جريدة الجرائد

المغرب: العدالة والتنمية يترشح في كل الدوائر بحسب أمينه العام

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أجرى الحوار علي أنوزلا: قال سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، في حوار تنشره "إيلاف" نقلا عن يومية "المساء" المغربية، إن الحزب سيرشح نفسه في كل الدوائر الانتخابية. وانتقد القيادي في الحزب الأصولي الحكومة لعدم جديتها للحد من بلقنة المشهد الحزبي المغربي. وأعلن العثماني عن تقديره للعمل الذي تقوم به ترانسبراني" لمحاربة الرشوة، وأكد أن الفساد والرشوة يؤثران على كل جهود التنمية والنهوض بالمجتمع.

وتحدث في حواره الطويل مع الصحافي علي أنوزلا عن مجموعة من القضايا الهامة والآنية، نترك لقراء "إيلاف" اكتشافها.

س- صدر مؤخرا تقرير عن منظمة "ترانسبرانسي المغرب" اعتبر فيه حزبكم من بين أكثر الأحزاب "تنظيما وهيكلة وديمقراطية"، كيف تلقيتم هذا التقرير؟

ج- منذ فترة ونحن نثمن العمل الذي تقوم به جمعية "ترانسبرانسي"، لكون الشفافية والدفع بها في تدبير الشأن العام ومقاومة الفساد الإداري والمالي والسياسي تعتبر من بين أولوية الأولويات في المغرب. ووجود الفساد بهذه الطريقة وفي مستويات ممتدة يؤثر على كل جهود التنمية والنهوض بالمجتمع، والكثير من التقارير الدولية والمحلية تؤكد استشراء هذه الظاهرة، لذلك فنحن نقدر جهود كل المؤسسات التي تعمل في هذا الاتجاه، وبطبيعة الحال نقرأ ونهتم بما يصدر عنها من تقارير. وبالنسبة لما كتب في نفس التقرير عن حزبنا فنحن معنيون به لذلك فشهادتنا ستكون مجروحة في حق ما قيل عنا، لكن جميع أعضاء الحزب لما اطلعوا على هذا التقرير أحسوا بأهمية العمل الذي يقومون به، فعمل الحزب ليس عمل شخص أو هيئات وإنما هو عمل كل عضو ينتمي إلى هذا الحزب من النساء والرجال وفي أي موقع كان في قرية أو في مدينة. وأظن أن مثل هذه التقارير تزيدنا وعيا بأهمية الدور الذي نقوم به للإسهام في رفع مستوى الجدية في الحياة السياسية. لأننا نعتقد أن لدى المواطن قناعة بأن الحياة السياسية لم تعد في مستوى المصداقية والجدية المطلوبتين في العمل السياسي النضالي الفاعل والمنتج. ومع الأسف فبعض الإخوان ساهموا في ترسيخ مثل هذه القناعة سواء من خلال التراخي في العمل البرلماني أو السياسي العام أو قلة التواصل مع المواطنين أو عدم الوضوح في المواقف أو قلة المبادرات. ومع ذلك نقول بأن كل ما يقال عنا من إيجابيات لا يدفعنا إلى الغرور فنحن نعرف قدرنا ونحن نقوم بالتقييم الدوري المستمر لعملنا ونرحب بكل الانتقادات التي توجه إلينا نريدها فقط أن تكون موضوعية ومبنية على أسس بناءة. ومنذ سنة ونصف قمنا بتنظيم ندوة تحت عنوان "حزب العدالة والتنمية بعيون ناقدة" دعونا إليها فاعلين إعلاميين وسياسيين واستمعنا إلى انتقاداتهم وملاحظاتهم، وكان لنا العزم على تنظيم مثل هذه الندوات بصفة دورية، لكن الاستحقاقات السياسية المتتالية لم تسعفنا، أما العزم فمازال موجودا على تكرار هذه التجربة، لأننا نعتقد أن كل عمل الإنسان ناقص ويحتاج دائما إلى المراجعة و التطوير.

س- الملاحظ أن رد فعلكم هذه المرة جاء إيجابيا على عكس المرة السابقة عندما تصديتم بالنقد لتقرير آخر كان عبارة عن استطلاع رأي قام به معهد أمريكي وتوقع فوز حزبكم في الانتخابات المقبلة بنسبة كبيرة من أصوات الناخبين، هل كان رد فعلكم آنذاك لكونكم كنتم تخشون من تضخيم صورة حزبكم أمام الرأي العام قبيل الإنتخابات، أم أنكم لا تعتقدون فعلا في تحقيق تلك النتائج التي توصل إليها معدوا ذلك الاستطلاع؟

ج- لهذين السببين معا. أولا لأن هناك نزعة للتخويف من حزب " العدالة والتنمية"، وهذه ليست المرة الأولى فقبل كل استحقاقات انتخابية تصدر تقارير في صحف أجنبية وأحيانا محلية تضخم من حزب العدالة والتنمية، وأذكر أنه قبيل الانتخابات التشريعية لعام 2002 تحدثوا عن الاكتساح الإسلامي وصدرت عناوين تهول من فوز حزب "العدالة والتنمية"، ورأينا في طريقة تسويق تلك الاستطلاعات أحيانا وليس دائما أن فيها نوع من الاستعداء على الحزب وأحيانا نوع من التهكم لدى بعض الأطراف الأخرى.
كما أنه من الناحية المنهجية والعلمية وجهت انتقادات إلى الإحصائيات التي نشرت، لكون الأرقام التي نشرت ليست هي الأرقام الحقيقية التي توصل إليها استطلاع الرأي، لأنها ركبت في أسئلة متتالية لتعطي رقم 47 في المائة الذي أثار كل تلك الضجة التي صاحبت الإعلان عن نتائج ذلك الاستطلاع. وبالنسبة إلينا اعتبرنا أن الأرقام غير دقيقة وأكثر من ذلك فيها مبالغة، وحتى لو افترضنا صحتها العلمية فإنها تقدم مؤشرا عن ميول الناخبين دون الأخذ بعين الاعتبار باقي المؤشرات المتحكمة في نتائج الانتخابات، بدءا من نمط الاقتراع النسبي عبر اللائحة وعلى أساس أكبر بقية هو بطبيعته اقتراع يشتت الخريطة السياسية، وكان حزبنا أول من نادى بتطبيق مثل هذا النمط من الاقتراع وجاء ذلك في مذكرة أصدرناها عام 2002 حملت عنوان "نحو انتخابات شفافة ونزيهة"، والسبب في مثل هذا الاختيار هو طمأنة النفوس والجهات السياسية بكل أنواعها إلى أن حزب "العدالة والتنمية" يريد أن يكون شريكا ومساهما في عملية الإصلاح والبناء والتنمية في المغرب، يريد أن يضع يده في يد الآخرين ولا يحلم ولا يريد بل ويعتقد أنه من غير الممكن أن يكون طرفا مسيطرا إلى حد أن يحصل على نسبة 47 في المائة من أصوات الناخبين المعبر عنها.

س- بالنسبة إليكم داخل الحزب هل تقومون باستطلاعات رأي داخلية لمعرفة مدى تأثير الحزب، وما هي توقعاتكم بخصوص مشاركته في الانتخابات المقبلة؟

ج- قد نحاول القيام باستطلاعات في المستقبل، وحسب علمي فإن جمعية "2007 دابا" بصدد انجاز استطلاع للرأي مغربي لمعرفة توجهات الناخبين وانتظاراتهم، ونتمنى أن ينجح هذا الورش وتستفيد منه جميع الأحزاب السياسية بما فيها حزبنا.

س- قبل فترة أعلن ادريس جطو الوزير الأول المغربي أمام رجال أعمال فرنسيين أن أي حزب لن يستطيع تجاوز سقف 20 في المائة من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات المقبلة، ألا تشكون في أن السلطة تتحكم في نتائج الانتخابات من خلال القوانين المنظمة لها؟

ج- انطلاقا من القانون التنظيمي لمجلس النواب والقوانين الأخرى المصاحبة له يمكن اعتبار أن جزءا معتبرا من المؤثرات في نتائج الانتخابات تم الحسم فيها. فقد كان من الضروري القيام بمراجعة اللوائح الانتخابية ووضع لوائح جديدة. فمن غير المعقول أن نعتمد على لوائح وضعت منذ أكثر من عشر سنوات وفي عهد معروف الطريقة التي كانت توضع بها تلك اللوائح، وقد انتقدتها كل الأطراف الحزبية التي تشارك اليوم في الحكومة. كما أن جميع المراجعات الاستثنائية التي أتت من بعد لم تتمكن ولا يمكنها القانون من إزالة الاختلالات الموجودة فيها، لأن المراجعة الاستثنائية لها حدود ولا تمكن من إزالة الاختلالات السابقة، وقد حاولنا هذا الأمر مرارا من خلال محاميي الحزب، فمثلا في دائرة انزكان التي انتمي إليها توجد لدينا أسماء غريبة مسجلة على لوائح الانتخابات مثل اسم فريد الأطرش.

س- )مازحا) هل هو فريد أطرش مغربي أم الفنان العربي الذي توفي منذ سنوات؟

ج- (يضحك) هو فريد أطرش وهمي بدون عنوان ولا هوية، ومثله من الأسماء الوهمية موجود في تلك اللوائح التي كما قلت وضعت في ظروف استثنائية وانتقدتها أحزاب المعارضة السابقة بشراسة، والغريب أنهم اليوم يقبلون بالتنافس في الانتخابات المقبلة على أساسها. فمن هنا بدأ بعض الخلل، ثم بعدها بدأ مشكل البلقنة الذي تحدثت عنه جميع الأطراف السياسية، وكان الغرض من قانون الأحزاب هو الحد من هذه الظاهرة التي تناولتها الكثير من الخطب والتوجيهات الملكية منذ سنوات، ولما جاء قانون الانتخابات أقرت نسبة 5 في المائة كعتبة للتمويل وقيل آنذاك أن الهدف من وضع تلك العتبة هو دفع الأحزاب إلى أن يتكتلوا بهدف تجميع الساحة السياسية، لكن لما أتينا إلى الانتخابات التي هي المحك الحقيقي للبلقنة تبخرت الوعود لدى الجميع وأقروا عتبة محلية بدلا من إقرار عتبة وطنية ولو متدنية، فعتبة 5 في المائة وطنيا أحسن بكثير من تطبيق نفس النسبة على العتبة المحلية، فكل دول العالم التي تبنت نمط الاقتراع باللائحة تشفعه بعتبة وطنية لأن نمط الاقتراع اللائحي بطبيعته يشتت ونظام العتبة يجمع. وهذا الإجراء لا ينبغي أن يكون الهدف منه الإقصاء، لكن مع الأسف لم تكن هناك شفافية بين الحكومة والأحزاب الموجودة خارج الحكومة وهي كثيرة سواء منها تلك الممثلة أو غير الممثلة في البرلمان . كان ينبغي أن يكون هناك نقاش وطني حول الموضوع ويفتح حوله حوار شفاف يؤدي إلى نتائج حقيقية فيما يخص تبني عتبة وطنية، وهذا من بين مؤشرات عدم الوضوح فيما ستؤول إليه الخارطة السياسية بعد الانتخابات المقبلة.

س- هناك مسألة أخرى مهمة تتعلق بالتقطيع الانتخابي ، ولا أدري لماذا تسكت الأحزاب خاصة منها المعارضة على ترك هذا الموضوع بيد الأغلبية وبيد وزارة الداخلية بالخصوص لتحسم فيه؟

ج- نحن لم نسكت على هذا الموضوع، فمقترحنا واضح يقول إن التقطيع الانتخابي يجب أن يكون بقانون كما في كثير من الدول حيث تتقدم الحكومة بقانون ويصادق عليه البرلمان بعد مناقشته، وقد طالبنا بهذا القانون في المذكرة التي تقدمنا بها في انتخابات 2002 وطالبنا به هذه المرة أيضا في المذكرة التي أصدرناها عام 2006، والمشكل لم يعد ينحصر في من يضع هذا التقطيع وإنما متى سيتم وضعه، وقد جرت العادة أن لا يعلن عنه إلا في آخر لحظة وفي هذا نوع من الارتباك في العمل الحكومي، وبالإضافة إلى موضوع التقطيع هناك موعد الانتخابات، فمن الفظاعة أننا لا نعرف حتى اليوم موعد الانتخابات المقبلة، فكل هذه الأمور تعكس ارتباكا في الإعداد للانتخابات المقبلة ومع ذلك نتمنى أن تمر في ظروف مقبولة.

س- هل ستقبلون هذه المرة أن تفرض عليكم سقف ترشيحات محددة، أم هل ستبادرون من تلقاء أنفسكم إلى تقليص مشاركتكم في الانتخابات المقبلة كما حصل في تلك السابقة؟

ج- كان ل"حزب العدالة والتنمية" خط واضح في تقليص مشاركته منذ سنة 1997، وذلك أخدا بعين الاعتبار الكثير من الظروف الوطنية والإقليمية والدولية ولعدد من الاعتبارات الأخرى التي تجعلنا نطمح إلى أن نكون إضافة ايجابية على الساحة السياسية ونساهم بديناميكية في المستقبل. وهذه المرة ارتأينا أن تلك المبررات السابقة لم تعد موجودة وأن الحزب في الغالب سيرشح نفسه في جميع الدوائر إلا إذا لم يتوفر لديه المرشح المؤهل في بعض الدوائر.

س- هل ستكون ترشيحات مشتركة بينكم وبين أحزاب حليفة لكم؟

ج- لم يتم الحسم في هذا الموضوع بعد.

س- وهل أجريتم اتصالات مع وزارة الداخلية للتنسيق في هذا الموضوع بالذات؟

ج- أبدا، أبدا..

س- ولم يسبق طرح مثل هذا الموضوع في اللقاء الذي جرى بينكم وبين وزارة الداخلية الصيف الماضي؟

ج- لا، لم يطرح قط رغم أن بعض الصحافيين كتبوا في هذا الموضوع، لكن أأكد أن ذلك اللقاء كان منصبا على التداعيات والظروف المحيطة بما سمي ب "خلية أنصار المهدي"، وأتفهم أن المسئولين فوجئوا في تلك الفترة بتلك الخلية، وكان النقاش كله منكبا حولها وعبرنا عن رأينا في الموضوع، ولم يطرح قط موضوع الانتخابات.

س- وهل طرح موضوع العلاقة بين الحزب وحركة "الإصلاح والتوحيد"؟

ج- النقاش حول هذا الموضوع مستمر.

س- سؤالي حول ما إذا كان الموضوع طرح أثناء اجتماعكم مع وزارة الداخلية؟

ج- (بعد فترة تأمل قصيرة) .. لا، لم يطرح وما طرح هو موضوع تداعيات الاعتقالات التي شهدها الصيف الماضي، فقد كان الاعتقاد السائد آنذاك لدى بعض المسئولين أن عناصر تلك الخلية ينتمون فعلا إلى الشيعة لأن اسم الخلية يحيل على الشيعة، وكان النقاش منكبا حول هذا الموضوع وما قد يشكله من مخاطر.

س- ما ضخم من ذلك اللقاء هو تكتمكم عنه، ألم يكن من مصلحة الحزب الذي يتعامل بشكل يومي مع الرأي العام أن يبادر إلى التوجه للرأي العام لإخباره بما جرى في ذلك اللقاء تفاديا لكل التأويلات التي أعطيت له؟

ج- ربما كانت مثل هذه المبادرة ستكون مفيدة، لكن عودة إلى هذا اللقاء أقول بأنه حضره سبعة من أعضاء الأمانة العامة فلا مجال إذن للتكتم، وقد تم تقديم تقرير كامل عنه داخل هيئات الحزب المعنية، ولم يخطر على بال أي أحد أن لقاء حزب سياسي مع مسئولي البلد كيف ما كان نوعهم وخاصة أنهم كانوا وزراء، سيطرح أي إشكال من أي نوع كان.

س- خلال المؤتمر الأخير لحركة "الإصلاح والتوحيد" اعتبر إعادة انتخاب أعضاء قياديين من الحزب داخل المكتب التنفيذي للحركة بمثابة جواب نوع ما على ما طلب منكم في ذلك الاجتماع بضرورة الفصل بين الحزب والحركة؟

ج- أولا لم يطلب منا أي شئ سواء من وزارة الداخلية أو من غيرها، ثانيا هناك مساطر واضحة في مؤتمراتنا تنظمها وانتخابات شفافة تفرز هيئات. ولذلك لم يستحضر مثل هذا البعد، ويمكن في محطات مقبلة أن لا نجد أي عضو من الحزب داخل هياكل الحركة وقد يحدث العكس، فهذا له علاقة بالانتخابات والمساطر التي تخضع لها انتخابات الهيئات. فالحزب والحركة كلاهما مستقل عن الآخر.

س- وكيف تحددون اليوم علاقة الحركة مع الحزب؟

ج- هي علاقة شراكة في استقلالية تامة وكاملة.

س- أليست حركة التوحيد والإصلاح هي الوعاء الإيديولوجي وأيضا الوعاء الانتخابي بالنسبة لكم خلال فترة الحملات الانتخابية؟

ج- في انتخابات 2002 صوت لفائدة حزب العدالة والتنمية ما يقرب من 700 ألف شخص، وهؤلاء ليسوا كلهم في حركة التوحيد والإصلاح، فعدد أعضاء هذه الحركة محدود، وبالتالي فإن الوعاء الانتخابي لحزب العدالة والتنمية واسع وفسيح، بل يمكن أن أقول اليوم، إنه وعلى الرغم من أن عدد أعضاء حركة التوحيد والإصلاح كان يشكل في البداية 70 في المائة من عدد أعضاء حزب العدالة والتنمية فإنه اليوم يقل حتى عن 50 في المائة. فالحزب ليس تابعا للحركة ولا الحركة تابعة للحزب، فحزب العدالة والتنمية ليس له تقارب مع حركة التوحيد والإصلاح فقط، وإنما مع سيل من الجمعيات والمؤسسات التي تتبنى نفس الأفكار والمبادئ والتوجهات العامة في عملية الإصلاح، ولها نفس الأرضية الفكرية المشتركة. وأظن بأن هذا أمر جيد، فالأحزاب السياسية كلها تبحث الآن عن أرضيات في المجتمع تستند إليها حتى لا تكون برامجها مقطوعة الجذور عن المجتمع. وأعتقد أنه يجب على الأحزاب أن تعبر عن حساسيات في المجتمع وعن توجهات فكرية ومطالب تعمل على تلبيتها حتى يكون عملها السياسي مبررا، وأن تستجيب لمطالب قواعدها في المجتمع وليس لمطالب مناضليها وأعضائها فقط.
لهذا أظن بأن المشروع هو الذي يعطي المصداقية للعمل السياسي ويترك له جذورا في المجتمع، والعمل السياسي الذي ليست له جذور هو عمل ذو فائدة قليلة وسرعان ما يكون سببا في زرع عدم الثقة داخل المجتمع، لذلك يجب أن ننطلق دائما من توجهات ومطالب واضحة للمجتمع. لكننا نعتز بكوننا كقيادات للحزب تكونا وتربينا في حركة التوحيد والإصلاح.


س- أنتم الآن بصدد إعداد برنامج أطلقتم عليه اسم برنامج الحكم، لماذا هذا العنوان؟

ج- نحن بصدد إعداد برنامج للحزب يصلح العمل به سواء ساهم الحزب في الحكومة المقبلة أو بقي في المعارضة. ونحن وضعنا لذلك منهجية واضحة من أجل تعميق وتجديد البرنامج الذي كان أعده الحزب سنة 2002 ونشر ملخصه أثناء الحملة الانتخابية. وقد اقتضت المنهجية الجديدة أن نشكل ما يقرب من 39 لجنة موضوعاتية تهتم بمختلف جوانب الشأن العام الوطني والمحلي. ويشتغل في هذه اللجنة أكثر من 120 خبيرا بمساعدة خبرات أخرى من خارج الحزب. وقد تجاوزنا مرحلة التشخيص في الوقت الراهن ونظمنا منذ أسبوع تقريبا يومين دراسيين لإتمام عملية التشخيص والاستماع إلى مختلف لجان الخبرات الموجودة التي تتداول فيما بينها المعلومات منهجيا وعمليا لننتهي لاستخراج التوجهات العامة للبرنامج وندخل في ورش وضع مقترحات البرنامج.

فنحن نمضي إذن وفق خطة أعدتها لجنة خاصة تشرف على الانتخابات ونتابع عن كثب هذا الورش، وهو ورش بطبيعة الحال غير مستعجل لأن البرنامج الذي سيقدمه الحزب قبيل الانتخابات يجب أن يشمل كل جديد سيقع حتى في سنة 2007 سواء تعلق الأمر بالجديد الوطني أو المحيط الجهوي والدولي. ونحن سنتابع هذا الورش حتى نستخلص الخلاصات اللازمة.

س- كل حزب يعد برنامجا انتخابيا يكون الدافع من ورائه الرغبة في ممارسة الحكم، فهل تعتقدون، في حال فوزكم في الانتخابات المقبلة، أن البرنامج الذي تشرفون اليوم على إنجازه سيكون قابلا للإنجاز؟

ج- الاستعداد الذاتي موجود، لأن الحزب لديه طاقاته البشرية الكفأة، ولديه عزم أكيد للإسهام في تنمية البلاد ودعم الأوراش المفتوحة، لكن القرار في مسألة المشاركة لا يمكن اتخاذه الآن، لأن المشاركة في أي تجربة حكومية ترتبط بالظروف والشروط السياسية. فالمشاركة ترتبط من جهة بنتائج الانتخابات وبالجو الذي ستمر فيه هذه الانتخابات، ومن جهة ثانية، بالتركيبة التي ستكون في البرلمان بعد الانتخابات وبالوزير الأول الذي سيعينه جلالة الملك وبالأحزاب المقترح التآلف معها وبالبرنامج المتفق عليه وبنوعية المقاعد التي ستطرح على الحزب.

إذن هناك مجموعة من الشروط التي سندرسها في حينها. ووفق القانون الأساسي للحزب، فإن المجلس الوطني هو الذي يتخذ قرار المشاركة في أي حكومة مقبلة. فإذا اقتضت الظروف والشروط المحيطة بالانتخابات أن نشارك في الحكومة فنحن مستعدون لتحمل مسؤولياتنا، أما إذا اقتضت عدم المشاركة فنحن مستعدون أيضا للبقاء في المعارضة.

س- أنتم مستعدون للمشاركة حتى إذا لم تتولون منصب الوزير الأول استنادا إلى النتائج المحصل عليها؟

ج- بغض النظر عن هذا الأمر يمكن أن نشارك.

س- وحتى إذا كان الوزير الأول غير حزبي مثل ما هو موجود في الحكومة الحالية؟

ج- نحن نقول بأن الوزير الأول المقبل يجب أن يكون حزبيا. على المغرب أن يضيف في كل مرحلة خطوة جديدة في مساره الديمقراطي وألا يتوقف أو ينتكس، وهذا من بين الأمور التي تعتبر مؤشرا على تطوير المسلسل الديمقراطي الوطني.

س- وهل لمستم من خلال تعاملكم اليومي مع الإدارة العمومية وجود أطر يمكن أن تساعدكم على تنفيذ برنامجكم في حالة ما ترأستم الوزارة الأولى أو أشرفتم على قطاعات أخرى؟

ج- هذا السؤال يمكن الإجابة عنه في مستويين، الأول يقتضي أن الإدارة المغربية تضم كفاءات ذات خبرة وتجربة وتكوين مهمة، وفي كثير من الأحيان لم تعط لها قيمتها، وعموما الإدارة المغربية من حيث طاقاتها البشرية يعول عليها كثيرا، لكن طريقة التدبير العامة هي التي تعرف خللا وتحتاج إلى تطوير حكامتنا وإلى تخليق عملنا الإداري. وفي المستوى الثاني، يمكن أن أقول إن الحزب فعلا سيكون له برنامج وسيعرض أولوياته وأهدافه على كافة المستويات، والكثير منها لن يخرج عن نطاق ما هو معروف من الأهداف المشتركة بين جميع المغاربة والتي يريدون الوصول إليها، لكن بمنهجية جديدة فنحن مثلا نريد أن نخفض نسبة الأمية إلى النصف في أفق 2012، ونريد أن نرفع مرتبة المغرب في سلم التنمية البشرية من 124 إلى 90 في أفق معين، ونريد كذلك أن نحسن جودة التعليم ونواجه الاختلالات التي تواجهه حتى يكون ذا جودة من جهة وليتكيف مع الحاجيات الاجتماعية والتنموية. وفي مجال السكنى نريد معالجة الاختلالات الموجودة، فللأسف الشديد، على الرغم من الوعود والأحلام والشعارات التي رفعتها الحكومة لا تزال هناك اختلالات كبيرة جدا عولج بعضها في مناطق معينة، لكن هناك فشل في مقاومة أحياء الصفيح والدور الآيلة للسقوط في مناطق أخرى...

الإضافة النوعية التي سيقدمها حزب العدالة والتنمية في حال صعوده للحكم هي الجدية في التناول، والشفافية في التدبير والتسيير، والنزاهة. حقيقة أن هناك فوارق في البرامج بين الأحزاب ولكن ليست هي الأساس دائما.

س- ما هو الإجراء أو التدبير الذي سيجعلكم تتميزون ويشعر المغاربة أنهم فعلا أمام حزب مغاير وله مرجعية إسلامية وليس كباقي الأحزاب الأخرى؟

ج- المرجعية الإسلامية ليست بالنسبة إلينا شعارا، بل هي نفس وقيم تجعلنا نثبت في مجال النضال والعمل وتزرع الجدية والاستقامة في مقاربة القضايا السياسية وغيرها، فالمرجعية الإسلامية إذن هي منطلق قيمي بالنسبة إلينا أكثر منه شعار. والمرجعية الإسلامية عموما هي مشتركة بين جميع المغاربة والأحزاب، وهذا أمر محسوم فيه. فالمغرب ليس كدول أخرى تبنت خيارات الدولة الحديثة حتى على المستوى المذهبي، بل له ديانته المستمرة عبر القرون وشرعيته الدينية معروفة والملك هو أمير المؤمنين، لذلك فالقضايا المرتبطة بالمرجعية تحتاج إلى التناول، إلا أن طابع الدولة يجعل هذا الورش أكثر سهولة.

س- إذا تولى حزب "العدالة والتنمية" الوزارة الأولى هل سيفرض مثلا الحجاب أو يمنع بيع الخمور في الأماكن العامة، أو المطالبة بأن يكون يوم الجمعة هو يوم العطلة مثلا، أو يعاد النظر في نسبة الفوائد داخل البنوك...فمثل هذه الإجراءات هي التي يمكن أن تشعر المواطن بالفعل بأنه أمام حزب مغاير، فهل نتوقع أن تتخذوا مثل هذه التدابير؟

ج- طرحت علي مثل هذه الأسئلة مرات عدة، وأقول بأن حزب "العدالة والتنمية" ليس حزب المنع والفرض حتى نفرض على النساء الحجاب، بل بالعكس فنحن نرى أن الالتزام بمثل هذه الأمور الدينية منبثقة من إيمان الشخص، وفرضها عليه يفقدها أهميتها. يجب أن نعطي للناس حريتهم في أن يختاروا وفقا لقوله تعالى "وهديناه النجدين" وقوله "إما شاكرا وإما كفورا"، ففرض الحجاب على النساء غير معقول لكن نحن أيضا ضد فرض خلع الحجاب على النساء. يجب أن يترك للنساء الحق في أن يخترن اللباس الذي يرغبن فيه. وبالنسبة للأمور الأخرى، فهي منقسمة إلى قسمين، أمور تحتاج إلى قوانين وقرارات مثل ما ذكرته مثلا عن البنوك، فقد استقبلنا بارتياح التصريح الأخير لوالي بنك المغرب والذي قال فيه بأنه ستكون هناك تمويلات بنكية جديدة غير القروض بالفائدة، وهذا شيء جيد، لأننا لا يمكن أن نكون آخر دولة إسلامية تفتح المجال لمثل هذه التمويلات، وهي تمويلات موجودة في العديد من الدول في أنحاء العالم كبريطانيا مثلا، كان يجب أن نكون أول دولة تسبق إلى هذا الأمر ونترك للمواطنين الخيار، فنحن لسنا حزب المنع أو الفرض، وإنما حزب يؤمن بضرورة ترك الحرية للمواطنين ليختاروا وأن نعطيهم البدائل ونمكنهم منها. طبعا هناك أمور أخرى مرتبطة بآفات اجتماعية مثل المخدرات والخمور وغيرها، وهي تعالج، من وجهة نظري، بديناميكية اجتماعية، والتركيز في معالجتها على القانون والعقوبة وبالفرض تنتهي إلى الفشل. فهذه هي الديناميكية التي يجب أن توجد لها الحكومة برامج ينخرط فيها المجتمع المدني والإعلام... كالبرامج الموجودة اليوم لمقاومة التدخين رغم عدم جدية الحكومة في هذا الموضوع للأسف الشديد، لكن مثل هذه البرامج لا يجب أن يعول فيها على الحكومات وحدها وإنما على المجتمع وعلمائه وخبرائه...من أجل خلق ديناميكية جديدة تعالج كل هذه الآفات.

س- اجتمع مستشار الملك أخيرا مع رئيسي مجلس النواب والمستشارين ومع الوزير الأول ومع رئيس المجلس الاستشاري لشؤون الصحراء لإبلاغهم بآخر التطورات فيما يتعلق بصياغة المقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي في الصحراء. سبق لكم أن تقدمت بمقترح في هذا الإطار إلى الملك، ما هي الخطوط العريضة لمقترح حزب "العدالة والتنمية" فيما يتعلق بمشروع الحكم الذاتي؟

ج- نظرة حزب "العدالة والتنمية" في هذا الموضوع واضحة، وقد عبرنا عنها مرارا. أولا الحكم الذاتي هو العلاج الأمثل لهذه المشكلة المزمنة والنزاع المفتعل، ثم إن الحكم الذاتي يجب أن يندرج في إطار جهوية موسعة تطبق في مختلف جهات المملكة، انطلاقا من تقسيم جهوي جديد بمعايير تنموية وجغرافية بشرية واضحة ودقيقة ومتفق عليها، وتعطي هذه الجهوية الموسعة صلاحيات سياسية للجهات ينص عليها الدستور، وتكون لها برلمانات جهوية ولم لا حكومات جهوية، تعطى لها صلاحيات حقيقية. وأعتقد أن هذه العملية ليست حاجة سياسية بالنسبة لقضية الصحراء فقط، وإنما هي حاجة تنموية وتدبيرية بالنسبة للمغرب ككل. ونحن نرى بأن المغرب يجب أن يمضي قدما لتحقيق الحكم الذاتي دون انتظار للتوافقات الدولية التي قد تأتي وقد لا تأتي، فعلى المغرب أن يطبق الحكم الذاتي ويبقى مفتوحا في وجه كل تفاوض وكل حل يأتي من جهات أممية أو جهوية أخرى...وهذا المسلسل كله مرشح للنجاح إذا كانت فيه المصداقية والجدية، فهذه هي كلمة السر ليحس المواطن في الصحراء أو في المناطق الأخرى أن لكل هذه التدابير مصداقية.

س- ماذا تقصدون بجهوية موسعة، هل تقصدون أن يكون هناك حكم ذاتي في مناطق متعددة في المغرب، أم فقط جهوية موسعة فقط بالمفهوم الذي كانت عليه في السابق؟

ج- أنا قلت جهوية سياسية ببرلمانات جهوية، الجهوية الحالية هي جهوية الواجهة فقط.

س- أنتم مع أن يذهب المغرب إلى التطبيق الأحادي للحكم الذاتي، ألن تكون لهذا انعاكاسات على موقف المغرب الدولي؟

ج- العكس تماما، أعتقد أن العديد من الأطراف الدولية، ما إن يظهر المغرب عن جدية في تطبيق هذا المقترح فإنهم سيحترمونه وسيميلون إلى موقفه. شخصيا ناقشت هذه المسألة مع كثير من الديبلوماسيين والمسؤولين الغربيين وأبدوا اهتمامهم بهذا الحل وأظن أن المنتظم الدولي ينتظر حلا وسط على أرض الواقع، لأن بعض الأطراف الدولية، وليس كلها، سئمت من طول هذا الملف. وهناك بعض الأطراف الدولية التي لها مصلحة في أن تبقى هذه القضية معلقة لأن لها رغبة في الاصطياد في الماء العكر، ولكن كثيرين أيضا من الأطراف الدولية يريدون أن ينتهي هذا المشكل لأنه يبقي بؤرة التوتر في المنطقة وهم يتضررون من ذلك، وخصوصا جيراننا الأوربيون...لأن استمرار النزاع يكرس الهجرة السرية والإرهاب وفيه مخاطر أخرى. لذلك لابد أن نجد حلا نهائيا حقيقيا، وأظن أنه إذا بدأ المغرب في تنزيل الحكم الذاتي فستكون هذه بداية الحل بديناميكية جديدة وبإيقاع مغربي.

س- مشكل الصحراء ليس له أبعاد إقليمية، ما هو موقف الحزب من ضرورة فتح قنوات للحوار مع الأطراف الأخرى وإقناعها بهذا الحل؟

ج- المغرب سعى لفترات متعددة لفتح قنوات للحوار، وأن تكون هناك هذه القنوات فهذا شيء جيد، وأنا أقول بأن المواطنين المغاربة الصحراويين الموجودين خارج المغرب، وإن كانوا انفصاليين يجب أن نبقى في اتصال معهم ونحاول حل المشكل معهم، والأطراف التي تتدخل بيننا وبينهم هي التي تشوش، أما المغاربة حيثما كانوا يمكن أن نجد معهم حلا ولو كانوا انفصاليين، وأعتقد أن هناك أطرافا متعددة في جبهة البوليساريو يميلون إلى إيجاد مخرج مشرف، وأظن بأن الجدية في تنزيل الحكم الذاتي ستكون مخرجا مشرفا لها.

س- تحدثتم عن ضرورة وجود المصداقية لتطبيق مثل هذا الحل، ونحن بدأنا حوارنا بالتقرير الذي نشرته ترانسبارنسي وفي ديباجة هذا التقرير تحدث عن وجود مشكل أساسي وهو أن الملكية كمؤسسة ما زالت مهيمنة على قرارات الدولة الرئيسية، ومن هنا ترتفع بعض الأصوات سواء داخل الأحزاب المشاركة في الحكومة أو الأحزاب الأخرى لإعادة النظر في الدستور والمطالبة بتوسيع صلاحيات الوزير الأول وهناك من يذهب إلى أبعد من ذلك ويطالب بتقليص بعض الصلاحيات التي يخولها الدستور الحالي للملك باعتباره رئيس الدولة، فما هو موقفكم من كل هذه المطالب المطروحة على الساحة؟

ج- لاشك أن الإصلاح الدستوري أمر ضروري، لأن الدستور عمل بشري في نهاية المطاف وتطويره مهم لتطوير الحياة السياسية، وهذا أمر لا جدال فيه. ونحن تحدثنا في برنامجنا السابق عن مجموعة من المحاور المرتبطة بتطوير الدستور ومن بينها تقوية صلاحيات الوزير الأول وسلطاته وتقوية الحكومة والبرلمان في بعض المقتضيات والهدف كله خلق توازن أكبر في السلطة، وسنحاول توسيع هذه النقطة وطرحها وقد خضعت إلى شيء من النقاش داخل الحزب في الفترات الأخيرة، وسنبرز رأينا بوضوح في البرنامج السياسي الذي سنطرحه بعد فترة. ونقول بأن الإصلاح الدستوري يجب أن يوازيه إصلاح سياسي عن طريق إصلاح الأحزاب السياسية والأنظمة الانتخابية وطريقة تدبيرها، فهذه كلها أمور يجب أن تتم بشكل متوازي، وينبغي أن يكون هناك حوار وطني وتوافق حول مسألة الإصلاح الدستوري.

س- تقصدون التوافق مع الملك؟

ج- التوافق بين النخب السياسية فيما بينها وبين النخب والملك.

س- لم تذكر أنه من ضمن المشاريع المقترحة عندكم لتعديل الدستور أي حديث حول تقليص السلطات التي يتوفر عليها الملك في الدستور الحالي، خاصة الفصل 19، هل لديكم مقترحات بهذا الخصوص؟

ج- الفصل 19 يعطي للملك مكانة اعتبارية كأمير للمؤمنين.

س- بل أكثر من ذلك؟

ج- نحن مع عدم المس بالفصل19 .


س- قلتم بأن هذه الإصلاحات والتعديل يجب أن تتم بتوافق مع الملك، هل لديكم قنوات للاتصال بالملك فيما يتعلق بمثل هذه الأمور لإيصال وجهة نظركم مباشرة إلى الجهة المعنية؟

ج- عندما تكون هناك ملفات ذات أهمية كبرية أو ذات خطورة فإن قنوات الاتصال موجودة.

س- ماهي طبيعة هذه القنوات؟

ج- جلالة الملك له مستشارين وهناك وزير أول وحكومة، وهذه كلها قنوات مفتوحة ونحن دائما نبدي رأينا حسب ما نقدر أنه في مصلحة البلد وما سجلناه في برامجنا وهذا حدث في مناسبات عديدة.

س- أعطي الكثير من التأويل لزيارتكم لأمريكا، فهل تعتقدون أن الوقت الحالي والمناخ الدولي هو الذي ساهم في إعطاء هذا التأويل لهذه الزيارة وهو الذي كان أساسا وراءها للتخفيف من الضغظ الموجود لدى بعض المحافظين الجدد داخل الإدارة الأمريكية لرؤيتهم لنمو الحركات الإسلامية في العالم العربي؟

ج- زيارتي لأمريكا أتت في إطار برنامج تواصلي لزيارة بعض الدول الأجنبية بدءا بإسبانيا ومرورا بإيطاليا وبلجيكا وفرنسا وعدد آخر من الدول العربية، وانتهاء بأمريكا ثم كندا، إذن هذه الزيارة كانت في إطار برنامج بدأناه قبل إعلان جلالة الملك عن مشاركة الجالية المغربية في الانتخابات المقبلة، لكن بعد أن أتى هذا الوعد بمشاركة الجالية في الانتخابات سرعنا من وتيرة هذا البرنامج لأن الجزء الأكبر منه سينصب على التواصل مع الجالية، حيث تكون هناك لقاءات ومحاضرات وأنشطة متعددة على أوسع نطاق للتواصل مع الجالية.

س- هل أجريتم اتصالات مع مسؤولين أمريكيين؟

ج- مع مسؤولين رسميين لا، لكن كانت هناك اتصالات مع أعضاء الكونغرس ومراكز أبحاث وجهات أخرى متعددة. لكني أعرف أن مسؤولين تابعوا الزيارات وحضروا الندوات التي شاركت فيها.

س- هل لمستم أي تخوف لدى هذه الجهات التي التقيتموها من وصولكم كحزب إسلامي إلى السلطة في المغرب؟

ج- أغلب الجهات التي اتصلنا بها هي أصلا جهات متعاطفة مع الشؤون العربية، مثل الجمعيات المناهضة للحرب على العراق وأعضاء كونغرس معارضين للسياسة الأمريكية الخارجية...فهؤلاء قبلوا الاتصال بنا لأنهم يتعاطفون مع قضايانا. فلذلك انصب الجزء الأكبر من الكلام على مستويين، الأول يتعلق بالعلاقات الأمريكية المغربية والإشكالات الموجودة في اتفاقية التبادل الحر، والثاني يتعلق بقضية الصحراء. ونحن حاولنا أن نركز على هذه القضية لنساهم في فهم الإشكالات الموجودة والتأكد من الموقف الأمريكي بخصوص قضية الصحراء، وخصوصا داخل الكونغرس الذي له تأثير كبير في هذا الملف على مستويات متعددة، والشيء نفسه بالنسبة للبرلمانات الأخرى.


س- داخل هذه العواصم الأربع أين لمستم أكبر استعداد لدى النخبة السياسية أو الحاكمة للتجاوب معكم ما إن كنتم في الحكم؟

ج- هذا سؤال الجواب عنه صعب،، لكن أظن أن هناك بعض الترحيب من إسبانيا.

س- ألا تخشون في حالة ما تغيرت الأوضاع بعد الانتخابات الأمريكية المقبلة وصعود الديمقراطيين أن تنكفئ أمريكا على نفسها، وبالتالي تتراجع برامج الإصلاحات التي تطالب بها الإدراة الأمريكية اليوم الكثير من الأنظمة العربيةالمنطقة، بما فيها إشراك إسلاميين ممن يصفهم الأمريكيون بالمعتدلين في السلطة، ألن يشكل هذا الأمر انتكاسة لمسلسل اشراك الحركة الإسلامية في الحكم في الدول العربية؟

ج- أظن بأن القرار السياسي في المغرب، فيما يتعلق بهذا المستوى بالذات، أي مشاركة حزب العدالة والتنمية في الحكومة المقبلة أو عدم مشاركته وطبيعة التحالفات الممكنة، هي قرارات البعد الداخلي فيها أكبر بكثير من البعد الخارجي. ولا أظن أن المغرب مثل دولة من الدول الصغيرة التي يتدخل الغرب في تعيين وزراء فيها. إن المغرب، نتيجة التغيرات التي شهدها، له نوع من الاستقلالية على هذه المستويات، وأظن أن الإشكالات مع الغرب هي إشكالات إما سياسية كبيرة مرتبطة بقضية الصحراء أو إشكالات اقتصادية.

وهناك جانب آخر مهم يتعلق بتوزيع السلطة في المغرب الذي يحظى فيه الملك بموقع قوي وحكومة بموقع أقل، فهذا الأمر يعتبر ضمانة على أنه في حال دخول حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة فإن سقف القرارات التي سيتخذها وتأثيره في الجو السياسي سيكون محدودا ومتفاعلا مع الأطراف السياسية الموجودة، إضافة إلى طريقة تدبير الانتخابات بدءا بنمط الاقتراع الذي سيؤدي إلى حكومة ائتلافية حتى ولو شارك فيها حزب العدالة والتنمية. فإذا طرحنا كل هذه السيناريوهات أمامنا فسنرى بإن الإشكالات التي عرفتها بعض الدول الأخرى العربية والإسلامية لن تقع في المغرب إن شاء الله.

ينشر في إيلاف بالتزامن مع جريدة المساء المغربية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف