بوش والمالكي: بين الضعيف والأضعف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخميس 25 يناير 2007
د.عبدالله خليفة الشايجي
إن الحكومة العراقية اساءت التعامل مع اعدام صدام حسين لتنفيذه و كأنه قتل ثأري .. ان اعدام صدام بهذه الطريقة عزز الشكوك في اذهان الشعب الامريكي حول جدية حكومة المالكي وحكومة الوحدة الوطنية مما يصعب علي اقناع الامريكيين بان هذه وحدة البلاد والمضي قدما. عدم نضج حكومة المالكي يصعب مهمتنا في العراق". الرئيس الامريكي جورج بوش 2007/1/17.
"ان حكومة المالكي ضعيفة وتعيش ايامها الاخيرة" كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية في مداخلة لجنة الشؤون الامريكية 2007/1/12.
"ادرك ان الادارة الامريكية في مأزق كبير منذ هزيمة الجمهوريين بالانتخابات. ولم اشعر يوما بضعف جورج بوش مثلما اشعر به الآن. يخيل اليَّ انهم هم في واشنطن الذين شارفوا على النهاية وليس نحن. ان بوش يرزح تحت عبء الضغوط الداخلية وربما فقد السيطرة على الوضع". نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي في مقابلة مع صحيفة كورييري ديلا سيرا الايطالية 2007/1/18.
"ان اجهزة المخابرات الامريكية والاسرائيلية تلعب دورا رئيسيا في زعزعة الامن في العراق من خلال بث الخلافات وتحريض العناصر المتطرفة.. ان القوى الاستكبارية تحاول اثارة الفتنة في العراق وافغانستان وباكستان ولبنان وان الذين يحاولون اذكاء النعرات الطائفية ليسوا من الشيعة والسنة". مرشد الثورة الايرانية آية الله خامئني 2007/1/15.
على خلفية تحذيرات العلماء بنهاية اقرب للعالم بسبب الاحتباس الحراري، يشهد المسرح الخليجي المزيد من التصعيد والاحتقان. والسبب هو تباين المواقف وزيادة التوتر والتصعيد بسبب اللاعبين المؤثرين في المنطقة من امريكا الى ايران والمسرح العراقي الذي يبقى البيئة والمكان للتنافس والمواجهة فيما يتحول العراق سريعا الى ارض تقتل ابناءها على خطوط وتضاريس طائفية ومذهبية تهدد بتفجير المنطقة على نفس تلك الخطوط البغيضة.
عندما كتبت في المقالة قبل الاخيرة عن ان الطريقة التي اعدم بها صدام وانفصال رأس برزان اثناء اعدامه سيوسع الشرخ الطائفي بين السنة والشيعة في العراق وتساءل الزميل نبيل الفضل كيف يقع ذلك؟ وانا احيله الى كلام الرئيس بوش ومرشد الثورة في ايران في بداية المقالة، كما احيله هنا الى تحليل صحيفة النيويورك تايمز في عدد 16 يناير الذي حمل عنوان اعدام آخر خاطئ في العراق. وفيه تؤكد "ان صدام حسين القاتل الجماعي باعين الكثير من العراقيين تحول الى شخصية تم التعاطف مع اعدامه. فيما تحول اعدام صدام حسين في العالم العربي الى شخصية تجسد الكرامة والشجاعة. وللأسف ان يتم تحول شخصية الطاغية بسبب تلك الأخطاء التي لم تكن لتحدث الى بطل وشجاع وشهيد. وهذا تدليل على ان حكومة المالكي التي ليس بمقدرتها حتى التحكم بغرفة الاعدام فكيف ستنجح فيما يطلب منها بتأمين بغداد وإحلال الأمن والاستقرار في العراق.
ولا يخفى على الأخ نبيل والكثيرين كيف تم استغلال الاعدام والذي اعترف حتى المالكي بالأخطاء فيه من قبل من يريد ان يسعر نيران الفتنة والطائفية ولمن يريد ان ينفخ في فكرة المؤامرة واستهداف السنة من قبل حكومة طائفية موالية لايران. مع نظر السنة في العراق الى ان استراتيجية بوش الجديدة في العراق موجهة بالدرجة الأولى ضدهم وكذلك ترى الكتلة الصدرية بأنها مستهدفة لتصفية وجود جيش المهدي كميليشيات مسلحة. وكما تساءلت في المقالة الماضية هل سيذهب المالكي الضعيف والمتهم بالطائفية لمواجهة حليفه والسبب الرئيسي لوصوله لمنصبه كرئيس للوزراء. ما تناقلته وكالات الأنباء خلال اليومين الماضيين عن اعتقال القوات العراقية لـ 400 من جيش المهدي. والسؤال هل هذا بداية مواجهة داخلية بين الحلفاء أم هو مسرحية معدة لإرسال رسالة عن جدية الحكومة قبل ان تتراجع أو يستقيل المالكي أو يتراجع جيش المهدي ويختفي من الشوارع.
لا يمكن ان يفهم السجال المتصاعد بين ادارة بوش وحكومة المالكي حول القدرات والكفاءة والنضج ومن الأقوى ومن الأضعف سوى من خلال نظرة كل طرف للآخر.
فالرئيس بوش ومنذ ظهور نتائج انتخابات الكونغرس في نوفمبر الماضي وخسارة حزبه للأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب والسبب العراق وهو يبدو محاصرا ومتعبا. ومع اعترافه بعدم النجاح في العراق وحاجته لاستراتيجية جديدة أعلنها الاسبوع الماضي واستئساد الديموقراطيين لمحاصرته وتضييق الخناق عليه عبر تقديم مشروعي قانون الأول يقيد يده كقائد أعلى للقوات المسلحة في ارسال المزيد من القوات الى العراق. واللافت ان أحد مقدمي مشروع القرار هو سيناتور جمهوري من حزب الرئيس ومرشح للرئاسة. اما المشروع الآخر فهو يمنع ادارة الرئيس بوش من القيام بعمل عسكري ضد ايران دون الحصول على موافقة الكونغرس أولا.
ما توحيه هذه التطورات داخل أمريكا لمن يعنيهم الأمر في الخارج ان أمريكا فقدت هيبتها وهذا ما يقوله أحد أبرز الاستراتيجيين الأمريكيين ريتشارد هاس عن تراجع الهيبة الأمريكية في "الشرق الأوسط الجديد" وتنامي الدور الايراني والاسرائيلي كما يراه هاس. وما يزيد من نظرة العالم الخارجي لأمريكا وخاصة من دول التشدد في المنطقة بتراجع هيبتها هو الخلافات الداخلية وما يرونه من تكبيل بوش من كونغرس يسيطر عليه الديموقراطيون. يضاف لذلك الفشل والتعثر في العراق. وعدم قدرة واشنطن على انهاء ما تبدأه أمريكا. وهي التي بدأت حربا على الارهاب قبل 5 أعوام ولم تنهها. ثم شنت حربا على أفغانستان ولم تنهها، لا بل وطبقا للاحصائيات الأخيرة زادت عمليات طالبان العام الماضي %400 مع مطالبة وزير الدفاع الأمريكي الجديد غيتس بزيادة عدد القوات الأمريكية حتى في أفغانستان. ثم هناك حرب العراق التي بدأتها أمريكا قبل أربعة أعوام وما زالت مستمرة بلا هوادة مع تقديم أكثر من ثلاث خطط عسكرية اثبتت فشلها في السيطرة وتأمين حتى بغداد.
كما هو واضح، لقد بتنا عندما نتحدث عن بوش والمالكي فيما يعرف في المصطلح السياسي الأمريكي "LAME DUCK" البطة العرجاء. وكأننا نتحث عن الضعيف والأضعف. والسؤال أيهما الضعيف وأيهما الأضعف؟