جريدة الجرائد

هيلاري كلينتون .. هل تصل إلى البيت الأبيض بأصوات النساء؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الخميس 1 فبراير 2007

ليندا هيرشمان

لقد أصابت هيلاري كلينتون في إعلان ترشحها للمنصب الرئاسي، أثناء جلوسها على أريكة الصالون. فربما يعتمد نجاحها في هذا المسعى، على أصوات آلاف النساء الجالسات مثلها، على أرائك بيوتهن. ذلك هو ما قاله مستشاروها، "جيمس كارفيل" "ومارك بن"، بتأكيد اعتمادهما على أصوات النساء، في وصول هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض، في الانتخابات الرئاسية المقبلة. والواضح هنا، أنهما يأملان في أن تحصل مرشحة نسائية للمنصب الرئاسي، على تأييد أكبر من قبل الناخبات، ما يعني تعويلهما على فجوة النوع، وهي الفكرة نفسها التي تروج لها وسائل الإعلام والمنظمات النسوية. أما الفرضية العامة، فهي أن النساء يؤمن بالسياسات الليبرالية، ولذلك فإن المرجح أن يملن إلى تأييد الحزب "الجمهوري" ومرشحيه في الانتخابات المقبلة، بصفتهن ناخبات وسياسيات راشدات.

غير أن لي بعض الأخبار التي أريد أن أهمس بها هنا في أذني كل من السيدين "كارفيل" و"بن". فعلى رغم كل هذا الحديث والتعويل على فجوة النوع، فإنه لا تتوفر ضمانة بعد، على حصول هيلاري كلينتون، من الأصوات النسائية ما يكفي لوصولها إلى البيت الأبيض. أقول هذا وقد أمضيت 20 عاماً من عمري في دراسة النساء وسياساتهن. وإن كان ثمة ما أعلمه علم اليقين عن النساء طوال سنوات خبرتي هذه، فهو أنه وبخلاف عام 1996، فإنه ليس للنساء مطلقاً، أن يوصلن أحداً إلى البيت الأبيض بأصواتهن منفردات. لذلك، وفيما لو أرادت كلينتون استقطاب ما يكفي من أصوات النساء لحملتها الانتخابية، فإن عليها أن تفعل أكثر من مجرد حصولها على زوجين من كروموسومات X. والأكثر إيلاماًِ أن تعترف دارسة وباحثة نسوية مثلي، بحقيقة أنه سينبغي على هيلاري، الجلوس على تلك الأريكة مجدداً، بهدف تحليل شخصيتها ودوافعها الانتخابية، وعدم الاكتفاء بمجرد أنوثتها للحصول على ما تريد من أصوات.

على أن هذا لا ينفي حقيقة توفر فرصة ما، لأن تلعب أصوات النساء دوراً حاسماً في كل معركة من المعارك الانتخابية، يتبنى فيها أحد الناخبين أو الناخبات وجهات نظرهن. غير أن الحقيقة أيضاً، أنه لم يبد للنساء مطلقاً أن لعبن هذا الدور، مع إضافة أنه لم يسبق لي مطلقاً أن حصلت على إجابة مقنعة تفسر هذا الإحجام من جانب النساء. ومن هنا فإنني أنطلق من نظريتي الخاصة، القائلة إن النساء لا يقررن نتائج المعارك الانتخابية مطلقاً، لشعورهن بأنهن لسن سياسيات راشدات. وأعني بهذا، أن النساء يقطعن على أنفسهن التزامات سياسية، ويثبتن على تأييدهن للمرشحين الذين يتوقعن منهم قيادة المجتمع إلى الوجهة التي يردنها مطلقاً. وبدلاً من ذلك، فهن يصوتن بالحدس، واعتماداً على اعتبارات وعوامل واهمة، مثل العوامل الشخصية للمرشحين مثلاً.

وفي سبيل اختبار مدى صحة نظريتي هذه، فقد لجأت على إثر إعلان كلينتون عن ترشيح نفسها للمنصب الرئاسي في انتخابات العام المقبل، إلى استطلاع رأي عدد من النساء البيض المتزوجات، مع العلم أنهن يشكلن القطاع الديموغرافي الرئيسي في دائرتها الانتخابية المتوقعة. ذلك أنني توصلت إلى حقيقة أن منطقة واشنطن، هي التي تضم النساء اللائي يتوقع لهن التمتع بالوعي السياسي الانتخابي لترشيح السيدة هيلاري كلينتون. ومن بين ما قمت به ضمن هذا الاستطلاع، أن اتصلت هاتفياً بعدد من النساء الأعضاء في مجموعة "وينسداي مورننج" وهي منظمة نسائية، تكرس برامجها وأحاديثها لربات البيوت في منطقة واشنطن دي سي. وقد شملت تلك الشريحة الضيقة التي ضمنتها لاستطلاعي المذكور، كل النساء اللائي أدلين بأصواتهن في انتخابات نوفمبر التكميلية السابقة، ويعتزمن الإدلاء بأصواتهن في انتخابات العام المقبل 2008. وعلى رغم ضيق ومحدودية الشريحة النسائية التي اعتمدت عليها، فإنها كشفت لي الكثير من الحقائق حول جدية المخاطرة في توجيه الحملات الانتخابية للنساء. وكما حدثتني إحداهن، وهي تبلغ من العمر 49 عاماً، وكانت تعمل سابقاً مديرة للعلاقات العامة في إحدى ضواحي ميريلاند، فهي تصوت لصالح البرامج والأجندة الانتخابية السياسية، متأثرة في قرارها بوالدها "اليساري". وقالت لي إنها تقرأ صحيفة "واشنطن بوست"، إلا أنها قلما تطالع الكتب. وأضافت قائلة لي إنها تعتمد على زوجها لكي يحدثها عما تحتوي عليه مجلة "ذي نيشن"، وما تحويه شبكة الإنترنت من معلومات ربما تكون مفيدة لها.

وإلى ذلك حدثتني أخرى، تبلغ من العمر 36 عاماً، وتصف نفسها بأنها "مستقلة"، وبأنها عملت بوظيفة مديرة مبيعات مالية سابقاً، عن أنها تكتفي بقراءة الأجزاء والصفحات المتعلقة بعطلة نهاية الأسبوع فحسب، من صحيفة "واشنطن بوست"، وكذلك بقراءة صفحات الموضة والأزياء من "وول ستريت"، بينما تعتمد على زوجها "الجمهوري" كي يحدثها عن المحتويات والموضوعات الأخرى المثيرة للاهتمام، التي تحويها الصحيفة.

وحدثتني ثالثة، كانت ناشطة سابقة في مجال حقوق الإنسان، عن أنها لا تزال تقرأ صحيفة "نيويورك تايمز" وتتصفح مجلة "ذي إيكونومست"، وتحصل على ما تريده من معلومات سياسية من برنامج ساعة الأخبار اليومي الذي تبثه قناة PBS، فضلاً عما تبثه هيئة الإذاعة البريطانية من أخبار وتقارير محلية تهمها، وكذلك ما تحصل عليه من معلومات وأخبا.

وعلى رغم تعدد النماذج والحالات وتفاوتها، فإن هناك ثوابت وفوارق واضحة من حيث اهتمام الجنسين بالقراءة والحصول على المعلومات. فمعظم النساء يملن لقراءة المجلات والمواد الصحفية الخفيفة، ويستمعن للأخبار عبر أجهزة الراديو الملحقة بسياراتهن، مقارنة إلى طول الزمن الذي يمضيه أزواجهن في الحصول على قدر كبير من المعلومات السياسية، من شتى مصادرها المرئية والمسموعة والمقروءة.

وإذا كانت هذه هي الحقيقة، فما الذي تعنيه بالنسبة لهيلاري كلينتون أو أي امرأة أخرى غيرها تتطلع إلى الوصول إلى المنصب الرئاسي، عبر أصوات النساء؟

أولاً، لتعلم هيلاري، أنه وما أن يتعلق الأمر بأصوات النساء، فإنه لا انفصال البتة بين ما هو شخصي، وما هو سياسي. وعلى رغم حماس أعضاء مجموعة "وينسداي مورننج" في حديثهن عن الجوانب العامة والشخصية لهيلاري كلينتون، إلا أنهن كن أكثر فتوراً في حديثهن عن مواقفها من الحرب على العراق مثلاً. وإذا ما استمر ترجيح الرأي الأميركي العام، لكفة المرشحين الذكور المنافسين لها في هذه الحملة، فربما كان لزاماً عليها، التعويل على مزاياها الشخصية، حتى تتمكن من إعادة النساء إلى قواعدهن الأنثوية مجدداً.

أما الدرس الثاني الذي يمكن لهيلاري تعلمه من هذه الحقائق، فيتلخص في أن التعويل الانتخابي على القواعد النسوية، عادة ما يحمل معه سمات التنافس الشخصي، أكثر منه السياسي. وفي هذا ما لا يحسب لصالح السيدة كلينتون، خاصة وأن لـ"الجمهوريين" رصيداً انتخابياً جيداً، في كسب أصوات النساء إلى جانبهم، وفي إلحاق الهزائم بخصومهم "الديمقراطيين"، اعتماداً على هذه الأصوات. ولكي تصل كلينتون إلى عتبات البيت الأبيض، فإن عليها أن تقلب هذه المعادلة لصالحها، اعتماداً على ما هو شخصي وسياسي من شخصيتها. ولكن ما أصعب مهمة، تجاوز التعويل السهل على "فجوة النوع"، إلى جلب النساء فعلياً إلى عالم الحكم والسياسة الواقعي. والكلمة الختامية الأخيرة لي في هذا: إن لم نقرأ تاريخ النساء جيداً، فإن من المرجح أن نكرر ذات الأخطاء التي ارتكبناها من قبل، في حساب وزنهن وتأثيرهن السياسي.

ليندا هيرشمان

مؤلفة كتاب "هيا إلى العمل: مانفستو لنساء العالم"

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف