تحية الى نصرالله و «عتب»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
زهير قصيباتي
لم يحاول أحدهم إطلاق النار على منزل زعيم حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع لأن الأخير تمنى ان تكون سويسرا في المناطق "الشرقية" أو أن يكون كل لبنان سويسرا... وبالتأكيد لم تأت المحاولة لمطالبة "الحكيم" المعارضة وعلى رأسها "حزب الله"، بإخلاء ساحتي رياض الصلح والشهداء في يوم ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ببساطة، المحاولة هي رسالة إنذار بأن مسلسل الاغتيالات والتصفيات قد يضرب مجدداً، وجعجع بين الذين حذروا منه.
ويدرك اللبنانيون ان في توقيت "الرسالة" مغزى يتجاوز الترهيب، فيما يُتوقع عودة الاشتباك السياسي بضراوة، حول مسألة إقرار المعاهدة مع الأمم المتحدة لتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي، المولجة محاكمة المتورطين باغتيال رفيق الحريري، وبتنفيذ الاغتيالات ومحاولات القتل الأخرى التي تلت تغييب رمز وطني كبير. الاشتباك ذاته قد يطيح ما أنجزه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى من اتفاق إطار لتسوية لا غالب ولا مغلوب، بل قد يهدد بانهيار مبادرة الجامعة، ويعيد الجهود السعودية - الإيرانية الى المربع الأول.
وبنظرة تبسيطية ايضاً، من دون الغوص في خطط الفرقاء اللبنانيين - وجميعهم يهوى الخطط الاستراتيجية التي لا تبدو قادرة على إنقاذ البلد من الهاوية - لا بد من ان يقود اصرار دمشق على "محاكمة سورية" لأي سوري يشتبه في تورطه باغتيال الحريري، الى "حشر" الجهود الإيرانية في زاوية وحيدة، بافتراض إخلاص طهران في قولها بحتمية منع تفجير لبنان.
وإن لم يتحرك ملف المحكمة، هل تمشي "حكومة الوحدة الوطنية"؟ الجواب معروف، وما يُقلق اكثر من شكوى الرئيس اميل لحود الى الأمانة العامة للأمم المتحدة، ما يعتبره ممارسات غير دستورية لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة، هو استعجال الأميركيين بت إقرار معاهدة المحكمة بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إن لم تقر لبنانياً. مقلق لأن انعكاساته العسيرة في غياب التوافق الداخلي، ستضع الموالاة والمعارضة امام خيار الشارع مجدداً، وإن رغم إرادة بعضهما... فتُنسف معادلة لا غالب ولا مغلوب، وينساق الجميع الى الجحيم المذهبي - الطائفي الذي خبروا نماذج منه على مدى يومين.
ولا ينسى اللبنانيون بالطبع ان بلدهم مشرّع الأبواب والنوافذ على رياح الاشتباك الأميركي - السوري المتجدد حول المحكمة والعراق و "الإرهاب"، كما لا ينسون عواصف الصدام الأميركي - الإيراني من العراق الى البرنامج النووي الذي كلما رُكِّب له مزيد من اجهزة الطرد المركزي، انزرعت لدى كثيرين من اللبنانيين هواجس رعب من الحرب الكبرى الآتية.
أرضهم خصبة للمنازلة خصوبة اليورانيوم الإيراني، وواضح ان تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيريتس بتحرك لوقف ما يدعيه من تهريب سورية صواريخ "قاتلة" للدبابات الى "حزب الله"، ينذر بوجود نية اسرائيلية لافتعال أزمة تغري الحزب بتغيير الوضع السائد في الجنوب اللبناني تحسباً للاحتمالات. وإذ تكتمل الصورة السوداوية التي لا تبشر ملامحها بمكاسب للمعارضة او الموالاة في لبنان، لا بد من ان السؤال الذي يعود بالجميع الى النقطة صفر، ما زال هو هو: ماذا سيفعلون لتفكيك القنابل الموقوتة التي إن انفجرت لن تبقي بلداً لتحكمه موالاة، أو تعتصم معارضة في ساحاته الوطنية؟
زعيم "حزب الله" سماحة السيد حسن نصرالله يطمئنهم ويطمئننا الى ان الحل لن يكون إلا حلاً سياسياً. طبعاً نصدق، خصوصاً لما للسيد حسن من حضور طاغ لدى المعارضة والموالاة في آن، ولكن من يضمن ألا تتسرّب "الرياح"، فتفعل فعلها في ثلثاء أو خميس؟
تحية الى نصرالله حين يحرّم انحراف بندقية المقاومة الى الداخل، ولكن عليه اكثر من رهان، ولو وجد الكثير من الأعذار لتبرير هواجسه من الحكومة والمحكمة. فزعيم "حزب الله" والمقاومة يدرك ان مفتاح الانفراج في يده، مهما قيل عن برنامج لحلفائه وعن مشروعية المشاركة، ومشروعية تفسير كل طرف للدستور. ويدرك حتماً ان تراكم الأزمات في لبنان المهدد بكوابيس العراق، لن يجد سبيلاً الى الحل بضربة ساحر، ولا بضرب الخصوم بحائط الأزمات الإقليمية وحساباتها.
تحية الى نصرالله و "عتب"، إذ يدرك ان بداية الحل في يده، وأن لا سياسة بلا تنازلات يتساوى فيها الغالب والمغلوب. فلماذا يتأخر، هو العالِم بأن وطن الشهداء لن يصمد إلا بوقفة تاريخية تنتصر للبنان على كل الهواجس.