كوندوليزا رايس: نجم في طور الأفول!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الايكونومست - تقرير خاص
قبل سنتين تقريباً، نشر ديك موريس، وهو مستشار سابق منبوذ للرئيس كلينتون كتاباً بعنوان "كوندي ضد هيلاري: السباق الرئاسي التالي الكبير"، والذي حاجج في ان كوندوليزا رايس هي الشخص الوحيد الذي يستطيع انقاذ اميركا من عودة الكلينتونية. ومنذ ذلك الحين، مضت السيدة كلينتون من قوة الى قوة، وهي تعد العدة للاعلان عن ترشيح نفسها للرئاسة في اي يوم اعتبارا من الآن، بينما اتخذت رايس خطا انحداريا متصلاً.
أمضت وزيرة الخارجية الاميركية اياما في جولة شرق اوسطية أخيرة قبل التوقف في المانيا وبريطانيا. وكان الهدف هو تشجيع العرب المعتدلين على الوقوف مع اميركا لاضفاء الاستقرار على العراق والشرق الاوسط الكبير. والطعم الذي قدمته هو وعد للعالم العربي بأنها ستضع المزيد من الضعط الاميركي خلف إقامة دولة فلسطينية. وكلها اهداف جديرة. لكن القليل من الناس يعتقدون بأن كوندي تستطيع ان تحدث الكثير من الفرق.
كانت السيدة رايس قد غادرت الولايات المتحدة وفي اذنها توبيخ. حيث تعرضت للهجوم في الحادي عشر من كانون الثاني - يناير الحالي من قبل لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ بسبب اخفاقات الادارة الاميركية في العراق. وربما يكون النقد من الديمقراطيين الصاعدين حديثا امرا متوقعا، لكنها تلقت اكثر من هذا النقد من زملائها الجمهوريين، حيث قال تشك هاغل ان الخطة الجديدة للادارة في العراق قد تكون "اخطر حماقة في السياسة الخارجية في هذه البلاد منذ فيتنام".
وفي الغضون، حافظت وزيرة الخارجية الاميركية على رباطة جأشها المعهودة طيلة الاستجواب، حتى عندما اشارت باربارة بوكسر بمكر الى انه ليس لرايس ابناء قد يقتلون في العراق (الآنسة رايس غير متزوجة وهي بلا اطفال). لكن النقد ينطوي على ايصال نقطة مؤداها: ان رايس التي كانت مستشارة للأمن القومي في فترة الرئاسة الاولى لجورج بوش، تتحمل نفس القسط من المسؤولية عن حالة الفوضى في العراق مثل السيد بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد.
فبصماتها موجودة على بعض أفدح الاخطاء التي ارتكبت في فترة الرئاسة الاولى لبوش. وقد كانت قد ادعت، على سبيل المثال، بان البيت الابيض لم يكن على علم بشكوك المخابرات الاميركية - السي آي ايه - حول ما اذا كان صدام حسين قد حاول شراء يورانيوم الكعكة الصفراء من النيجر على الرغم من ان مكتبها كان قد تلقى مذكرتين حول الموضوع، بالاضافة الى اتصال من مدير السي. اي. ايه. لكن استحقاقها اللوم يظل أعمق من ذلك بكثير. فعندما ادارت رايس مجلس الامن القومي، كان يعاني من اختلال وظيفي بطريقة مزرية، وممزقا شر تمزق بسبب النزاعات بين الصقور (السيد تشيني والسيد رامسفيلد) وبين الحمائم (وزير الخارجية في حينه كولن باول ونائبه ريتشارد ارميتاج).
ربما كان التعامل مع خلاف بين وحوش سياسية كبيرة شيئاً كثيرا جدا على اي شخص، ناهيك عن قادمة جديدة لا تتمتع بالخبرة. هذا في الوقت الذي يتحمل فيه السيد بوش كامل المسؤولية عن تصرفات ادارته. ومع ذلك، فان رايس امضت وقتا اكثر مع رئيسها من اي شخص آخر، حيث كانت تصوغ إيجازاته اليومية، وتمضي عطلات نهاية الاسبوع مع عائلته. وكان بإمكانها ان تفعل اكثر لحمله على الاستماع الى تحذيرات السيد باول الذي كان ميالا بشكل مزاجي الى تجاهلها. كما كان باستطاعتها ان تفعل الاكثر فيما يتعلق بالتحضير لمرحلة عراق ما بعد صدام.
وفي الاثناء,، حظيت رايس بفرصة لاحياء سمعتها عندما تولت منصب وزيرة الخارجية في ولاية بوش الرئاسية الثانية. وكان بوش قد اشار الى انه يرمي الى انتهاج طريقة سياسية خارجية مختلفة عن الاولى، والتي شخصها ارميتاج ذات مرة بانها "انظر أيها الأبله.. أنت تفعل ما نريده نحن". وقد حلمت رايس بتعزيز تصاعد قوة أميركا القاسية مع تصاعد قوتها الناعمة، فجلبت لخدمة مهمتها موارد قيمة: علاقات وثيقة مع الرئيس، ميل نحو التعددية، ومجموعة من النواب الراغبين في الوصول الى الامم المتحدة، وايضا ولبرهة، صحافة معجبة. لكن فقاعتها انفجرت بفعل غزو اسرائيل للبنان. حيث بدأت الادارة بمحاولة منح اسرائيل الوقت الذي احتاجته لتدمير حزب الله. واعلنت رايس ان العالم كان يشهد "مخاض ولادة شرق اوسط جديد". وكانت تلك السياسة كارثة، واضطرت اميركا في نهاية المطاف إلى التوسط لإبرام صفقة أبقت حزب الله كما هو، بل وجعلته منتصراً. وقد استمرت كلمات رايس في الاستحواذ عليها خلال جولتها الأخيرة في الشرق الاوسط. واذا كانت مغرمة بالديمقراطية إلى هذا الحد، فلماذا تتعامل بكل هذا الود مع الدكتاتوريين في المنطقة؟
حالة الوزارة
لقد اظهرت رايس انها مدير مخيب للآمال لوزارة الخارجية - المؤسسة التي يفترض بها ان تكون المحرك لشن هجوم دبلوماسي جديد. فقد فقدت رجلها الثاني روبرت زويليك ومستشارها الشخصي فيليب زيليكاو، وكلاهما رجلان مؤثران وما يزال امامها عدد كبير من الشواغر لملئها. وقد امضت وزارة الخارجية ستة اشهر وهي تبحث عن شخص يملأ الشاغر الذي احدثه زويليك، وهو ما يشكل سابقة.
ربما تعتبر هذه الاخفاقات مفاجئة على ضوء حرفية رايس قبل انخراطها في الحكومة. ولأنها نشأت وترعرعت في ألاباما التي كانت تسودها التفرقة العنصرية، فقد استنتجت انها تحتاج لأن تكون "جيدة بمقدار الضعف" بالنسبة للبيض حتى تنجح. وقد سعت إلى تسجيل ارقام قياسية في الانجازات؛ اصبحت عازفة بيانو ممتازة ومتزلجة صاحبة رقم حين كانت طلفة، وتخرجت من الجامعة في التاسعة عشرة من عمرها، وقد احرزت مرتبة الشرف الأولى وحصلت على تعيين كأستاذة في جامعة ستانفورد وهي في مقتبل العمر، ثم اصبحت المسؤولة الادارية الاولى في الجامعة عند بلوغها الثامنة والثلاثين.
لكن المزايا التي وضعت رايس تحت الحماية الكاملة قد تعمل ضدها الآن وهي على قمة الشجرة. فقد كانت رايس قد شقت طريقها من خلال التأثير على شخصيات مؤسسات نافذة؛ ابتداء من برنت سكاوكروفت (الذي جلبها الى مجلس الامن القومي عندما كانت في الرابعة والثلاثين من عمرها)، الى السيدين بوش الاب والابن على حد سواء. لكن، ماذا يحدث عندما لا يتفق أسياد المرء حول المسائل الجوهرية؟ لقد حاولت رايس حقن جرعة من المراوغات المكشوفة خلال ادارة بوش الاولى (تستطيع ان تجد اناسا في جانبي الصراعات الدبلوماسية للولاية الاولى، والذين اعتقد كل منهم بأنها كانت الى جانبهم). لكنها اختارت بشكل عام إطراء سيدها الحالي.
كانت رايس قد بدأت مهنتها كشخصية واقعية عنيدة متشككة إزاء بناء الدولة والدمقرطة. وكان بامكانها اختيار كبح جماح نوازع سيدها الرجولية بجرعة من تلك الواقعية. لكنها مضت بدلا من ذلك إلى الانسياق والسير في ركابه. وقد يكلف كون الانسان محسوباً على شخص مهم أن يجد صعوبة في تسلق سارية مغطاة بالشحم، لكن ذلك ليس السبيل الأفضل لان يكون المرء وزير خارجية ناجحا، ناهيك عن الترشح لمنصب الرئيس.