جريدة الجرائد

فستان سلف !!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

خالد البسام

غضبت أسرة الفنانة المصرية الشهيرة الراحلة‮ ''‬زينات صدقي‮'' ‬كثيراً‮ ‬من كاتبة قالت‮: ‬إن‮ '' ‬صدقي‮ ''‬المشهورة بخفة دمها استلفت فستاناً‮ ‬لتحضر به حفل تكريمها في‮ ‬أواخر أيام حياتها بالسبعينات ولم‮ ‬يكن في‮ ‬دولاب ملابسها فستان‮ ‬يليق بالحفل‮. ‬واعتبرت الأسرة هذا الكلام إهانة للفنانة الراحلة‮ !‬
شخصياً‮ ‬لا أجد في‮ ‬استلاف فنانة كبيرة ومؤثرة مثل‮ ''‬صدقي‮'' ‬ما‮ ‬يهينها أو‮ ‬يهين عائلتها‮. ‬فالمهين اليوم هو أن عندنا ممثلين جميلين وبهذا الرقي‮ ‬والمستوى الكبير مثلها ولا تجد حتى فستانا مقبولاً‮ ‬تلبسه في‮ ‬تكريمها الذي‮ ‬جاء كما أظن بالخطأ أو مع تكريم مجموعة من الفنانين ووضعت معهم بالمرة‮ !‬
فليست هناك إهانة للعباقرة والمبدعين والكتاب والفنانين‮ - ‬وأنا طبعاً‮ ‬لا أتحدث عن فناني‮ ‬هذه الأيام‮ - ‬أكثر من جعلهم‮ ‬يشعرون أن كل عطائهم ومواهبهم وأعمالهم الجميلة للناس طوال حياتهم تذهب بلا أي‮ ‬تقدير بل حتى ولو نوع من الاحترام‮.‬

الإهانات عندنا مع الأسف توزع على عباقرتنا ومبدعينا بلا حساب بل وبكميات هائلة‮. ‬فإذا لم‮ ‬يجد الفنان بدلة‮ ‬يلبسها فهذه إهانة‮ ''‬بسيطة‮''!‬
‮ ‬فكثيراً‮ ‬ما نسمع عن مبدعين‮ ‬يعيشون حياتهم على الكفاف،‮ ‬وعن‮ ‬مفكرين‮ ‬يبيعون كتب مكتبهم ليستطيعوا أكل لقمة العيش الكريمة وعدم الاضطرار إلى الشحاذة من الناس‮.‬
هناك اليوم مئات إن لم‮ ‬يكن آلاف من المبدعين العرب الذين‮ ‬يعيشون تحت خط الفقر مفضلين هذا الوضع المزري‮ ‬على كتابة قصائد نفاق حقيرة لسلطان جائر أو مقال مدح لوزير سخيف‮. ‬وهناك إهانات لا تعد ولا تحصى لجيوش العباقرة عندنا بمنع كتبهم ومنع ظهور بعضهم في‮ ‬التلفزيونات،‮ ‬واعتقال الآخرون ومنعهم من العمل ومن الكتابة إذا استطاعوا‮.‬

حتى التكريم والاحتفالات التي‮ ‬تطبل وتزمر لها الحكومات أحياناً‮ ‬عن تكريمها للمثقفين والأدباء والفنانين وغيرهم كثيرا ما تتحول إلى نوع آخر من الإهانات التي‮ ‬تزيد من الإهانات التي‮ ‬حصل عليها المبدع من بداية حياته وحتى نهايتها‮. ‬فبعد أكثر من ثلاثين عاماً‮ ‬من الإبداع مثلا‮ ‬يجرى تكريم أحدى الشخصيات بدرع تافهة لا‮ ‬يساوى قيمته أكثر من خمسة دنانير وشهادة بائسة وتسلم إلى ابنه بعد شبع الوالد المسكين موتاً‮ !‬

ولو كانت خفيفة الدم الشهيرة‮ ''‬زينات صدقي‮'' ‬حية حتى الآن فأنا على‮ ‬يقين بأنها لن تعتبر ذلك إهانة،‮ ‬بل سخرية أخرى من القدر الذي‮ ‬يحول أعظم الفنانين إلى أشخاص عاديين‮ ‬يستلفون فستاناً‮ ‬جميلا من‮ ''‬المكوجي‮''!‬

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف