عن (الأخوان) وإيران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء 6 فبراير 2007
سامي الزبيدي
ليست تلك الروح السجالية ما يدفعني للكتابة على كتابة الآخرين، لكنه تناول للأمر من زاوية مغايرة تنفي الايدولوجيا الترويجية ولا تقيم وزنا إلا للحقائق الدامغة التي يبصرها كل ذي عينين.
بالأمس كتب مقال في صحيفة زميلة يروّج للموقف ''الأخلاقي'' لحركة الأخوان المسلمين في العلاقة مع إيران بوصفه الموقف العربي الاكثر رقيا والذي لم ترق إلى مضمونه الأخلاقي الأنظمة العربية جميعا في تعاملها مع ملف العلاقات العربية الإيرانية، مع الإكثار من الاستشهاد بموقف الحركة من الحرب العراقية الإيرانية وأدبيات الحركة في الأردن وما كتبه الشيخ محمد أبو فارس في هذا السياق.
قلت ليست روح سجالية في المعارضة لكنها اعتراض مبكر على ترويج سياسي - و ربما انتخابي - لبرنامج سياسي لحركة تتبنى مواقف متعارضة وربما متناقضة بين ساحة وساحة فضلا عن كونها الحاضنة التاريخية للعنف السياسي في المشرق العربي منذ محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 54 من القرن الماضي وصولا إلى التدريب على القتال في إحدى الجامعات المصرية والذي أثار رعب الشعب المصري بأسره ووضع الحركة الاخوانية هناك في دائرة الشك في العودة للعنف من جديد.
منذ أول ثلاثينات القرن الماضي ارتسمت علامات الاستفهام حول علاقة سفارة بريطانيا العظمى بتأسيس جماعة الأخوان الذين كانوا يرغبون في أن يكونوا القائمة الرابعة في الكرسي المصري الذي لم يكن ليستقر متأرجحا بين ثلاث قوائم هي: القصر والوفد والسفارة البريطانية، فكان تأسيس ''الإخوان'' ضروريا ليستتب الأمر للبريطانيين في مواجهة الوفد والقصر في قاهرة المعز.
إذن شاب التأسيس علامات استفهام رافقت الحركة حتى وصلت أشدها في وقت كانت مصر الناصرية تقاوم بقايا النفوذ البريطاني وحين جلت بريطانيا كان حلفاؤها من الإخوان في السجون.
في المشرق العربي الأمر لم يختلف كثيرا إذ إن ''الأخوان'' في سورية شددوا من ضغطهم على النظام هناك في اشد أوقات المواجهة السورية للمخططات الاميركية والإسرائيلية في لبنان خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي ولم يخفت الضغط ''الاخواني'' إلا حين قرر الراحل الأسد الانضمام للتحالف الاميركي المناوئ للعراق عشية غزو الأخير للكويت ، هناك بالضبط هدأ الضغط ''لاخواني'' على دمشق ليعود مجددا بعد انهيار المصالحة بين دمشق وواشنطن.
التناقضات الايدولوجية في مواقف حركة الأخوان كثيرة كنعم الله علينا لن نستطيع إحصاءها وهاكم بعضا منها: ''أخوان'' العراق مع العملية السياسية المدعومة إيرانيا واميركيا و''أخوان'' الأردن ومصر ضد هذه العملية.
''اخوان'' الأردن يحيون مواقف المعارضة اللبنانية وفتحي يكن ''الاخواني'' اللبناني يتحالف معها، فيما يدعم ''اخوان'' سورية حكومة السنيورة.
''أخوان'' الكويت وقفوا مع بلدهم ضد الغزو العراقي فيما وقف ''أخوان'' الأردن دعما للغزو العراقي للكويت وكلنا يذكر خطب الكيلاني عن صواريخ ''الحسين'' والتسبيح بحمد من أسرى بها.
''اخوان'' سورية يناهضون نظام بلدهم، فيما ''أخوان'' فلسطين المتحمسون يتحالفون عضويا مع النظام السياسي في دمشق.
وهنا في الأردن تناصب الحركة الإسلامية العداء للعلاقة الحسنة بين عمان وواشنطن لكنها في المقابل تراقب عن كثب شفتي رايس في كل تصريح حول الأردن للتجاوب السياسي معه والشواهد عديدة.
الحركة ''الإخوانية'' حركة براغماتية بعينين اثنتين: واحدة على السلطة وأخرى على الشارع، مستخدمة المخزون القيمي الهائل للإسلام في ضمائر الناس لتوظيفه سياسيا، لكنها تبقى حركة سياسية تسعى إلى السلطة بأي ثمن حتى لو تناقضت بين الأمس واليوم في القضية الواحدة أو تناقضت عبر موقفين متعارضين في ساحتين متجاورتين حول موضوع واحد ، والمعيار في كل الأحوال هو السلطة وركوب موجة المشاعر العامة للجماهير بهدف توظيفها سياسيا.
نعود لموقف الحركة ''الإخوانية'' من إيران ونسأل أي المواقف ادعى للتعميم، اهو موقف ''إخوان'' سورية المعادي لإيران، أم ''إخوان'' مصر الذي افشل الخميني مسعى مرشدهم الأسبق التلمساني لإنقاذ الرهائن الاميركان بتكليف من الرئيس الأسبق كارتر، أم موقف ''أخوان'' لبنان المتحالفين مع نصر الله، أم موقف ''إخوان'' العراق الذين انضووا في إطار العملية السياسية المدعومة من واشنطن وطهران؟.
وبعد هل نقول أن كل الحق يقع على السفارة البريطانية في مصر مطلع الثلاثينات من القرن الماضي وربما مطلع القرن الحالي؟.