جريدة الجرائد

الحلّ في مكة معلّق حتى... الرياض

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


أمين قمورية

لقاء مكة اليوم لن يختم على زغل... ولن يغادر الضيوف الفلسطينيون الديار الحجازية من دون الاعلان عن اتفاق "يشدد على اهمية" اعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني بعد فوضى "حرب الاخوة" التي سقطت فيها "حماس" وشقيقتها "فتح".

مقومات النجاح في مكة متوافرة: وزن اسلامي وسياسي ومالي للعاهل السعودي قادر على "اقناع" الاخوة المتخاصمين بتهدئة خلافاتهم، مرونة الرئيس محمود عباس التي لا تقطع شعرة معاوية مع احد، مصلحة خالد مشعل واسماعيل هنية في استعادة "هوية" اسلامية عربية طاولها التشكيك.

طبخة النجاح جاهزة ايضا ولا ينقصها الا بعض "التوابل": تشكيلة حكومية تبقي هنية على رأس الوزارة وتحفظ لـ"حماس" صاحبة الاكثرية النيابية حصة الاسد في الوزارات، وتعيد "فتح" الى دورها السلطوي، وتخرج الحقائب الحساسة مثل الخارجية والداخلية والمال من التجاذب السياسي الداخلي والخارجي ويعهد فيها الى مستقلين من الطرفين.
الصيغة السياسية "السحرية" لإخراج الحل الى العالم متاحة ايضا: "حماس" المقتنعة اصلا بأن المواقف الايديولوجية الخالصة لا تخدم بالضرورة حركة سياسية تمارس السلطة وتهدف الى حشد الرأي العام خلفها، لا تمانع صيغة تلزمها "احترام" الاتفاقات الموقعة سابقا من دون الزامها "العمل" بمقتضاها. وهذه الليونة العقيدية جعلت مشعل يعترف بأن اسرائيل دولة "قائمة" ويقبل بدولة فلسطينية على حدود 1967. وهذا من شأنه ان يسهل ولادة الحل في مكة.

بدوره عباس المحرج بالدعم العسكري الاميركي المعلن لأجهزته الامنية وبالتسهيلات الاسرائيلية لسلطته، يعلم ان المساعدات الاميركية والاسرائيلية له لن تؤدي الا الى نتيجة عكسية. ويكفي تكرار نفيه الشديد لتلقي السلاح من الخارج لفهم الارباك الذي يسببه الدعم الاميركي والاسرائيلي له. من هنا فان تعبيد السعودية طريق المساعدات وجعله عربيا، يرفع الاحراج عنه. كما ان الانفراج السياسي والاقتصادي يقوي الاعتدال على حساب التطرف مما قد يعينه في قلب المعادلة الداخلية وان بعد حين. لذا فانه يذهب الى مكة آملا بالنجاح لا بالفشل.

لكن نجاح الحل السعودي لا يكون الا بأن تمنح الرياض المكانة نفسها لرأسي السلطة عباس وهنية... وهذا ما فعلته بتوجيهها دعوة الى الطرفين على قدم المساواة.
وهكذا، اذا نجحت الرياض في اعادة ترميم الثقة المدمرة بين "حماس" و"فتح" ودفعت في اتجاه حكومة وحدة ترضي المجتمع الدولي، تخطو المملكة خطوة مهمة نحو مسعاها الى استعادة دورها العربي وابعاد فلسطين الداخل عن لعبة الصراع الاقليمي وسحبها من الوصاية الايرانية والتحرر من الحظر الدولي والاسرائيلي المفروض على الفلسطينيين.
ثمة مؤشرات كثيرة توحي التفاؤل... بيد ان الفيصل هو في ما قد يحصل ما بعد مكة وخارج الديار الحجازية. لذا فان النجاح او عدمه مرتبط بعوامل عدة ابرزها اربعة:

اولا: داخليا، ان الثقة انهارت بالكامل بين "فتح" و"حماس" وبلغ الخلاف بينهما حد التخوين والتخوين المضاد، وتجاوز التنافس السياسي الى الاقتتال بأبشع صوره مخلفا ارثاً من الحقد والضغائن والثأرات ما يكفي، لاطاحة اي اتفاق سياسي مهما تكن رعايته قوية اذا لم يكن مدعما باتفاق شامل.
ثانيا: اسرائيل التي تعتبر الحرب الاهلية الفلسطينية اكبر هدية يمكن ان تتلقاها، ستعمل ما في استطاعتها للدفع بهذا الاتجاه الذي يوفر لها التملص من اي التزام حيال المجتمع الدولي بحل سياسي.

ثالثا: اين الولايات المتحدة التي تعتبر "حماس" منظمة ارهابية من هذا الحل؟ وهل هي التي اوعزت للرياض بالعمل على سحب الحركة من الاحضان الايرانية؟ ام ان المملكة بادرت من تلقائها الى احتضان "حماس"؟ واذا كان الحل هو خارج الرعاية الاميركية، فهل يمكن عناصره ان تكتمل؟ واذا كان ضمن الرعاية الاميركية فهل يمكنه ان يعيش؟
رابعا: لا شك في ان للسعودية وزنا عربيا مؤثرا وفاعلا، لكن الصراع المحتدم على المنطقة والاصطفاف العربي ما بين "معتدلين" و"متطرفين" جعلا فلسطين مثل لبنان والعراق ساحات مفتوحة لالعاب الآخرين.

من هنا السؤال الذي يفرض نفسه: هل ان الاحتضان السعودي للوضع الفلسطيني كاف لتأمين الرعاية العربية للحل ام انه عنصر مؤجج للصراع؟

الاجابة عن هذا السؤال تنتظر قمة الرياض وهل ستكون جامعة للعرب ومقربة لوجهات النظر بين طرفي الصراع الجديد؟ ام انها تكرس الخلاف والتباعد وتاليا الدفع بالصراع الى غاربه في كل مناطق التأزم ومن بينها العراق ولبنان، وطبعا فلسطين حيث الايدي نفسها في الاماكن الثلاثة؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف