مانحون أجانب يعدون بالأموال فيما يتهاوى لبنان

روبرت فيسك - الاندبندنت


عندما كان الحضور يصفقون للرئيس جاك شيراك لافتتاحه مؤتمر مساعدة لبنان كانت قوات الجيش اللبناني تقاتل للسيطرة على أسوأ قتال طائفي حتى الآن في العاصمة اللبنانية. على الأقل أربعة طلاب قتلوا بطلقات نارية.

خلال هذا اليوم تم نقل الآلاف من مؤيدي حزب الله وحركة أمل من الضواحي الجنوبية إلى حرم الجامعة العربية اللبنانية حتى كان الطلاب - سنة موالين للحكومة - وشيعة موالين لحزب الله - يتعاركون في قاعات المحاضرات، خشي الكثير من سكان المنطقة السنة أن يقوم الشيعة بطردهم من منازلهم وكان الجيش اللبناني قد أخلى الطلاب السنة بشاحناته العسكرية من مبنى الجامعة.
وجاءت مناشدات من قيادات حزب الله ومن سعد الحريري لإنهاء الاشتباكات الأخيرة وبالطبع اتهم كل طرف الآخر. وفشل الجيش اللبناني في استعادة النظام على مدى عدة ساعات، ولم يستطع سوى إطلاق النار في الهواء في محاولة يائسة لإبعاد المتعاركين عن بعضهم البعض، ولا بد أن الكثير من المشاركين في مؤتمر باريس تساءلوا كيف يخطط لبنان، الذي يقبع تحت ديون تفوق 40 مليار دولار، لإنفاق الأموال التي وعد بها فيما من الواضح أن البلد يتهاوى يوما بعد يوم.

تعهد الأمريكيون والسعوديون والبنك الدولي وصندوق النقد العربي بدفع مئات الملايين من الدولارات لحكومة السنيورة، لكن رئيس الوزراء اللبناني يعرف بلا شك كيف يتدهور الأمن في بلده بسرعة، في إحدى اللحظات بدا كأنه لن يستطيع حتى الوصول إلى باريس، من المستحيل تقريبا الآن أن يتذكر المرء أن الغاية الأساسية من مؤتمر باريس كانت لجمع الأموال لاستعادة البنى التحتية في لبنان، والتي دمرتها حليفة أمريكا - إسرائيل - خلال الصيف الماضي.

في بيروت، من الواضح أن ضباط وقادة الجيش اللبناني لا يستطيعون أن يطلبوا من جنودهم إطلاق النار على مواطنيهم عندما يرون أنهم يستخدمون أسلحة. قال أحد صغار الضباط فيما كان يراقب عراكا بين السنة والشيعة في بيروت "نحن هنا لحماية جميع أبناء شعبنا وهؤلاء هم جميع الشعب اللبناني".

المشكلة الحقيقية طبعا هي أن الجيش اللبناني معظمه من الشيعة وفي اللحظة التي ستصدر الأوامر بإطلاق النار على أبناء طائفتهم فإن وحدة الجيش لا يمكن ضمانها.
أن يجتمع "العظماء" و"الطيبون" في باريس للمساعدة في "إنقاذ" لبنان يظهر إلى أي حد من اليأس وصل الأمر في شوارع بيروت. إن المخاطر للعالم الغربي كبيرة وهو يرى التطرف وراء أي خطر في دول الشرق الأوسط.

إن مجرد النظر إلى هذه المفاوضات بهذه الطريقة يبين مدى ظلام الظلال التي تلقي بنفسها الآن في المنطقة كلها. من حدود باكستان إلى البحر الأبيض المتوسط، جميع المناطق تقريبا تمر الآن بأزمة. فجأة يبدو كل كلام الغرب عن حرب سنية - شيعية حقيقة مقلقة. ولكن في عالم عربي متعود على المؤامرات - ليس جميعها من وهم الخيال - هناك الكثيرون الذين يعتقدون أن نية الغرب من البداية كانت تقسيم بلادهم على أسس دينية.