جريدة الجرائد

لماذا هذا الضجيج ضد شيراك؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الأثنين 5 فبراير 2007


سعد محيو


هل كانت مسألة القنبلة النووية الإيرانية ldquo;زلة لسانrdquo; حقاً من الرئيس الفرنسي جاك شيراك؟ الأرجح أن الأمر كذلك. فالرجل وثق على ما يبدو بالصحافيين الأمريكيين حين كان يتحدث عن هذه المسألة ldquo;خارج المسجلاتrdquo;

((Off the record . ثم إنه لم يقل إنه يؤيد امتلاك طهران لrdquo;قنبلة أو قنبلتينrdquo;، بل كان يشير فقط إلى أن هذا التطور في حد ذاته لا أبعاد عسكرية خطيرة له، بل هو يهدد بإطلاق مخاطر استراتيجية تتعلق بانتشار الأسلحة النووية.

الآن، طالما أن الأمر على هذا النحو، لماذا أقام الأمريكيون وrdquo;الإسرائيليونrdquo; الدنيا ولما يقعدوها بعد على شيراك؟

ربما المسألة لها علاقة بالانتخابات الرئاسية الفرنسية القريبة. ربما هي ترتبط أيضاً بعمليات التسخين التدريجية ضد إيران التي يقوم بها المحافظون الجدد الأمريكيون والمحافظون القدماء ldquo;الإسرائيليونrdquo;. بيد أن كل ذلك لا ينفي الحقيقة بأن واشنطن وتل أبيب لا تستطيعان تحمّل مواقف من هذا النوع، حتى ولو كانت مجرد ldquo;زلات لسانrdquo;.

لماذا؟

هنا سنجد أنفسنا أمام قضايا استراتيجية بالغة التعقيد.

أمريكياً، يشكل الخيار النووي الإيراني كابوساً في حد ذاته. لكن ليس لأن الايرانيين قد يستخدمون الأسلحة النووية أو يسلمونها للإرهابيين (فهذا أمر مستبعد تماما تقريباً)، بل لأن هذا الخيار يهدد بتقييد حركة الأمريكيين في الشرق الأوسط الكبير.

الخطر هنا هو أن تمد إيران ردعها النووي، سواء مباشرة أو كأمر واقع، الى مجموعة من الدول والمنظمات في كل المنطقة، كما فعلت الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة. وإذا ما عقد الغرب صفقة مع إيران تحتفظ بموجبها بالاسلحة النووية، فهذا سيقرأ في المنطقة على أنه بداية تراجع استراتيجي للزعامة الأمريكية في العالم، وتخلّ عن مشروع الشرق الأوسط الكبير. وحينها ستسعى دول أساسية في المنطقة الى التأقلم مع طهران كما فعلت في التسعينات، فيما ستفكر دول أخرى كباكستان بالتراجع عن السياسات التي التزمت بها أمام واشنطن بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول.

ويحذّر المحافظون الجدد الأمريكيون من أن خسارة أمريكا لمعركة تجريد إيران من ورقة التسلح النووي، ستكون له مضاعفات دولية خطيرة. إذ حينها ستكون فرنسا وألمانيا أكثر جرأة بما لا يقاس لتحدي النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط الكبير، وحتى في أوروبا نفسها. والأخطر أن هذا قد يشجع الصين وإيران على تعزيز تحالفهما الاستراتيجي، الأمر الذي قد يشكل بداية لتحالف أوسع بين العالمين الصيني والإسلامي.

وهذا هو الكابوس بعينه لدى صانعي القرار في واشنطن.

ماذا الآن عن الاعتبارات ldquo;الإسرائيليةrdquo;؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف