جريدة الجرائد

أحمد العبدالله هكذا يكون الانتصار

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

جاسم بودي: أن تكون وزيرا فأنت مسؤول سياسي قبل كل شيء بغض النظر عن الحسب والنسب. أن تكون وزيرا فأنت مكلف رعاية الناس وتقديم أفضل الخدمات لهم وعليك واجب الدفاع عن مصالحهم احتراما لقسمك. أن تكون وزيرا فأنت خاضع للمساءلة قبل غيرك، وأنت تحت سقف القانون اكثر من غيرك لانك المؤتمن على تطبيقه اكثر من غيرك. ان تكون وزيرا فأنت تمثل ارادة صاحب السمو امير البلاد الذي يدير شؤون الدولة من خلالك والحكومة مجتمعة.

وان تكون وزيرا للصحة تحديدا فأنت اكثر من ذلك كله، وان تكون وزيرا للصحة وشيخا في الوقت نفسه فأنت رجل حكم وسلطة وقدوة، عملك في ميزان التقييم دائما ومواقفك في دائرة المتابعة... وللاسف، وبكل موضوعية نقول ويشاركنا كثيرون، ان الوزير الشيخ احمد العبد الله لا يمت الى هذه المعايير بصلة.

وزير الصحة مؤتمن على حياة الناس وليس على الشوارع والطرق والماء والكهرباء والقوانين والعلاقة مع مجلس الامة والطاقة والبلديات. وحياة الناس ليست ملفا في سجل العلاقة بين السلطتين، وليست سلعة في سوق المزايدات والمناقصات السياسية والصفقات الانتخابية التي جبلت عليها الحياة السياسية منذ عقود، وليست - ولا يجب ان تكون - ورقة لتصفية حسابات بين وزراء ونواب ووزراء ووزراء واقطاب ومسؤولين وابناء الاسرة وابناء الاسرة... هذه هي المعادلة المرعبة والمتخلفة في آن، وهذا هو الفساد بعينه حين يزج بصحة الفرد وآلام الفرد ومآسي الفرد ودموع الفرد في دائرة "اللامانع" او "المرفوض" حسب المزاج السياسي وحسابات الولاء.

احمد العبد الله، ان تكون شيخا فهذا لا يعني انك فوق المساءلة. انت تحمل الحقيبة الاكثر اهمية ودقة وحساسية في الكويت الامر الذي يفرض عليك اداء ديناميكيا مرنا متفاعلا مع هموم الناس، وان تكون شيخا فهذا لا يعني انك خط احمر، وان تكون صاحب طريقة خاصة في التعامل مع الشأن الخاص عمادها الغرور ربما او التعالي فهذه الطريقة مرفوضة في التعامل مع الشأن العام لانك محكوم بحدود التكليف الممنوح لك من الارادة السامية وعمادها التواضع وخدمة الناس، كل الناس، من اي موقع.

احمد العبد الله تعامل حتى الآن مع الاستجواب النيابي بطريقة استعلائية بدل ان يتعامل معه كمناسبة اصلاحية لتنقية الملف المليء بالاخطاء والخطايا. تعامل مع القضية برمتها باسلوب تنفيري بدل التقرب اكثر من هموم الناس وملامسة آلامهم وشكاواهم الكثيرة، وتعامل مع محاور الاستجواب بالذهنية نفسها التي يتعامل بها اي مسؤول عادي في "بازار" التسويات فكابر على الخطأ وانكر وجوده ثم صرف كل وقته في جمع الاصوات المؤيدة او تلك التي يحتاج الى تأييدها فاتحا تواقيع "اللامانع" على صفحات طلبات العلاج في الخارج وممددا تواريخ معاملات اخرى، وكأن قضية الصحة "تحويلة" طريق بين دوائر الكويت او نفق ينتظر مناقصة جديدة.

ولانك وزير، ولانك شيخ، كان يجدر بك ان تحسب كلامك بميزان المصلحة الوطنية اذا كنت عاجزا عن حسابه في مصلحة الشأن الصحي اوالحياتي... كان يجب ان تبتعد عن التمترس خلف الجدار المذهبي والطائفي في وقت تكرس القيادة كل جهدها لابعاد هذه الكأس المرة عن الكويت.

معالي وزير الصحة المحترم، كائنة ما كانت نتيجة الاستجواب، ومهما كانت التسويات التي ستعقد على هامشه مكلفة لمبادئ الاصلاح. قد تطرح الثقة وقد لا تطرح ، قد نسمع ردودا مقنعة وقد تسيطر الحسابات والتجاذبات، ولكن نتمنى عليك، ولمرة واحدة، ان تقلب بين يديك صفحات الملف الصحي السوداء، وان تقف بينك وبين الله العلي القدير وقفة مراجعة ومكاشفة، وان تتخذ القرار الذي ينسجم مع مسؤوليتك كإنسان قبل ان تكون شيخا او وزيرا، فهذا هو الانتصار الحقيقي لك في ميدان العمل الوطني... ان تؤمن ان الخط الاحمر الحقيقي هو مرضاة الله وحكم الضمير وحياة الناس.

الرأي اليوم

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف