المطلوب: سلام منفصل لكل من الصرب والألبان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تيموثي وليام ووترز - نيويورك تايمز
قبل سنوات قليلة فحسب، كان هناك تفاؤل يتسم بالتحفظ حيال مستقبل كوسوفو، حيث تم تفكيك نقاط التفتيش، وكانت عملية تأسيس معايير للحكم تجري على قدم وساق. لكن ذلك كان قبل اندلاع اعمال الشغب الطائفية في عام 2004 وقبل ان تفضي رؤى الالبان والصرب غير المتناغمة الى حلول الجمود في السنة الماضية حول الوضع النهائي للاقليم. وهكذا الان، وفي اعقاب سبع سنوات من وضع الناتو نهاية للهيمنة الصربية الوحشية على الاقليم، بات المجتمع الدولي على وشك فرض حل.
ولعل من سوء الحظ أن يكون هذا الحل هو الحل الخاطئ، حيث تمنح الخطة المرجحة القليل جدا للألبان وتأخذ الكثير جدا من الصرب. لكن ثمة بديلاً لو أن المجتمع الدولي يأخذه بعين الاعتبار؛ وهو التقسيم. ومن الممكن ان تفضي المرونة في موضوع الحدود إلى جعل كوسوفو مستقلة أسهل على الحكم، وأن توفر حماية أكبر للاقليات، وتجعل من أمر التوصل الى صفقة متفاوض عليها امرا ممكن التحقيق. إن التقسيم ممكن، وربما يكون الشيء الصائب الذي ينبغي فعله.
ومع ذلك، فإن أي اقتراح يتحدث عن التقسيم يجري استثاؤه. ونجد خطة الامم المتحدة التي قدمت اخيرا الى حكومتي الصرب وكوسوفو وجرى تسريب تفصيلاتها في الاسبوع الماضي وهي تتبع الحكمة السائدة. فهي تعرض نصف دولة على كامل الاقليم، حيث ستحصل كوسوفو على معظم الصلاحيات الخاصة بسيادة الدولة، ولكن من دون الحصول على استقلال تام، وبدون اي اعادة نظر في حدود الإقليم. لكن ذلك المزيج لا يلقى القبول لدى الالبان ولا الصرب، فقد كان الألبان عانوا الأمرّين في ظل حكم الصرب، وهم يستحقون الاستقلال التام. ومع ذلك، فإن أي وضع منفصل لكوسوفو يشكل خطراً على الأقليات من غير الألبان هناك.
لعل صيغة المجموعة الدولية حول تثبيت "كل كوسوفو" قد أجبرها على وضع مخططات معقدة لاقتسام السلطة للتوفيق بين شعبين تنعدم الثقة بينهما قبل ان تفكر ملياً في موضوع الاستقلال. وقد كانت كلف منهج "المعايير قبل الوضع" هذه قابلة للتكهن. ومنها خلق بيئة استثمار تفتقر إلى الثقة، توقعات حانقة وهشاشة تعمل على تقويض استقرار المنطقة.
كان الأمر ليكون شيئاً مختلفاً لو أنه تم دمج وربط هذين الشعبين المتشككين على نحو لا ينفصم، لكنهما ليسا كذلك. ذلك أن معظم الصرب في كوسوفو يعيشون في قطاع صغير في اقصى الشمال. وسيسمح لهم التقسيم بالاستمرار في العيش في صربيا. وستكون الجيوب المتبقية اقل تهديدا للالبان، ما يجعل كوسوفو اكثر قابلية للحكم، وأن يجعل من بقية السكان الصرب أكثر أمناً.
يمكن للتقسيم أن يفضي الى كسر الجمود الذي يعتري عملية التفاوض. فقد تتنازل القيادة الالبانية في بريستينا عن الشمال الذي يقطنه الصرب نظير اعتراف فوري وحكم انسيابي من دون اشراف دولي. اما صربيا، فقد تخفف من مقاومتها لاستقلال كوسوفو ان هي استطاعت الاحتفاظ بالجزء الشمالي، وهو ما قد يفضي الى تسهيل الحصول على الموافقة الدولية بعد ان تعهدت روسيا بالاعتراض على اي خطة لا تقبل بها صربيا.
تظل الاعتراضات على التقسيم عديدة، لكنها ليست ملزمة. ويفترض بعض المراقبين ان اعادة دراسة الحدود سيقوض استقرار دول اخرى. لكن قمع الحديث عن التقسيم يمكن ان يفضي بدوره الى نفس النتيجة. ولك ان تتصور العواطف التي ستلتهب لو اننا عارضنا فصل كوسوفو عن صربيا.
وفي الأثناء، يبدي آخرون مخاوف من ان التقسيم سيحرم كوسوفو من المصانع والمناجم في "تريبكا" التي تقع إلى الشمال من كوسوفو. لكن الاكثر أهمية بكثير للاقليم الذي لا يطل على بحر هو وجود علاقات طيبة مع صربيا، وتوفر مناخ آمن للاستثمار. وهما امران لا يبدو ان ايا منهما سينجم عن حل الامم المتحدة. وما يزال آخرون يؤكدون أن السماح لصربيا بالاحتفاظ بجزء من كوسوفو يعتبر بمثابة المكافأة لما مارسته من التطهير العرقي، رغم أن الجميع يوافقون على ان هناك ما يبرر لنا الحد من سيطرة صربيا على المناطق الالبانية. والسؤال الفعلي: كم يكون حجم القضم الضروري من سيادة صربيا؟.
ليس هناك من شيء سحري او اخلاقي يتعلق بحدود كوسوفو، فهي من صناعة يوغسلافيا تيتو. وهي لم تستجب ابدا للواقع العرقي او تسهم في خلق السلام الاجتماعي. وإذا ما فشلت الحدود في تعزيز الأمن وضمان العيش الكريم، فإنها ينبغي أن تتغير. ولهذا فضلنا فصل كوسوفو عن صربيا في المقام الاول. وذلك تقسيم ايضا. وهكذا، لماذا يعتبر اقتطاع جزء اصغر من صربيا خطأ في ذاته؟
إن البان كوسوفو يستحقون استقلالاً حقيقياً، وبينما ينبغي على صربيا أن تدفع الثمن، فإن الصرب الأفراد ينبغي أن لا يعانوا بلا طائل. ولعل تغيير الحدود - والحد من التقسيم على النحو الذي نقوم به - قد يجعل من الاستقلال الكامل والعادل ممكنا.
ان التقسيم ليس أمراً يتسم بالكمال، فهو شيء مؤلم وينطوي على مخاطر. لكن الخطة الراهنة لن تحل وضع كوسوفو غير المؤكد، ولن تمنع كامل شعوب البلقان من الخروج الى الطرقات مرة اخرى. ومن المؤكد أن الأمور ستكون أفضل لو تم تحريك الحدود من ترك الناس عالقين في داخلها. وهو ما يبدو أشبه بحجة اخلاقية لاعادة وضع موضوع التقسيم على طاولة المفاوضات.