جريدة الجرائد

الفارس الرابع

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


سمير عطا الله

أعطى شارل ديغول انطباعاً للعالم بأنه لا يبتسم ولا يمازح احداً. وكان الانطباع خاطئاً. فما ان كان يخرج من جناح العمل الى جناح العائلة في قصر الاليزيه، حتى يتحول الى انسان آخر. ومرة سمع احفاده يقولون في الحديقة: "كم نتمنى ان يأتي لكنه سيمنعنا من اللهو". فتظاهر بأنه لم يسمع. واتجه الى غرفتهم وراح يقص عليهم الحكايات الضاحكة.

ذات مرة جاءت الممثلة بريجيت باردو الى احدى حفلات الاستقبال في الاليزيه، وهي ترتدي "بيجاما" وعليها شرائط عسكرية. فالتفت الى اندريه مالرو الواقف جنبه وقال: "يا للبخت: جندي آخر". ثم صافحها قائلاً: "يا للحظ يا سيدتي. انت في البزة العسكرية وانا في الثياب المدنية".

ومرة اخرى، اندفعت الجماهير تصافحه، وهو لا يضع نظارتيه. فصافح احدهم وهو يقول: "مرحبا يا حضرة الكاهن". فرد الرجل قائلاً: "سيدي. لست كاهناً. انا الضابط المرافق". فقال على الفور: "حسناً. مرحباً ايها الضابط المرافق". وقيل له يوماً ان النساء في بلاد النيجر يطلقن على بعضهن لقب "تانت ايفون" على اسم زوجته، فقال: "غريب. مع أن الكنار انشينيه لا توزع هناك".

كان يكره القطط. لكنه تركها تسرح في بيته الريفي من اجل احفاده ورفاقهم ايام العطل. وعندما سأله مالرو عن علاقته بالقطط، قال: "اصبحت لا تخافني". وكان عندما يخرج في نزهة يلتقي جاراته ويحدثهن. وكانت النسوة يعتقدن انه سوف يتحدث عن مصير فرنسا وسياسات البلاد، لكنه كان يسأل عن اخبار ابنائهن او عن رأيهن في آخر فيلم حضرن. وفي منزله الريفي، كان يأتي الجيران الى السهرة ويحرص طوال المساء على الحديث عن الاشياء العابرة وأخبار المجتمع السخيفة والمسلية، او في رواية النكات التي تحكى عنه وعن زوجته في فرنسا.

معروف ان فرنسا منبهرة برواية "الفرسان الثلاثة" التي حولت إلى فيلم سينمائي مرات عديدة. والحقيقة ان البطل الاول في رواية الكسندر دوماس هو الفارس الرابع، المعروف باسم دارتانيان. وذات مرة قرر ديغول ان يفسد العشاء على ضيوفه المأخوذين بالتاريخ الفرنسي، فقال لهم بعد القيام الى القهوة: هل تعرفون من هو شارل دو باتز؟ فلم يعرفوا الجواب. فقال: انه دار تانيان. وقد تلقينا في دائرة المحفوظات قبل سنين الرسالة الاصلية التي بعث بها النقيب في البحرية شارل دو باتز الى الملك يشكره فيها على ماذا؟ على انه سماه نقيبا على كلابه الصغيرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف