تكامل لا تنافس.. بين القاهرة والرياض
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الأثنين 19 فبراير 2007
عبدالعظيم حماد
منذ بضعة أسابيع فقطrlm;,rlm; كانت الانتقادات تكال في الداخلrlm;,rlm; وفي الخارج للدول العربية كلها ـ وفي مقدمتها مصر والسعودية ـ لأنها تركت الساحة الإقليمية سداحا مداحا للصراع بين إيران وإسرائيل من جهةrlm;,rlm; وبين إيران وحلفائها العرب وبين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخريrlm;,rlm; وبحسن نية من البعضrlm;,rlm; وسوء نية من البعض الآخر خصوصا المشغولين فقط بمعارضة نظم الحكم العربيةrlm;,rlm; افتقد الجميع المبادرات العربية التي تقطع سياق هذا الانفراد الثلاثي وغير العربي بترتيب أو تخريب أوضاع المنطقةrlm;,rlm;
ولكن ما ان جاءت المبادرات العربيةrlm;,rlm; حتي كان أهم ما شغل به أولئك الذين افقتدوهاrlm;,rlm; وانتقدوا غيابهاrlm;,rlm; هو ما افترضوه من تنافس مصري ـ سعودي علي قيادة الدور العربيrlm;,rlm; بدلا من أن يرحبوا بالاستجابة لما طالبوا به هم أنفسهم من قبلrlm;,rlm; بل تمادي بعضهم فرأي أن نجاح المبادرة السعودية للجمع بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين في اتفاق مكة الأخير علي اقامة حكومة الوحدة إجهازا علي الدور المصريrlm;,rlm; مع أن كل الشواهد الصريحة والضمنية تؤكد وجود درجة عليا من التنسيقrlm;,rlm; وتكامل الأدوار بين كل من القاهرة والرياضrlm;.rlm;
لنأخذ من الشواهد الصريحةrlm;,rlm; وفيما يتصل بالصراع بين فتح وحماسrlm;,rlm; ما اتفق عليه قادة الحركتينrlm;,rlm; وقالوه علناrlm;,rlm; من أن الجهود المصريةrlm;,rlm; وبصفة خاصة دور الوفد الأمني المصري في غزةrlm;,rlm; هي التي فتحت الطريق الي لقاء مكةrlm;,rlm; ولنتذكر أن أول عاصمة عربية زارها الرئيس الفلسطيني محمود عباسrlm;,rlm; لاطلاعها علي تفاصيل الاتفاق ـ بعد التوقيع عليه ـ كانت القاهرةrlm;,rlm; وهنا تحديدا نستشهد برد للوسيط النرويجي السري روني بونديك عندما سئل هل نجاح الفلسطينيين والإسرائيليين في التوصل الي اتفاق أوسلو سراrlm;,rlm; وبعيدا عن التدخل الأمريكي المباشرrlm;,rlm;
يعني أن الدور الأمريكي في عملية السلام في الشرق الأوسط قد انحسرrlm;,rlm; أو في سبيله الي الانحسار؟rlm;!rlm;
فأجاب بونديك في جلسة مغلقة بمدينة الزنور الدنماركيةrlm;,rlm; كلا ليس الأمر كذلكrlm;,rlm; إن أول ما فعله شيمون بيريز وزير خارجية اسرائيل في ذلك الوقت بعد توقيع الاتفاق ـ هو التوجه الي واشنطن لابلاغ الأمريكيين بكل شيءrlm;,rlm; وهذا ـ والكلام مازال لروني بونديك ـ أقوي دليل علي أن الدور الأمريكي سيبقي فعالاrlm;,rlm; ولا غني عنه في أي تسوية سلمية في الشرق الأوسطrlm;,rlm; وهذا أيضا مايمكن تطبيقهrlm;,rlm; بل وما يجب تطبيقه علي الدور المصري في القضية الفلسطينيةrlm;.rlm;
فاذا تحركنا من فلسطين الي لبنان فإن التنسيق المصري ـ السعودي في حل الأزمة السياسية هناك معترف به صراحة من القاهرة والرياضrlm;,rlm; ومن جميع أطراف الأزمة اللبنانية نفسهاrlm;,rlm; وعندما قرر البلدان إعادة الاتصال المباشر بزعماء المعارضة اللبنانيةrlm;,rlm; فإن سفيريهما تحركا بالتنسيقrlm;,rlm; والتوازي حتي أن السفير المصري في بيروت هو الذي تحدث لوسائل الاعلام عن اتصالات زميله السعوديrlm;,rlm; وليس اقتصار الاتصالات مع إيران حول الملف اللبناني علي الجانب السعودي إلا ترجمة لمبدأ تقسيم الأدوارrlm;,rlm;
في إطار التكامل بين العاصمتين العربيتينrlm;,rlm; وتوظيفا لوجود علاقات رسمية بين الرياض وطهرانrlm;.rlm;أما عن الشواهد الضمنية علي التكامل والتنسيق المصري ـ السعوديrlm;,rlm; لاحياء الدور العربي الفاعل في المنطقةrlm;,rlm; فهي مستمدة من حقائق التاريخ القريب والبعيدrlm;,rlm; من أول تأسيس جامعة الدول العربيةrlm;,rlm; حتي الاتفاق علي قرار دورية انعقاد مؤتمرات القمةrlm;,rlm; والمعني أن كل انجاز عربي مهم كان أساسه الراسخ هو الاتفاق المصري ـ السعوديrlm;,rlm; وبالمناسبة كان انضمام سوريا الي مصر والسعودية هو القاعدة غالبا في هذه الانجازاتrlm;,rlm; وعلي ذلك فإن نجاح القاهرة والرياض في حل الأزمة السياسية المحتدمة في لبنانrlm;,rlm; قد يؤدي الي عودة سوريا الي مكانها الشاغر في مثلث القلب العربيrlm;.rlm;
اذن فإن استقبال المبادرات السعودية الأخيرة في فلسطين ولبنانrlm;,rlm; وكذلك ترحيب الرياض باستضافة القمة العربية المقبلةrlm;,rlm; علي أنها أدلة تثبت انحسار دور القاهرةrlm;,rlm; هو مغالطة لا تخلو من سوء نيةrlm;,rlm; وكان الأولي بالمعلقين والمراقبين الذين ذهبوا هذا المذهبrlm;,rlm; أن ينظروا الي ايجابيات التحرك السعوديrlm;,rlm; في سياق ذلك المستوي العالي من التنسيق بين القاهرة والرياض في مختلف القضاياrlm;,rlm; ففي الوقت الذي كانت فيه الدبلوماسية السعودية تجمع بين قادة فتح وحماس للاتفاق علي وقف الاقتتالrlm;,rlm; واقامة حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينيةrlm;,rlm;
كانت الدبلوماسية المصرية تضطلع بمهمة عرض وتفعيل الرؤية العربية للتحرك الدولي والاقليميrlm;,rlm; من أجل تسوية القضيتين الفلسطينية والعراقية في واشنطنrlm;,rlm; وبالطبع فإن مهمة الوفد المصري في العاصمة الأمريكية كانت امتدادا للجهد العربي المشترك الذي بدأ أيضا في القاهرة في شهر اكتوبر الماضيrlm;,rlm; خلال الاجتماع الأول لوزراء خارجية مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي مع وزيرة الخارجية الأمريكيةrlm;,rlm; وهكذا يظهر مرة أخري مبدأ تقسيم الأدوار الذي يعتمد علي توظيف المزايا الدبلوماسية النسبية لكل من القاهرة والرياضrlm;,rlm; من أجل تحقيق الأهداف المشتركةrlm;,rlm; فالقاهرة أكثر انغماسا وخبرة في المفاوضات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية منذ اتفاق الهدنة عامrlm;1948rlm; مثلاrlm;,rlm; وأما المكانة الرفيعة لمكة المكرمة في العالم الاسلامي فانها تكفي للضغط المعنوي علي الفلسطينيين للاتفاق فيما بينهمrlm;,rlm; لاسيما أن حركة حماس تنتمي بوضوح الي تيار الاسلام السياسيrlm;,rlm; كما أن للدبلوماسية السعودية سابق خبرة ناجحة في بناء وفاق وطني بين اللبنانيين في اتفاق الطائفrlm;.rlm;
يضاف الي ذلكrlm;,rlm; قدرات السعودية علي حل أعقد مشكلات الحياة اليومية للفلسطينيينrlm;,rlm; أي الحصار المالي الدولي للشعب الفلسطيني بعد تولي حكومة حماس الحكم هناكrlm;.rlm;
سؤال أخيرrlm;:rlm; هل هذه هي أول مرة تطرح فيها السعودية مبادرات كبيرة في القضية الفلسطينية؟rlm;!rlm; اليست مبادرة بيروت العربية هي في الاصل مبادرة سعودية؟rlm;!rlm; وألم تكن مبادرة قمة فاس العربية من قبل مبادرة سعوديةrlm;,rlm; وهل استغني العرب والفلسطينيين عن الدور المصري في أي وقت من الاوقات؟rlm;!rlm;
ان القضية الفلسطينية اتسعت طوال تاريخهاrlm;,rlm; ومازالت تتسع لكل المبادرات من كل مكان في العالم العربي وغير العربيrlm;,rlm; وليت كلها أو بعضها يحقق الأملrlm;.rlm;