التهميش الشرارة الدائمة لإشعال الحرب الأهلية في السودان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخرطوم - الحاج الموز
لعب التهميش وعدم التوزيع العادل للثروة دورا أساسيا في إشعال الحرب الأهلية في السودان التي مازال لهيبها متقداً، على الرغم من توقيع اتفاق نيفاشا مع الجنوبيين قبل عامين، ويخشى العديد من امتداد الحرب إلى مناطق أخرى غير إقليم دارفور، بل إن أبناء أقاليم مثل كردفان ldquo;وسط السودانrdquo; بدأوا يعلنون صراحة رغبتهم في الحصول على قسمة عادلة من الثروة والسلطة، ويقف سكان الشمال الجغرافي عموما وسكان ولاية نهر النيل خصوصا في وجه المدفع، باعتبار أن معظم قيادات الحكومات المختلفة التي تشكلت منذ مجيء الرئيس عمر البشير للسلطة في 1989 معظمهم من أبناء هذا الإقليم، بل نجد الآن صراحة أن عدداً لا بأس به من القيادات على مستوى الدولة هم من ولاية نهر النيل التي يعاني أهلها تهميشا فظيعا، وأصبح الناس يتساءلون عما تم تحقيقه للولاية ولسكانها وحتى حيواناتها، حيث يموت الإنسان والحيوان بفعل الأمراض التي تضرب الولاية، بسبب عدم وجود الخدمات على الإطلاق في ريفها، ونقصه في المدن الرئيسية مثل عطبرة والدامر وشندي وأبو حمد، بالرغم من تبوؤ أبنائها أعلى مراتب الحكم.
زارت ldquo;الخليجrdquo; محافظة أبو حمد منطقة مروي، والتقت عدداً من الاهالي بادروا ببث شكواهم، وقالوا إن الحال يغني عن السؤال، وإن على مندوب الصحيفة الوقوف وحده على مدى ما يعانونه، ولاحظنا عدم توفر الماء النظيف، حيث يشرب الناس في مروي ومعظم المناطق والبلدات التي تقع جوارها الماء من نهر النيل مباشرة من دون تنقيته وإزالة كميات الطمي منه، مما تسبب للعديد منهم بأمراض مثل الفشل الكلوي، ولا توجد كهرباء أو حتى شفخانة صغيرة لمداواة الناس من الأمراض البسيطة.
وقال عثمان مصطفى التوم وهو رئيس لجنة شعبية سابق في مروي لrdquo; الخليجrdquo; إن منظمات طوعية كانت تقوم في وقت سابق بتدريب الاهالي على كيفية استخدام الأدوية الأساسية التي يحتاجونها لعلاج الحالات المرضية العاجلة، وإن مبنى الشفخانة وهو ldquo;مركز صحي صغيرrdquo;، لم يغلق فحسب، وإنما انهار تماما ولا يوجد حتى مساعد طبي لعلاج المرضى، وأضاف أن الاهالي يستأجرون سيارات بعد عنت شديد لإرسال المرضى إلى منطقة أبو هشيم على بعد 10 كيلومترات أو الشريق على بعد 30 كيلومتر، أو مستشفى أبو حمد على بعد 65 كيلومترا شمال مروي.
وقال الطيب محمد، وهو معلم في المدرسة الوحيدة الموجودة، إن معاناة سكان المنطقة تفوق حد الوصف، وخصوصا فيما يتعلق بعملية التعليم، حيث يقوم بترحيل 120 تلميذا يوميا من الجزيرة مروي عن طريق المراكب إلى منطقة مروي لضمان استمرارهم في التعليم، وأضاف أنه على الرغم من ذلك تعاني المدرسة من عدم توفر المقاعد والأدراج بصورة معقولة لإجلاس التلاميذ. وأن أبناء الذين يحققون النجاح للمرحلة العليا يرسلهم أهلهم إلى مدارس داخلية في أبو هشيم والشريق، وأضاف أن هذه المعاناة التي يعيشها أهل مروي تطال معظم سكان محافظة أبو حمد، وأن المنطقة تعتمد أصلا لكسب العيش على الزراعة وتربية الحيوان، ولكن عدم اهتمام الحكومة بالسكان أصبح يعرضهم للأمراض، وتتعرض مواشيهم كذلك للأوبئة التي تقضي على معظمها.
وقال البحاري فتح الرحمن ل ldquo;الخليجrdquo; إن أهالي المنطقة أخذوا يغرقون في الديون التي تتكاثر عليهم، بسبب فشل المواسم الزراعية المختلفة وتساءل عن الإجراءات التي يمكن أن تتخذها البنوك حيال أناس لا يملكون شيئا، وأرجع البحاري فشل الزراعة إلى عدم معرفة المزارعين بالأساليب العلمية التي تتبع أو بسبب عدم جودة التربة.
وقال عزيز فتح الرحمن ل ldquo;الخليجrdquo; إن الاهالي قد ملوا من ذكر معاناتهم، بل إن بعض سبل كسب العيش المتاحة لهم في جوانب أخرى مثل التجارة، أصبحت تغلق أمامهم، بسبب تفضيل من يمارسون تجارة الحدود مع مصر تخليص بضائعهم في الولاية الشمالية، بدلا عن أبو حمد بسبب الأفضلية وارتفاع المكاسب التي سوف يحققونها، إذا ما ذهبوا إلى جمارك كريمة، إذ يمكنهم ذلك من توفير الملايين التي يخسرونها في أبو حمد.
وأوضح أن هذه المفاضلة دفعت بكميات كبيرة من سائقي الشاحنات والتجار إلى التوجه إلى كريمة بدلا عن أبو حمد، مما شكل معاناة جديدة للأهالي وتسبب في انخفاض دخلهم بشكل ملحوظ وإيجاد مشكلات جديدة لهم. وقال رئيس اللجنة الشعبية السابق في مروي عثمان التوم ل ldquo;الخليجrdquo; إنه سبق وطرح شكاوى ومعاناة الاهالي أمام المسؤولين في محلية الشريق، ولم يجد ذلك كله آذانا صاغية.