محمد الصباح: الكويت تدعم بيروت سياسياً وليس مالياً في مؤتمر «باريس 3»

أحمد النوبي ووفاء قنصور ووكالات

أكدت الكويت مساندتها القوية للبنان ليعود الاستقرار إليه، مشيرة إلى أن دعمها في مؤتمر "باريسـ3" غداً "سياسياً"، في حين شل الاضراب لبنان امس وسقط جرحى أثناء حركة المعارضة أمس التي دعت إلى "تدخل الجيش" لتهدئة أوضاع وصفت بأنها "محاولة انقلابية وارهاب مباشر"، رغم دعوات الطرف الآخر الى "خطوات تصعيدية جديدة".
وذكر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح ان "دعم الكويت للبنان في مؤتمر باريس 3 غداً سيكون سياسياً فقط وليس مادياً"، مؤكداً ان "وزير المالية بدر الحميضي سيمثل الكويت في المؤتمر".
وذكر ان "الكويت بادرت ومنذ بداية الحرب الى ايداع 500 مليون دولار لتحقيق الاستقرار في لبنان و300 مليون دولار كمنحة وهو مشروع قانون نتمنى على مجلس الأمة اقراره".
وتابع الشيخ محمد الصباح في مؤتمر صحافي امس عقده مع نظيره السنغالي: "يهمنا استقرار لبنان".
من جهة أخرى، دخل لبنان أمس مرحلة جديدة من التصعيد بين الحكومة الشرعية والمعارضة حيث بدأ مناصرو المعارضة اضراباً عاماً اغلقوا خلاله العديد من الطرق الرئيسية وقتل ثلاثة أشخاص من أنصار الأكثرية بينهم واحد في البترون والآخران في طرابلس وأصيب نحو 133 آخرون في صدامات بين انصار المعارضة وآخرين من انصار الاكثرية بمواجهات وبإطلاق نار.
واعتبر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ان المواجهات تجاوزت كل الحدود واكد انه سيقف بحزم في مواجهة "الترهيب" الذي تنفذه المعارضة، مضيفاً ان الاحتجاج عن طريق الشعب والتهديد بمواصلة التصعيد هو اعتداء على أمن المواطنين.
وناشد السنيورة في مؤتمر صحافي عقده من السراي الحكومي مساء أمس انصار المعارضة "الى التبصر لمصلحة الوطن وامعان النظر فيما يجري في المنطقة حول لبنان من مخاطر كبيرة على الاستقرار الداخلي" مؤكدا ان السلطة لن تساوم على "السلم الاهلي واحترام القانون".
واشار الى ان "يد الحكومة ممدودة لشركائها في الوطن وصولا الى اتفاق حول المسائل الخلافية وصولا الى تجديد الثقة وبناء الوحدة الوطنية الحقيقية" مؤكدا ان الحكومة "لم تتأخر يوما من الاستماع لرأي الاخر مهما علت نبرته من اجل انهاء الازمة الخطيرة التي تعصف بالبلاد".
واكد تجاوب الحكومة مع المبادرات ولاسيما العربية لحل الخلاف السياسي المتفاقم مشددا على ضرورة نقل الصراعات من الشارع الى المؤسسات السياسية الشرعية وفي مقدمتها مجلس النواب.
ودعا في هذا الصدد الى اصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية فورا ودعوة النواب للاجتماع لممارسة دورهم من اجل انقاذ لبنان.
وطالب اللبنانيين بـ "الحفاظ على العيش المشترك والسلم الاهلي ووحدة لبنان واستقراره ونظامه الديمقراطي" محذرا من "التفكك وتفاقم احتمالات توسع العنف".
كما طالبهم بالاستفادة من الدعم الذي يوفره اصدقاء لبنان في الايام المقبلة في اشارة الى المؤتمر العربي والدولي لدعم لبنان (باريس 3) المقرر عقده في العاصمة الفرنسية الخميس المقبل.
وشل الإضراب العام الذي دعا إليه قادة المعارضة الحركة في لبنان حيث عمد بعض المتظاهرين الى اغلاق الطرق بأجسادهم وشوهدت سحب سوداء كثيفة في طريق المطار جراء احراق اطارات، وقد نفذ الجيش اللبناني انتشاراً كثيفاً لعناصره وآلياته فيما عززت قوى الأمن الداخلي وجودها في انحاء البلاد، واحرق المتظاهرون اطارات والقوا تراباً وحجارة وسط الطرق في بيروت وخاصة في الاشرفية والحمراء وفي المتن وجبيل وحالات، والطرق الرئيسية في الشمال، وقالت مصادر امنية ان الجيش تمكن من تفريق المتظاهرين من مناصري "المعارضة والموالاة"، في بيروت والبقاع واعاد فتح الطريق الساحلية بين بيروت وطرابلس في الاتجاهين امام السيارات والمارة في مناطق نهر الموت ونفق نهر الكلب وقالت المصادر الأمنية ان مواجهات بالحجارة وقعت في ساحة شتورا في البقاع الأوسط بين مناصري تيار المستقبل الذي يرأسه النائب سعد الحريري وآخرين من قوى المعارضة ادى الى سقوط عدد من الجرحى قبل أن يتدخل الجيش للفصل بين الطرفين واعادة فتح طريق شتورا ـ تعنايل، وأطلق الجيش أعيرة النار الكثيفة في الهواء لتفريق متظاهرين من الطرفين في كورنيش المزرعة، وقد ادت المواجهات الى اصابة العشرات في حصيلة اولية في اطلاق نار بين الفريقين.
وأفاد مصدر في التيار الوطني الحر الذي يتزعمه ميشيل عون عن اصابة خمسة اشخاص بجروح باطلاق رصاص عليهم في منطقتي جبيل والكورة وبين هؤلاء اربعة من تيار عون والآخر من تيار المردة الذي يتزعمه سليمان فرنجية، وقالت المصادر الأمنية ان ستة اشخاص جرحوا احدهم اصابته حرجة في تبادل لاطلاق النار في بلدة حلبا المسيحية في الشمال، وتحدثت المصادر عن مقتل شخص في اشتباك لكنها افادت لاحقا ان الرجل لا يزال حيا لكن اصابته بالغة. واصيب متظاهران في اطلاق نار في البترون كما اصيب 15 على الاقل في عراك في اماكن مسيحية اخرى.
وتصاعدت أعمدة الدخان من الاطارات المحترقة فوق بيروت مكونة سحابة خيمت على المدينة، وطاف على دراجات نارية منظمون من حزب الله يغطون وجوههم بأقنعة سوداء ويضعون اجهزة لاسلكي على افواههم، وقال احدهم "هذه الحكومة لا تفهم الا القوة.. واليوم درس صغير وسنبقى هنا حتى ننال مطالبنا".
ووصف احد زعماء المسيحيين الاحتجاجات التي شارك بها الالاف بأنها محاولة انقلاب.
وقال مسؤولون ان رئيس الوزراء فؤاد السنيورة الذي كان مقررا ان يغادر الى باريس أمس للمشاركة في مؤتمر باريس 3 الخاص بدعم اقتصادي للبنان المقرر عقده غداً كان يتابع الاحداث من مكتبه في وسط بيروت، لكن المسؤولين لم يعلنوا ما اذا كان سيسافر .. وكيف يسافر في حال استمرار اغلاق طريق المطار. وقد علقت عدة شركات طيران عربية وأجنبية رحلاتها الى بيروت. وكان المطار مفتوحاً امس رغم الاضراب لكن مصادر بالمطار قالت ا نه لم يحضر سوى عدد قليل من العمالة وان الركاب لم يتمكنوا من الوصول اليه.
واقفلت معظم المحال التجارية والمدارس والمكاتب في بيروت وانتقد رموز مؤيدون للحكومة المظاهرات وقال الزعيم المسيحي سمير جعجع في تصريحات لقناة "الجزيرة" "ما يحصل ثورة ومحاولة انقلاب.. وهذا ارهاب مباشر لشل البلاد".
ومن ناحيته قال الزعيم المعارض سليمان فرنجيه لتلفزيون المنار "تحركنا كل يوم سيتصاعد وكل يوم بوتيرة معينة وطالما انهم لن يستمعوا إلينا فلن ندعهم يرتاحوا".
واعلن النائب ميشيل عون عن رضاه عن سير الاضراب وقال "ان قادة المعارضة يجرون اتصالات بهدف الاعلان عن خطوات تصعيدية جديدة"، وقال مسؤول بارز في المعارضة "إن قوى المعارضة ستوقف الاحتجاجات".
وقال ان المعارضة أنهت الاضراب والأعمال الاحتجاجية وبدأ العمل في إزالة الحواجز من الطرق بما فيها طريق المطار.. وقالت المصادر ان المعارضة اتخذت هذا القرار بعد تقييم ما جرى، لكنها وعدت الحكومة بتحركات أصعب إذا لم تستجب لمطالبها.
على صعيد آخر، ألغت الخطوط الجويةالكويتية رحلتها الى بيروت والتي كان من المقرر ان تغادر الكويت، في الرابعة والنصف من عصر اليوم (أمس).
وقال مدير دائرة الاعلام والعلاقات العامة في المؤسسة عادل بورسلي في اتصال هاتفي مع "الوطن" ان "الكويتية" أبلغت الركاب الغاء ا لرحلة منذ اول من امس.
مشيراً الى ان "قرار الإلغاء جاء تحسباً للأوضاع الامنية المضطربة في العاصمة بيروت وحفاظا على ركاب المؤسسة".
من جانبه قال مدير مكتب الخطوط الجوية الكويتية في بيروت لـ "كونا" ان "إلغاء الرحلة لعدم تمكن ا لركاب من الوصول الى مبنى مطار رفيق الحريري الدولي بسبب قطع المتظاهرين الطرقات المؤدية الى المطار بشكل كامل".
وفي سياق متصل ألغت شركة طيران الشرق الاوسط "ميدل ايست" رحلتها التي كان من المقرر ان تصل الى الكويت مساء اليوم (أمس) لتغادر ظهر اليوم (الاربعاء).
وفي القاهرة حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى امس كافة الأطراف السياسية اللبنانية من الانزلاق نحو المواجهة التى سيكون لها أضرار بالغة على لبنان ودعاها لتحمل مسؤولياتها الوطنية.
كما حذر موسى فى بيان صدر عن جامعة الدول العربية من خطورة المرحلة التى يمر بها لبنان داعيا جميع الأطراف الى التوقف عن أعمال التصعيد حتى يمكن التوصل الى حل للخروج من المأزق الحالى.
وأعلن المتحدث الرسمي الروسي ميخائيل كامينين قلق بلاده لتصاعد التوتر في لبنان وأنها تحث جميع اللبنانيين على ضبط النفس وتجنيب البلاد ويلات المجابهة والحرب الاهلية.
وفي بيان نشر على موقع وزارة الخارجية الروسية في شبكة الانترنت قال كامينين ان توتر الوضع في لبنان يثير القلق لا سيما وانه يجري على ابواب انعقاد المؤتمر الدولي الذي من شأنه ان يقدم الدعم في اعادة بناء القاعدة الاقتصادية والاجتماعية هناك وتجديد التأكيد على استقلال لبنان ووحدة اراضيه وسلامته.
وفي باريس أعلن الاليزيه في بيان امس أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك سيستقبل اليوم الاربعاء رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، للتحضير للمؤتمر الدولي حول لبنان "باريس 3"المقرر افتتاحه بعد غد الخميس في باريس.
وقال البيان ان المؤتمر يشكل فرصة كبيرة للبنان لالغاء جانب من مديونيتها التي وصلت الى 41 مليار دولار ولتجنب أزمة مالية خطيرة.