للسماح للعراق بالانضمام الى الجامعة العربية.
وتبادل نوري السعيد مع حاكم الكويت رسالتين بتاريخ 21 يوليو 1932 و10 اغسطس 1932 رسائل عن ترسيم الحدود وكان البريطانيون يفسرون هذه الرسائل وفق ما يريدون.
محاولات عام 1956
وفي عام 1956 وبناء على طلب كويتي لترسيم الحدود، طلبت الحكومة العراقية تعديل خط الحدود مما يعطي بغداد السيادة على جزيرة وربة وشريط طويل من الاراضي يؤمن ميناء ام قصر والطريق البحرية اليه 'لان التسهيلات البحرية في البصرة والفاو غير كافية'.
ومقابل تفسير بغداد الطلب بانه 'تجاري واقتصادي بحت' نظرت الكويت اليه ب"ريبة وشك بانه محاولة لضم الكويت" ورفضت الطلب على رغم عرض العراق استئجار الشريط البحري الى ام قصر مقابل تأجير شريط حدودي يسمح للكويت بجر مياه شط العرب اليها.
وفي البند السابع من المذكرة اشارة الى ان حكام الكويت استمعوا الى النصائح بعدم قبول وضع امداداتهم المائية تحت سلطة اجنبية.
وقاد الشيخ فهد الصباح، مجموعة من التجار لمعارضة اي اتجاه لقبول الطلب العراقي، خصوصا ان تطوير ام قصر قد يؤدي الى خسارة تجار الكويت حصة من حركة التجارة.
وسارع حاكم الكويت، بناء على قرار مجلس العائلة وبتحريض من التجار، الى رفض ربط مشروع مد المياه بتطوير ميناء ام قصر.
لكن المذكرة اشارت الى ان مخاوف التجار لم تكن مبررة لان حركة التجارة بين المتوسط ودول الخليج عبر الكويت، كما كانتا قبل الحرب العالمية الثانية، لم تعد ملموسة لكن يبدو ان التجار استمعوا الى نصائح خارجية بعدم الامتثال للرغبة العراقية تحسبا من ازدياد قوة بغداد العسكرية التي ستحاول لاحقا السيطرة على الكويت.
ويبدو ان موقف الحكومة الكويتية تأثر ايضا بموقف مصر التي كانت ترى ان اي تقارب كويتي عراقي سيكون على حسابها.
تصدير النفط العراقي من الأحمدي
في الوقت نفسه كانت الحكومة العراقية تدرس مشروعا لمد خط انابيب من حقول البصرة لتصدير النفط عبر ميناء الاحمدي. وتم ربط المشروع بخط المياه من شط العرب لكن الحكومة الكويتية، بتشجيع من الحكومة البريطانية، تمسكت بترسيم الحدود قبل قبول اي مشاريع مشتركة.
ولم تنجح محاولات جرت في عام 1957 للاسباب نفسها كما لم تقبل بغداد ترسيم الحدود الا اذا قبلت الكويت شروطها.