باراك أوباما وإعادة تعريف السود!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخميس 22 فبراير 2007
لويس تشود - سوكاي - واشنطن بوست
على رغم أنه ليس قادراً تماماً على اكتساب صفة "أبيض" إلا أن سيناتور إلينوي والمترشح "الديمقراطي" لانتخابات 2008 "باراك أوباما" كان قادراً على اكتساب صفة "أميركي- أفريقي". والحقيقة أن "أوباما" يمثل خلطة معقدة، فهو مخلط العنصر ولكنه ليس أبيض. وهو أسود ولكنه ليس أميركياً أفريقياً.. وهو أميركي ولكن ليس أفريقياً.
وفي المناقشات الدائرة بين الأميركيين- الأفارقة حول هوية "أوباما" العرقية يتذبذب هذا الأصل عادة بين خيارات ذات حمولة إيديولوجية تتراوح ما بين "أسود" في مقابل "ليس أسود بما فيه الكفاية" أو بين "أسود" و"أسود... ولكنه ليس منا".
بيد أن هناك جانباً ثالثا يتعلق بـ"أوباما" ويتعلق أيضاً بسياسات التصنيف العرقي في أميركا.
من المعروف أن عدد المهاجرين الأفارقة إلى الولايات المتحدة يتزايد بشكل مطرد حيث بلغ عدد المهاجرين منهم سنوياً إلى الولايات المتحدة منذ عام 1990 نحو 50 ألف مهاجر، وهو عدد يفوق عدد المهاجرين منهم في أي سنة من السنوات التي شهدت ذروة تجارة العبيد. وهذا العدد ينضاف إلى عدد المهاجرين السود الذين يتدفقون إلى الولايات المتحدة بشكل منتظم من القارات الأخرى أو من منطقة الكاريبي.
ومن المعروف أن السياسات الأميركية العنصرية تقوم على أنه كي يتم سماع شكوى المهاجرين السود أو إحصاؤهم في تعداد السكان، فإنه يجب أن يتم تعريفهم كـ"أميركيين- أفارقة".
و"باراك أوباما" ليس هو أول شخص أسود بارز يتحدى التصنيفات العرقية والثقافية الأميركية حيث سبقه إلى ذلك "كولن باول" وزير الخارجية السابق الذي كان الشعب الأميركي يرى أن أصله الجامايكي يجعل "سواده" مختلفاً. وعندما لاحت احتمالات دخوله للسباق الانتخابي على منصب الرئيس في منتصف التسعينيات كانت هناك زيادة محسوسة في درجة افتخار الأميركيين من أصل جامايكي بأصلهم، وهو ما شجعهم آنذاك على مقاومة الضغوط التي مارسها عليهم الأميركيون- الأفارقة من أجل التخلي عن ادعاءات تمايزهم العنصري والتاريخي.
وفي مثل هذه التمايزات بين الأميركيين- الأفارقة والمهاجرين السود، يكمن تاريخ من المنافسات والتوترات العرقية والاختلافات الثقافية التي لم يتم حلها أبداً.
فالكثيرون من المهاجرين السود عادة ما يكونون أفضل تعليماً من الأميركيين- الأفارقة، كما أنهم لا يحملون على أكتافهم تاريخاً من التفرقة العنصرية، بل يعبرون عادة عن التفاؤل التقليدي في أوساط المهاجرين إلى أميركا عن إمكانية استيعابهم في التيار الثقافي العام.. ونظراً إلى أن تلك الفروقات عادة ما تترجم في صورة تعليم أفضل، وفرص وظيفية أكثر للمهاجرين السود وأبنائهم وأحفادهم على حساب الأميركيين- الأفارقة، فإن ذلك يؤدي في نهاية المطاف إلى إذكاء التوترات الموجودة أصلاً بين الاثنين.
وفي الحقيقة أن التاريخ المعقد للتفاعل بين المهاجرين السود والأميركيين الأفارقة كثيراً ما تتم التغطية عليه من قبل الميل العام السائد في الديناميات السياسية الأميركية لعدم التفرقة بين المجموعتين.
غير أن ميل السياسات الثقافية التي ينتهجها الأميركيون- الأفارقة إلى ادعاء الحق لنفسها في الحديث عن الأمور العنصرية، جعلت المهاجرين السود ينظرون إلى ثقافة الأميركيين الأفارقة على أنها ثقافة يمكن أن تكون غريبة ومعادية أكثر من ثقافة التيار العام الأميركي.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه تعداد المهاجرين السود وذريتهم ويكاد يهدد التفوق العددي للأقلية الأميركية- الأفريقية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن لتهديد المهاجرين السود للسيادة الثقافية للأميركيين- الأفارقة أن يتأخر كثيراً قبل أن يظهر.. خصوصاً إذا ما أخذنا في اعتبارنا أن المهاجرين السود يميلون عادة وبشكل متزايد إلى تمييز أنفسهم عن السود المولودين في أميركا بشأن آرائهم المتعلقة بالعنصر والعنصرية والولاءات السياسية، علاوة على أنهم أقل استجابة للمظالم العنصرية التي تلحق بالأميركيين- الأفارقة.
قد يساعد هذا على إدراك كيف أن بعض زعماء الحقوق المدنية من الأميركيين- السود غير متأكدين حتى الآن من مدى ولاء "باراك أوباما" لقضايا الأميركيين- الأفارقة.
فهم يرون أن "سواد" أوباما السياسي واستقلاله عن "سوادهم"، وانحداره من سياق تاريخي مختلف عن سياقهم، يهدد سلطتهم الثقافية والسياسية.
لذلك كله فإن "أوباما" لا يتسامى عن موضوع اللون -كما قد يحلم البعض- بل إن الحقيقة هي أنه يعد تجسيداً لطائفة من التوترات التي تتجاوز موضوع اللون. فمن ناحية نجد هناك التوترات الناشئة عن علاقة أميركا المعقدة، والتي لم تحل بعد، مع الأميركيين - الأفارقة. ومن ناحية أخرى هناك وجود ملحوظ ومتزايد للمهاجرين السود الأقل رغبة في أن يتم تصنيفهم من الناحية السياسية والاقتصادية كـ"سود".. وهي قضية لها جوانبها غير المحلولة والمسكوت عنها.