جريدة الجرائد

أغلقوا معتقل غوانتنامو وتأكدوا أن لا يتكرر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك



هيلينا كوبان - كريستيان ساينس مونيتور

صادف يوم الخميس، الثالث عشر من كانون الثاني / يناير الحالي الذكرى السنوية الخامسة لليوم الذي جلبت فيه القوات الاميركية اول دفعة من حوالي 700 معتقل من ميدان القتال في أفغانستان الى غوانتنامو. وبعض هؤلاء الرجال هم من بين 395 رجلا ممن لا يزالون قيد الاعتقال في غوانتنامو حتى اليوم. وفي الغضون، لم يتلق اي من هؤلاء المعتقلين اي شيء يشبه محاكمة عادلة. وتلقى عشرة منهم مجرد اتهامات رسمية وجهت ضدهم. وذكر ان العديدين منهم ما يزالون يعيشون في عزلة شبه تامة. وخلال هذه السنوات تحدث، موظفو المعسكر ومعتقلون افرج عنهم على حد سواء عن المعاملة السيئة هناك.

يعتبر معتقل غوانتانامو وصمة عار في جبين أميركا. ومثل مسلسل حوادث التعذيب في سجن ابو غريب في العراق، فان معتقل غوانتنامو يؤثر بحق على موقف الولايات المتحدة في جميع انحاء العالم. وحتى الرئيس بوش يدرك المشكلة: حيث ابدى اخيرا الرغبة في اغلاق المعتقل. وينبغي عليه وعلى الكونغرس ان يعملا سوية وبسرعة لتحقيق هذا الهدف.

حيوات في طي النسيان

لكن القيادة العسكرية الاميركية شيدت في الغضون زنازين إضافية "من الحجم الكبير" هناك. هذه حقيقة. وثمة خطط تجري على قدم وساق لبناء غرفة محاكمات قد تساعد يوما ما على خفض عدد المعتقلين، رغم ان المسؤولين يعترفون بان عددا صغيرا فقط من المعتقلين سيحاكم هناك. وحتى هذه المحاكمات التي ستعقد بموجب قانون اللجان العسكرية الذي مرره الكونغرس في ايلول الماضي، تظل عرضة لتحديات المحاكمات التي قد تستغرق عدة اشهر قبل التوصل إلى حلها.

وهكذا، تظل حيوات المعتقلين في الأثناء طي النسيان. وهم لا يزالون يحتجزون في ظل ظروف صعبة، غير قادرين على استشراف نهاية واضحة لحالتهم، وغير قادرين ايضا على رؤية الأدلة التي تحتفظ بها الحكومة الاميركية ضدهم او على الطعن فيها. وهذه مشكلة حقيقية لامة تعتبر نفسها أمة قوانين، والتي عملت في الماضي بجد من اجل صيانة حكم القانون على الساحة الدولية.

ثمة مبدأ اساسي في حكم القانون يشير الى ان الحكومة تستطيع ان تحرم شخصا ما من حريته فقط في ظل ظروف يحددها اما نظامها القانوني الوطني الخاص، او (في ظل ظروف معينة) بموجب القوانين الدولية للحرب. وبشكل رئيسي معاهدات جنيف. وبموجب الانظمة القانونية الوطنية، يكون من حق السجناء المثول امام محاكمة عادلة في الوقت المناسب، والتي يمكنهم خلالها الاطلاع على الحجج المقدمة ضدهم والطعن فيها. كما تقضي معاهدات جنيف بأن المقاتلين الذين يؤسرون خلال الحرب لا يمتلكون الحق في المثول امام محكمة، ولكن يجب المحافظة عليهم وسط ظروف انسانية، على ان تتم اعادتهم الى اوطانهم الاصلية متى وضعت الحرب أوزارها.

في اعقاب غزو الولايات المتحدة لافغانستان في تشرين الاول - اكتوبر من عام 2001، وجدت نفسها وهي تحتفظ بآلاف الرجال الذين كانت ألقت القبض عليهم في ميادين المعارك او بالقرب منها. وأعلنت ادارة بوش ان "الحرب على الارهاب" التي تخوض غمارها هناك ليست كباقي الحروب السابقة. وعليه، فإن هؤلاء الاسرى غير مؤهلين للتمتع بالحماية التي توفرها معاهدات جنيف. اما بالنسبة للعراق في عام 2003، وعلى العكس من ذلك، فقد قالت الادارة الاميركية ان معاهدات جنيف تسري هناك.

وهكذا، وقع الرجال الذين اعتقلتهم الولايات المتحدة في افغانستان في حفرة قانونية سوداء. بالنسبة للعديدين منهم، كان اسم تلك الحفرة السوداء هو "غوانتنامو". وقد جادل محامو ادارة بوش ولعدة سنوات في حقيقة ان الاختصاص القانوني الاميركي لا يسري على ذلك المعتقل. ومع أن المحكمة الأميركية العليا قضت في حزيران - يونيو الماضي بأنه يسري، إلا أنها قالت ايضاً ان المعتقلين هناك لا يتمتعون بكافة الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الاميركيون.

وعندما أقر الكونغرس الاميركي قانون اللجان العسكرية في ايلول -سبتمبر الماضي، حاول تحديد حقوق المعتقلين وأي نوع من المحاكمة يستحقون.

ومع ذلك، فان محامي الحكومة يقولون انهم لا يرغبون في الكشف عن الدليل الذي لديهم ضد اي معتقل في قاعة المحكمة. ولهذا السبب، فان عددا قليلا من المعتقلين سيمثلون امام المحكمة. ومع أن المحامين الاميركيين ربما تكون لديهم بعض المخاوف المشروعة المتعلقة بالكشف عن مصادر أدلتهم السرية، إلا أن من المرجح ايضا انهم لا يريدون الكشف عن ظروف التحقيقات التي استخلصوا عبرها معظم اجزاء أدلتهم المزعومة.

مواجهة التحدي المعنوي

تظل مشكلات الحكومة الناجمة عن معتقل غوانتانامو دون حل. ولا تعد محاكم اللجان العسكرية باقفال سريع للمعسكر- السجن هناك. كما ان "الحرب على الارهاب" التي ما تزال تتخذ ذريعة لاحتجاز هؤلاء السجناء دون تقديمهم للمحاكمة، ربما لن تكون لها أبداً ذلك النوع من النهايات الواضحة، والتي كانت ستفضي إلى إطلاق سراح المعتقلين -لو كانوا سجناء حرب عادية- وإعادتهم الى اوطانهم.

يظل معتقل "غوانتنامو" يشكل تحديا معنويا رئيسيا للشعب الاميركي أيضاً. ونحن نحتاج إلى ايجاد طريقة ما تفضي الى اقفال معسكر الخزي هذا وتسليط الضوء على الممارسات السيئة التي كانت قد ارتكبت فيه حتى لا تتكرر ثانية ابدا. أما المعتقلون الذين تتوفر ضدهم أدلة متماسكة فإنهم يجب أن يحاكموا، وأن يعاقبوا في حال وجدوا مذنبين. فدعونا نطلع على الادلة ونتفحصها بشكل كامل. وأما البقية منهم، فيجب اطلاق سراحهم ومد يد العون اليهم لتمكينهم من التأهل مجددا بعد اعتقال مذل طال لسنوات.

فهل سيعمد الكونغرس الجديد الى النهوض بأعباء هذه المهمة؟ إنني آمل ذلك بكل تأكيد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف