جريدة الجرائد

اتفاق مكة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

خلف الحربي


فلسطين ليست قضية عابرة في زحام قضايا هذا العالم المضطرب، ليست ندبة سكين تمحوها تراكمات الزمان، بل هي قلبنا المسلوب، وروحنا المقيدة، وإرادتنا المنكسرة، وحلمنا المختطف الذي لا نريد سواه.

لم يكن من السهل أبدا على الملايين من العرب والمسلمين متابعة مَشَاهِد الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني في غزة، لا أحد يريد أن يعرف الأخبار، فسواء انتصرت فتح أو كسبت حماس المعركة فإن المهزوم حتما هو فلسطين أرضا وقضية وشعبا.

كان الجميع يغمضون أعينهم عن تلك الصور المقلقة على شاشة التلفزيون، ففي اللحظة التي اشتبكت فيها الفصائل الفلسطينية شرعت إسرائيل بحفريات مشبوهة في جوار الحرم القدسي الشريف.

كانت صورا يدمع لها القلب قبل العين، ووجد الناس (داخل فلسطين وخارجها) أنفسهم أمام سؤال واحد مؤلم قاله خادم الحرمين الشريفين نيابة عنهم خلال استقباله الإخوة الفلسطينيين، كان سؤال الأمة الحائرة لأهل الرباط: (إلى أين أنتم ذاهبون؟).

اجتمع قادة فلسطين في مكة المكرمة بجوار البيت العتيق، واتضح منذ الجلسة الافتتاحية أن الأشقاء سيخرجون باتفاق تاريخي ينتظره بمنتهى اللهفة أهالي الشهداء والأسرى في الأرض المحتلة، كما ينتظره بمنتهى القلق كل العرب والمسلمين وكل من تهمه القضية الفلسطينية.

في الجلسة الافتتاحية وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أيام الصراع بالأيام السوداء، وقال: "لا أعادها الله علينا"، وأكد خالد مشعل أن المجتمعين لن يخرجوا من هذا المكان المبارك إلا متفقين بإذن الله، واستلهم إسماعيل هنية روح المكان وقال إن المسجد الحرام يعني (الوحدة) وفي الوقت ذاته يعني (التعددية)، واستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تعودوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض).

تواصلت الاجتماعات في أجواء إيجابية حتى تم تتويجها بإعلان مكة وتكليف الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإسماعيل هنية بتشكيل أول حكومة وحدة وطنية، لتنطلق بعدها الاحتفالات في شوارع فلسطين ويهتف الشباب الذين يحملون أعلاما لفتح وحماس بشعارات الوحدة.

لقد كانت مصالحة تاريخية في واحدة من أصعب لحظات المسيرة الفلسطينية، ونسأل الله أن يكون اتفاق مكة فاتحة خير على أشقائنا في فلسطين كي يُعيدوا بناء نظامهم السياسي في مواجهة العدو المتغطرس، وندعوه عز وجل أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الزعيم العربي الشهم الذي لا يغفل لحظة عن أوجاع أمته، وأن يحفظ هذه البلاد دارا كريمة مشرعة الأبواب لكل العرب والمسلمين.

رئيس تحرير جريدة شمس السعودية
kalharby@yahoo.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف