جريدة الجرائد

مواقع الكترونية «يسارية» بنكهة المحافظين الجدد!!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك



فيصل القاسم


أشعر أحياناً برغبة شديدة بالقهقهة، وأحياناً ينتابني شعور بالغثيان وأنا أتصفح بعض المواقع الالكترونية التي ما زالت ترفع شعار الماركسية أو الاشتراكية أو اليسارية أو العلمانية. ليس العيب طبعاً في الفكر الاشتراكي أو العلماني، ففي الأمر قولان. لكن المثير للقرف والسخرية في آن معاً أن تلك المواقع تتستر بالماركسية والأفكار اليسارية المحترمة لتبث أعتى المفاهيم الليبرالية والفاشية والعنصرية والإمبريالية والعولمية والاستئصالية المتوحشة التي يمثلها المحافظون الجدد في أمريكا.

فمن المعلوم أن بعض محافظي أمريكا كانوا في الماضي يساريي الهوى، لكنهم كفروا بأفكارهم السابقة، وتحولوا إلى استعماريين متطرفين وليبراليين متوحشين علناً على رؤوس، وراحوا ينادون بهيمنة أمريكا على العالم و فرض قيمها على البشرية بقوة السلاح. أما اليساريون العرب أصحاب بعض المواقع الالكترونية المسماة "يسارية" زوراً وبهتاناً فهم يسيرون على هدي المحافظين الجدد في أمريكا، لكن تحت يافطات مزيفة، لا بل يزايدون عليهم في تطرفهم واعتناقهم للمذهب الليبرالي المتوحش، بيد أنهم ما زالوا يتشدقون في الآن ذاته بالماركسية واللينينية والاشتراكية والعلمانية، فيما الفكر اليساري منهم براء.

فلو نظرت إلى النماذج التي تكتب في تلك المواقع لوجدت أنها نماذج مريضة فكرياً وأخلاقياً وربما نفسياً، مما يجعل القارئ يبصق على هكذا يسارية أو اشتراكية أو علمانية مزعومة، مع الاعتراف طبعاً أن اليسار بريء من هذه المواقع براءة الذئب من دم يوسف. فشتان بين أن تكون يسارياً حقيقياً وأن تتاجر باليسار والاشتراكية.

لا أدري ما علاقة اليسارية والاشتراكية واللينينية والماركسية والتروتسكية بنوعية الكتاب والكاتبات اللواتي تحتضنونهم في مواقعكم "اليساراوية" الصفراء؟ فهناك أنواع غريبة عجيبة من الكتبة والكويتيين الذين يكبون نفاياتهم "الأصولية" "الليبرالاوية" في مواقعكم. فكتبتكم يتراوحون بين كاره لقومه ودينه وذاته، أو مسبّح بحمد البيت الأبيض وحضارة جورج بوش، أو كافر بثقافته وحضارته العربية والإسلامية، أو منسلخ من هويته، أو عنصري فاشي متطرف، أو مشوش فكرياً وعقائدياً لا يعرف "كوعو من بوعو"، أو من أتباع المدرسة الفوضوية التي لا تؤمن بشيء. أما بعض الأقلام القليلة المحترمة التي تستضيفونها فهي لمجرد ذر الرماد في العيون، وإعطاء الانطباع بأنكم يساريون فعلاً. ولو كنت مكان بعض الكتاب المحترمين لنأيت بنفسي بعيداً عن تلك المواقع "العلمانجية والليبرالجية" التي شوهت وجه العلمانية والليبرالية والاشتراكية الجديرة بكل الاحترام والتقدير.

لا أدري كيف يمكن لموقع الكتروني يزعم الدفاع عن العمال والفلاحين والمسحوقين في العالم يحتضن كاتباً أو كاتبة لا هم لها إلا التسبيح ليل نهار بحمد ما كان يسميه اليساريون القدامى بـ"الامبريالية الأمريكية" ؟ فلو اطلعت على كتابات بعض زبائن تلك المواقع "اليساراوية" لوجدت أنهم على يمين المحافظين الجدد الأمريكيين. وأتحدى أن يكتب بول وولفوتز أو ريتشارد بيرل أو وليام كريستول أو دوغلاس فايث عن عظمة أمريكا وتفوقها وغطرستها كما تكتب إحدى زبونات أو زبائن المواقع إياها.

هل أصبحت أمريكا رمز الاستغلال والنهب والعنصرية والجبروت الممقوت، كما كان يسميها الاشتراكيون القدامى، هل أصبحت أكثر حنواً وإنسانية مع العالم، أم إنها استشرست في امبرياليتها وعدوانيتها وسحقها لبروليتارية المعمورة من خلال عولمتها المتوحشة؟ ما الذي يجعل القائمين على المواقع الالكترونية المزعومة يحتفون بهذا الصنف من الكتاب والكاتبات اللواتي يستمتعن في إغداق المديح والثناء والتسبيح على عدوة الاشتراكيين الأولى تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً ألا وهي أمريكا؟ على من يضحك هؤلاء؟ لماذا لا يكونون بشجاعة أسيادهم ومعلميهم الروحيين المحافظين الجدد، ويعلنون أنهم ليسوا يساريين ولا اشتراكيين ولا بطيخ، وإنما متاجرون باليسار والاشتراكية كبعض خصومهم الإسلاميين الذي يتاجرون بالدين لأغراض دنيئة؟

إن موقف كتاب تلك المواقع "الاشتراكاوية" المزعومة أقرب إلى الفاشية والنازية منه إلى الاشتراكية عندما يتعلق الأمر بالإسلام والإسلاميين والقوميين مثلاً. ففي الوقت الذي يتغنى بعض الكتاب والكاتبات اليساريات المزعومات بـ"إلوهية" العم سام، نجدهم في الوقت نفسه يتفننون في شيطنة العرب والمسلمين أبناء جلدتهم بطريقة لا تبعث إلا على القرف والاشمئزاز. ولو فكر أحد المجني عليهم من العروبيين والإسلاميين أن يرد على هؤلاء "الفاشيين" في المواقع "اليساراوية" التي تدّعي المدنية والتسامح وقبول الآخر لظل ينتظر أعواماً بأكملها كي يتم نشر رده. فتلك المواقع "العلمانية" المزعومة لا تختلف عن المواقع الإسلامية المتطرفة إلا في الشكل فقط، أما في المضمون فالإثنان أقرب إلى الشوفينية منه إلى الإسلام أو الاشتراكية. وكنت قد تساءلت في الماضي:"هل نحن بحاجة لإرهابيين بوجود هكذا يساريين ليبراليين متوحشين"؟ فاليساريون العرب الجدد المجبولون على "الشتراوسية" الجديدة بزوا أقرانهم الأصوليين الإسلاميين في الانغلاق والتشدد والتطرف والمغالاة والتعصب والتخندق الإيديولوجي. آه ما أبشع اليساري العربي عندما يتوحش "ليبرالياً"! ألم يقل الشاعر: "لا تنه عن خلق وتأتي مثله...عار عليك إن فعلت عظيم"!

كيف تدعي التحضر والحوار ثم تتخندق فكرياً وتدخل في صراع "داحس والغبراء" مع من يختلفون معك عقائدياً؟ بالله عليكم أيها اليساريون العرب والمستعربون المزعومون في تلك المواقع الالكترونية الفاقعة في فاشيتها كيف تختلفون في تعصبكم عن تنظيم "القاعدة" الذي تشيطنوه من حيث العلاقة مع الآخر؟ لماذا تتهافتون على التحاور مع من كنتم تسمونها "الإمبريالية الأمريكية"، لا بل تحاكونها، بينما ترفضون رفضاً قاطعاً التحاور مع التيارات الأخرى على الساحتين العربية والإسلامية؟ هنا لا نستطيع انتقادكم أبداً، فأنتم في غاية "التمدن" في العلاقة مع "الآخر" الإمبريالي، الذي، على ما يبدو، اندمجتم فيه حتى الذوبان.

آه كم أنتم سريعو الذوبان أيها "الاشتراكاويون"! إنكم أسرع من حليب "النيدو".

آه كم كان الأديب السوري الشهير حنا مينا على صواب عندما وصف بعض اليساريين العرب بأنهم أشبه بـ"الفجل"، الذي لونه أحمر من الخارج ، لكنه في الداخل أبيض، ربما نسبةً إلى البيت الأبيض، والله أعلم؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ومن هو مثلك الاعلى ؟
F@di -

يعني إنظروا من الذي يتحفنا اليوم ويعطينا الدروس في الاشتراكاوية والديموقراطية ووو...ألخ. نعم !!! تعلموا الديموقراطة من نظام سيده الطاغية السوري الذي منع معظم المواقع الالكترونية لأنها تشكل خطرا قوميا على الامن السوري !!! وتعطي فسحة من الحرية لتعبير الشعب السوري عن قرفه وإشمئزازه من نظام طاغية يسحق شعبه المقهور بالجزمة المخابراتية. تعلموا الديموقراطة وسياسة الكذب من موقع شام برس المخابراتي ذات الدس الرخيص والكاذب، او من برنامج الصراخ والعويل الإتجاه المعكوس. تعلًموا العروبة وحرية التعبير من نظام سيده الطاغية الذي زج كل الاحرار في السجون.

يسلم فمك
خالد ح. -

يسلم فمك يافيصل القاسم والله انك قد وصفت هذه خير وصف

برافو
جورج -

برافو فادي ما قصرت

احسنت
جليل -

مقال رائع لابرز واشهر مديع عربي

راس حربة امريكا
fatima -

اصبحوا حربا لما تحاربه امريكا انظروا كيف يحابرون ايران ليل نهار لمصلحة امريكا واسرائيل وكيف يهاجمون حزب الله وكل من يقف ويقول لا لامريكايافيصل عندما سقطت الشيوعية التي كانت تدعمهم وتدخلهم الجامعات اصبح الماركسيون يتامى فجائتهم السي اي ايه والموساد فاصبحت رب البيت لان امريكا واسرائيل تعرف انهم يجيدون الردح والعبارات البذيئة والسلام

المختار من الألفاظ
المعلم الثاني -

هذه هي ، وبالترتيب كلمات الكاتب "المحترم" (؟) :

صدق ابن خلدون حين...
محمد أمازيغ -

بدعة اليسار العربي
اكرم -

لأن اليسار العربي ومنذ نشأته الأولى ( مع كل الاجلال والاحترام لرواد الفكر اليساري) لم يكن نتاجا للفكر العربي او حاصل تطور للمجتمعات العربية , بل تم تبنيه من قبل الافراد والمنظمات اليسارية كآلية لحل المشكلات الوطنية والاجتماعية مجربة وناجحة في كل جهات المعمورة , وخصوصا كترياق للتخلص من الاستعمار بشكله المباشر , اقول مع احترامي لحسن نوايا الرواد سرعان ما انقلب الماركسيون عن فكر هم اصلا غرباء عنه الابداية كانت في ماركسيو المغرب العربي تلاهم الشيوعيين العراقيين واللبنانيين ولحقت بهم الفصائل اليسارية الفلسطينية وكرت السبحة ...يمكننا توصيفهم بالشيوعيين الانتهازيين فهم مع الكفة الراجحة دائما

ملاحظه يا دكتور
عدنان احسان- امريكا -

الثوره الفرنسيه اكلت ابنأئها , وستالين قتل ثلاثه ملايين شيوعي . الماركسيون تبرؤا من الشيوعيين وقالوانحن ماركسين , والشيوعيين هزمهم يلستين وهو مخمور ولم يدافعوا عن ثوره اكتوبر , وألاحزاب الشيوعيه من تقصد اصحاب بدعه الاورو كومنيست , الطليان , ولا مارشيه الفرنسي , ولا كاريلوا الإسباني , ولاالشيوعيين الآمبرياليين بالصين , ولا الكوريين الذين باعوها بناقله نفط , ولا كاستروا الخرفان , ولا الإنتهازي اورتغا , ولالمجنون شافيز , ولا الإحزاب الشيوعيه العربيه من حميد بوش العراقي , ولا خالد بكداش الكردي . ولاالقوميين العرب ,قبائل المارسكيه في اليمن , ولا اليسار الفلسطيني امثال ابو النوف وشلته , بسام حدادين , وعبد ربه , يعني كلمه يساريه ثخينه شوي , واصبحت فقط للتمايز في الشكل وليس بالمضمون . اعتقد انت ايضا محسوب على اليسار وقاعد بقطر ... وتروجوا لإشرطه بن لادن والظواهري بقناه الجزيره .... خليها لربك يا فيصل شوربه .... ومحسوبك عامل حالوا يساري وقاعد بامريكا ... ذكرتني بجحاوحماره . قال باعها قال .. وهاي مشكلتك ايضا قال يساري قال ... يسار ايش يا شيخ عيش بها النعم وخليك ساكت .

منافق وانتهازي
عربي -

فيصل القاسم القاعد على بير نفط جنب القاعدة الأمريكية بقطر جاي يعلم الناس كيف يسبون أمريكا، عجيبة والله... ما هو أنت من مثقفي البترودولار يا سيدي... اترك الناس بحالها وانت مالك، خلك مبسوط ورزقك ماشي

لقد اصاب الشاعر حقا
محمد تالاتي -

من المؤكد لو وقف هؤلاء اليساريون والعلمانيون الذين يرمي عليهم الدكتور رصاصاته الخلبيةالغالية هذه، دون أن يصيبهم،لان الدكتور معروف الهوى، لو وقف هؤلاء مع النظام الصدامي العربي المقبور ومع النظام الاسدي اليساري ومع النظام الايراني الطائفي الاسلامي وصفقوا ليسارية الامير وانتصارات السيد نصرالله ،لما اطلق الدكتور عليهم النار،ولما اراد ان يقهقه وما انتابه شعور بالغثيان والقرف .حقا لقد اصاب الشاعر حين قال:" لاتنه عن خلق وتأتي مثله...عار عليك إن فعلت عظيم"!

الادعاء مبهم!
ابو مالك -

يلاحظ ان بعض البسطاء ضحلي الاثقافة من مدعي اليسار يتهجمون في مواقعهم على الاسلام وهذا أحد اسباب فشل اليسار في العالم الاسلامي. ولو نظر اهل اليسار بعين العقل لوجدوا ان الدين هو مصدر كل الدعوات الخيرة للعدالة الاجتماعية، وكان يمكن حتى استخلاص الاشتراكية حتى "العلمية" من نصوصه وسيرة رجاله وتاريخه بشكل من الاشكال. الا ان مقال الكاتب الذي ينقصه سوق امثلة بنصوص تثبيتية واضحة عن "فاشية " اليسار يبقي هكذا مثل باب على الصحراء..

اصبت يا دكتور ولكن
صدى نوفر -

موقع الحوار المتمدن تغير اسمه مؤخرا الى الحوار وهو موقع ممتاز والدليل انه نشر المقالة اعلاه وليس كما قال الدكتور اعوام للاجابة ثم ان السيد رزكار عقراوى وهو اخ كوردى من العراق الجريح يتقبل الانتقاد وهو متواضع وصدقونى الملايين من المتابعين لموقعه جعلته يفوز بمركز متقدم عالميا علما ان الموقع محارب كونه شيوعى واخر بلوة نحر المرحوم المخرج العراقى عدنان ابراهيم فى دمشق .نعم فى كل خلية وحزب هناك متاجرة ولكن الم نسال انفسنا يوما لماذا اصر الشيوعيون العراقيون مثلا على اعتناق اعواد المشانق بشهادة وفيصل لم يندد لحد الان بزيارة بالع فلسطين وهو قومى شمعون بيريز الى قطر وللاستوديومباشرة قبل اشهر ولم ولن اكرر ولن يلوم عروبة قطر لسماحها بضرب بغداد من اميركا واحتلالها عام 2003 ما تمام؟ ارجو النشر

المختار من الألفاظ
المعلم الثاني -

هذه هي ، وبالترتيب كلمات الكاتب "المحترم" (؟) :ً شعور بالغثيان المثير للقرف والسخرية الفاشية والعنصرية والإمبريالية والعولمية والاستئصالية المتوحشة متطرفين وليبراليين متوحشين زوراً وبهتاناً تطرفهم المتوحش نماذج مريضة فكرياً وأخلاقياً وربما نفسياً، القارئ يبصق يكبون نفاياتهم كاره لقومه ودينه وذاته، كافر بثقافته وحضارته منسلخ من هويته، أو عنصري فاشي متطرف، أو مشوش فكرياً وعقائدياً لا يعرف "كوعو من بوعو"، أو من أتباع المدرسة الفوضوية التي لا تؤمن بشيء. رمز الاستغلال والنهب والعنصرية والجبروت الممقوت استشرست في امبرياليتها وعدوانيتها وسحقها لبروليتارية عولمتها المتوحشة؟ أسيادهم يتاجرون بالدين لأغراض دنيئة؟ الفاشية والنازية يتفننون في شيطنة لا تبعث إلا على القرف والاشمئزاز أقرب إلى الشوفينية ليبراليين متوحشين"؟ في الانغلاق والتشدد والتطرف والمغالاة والتعصب الفاقعة في فاشيتها آه كم أنتم سريعو الذوبان أيها "الاشتراكاويون"! إنكم أسرع من حليب "النيدو