جريدة الجرائد

عودة طالبان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سحر بعاصيري

على ضفاف الورطة الاميركية في العراق والازمة النووية مع ايران وامتداداتها، تستعيد حركة "طالبان" الافغانية بتحالفها مع "القاعدة" قوة ظنت ادارة بوش انها قضت عليها مرة في 2001 ومرة ثانية منتصف 2005.
لم يعد الامر موضع تكهن. قادة "التحالف" في المناطق البعيدة عن كابول يحذرون من خصم عنيد يستعد لمزيد من الهجمات الان مع بداية فصل الربيع. وقد بدأت المؤشرات باحتلال بلدات.
وقبل أيام، نشرت صحيفة "النيويورك تايمس" ان "القاعدة" تنبعث من وزيرستان، المحافظة الباكستانية الحدودية مع افغانستان، حيث تقيم معسكرات تدريب، وحيث اعتبر محافظها حرب "طالبان" في افغانستان "حرب تحرير" ضد الاجنبي المحتل. وقبل وقت قصير قال القائد الاميركي لقوة الاطلسي في افغانستان بين 2003 و2005 ان اميركا قدّرت "خطأ" آنذاك ان "طالبان" تظهر علامات هزيمة، والان تعود "طالبان الجديدة اقوى وافضل تدريبا وتسليحا ولا تشبه تلك التي قاتلها الاميركيون" من قبل. وتفيد مراكز ابحاث جدية ان عدد مقاتلي تحالف "طالبان" و"القاعدة" لا يستهان به وهم يتمركزون في وزيرستان والمناطق الباكستانية الاخرى الخاضعة لسلطة القبائل.
هذا لا تجهله على الاقل الاستخبارات الاميركية: جون نيغروبونتي قال قبل ان يترك منصبه مسؤولاً عن الاستخبارات الوطنية ان "القاعدة تبعث بقوتها الى الشرق الاوسط وشمال افريقيا من مخابئها في باكستان". وكذلك يلاحظه المراقبون: "القاعدة" اصدرت 21 شريطا مسجلا في 2006 اي اكثر مما اصدرت في 2005، والاهم ان رسائلها كانت اكثر دقة وآنية تتعامل مع احداث حصلت قبل ايام او ستحصل قريباً .
عنوان المشكلة اذاً وزيرستان. لكن حجمها اكبر بكثير وسيتسع نظراً الى خلفيتها وآفاق مستقبلها. الخلفية هي نتيجة الحرب على افغانستان: حكومة حميد كرزاي ينخرها الفساد وبالكاد تسيطر على العاصمة، وافغانستان حطمت الارقام القياسية في زراعة الافيون واستعادت موقعها الاول في انتاج المخدرات بنحو 6700 طن من الافيون عام 2006 اي ما يكفي لصنع 670 طنا من الهيرويين الصافي. اما آفاق مستقبلها، ففي باكستان وفي العلاقة الملتبسة بين الرئيس برويز مشرف والادارة الاميركية. وزيرستان هي ارض التطرف الاسلامي في باكستان والمرحبة دائما بـ"طالبان" وحلفائها ولا نفوذ يذكر فيها للحكومة. وفي ايلول 2006 قرر مشرف توقيع اتفاق مع شيوخ القبائل هناك لمنع تسلل المقاتلين عبر الحدود، ولكن يبدو ان النتيجة المباشرة للاتفاق كانت عكسية اذ ازدادت العمليات في افغانستان ثلاثة اضعاف منذ التوقيع وتعززت المعارضة الداخلية لمشرف اذ فسِّر الاتفاق موقف ضعف له.
ربما. فقضية مشرف معقدة. منذ تحالفه مع بوش في الحرب على الارهاب والمعارضة تتنامى وقد اضعفته فوضى افغانستان وغرق اميركا في العراق. ولعله راجع حساباته وقرر استرضاء خصومه ليكسب وقتا او تبين له ان نظاماً "طالبانياً" في افغانستان يستطيع ان يتحكم به افضل له من فوضى قد تزداد مع تضاؤل الوجود الاميركي هناك ومن كرزاي لا يربطه به إلاّ الاحتقار المتبادل.
أما بوش فيواصل امتداحه اياه، لكنه يعرف ضمنا انه لا يستطيع الضغط عليه اكثر لئلا يعرض نظامه العسكري المموه بالديموقراطية للسقوط في أيدي المتطرفين وتالياً فلتان الترسانة النووية التي يمسك بها. وكل الانباء عن انبعاث "طالبان" و"القاعدة" لم تحرك لديه ساكنا. وتعليقه الوحيد كان ان مشرف اكد له انه سيعالج هذا الامر.
يكفي. فالى مَ تحتاج "طالبان" و"القاعدة" وغيرهما أكثر من ذلك؟ مشرف يعد بوش. وبوش يعد العالم بكل ما يستطيعه من اخطاء لتعميم الفوضى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف