بلير يعترف بقتامة الوضع في العراق ويرفض الاعتذار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الجمعة 23 فبراير 2007
سياسيون ونواب يتهمونه بمواصلة حالة الإنكار
لندن - عمر حنين
رفض رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، أمس بعد أقل من 24 ساعة، الاعتذار مرة أخرى عن الأوضاع المأساوية في العراق، رغم إقراره بأن الموقف قاتم وسيئ للغاية في البلد المحتل، وفتح نواب في البرلمان والصحف البريطانية النار على الزعيم العمالي غداة اعلانه عن سحب 1600 جندي بريطاني من العراق فيما اعتبره ldquo;نصراًrdquo;، لكن هؤلاء السياسيين والصحف اعتبروه ldquo;هزيمةrdquo;، وإقراراً بالأمر الواقع بخطأ التدخل في العراق.
وقال بلير في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) انه لا يتحمل أي مسؤولية، ولن يقدم الاعتذار على الموقف ldquo;الفظيع القاتمrdquo; في العراق.
ونفى أن تكون القوات المتحالفة لم تكن مستعدة لمرحلة ما بعد الحرب في العراق، وخاصة العنف الطائفي.
وأكد بلير انه لم يكن ممكناً أن تحافظ قوات الشرطة التي كانت موجودة أثناء حكم صدام حسين على النظام على نحو سليم بعد سقوط النظام السابق، وأشار إلى ان قوات الشرطة السابقة كانت أداة في أيدي دكتاتورية صدام حسين ldquo;وبالتالي فإنه كان يتعين اعادة بناء الشرطة والجيش في العراقrdquo;.
لكنه قال إنه يمكن للمرء أن يتساءل عما إذا كان من الممكن تسريح الجيش العراقي بالذات بطريقة مختلفة، ولكن هذا الأمر ليس السبب الرئيسي للمشاكل القائمة في العراق الآن. وأوضح ان ldquo;السبب الرئيسي لقيام هذه المشكلة هو أن هناك عناصر تتعمد أن تثير هذه المشكلةrdquo;، وتقوم بأعمال العنف والإرهاب.
ورداً على سؤال أكد رئيس الوزراء انه يمكن أن تعود القوات البريطانية التي ستنسحب إلى العراق، وكذلك يتم زيادة عدد القوات العاملة هناك إذا ما اقتضت الحاجة ذلك.
وقد أعلن بلير ذلك بعد يوم واحد من تأكيده أن 1600 جندي بريطاني من القوات البريطانية هناك البالغ عددها 7100 جندي سيتم سحبها من العراق.
ونفى بلير أنه قد أغفل الأوضاع القائمة في المرحلة التي تلت الغزو. وأصر على أنه كانت هناك خطط موضوعة لمعالجة ldquo;الفراغrdquo; الذي نشأ بعد الاطاحة بحكم صدام حسين. وزعم أن ldquo;السبب الرئيسي لوجود مشكلة في العراق هو أن المتطرفين من الداخل والخارج قد تسببوا في ذلكrdquo;.
وكان بلير قد تعرض لهجوم ساحق في مجلس العموم أول أمس الأربعاء، ووجه له نواب سهاماً قاتلة جعلته يخرج من المجلس جريحاً. وكان النائب المحافظ مالكوم ريفكند (وزير خارجية سابق) المعارض للحرب منذ البدء قد قال لبلير ldquo;ألا تزال في حالة انكار، وترفض الاعتراف بأن غزو العراق كان خطأ فادحاً؟ ألم يحن الوقت بعد للاعتذار عن هذه الحرب الفاشلة التي أدت إلى زيادة الإرهاب في العالم؟rdquo;.
وكانت جلسة مجلس العموم أمس بمثابة دراما مثيرة تلقى فيها بلير الضربات تلو الضربات إزاء سياسته في العراق. وحتى المحافظين الذين أيدوا الغزو أطلقوا نيرانهم أمس على رئيس الوزراء حيث طالبوا باجراء تحقيق في الملابسات التي أحاطت بالموقف بعد سقوط النظام السابق في العراق والأخطاء الفادحة التي ارتكبتها بريطانيا وأمريكا في هذا المجال.
وخاطب ريفكند رئيس الوزراء أيضاً موجهاً إليه السؤال التالي: ldquo;ألا تزال لا تفهم أن زيادة مقدرة تنظيم القاعدة وغيره من المنظمات الإرهابية على أن يجعلوا من العراق ساحة معركة بالنسبة لهم قد تحققت نتيجة للقرار الذي اتخذته أنت والرئيس الأمريكي بوش لغزو العراق؟rdquo;، ومضى ريفكند قائلاً ldquo;لقد تفككت أوصال العراق منذ ذلك الوقت، وقُتل أكثر من مائة ألف مواطن عراقيrdquo;. ومرة أخرى طالب بلير بالاعتذار، ورفض بلير ذلك في عناد وصاح قائلاً ldquo;إن أسباب المصاعب القائمة في العراق هي أن هؤلاء الإرهابيين يجعلون الأمور شائكةrdquo;. وأوضح ldquo;إننا لم نكن السبب في هذا الإرهاب.. إن الإرهابيين هم الذين تسببوا في هذا الإرهابrdquo;، ومن المؤكد أن رئيس الوزراء قد تعمد أن يلجأ إلى الحديث الأيديولوجي وأساليب السفسطة والجدل من أجل عدم توجيه اللوم إلى نفسه، كما قال معلقون أمس.
وبدوره وجه منزيس كامبيل زعيم حزب الأحرار الديمقراطيين سهامه إلى بلير مطالباً رئيس الوزراء بأنه يتعين عليه أن يقبل على الأقل مسؤوليته عما حدث، وذلك إذا لم يكن يود بالفعل الاعتذار عما جرى بدلاً من أن يلوم الإرهابيين.
أما إليكس ساموند زعيم الحزب القومي الاسكتلندي الذي يطالب باستقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، فكان الأعنف في هجومه على بلير، موضحاً أن كل ما يفعله رئيس الوزراء هو ايجاد المبررات الواهية لسياسته في العراق منذ الغزو. وقال ساموند ldquo;إنك لم تقدم الاعتذار على مسؤوليتك عن الغزو بالرغم من أنك اعتذرت للعالم عن دور بريطانيا في تجارة العبيد التي لم تكن شخصياً مسؤولاً عنهاrdquo;، وطالب ساموند بلير بأن يعتذر على الأقل على المعلومات المضللة التي قدمها للعالم بالنسبة لأخطار أسلحة الدمار الشامل العراقية التي ثبت في النهاية عدم وجودها على الاطلاق.
ومرة أخرى، أصر بلير على عدم الاعتذار ونفى أي مسؤولية له، ولكنه غادر قاعة مجلس العموم وهو يبدو كنمر جريح مرهق بعد أن وجهت إليه الطعنات، وذلك بالرغم من أنه كان قد سعى من خلال بيانه أن يؤكد على أن انسحاب هذا العدد الكبير من القوات البريطانية يعتبر بمثابة انتصار لسياسة بريطانيا.
وكان المعلقون السياسيون قد أكدوا أمس ان خطاب بلير أمام البرلمان الأربعاء لم يكن إلا اعترافاً بالهزيمة.