جريدة الجرائد

الازدراء والشكوك ليسا الحل لاستيعاب مسلمي بريطانيا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


روي هاترسلي - الغارديان

مضى وقت كانت فيه كتيبات الإرشادات العسكرية، والتي تقدم النصائح حول ما كان يدعي "العمليات قليلة الكثافة"، تؤكد على أهمية "حرمان رجال العصابات من الاحتفاظ بمنطقة خلفية" يمكنهم اللجوء إليها. وكانت قوات الكوماندوز في البوير وأنصار تيتو في يوغوسلافيا (المقاتلون من أجل الحرية أو الإرهابيون: حسب ذوق المعرف) يقومون بضربات مفاجئة ضد القوات المحتلة، ثم يختفون في أنحاء البلاد. ومن المهم، كما يقول الجيش عادة، منع القتلة الذين ينتظرون خلف منعطف في شوارع المدينة من إيجاد ملجأ آمن في بيوت العائلات المتعاطفة. وربما ما تزال كتيبات إرشادات الجيش تقدم نفس النصيحة. وإذا كان الأمر كذلك، فإنه يبدو أن أحداً في مكتب الأمن الوطني لم يقرأها أبداً.

إنني أفضل بقوة إلقاء القبض على المتشددين الانتحاريين، وإعدامهم، وإدانتهم وسجنهم لسنوات طويلة. وكذلك هو حال سكان كل من سباربروك وسباركهيل، هذه المقاطعات من بيرمنغهام التي كنت دائماً أمثلها في البرلمان. لكنني أخشى أن تؤدي ممارسات الأسبوع الماضي، المنطوية على إجراء اعتقالات بلا تهم والمستندة إلى إيجازات غير مسجلة حول الإبعاد وقطع الرؤوس، الى جعل هؤلاء السكان أقل حماساً إزاء رؤية كل أشكال التطرف وهي تتعرض للبطش. وقد انضمت الصحافة إلى الشرطة لتجعلهم يشعرون بأن كامل المجتمع الإسلامي قد وضع في دائرة الشك، وهم يرفضون ذلك. ورغم أن القليلين منهم ربما لن يشعروا أبداً بالتعاطف مع المفجرين الانتحاريين، إلا أن تغريبهم واستثناءهم من قوة القانون والنظام يخلق لهم ملجأ خلفياً من نوع ما، حيث سيجد الإرهابيون ملجأ في الراحة العاطفية التي تأتي من رؤية الفجوة وهي تتعاظم بين المسلمين والنظام الجرمي القانوني.

يوجد، كما أعلم، حجم كبير من جنون الاضطهاد في المجتمعات الإسلامية في بريطانيا. وينبغي أن لا يفاجأ أحد بذلك. ويستذكر الأشخاص الأكبر سنا تلك الأيام التي انطوت على تمييز واضح. وقد عانى أبناء هؤلاء، البريطانيون بالولادة، جميعاً من أنواع مخاتلة من الكراهية. ويسمع الصغار والكبار كل يوم أن الجمهور واقع تحت خطر "التهديد الإسلامي"، وهو وصف منذر بالشؤم يضع يافطة على عقيدة دينية بكاملها. كما أن المرشحين الذين يبدأون بتقديم تأكيدات على أنهم "أصدقاء الأقليات" عادة ما يمضون إلى القول بأن المسلمين ينبغي أن يكفوا عن التصرف كمسلمين.لأن التكامل يعني الاستيعاب، والاستيعاب يعني "التصرف كأقلية محلية".

لم يكن قبل أن ينشر سلمان رشدي كتابه "آيات شيطانية" أن بدأت أفهم كيف يشعر بعض المسلمين في دائرتي الانتخابية إزاء مكانهم في المجتمع البريطاني. وكانت ردة فعلي المباشرة إزاء الشكاوى المتعلقة بمحتوى الكتاب كانت من نوع استجابة ليبرالي غربي معتدل. ففي بلد حر، لم يكن من الممكن وضع قيود على ما يقال أو يكتب. ثم سألني رجل يدعى سعيد موغول لماذا وضعت نفسي، كصديق قديم لمسلمي بيرمنغهام، في حلف مع أناس تعاملوا مع أقدس معتقدات المسلمين بازدراء غير مخفي. وقال إن السبب وراء كون معظم المسيحيين يتصرفون بعادية تجاه دينهم لا يشكل حجة للإصرار على أن يكون المسلمون على نفس الشاكلة. وكان مطلبه هو الفهم، وليس الرقابة. وقد كان حينئذ أن أدركت أن الكثير مما قيل وكتب عن المسلمين البريطانيين يحمل رسالة واضحة. عش كما نعيش نحن أو تجشم عناء المخاطرة بأن تعامل كطريد.

إنني أقبل بأن تكون الشرطة (فيما يتعلق بالتحقيق في قضية النقود مقابل المكانة) قد تبنت عادة إيطالية حول تسريبها شكوكها للصحافة قبل توجيه تهم رسمية. ولكن، هل كان من الضروري نشر تلك القصص القاتمة حول الاختطاف والتعذيب وقطع الرؤوس قبل أن يتضح تماماً أي شخص يمكن ان توجه إليه التهمة بممارسة هذه الفظائع. إن سكان بيرمنغهام من المسلمين، والذين يشعرون بنفس الرعب من هذه الفظائع بنفس قدر أصلاء البلاد، لم يعتبروا تلك الإيجازات غير المسندة بأية حجج كدليل على أن الاعتقالات المذكورة كانت مبررة. وقد اعتبروها من باب الدعاية، والدعاية فقط الموجهة ضدهم. وسواء كان ذلك مقصوداً أم لا، فقد أفضى ذلك إلى النتيجة المعيبة المنطوية على زيادة الشكوك التي يبدو أن كل المسلمين باتوا محتجزين في دائرتها.

إن الطريقة التي تصرفت فيها الشرطة في بيرمنغهام في الأسبوع الماضي أوقفت القليل، إن كانت قد أوقفت أحداً أصلاً، من المجندين الذين يرتقون إلى أن يكونوا من كوادر القاعدة الداعمين. إن أحفاد المهاجرين، المولودين والمتعلمين هنا، ليسوا مستعدين لقبول الازدراء الذي ينطوي عليه تصنيفهم في المرتبة الثانية التي احتملها أجدادهم بعناء. ولعل إقناعهم بأن المجتمع يريد للمسلمين أن يتمتعوا بكامل امتيازات المواطنة لا يعد ضرورة أخلاقية فحسب، وإنما هو أمر ضروري لتأكيد الانتصار الدائم لحكم القانون. إن كل ما يحتاجون إليه هو القليل من الاحترام، وهو الذي تلقوا القليل منه في الأسبوع المنصرم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف