مشعل: نريد دولة فلسطينية على حدود 1967
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
السبت 24 فبراير 2007
مشعل لـ"الراي": نريد دولة فلسطينية على حدود 1967
القاهرة تساعدنا بديبلوماسية هادئة... والسقف الآن هو "اتفاق مكة"
القاهرة - من عبد الله كمال
في فندق بعيد، في ضاحية القطامية شرق القاهرة، وبترتيب خاص، أجري هذا الحوار مع رئيس المكتب السياسي لـ "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) خالد مشعل، بعد يوم طويل من اللقاءات مع عدد من المسؤولين المصريين، وهو في طريقه إلى كل من السودان وروسيا.
مشعل الذي جاء طالبا دعم مصر، لتثبيت "اتفاق مكة" وتفعيله، وتثبيت حقن الدم الفلسطيني بين الفلسطينيين، تغيرت لغته إلى حد بعيد، وبدا مصرا على التفاؤل، متوقعا تغييرا في المواقف الدولية، لاسيما الأوروبية.
وفي حوار مع "الراي" - ينشر اليوم تزامنا مع مجلة "روزاليوسف" المصرية الأسبوعية، دافع مشعل عن سيطرته على "حماس"، وعن التزام الحركة بالقرار النابع من "اتفاق مكة"، وخضوع كل التوجهات داخل الحركة للاتفاق.
وفي ما يلي نص الحوار:
bull; ما هدف زيارتك لمصر في هذا التوقيت بالتحديد؟
- هذه الزيارة لمصر هي في استهلال جولة عربية وإسلامية ودولية، في مرحلة ما بعد اتفاق مكة، للتشاور مع القيادة المصرية، خصوصا أن مصر كان لها دور كبير ومهم في الوصول إلى "اتفاق مكة" لما لعبته من دور سياسي وميداني في غزة، والجهد الذي بذلته في القضية الفلسطينية، اضافة إلى أهمية الدور المصري في مرحلة ما بعد الاتفاق من أجل متابعة الخطوات التالية للاتفاق والتي لا تقل أهمية عنه.
bull; تكلمت عن نقطتين في مضمون الإجابة السابقة، الأولى عن مساهمة مصر في "اتفاق مكة"، كيف ساهمت مصر فيه؟ الأمر الثاني أنك تطلب من مصر المساعدة في إتمام هذا الاتفاق وتطبيقه... كيف؟
- دور مصر واضح، سواء في رعايتها للحوارات الفلسطينية عموما، وللحوارات بين فتح وحماس خصوصا.
مصر كانت حاضرة في السنوات الماضية وعلى الدوام، وحتى في أصعب ظروف الخلاف الفلسطيني الداخلي مصر كانت حاضرة على صعيد تقريب المواقف والديبلوماسية الهادئة، ليس بالضرورة الصارخة، عبر الاتصالات المتبادلة واللقاءات في الداخل والخارج.
أما من حيث ما نتطلع إليه من دور مصر، الجميع يعرف ما لها من ثقل عربي وإسلامي ودولي. مصر لديها القدرة على التحرك على مختلف الصعد، لذلك بعد أن خرجنا من دمشق والتقينا بالرئيس بشار الأسد والمسؤولين في دمشق، أردنا أن نبدأ جولة في محطة القاهرة، كبداية لجولة عربية إسلامية دولية تشمل عدة محطات منها موسكو، واليوم التقيت وزير الخارجية أحمد أبوالغيط، والوزير عمر سليمان وأيضا بالأمين العام للجامعة العربية (عمرو موسى) للحوار على مستوى المسؤولين في مصر عن ماهية الخطوة المقبلة.
وبالنسبة لنا، نعتقد أن مصر يمكن أن تلعب دورا مهما في تعزيز الوفاق الفلسطيني في الداخل سواء على صعيد تشكيل الحكومة، وعلى صعيد تثبيت حقن الدم، والثقة المتبادلة في الساحة الفلسطينية، وعلى صعيد الشراكة الفلسطينية بين فتح وحماس لتعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية، وعلى صعيد رعاية وفاق فلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وتطبيق ما تم الاتفاق عليه قبل عامين في "إعلان القاهرة" عام 2005 لإعادة بناء منظمة التحرير.
إضافة إلى دور مصر في التحرك الإقليمي والدولي بهدف كسر الحصار على الشعب الفلسطيني، والتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية بشرعية كاملة، ثم بعد ذلك فتح الأفق السياسي ليقودنا إلى تحقيق الهدف الفلسطيني والعربي لقيام دولة فلسطينية على حدود "الرابع من حزيران (يونيو) 1967".
bull; إذاً أنت راغب حقا في إقامة دولة؟
- بالطبع، مئة في المئة.. ومن لا يريد دولة فلسطينية؟ النضال الفلسطيني هو حق وواجب، فالنضال وسيلة وليس غاية.
bull; وإلى جانب دولة إسرائيلية؟
- النضال هو واجب للوصول إلى دولة فلسطينية ذات سيادة حقيقية عاصمتها القدس، وحق العودة من دون مستوطنات والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في شكل كامل. هذا هو المطلب الفلسطيني، وأعتقد أنه مدعوم عربيا وهو مطلب واقعي، نحن نتطلع إليه، ولا يمكن أن يتخلى الشعب الفلسطيني عن هذا المطلب.
bull; أكرر... إلى جانب دولة إسرائيلية؟
- المشكلة ليست في وجود الدولة الإسرائيلية، لأن إسرائيل كدولة موجودة على الأرض. المشكلة في عدم وجود الدولة الفلسطينية. أنا كفلسطيني الذي أفتقد إلى دولة، وأنا الذي لاأزال أتعرض إلى الاحتلال وإلى الظلم والقمع.
ما يعنيني الآن كفلسطيني ليس أن تكون إسرائيل موجودة أو غير موجودة، إنما ما يعنيني هو أن أبحث عن حقي الفلسطيني وأن أوجد دولة فلسطينية.
نحن كفلسطينيين اليوم ومن خلال وثيقة الوفاق الوطني وخطاب التكليف كأساس لحكومة وحدة وطنية، ارتضينا،سقفا وطنيا سياسيا هو دولة على حدود "الرابع من حزيران (يونيو) 1967".
bull; أنت تتكلم عن دولة ستكون موجودة في الواقع؟
- إسرائيل كيان موجود كأمر واقع. أنا الآن غير معني بهذا الكيان، ولكن معني بمصالح شعبي وبالدولة الفلسطينية التي أسعى إلى تحقيقها.
bull; هل من مصالح هذا الشعب الإطاحة بهذا الكيان؟ هل من مصلحة إقامة الدولة الفلسطينية الإطاحة بدولة إسرائيل؟ وما طبيعة العلاقة بهذا الكيان فيما بعد؟
- نحن اتفقنا - فتح وحماس - وأعتقد ان معظم القوى الفلسطينية اتفقت على أن هناك برنامجا سياسيا متمثلا في وثيقة الوفاق الوطني، وخطاب التكليف يمثل برنامجا سياسيا لحكومة الوحدة الوطنية.
نحن في هذه المرحلة الدقيقة معنيون أن نساعد على نجاح هذه الحكومة المستندة إلى هذا البرنامج السياسي، وأن نسعى كفلسطينيين بصرف النظر عن اختلاف رؤانا كفصائل وبرامجنا السياسية كفصائل - معنيون أن نعمل على إنجاح هذا البرنامج السياسي الوطني الذي التقينا عليه واعتبرناه أساسا سياسيا لحكومة الوحدة الوطنية. فأنا اليوم أتحدث عن هذا البرنامج، لا نريد أن نخرج عن هذا الإطار.
bull; هذا هو السقف الآن؟
- نعم، هذا هو السقف الذي نتحدث عنه كفلسطينيين باعتباره البرنامج السياسي الوطني لمجموع القوى الفلسطينية.
ما التقينا عليه هو أساس حكومة الوحدة الوطنية، نسعى معا للعمل على أساسه، ويبقى لكل فصيل رؤيته وقناعاته.
bull; كيف تقيس ردود الفعل الدولية على هذا الأمر.. كيف تنظر وتقيم موقف اللجنة الرباعية وموقف الولايات المتحدة؟
- "الرباعية" أصبحت أسيرة موقف أخذ في لحظة معينة، وللأسف إن الإدارة الأميركية تريد أن تفرض هذا الموقف على الرباعية بغض النظر عن أي تغيرات تجري هنا أو هناك.
لذلك رأينا في اجتماعات "الرباعية" في اجتماعاتهم الأخيرة في برلين واضحا أن هناك موقفا أوروبيا مختلفا وموقفا روسيا مختلفا عن الموقف الأميركي مما دفع بـ (وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا) رايس في هذا الاجتماع إلى أن تلجأ إلى سياسة الانتظار.
bull; تقصد "wait and see " أي لننتظر ونرى؟
- نعم الانتظار، ثم ينظرون ماذا سيحدث سواء في تشكيلة الحكومة أو في أداء الحكومة. لتفعل أميركا ما تشاء، فأنا أعتقد أن هناك تغيرا ملحوظا في الموقفين الأوروبي والروسي، وهذا يبشر أن هناك إمكانية لتغيير الموقف الدولي تجاه الموقف الفلسطيني.
أنا أقول بكل صراحة ليس أمام المجتمع الدولي بما فيه الإدارة الأميركية إلا أن يحترم الإرادة الوطنية الفلسطينية المتمثلة في هذا الوفاق الفلسطيني عبر "اتفاق مكة". ليس لهم اختيار سوى احترام هذه الإرادة، وأعتقد - كما قال الأخ "أبومازن" - بوضوح سواء للأميركيين أو للأطراف الإسرائيلية، إن هذا هو الذي توافق عليه الفلسطينيون وليس عندنا غيره، وعلى المجتمع الدولي أن يحترم هذه الإرادة.
bull; أنت الآن تردد تصريحات "أبومازن"؟
- نحن والأخ "أبومازن" الآن نعيش حال شراكة فلسطينية، نحن جميعا معنيون بالمصلحة الوطنية، ونريد أن نعمل معا من أجل إنجاح اتفاق مكة، وتطبيقه على الأرض في المعادلة الفلسطينية الداخلية ونستكمل كل ما يلزم له.
bull; إجابتك مليئة بعشرات الأسئلة... في ما يخص "اتفاق مكة"، عدد كبير من الأفكار العريضة التي يتضمنها الاتفاق كانت مطروحة عليكم في شكل أو في آخر خلال العامين الماضيين ومنذ "إعلان القاهرة" من جانب مصر ومن جانب أطراف مختلفة، بما في ذلك مشروع الوحدة الوطنية. ما الذي دفع إلى قبول هذا الأمر الآن وتحت المظلة السعودية؟
- أولا، لم يكن هناك شيء مطروح في الماضي نحن رفضناه ثم قبلناه في "محطة مكة"، ليس الأمر كذلك. نحن في "إعلان القاهرة" قبل عامين اتفقنا على الانتخابات ومضينا، اتفقنا على منظمة التحرير. وللأسف، لم تحدث فيها خطوات جادة، اتفقنا على التهدئة والتزمنا بها وإسرائيل هي التي لم تلتزم، لا بوقف عدوانها ولا بالإفراج عن المعتقلين، بل زاد عدد المعتقلين الفلسطينيين إلى أحد عشر ألف معتقل!
على الصعيد الداخلي، تم إجراء انتخابات في مطلع العام الماضي في يناير 2006، لكن - مع الأسف - على الأرض لم تحترم نتائج الانتخابات عمليا. احترمت نظريا ولم تحترم عمليا، وحصل حصار ظالم للشعب الفلسطيني لمحاولة إفشال الحكومة، المجتمع الدولي ارتكب خطأ كبيرا، إذ مارس عقوبات جماعية ضد الشعب الفلسطيني لأنه اختار حماس في انتخابات حرة شهد العالم بنزاهتها.
هذا هو ما أوجد هذا التوتر على الساحة الفلسطينية، مما نشأ عنه معاناة فلسطينية بسبب الحصار، ونشأ عن أزمة داخلية، وتسبب في تدخلات خارجية في الشأن الفلسطيني الداخلي.
بالتالي، كل مظاهر الاختلاف الفلسطيني الداخلي الذي تحول - للأسف - درجة من درجات الاقتتال المؤسف في الفترة الماضية، ما دفع كل العقلاء إلى ضرورة الخروج من هذه الحالة بالوفاق الفلسطيني، وكان ذلك عبر بوابة حكومة الوحدة الوطنية.
bull; حكومة الوحدة الوطنية كانت مطروحة من قبل مصر؟
- حكومة الوحدة الوطنية نحن طرحناها على الفصائل بعد فوزنا في العام الماضي مباشرة، لكن الفصائل والأطراف والكتل التي دعوناها لحكومة وحدة وطنية هي التي اعتذرت لأسباب لا أريد أن أفتح صفحات من الماضي.
في ظل التوتر الفلسطيني الداخلي الذي شرحته، جرى التوجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن هنا جرى الخلاف حول هذه الحكومة، أي كيف تكون هذه الحكومة؟ والذي سبب تعقيد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هو التدخلات الخارجية؟
bull; أي تدخلات؟
- عندما يطلب من الأطراف الفلسطينية أن تتقيد بشروط الرباعية حتى يسمح لها بتشكيل حكومة وحدة وطنية، هذا تدخل في القرار السياسي الفلسطيني. الأصل أننا كفلسطينيين - "فتح وحماس" وجميع القوى - نجري حوارا وطنيا للوصول الى حكومة وحدة وطنية بشروطنا الفلسطينية. لكن ثقل التدخل الخارجي فرض ظلاله على الساحة الفلسطينية.
bull; يقال إن أحد أسباب "اتفاق مكة" هو أن الوضع على الأرض بالنسبة لـ "حماس" لم يكن مناسبا في اقتتالها مع "فتح"؟
- وهذا يمكن أن يقال أيضا عن الإخوة في فتح. بهذا المعيار يمكن أن يقال عنا وعنهم. أنا أعتقد أن منطق الحسم في الخلاف الداخلي منطق خاطئ، لا ينبغي لأي طرف أن يفكر بمنطق الحسم لصالحه ضد الطرف الآخر،لأن الأصل المنطقي الذي يسود هو الشراكة والتعاون والتكامل وكل له دوره، وليس بمنطق الحسم بمعنى الإقصاء، أي أن يستولي طرف على ساحة العمل السياسي والحكم فيقصي الآخر، نحن معنيون أن نعمل معا بتكامل وبشراكة وطنية حقيقية.
bull; ما هي ضمانات منع الاقتتال في المرحلة المقبلة؟
- أنا أعلم حجم المخاوف من العودة إلى الوراء - لا سمح الله - أو من أي انتكاسة وتبقى المخاوف موجودة وتقلق الجميع، لكن أنا أشعر أن فرصة هذا الاتفاق جميلة لأن ليس أمامنا اختيار إلا أن نتفق.
أنا أعتقد أن استنفاد كل الخيارات السابقة وضغط الدم الفلسطيني على كل القوى الفلسطينية بصرف النظر عمن الظالم والمظلوم، ومن الذي يتحمل المسئولية عما جرى. كل ذلك في تقديري يشكل ضمانة ألا نعود إلى تلك الحالة.. ليس أمامنا إلا خيار الاتفاق.
bull; أصوات كثيرة تقول إنكم تطلبون المساعدة، لكن كيف ستساعدون أنفسكم؟
- "اتفاق مكة" هو خطوة حتى نساعد أنفسنا.
bull; وما الخطوة التالية؟
- الخطوة التالية أن نطبق هذا الاتفاق، وقد بدأنا. الشعب الفلسطيني يتحمل المسؤولية تجاه مصالحه. أنا قلتها بكل وضوح وثقة، صفحة النزاع الداخلي طويناها. هي حال استثنائية مؤسفة، لا تعبر عن سلوك الشعب الفلسطيني الحقيقي.
bull; ما هي النقاط المقابلة أيضا في ما يتعلق بكيف سيساعد الفلسطينيون أنفسهم، خصوصا وأنك لمحت في إجابتك المعنى الاضطراري... فأنتم مضطرون لهذا؟
- ليس فقط الاضطرار. الفلسطينيون - حتى في النزاع الداخلي - هم ضحية أكثر من أن يكونوا جناة. كما قلت لك، التدخل الخارجي الإسرائيلي والأميركي خصوصا والظروف التي وضع فيها الفلسطينيون عبر الحصار، وعبر محاولة الانقلاب على نتائج الانتخابات، وعدم احترام الشرعية الفلسطينية. كل هذه الظروف هي التي خلقت أجواء توتر في الساحة الفلسطينية.
كما بدا في محاولة الأميركيين والإسرائيليين في دعم طرف على حساب طرف ودفع الفلسطينيين إلى حالة الصراع الداخلي.
bull; قطاع كبير من الرأي العام في مصر رأى أن هناك صراعا على السلطة أكثر منه نضالا من أجل القضية؟
- أنا أتحدث بواقعية. لابد أن ننظر إلى جميع الزوايا. أنا أقول إن الأساس في النزاع الفلسطيني الداخلي هو العامل الخارجي: الاحتلال الإسرائيلي، الموقف الأميركي، مواقف دولية... هي التي حاصرت الشعب الفلسطيني وجوعته، وحاولت الانقلاب على الشرعية وتفجير الوضع الداخلي واللعب في المعادلة الداخلية بتفاصيل لا أريد العودة إليها حتى لا أنكأ جراح الماضي.
هذه الظروف الصعبة والأجواء التي فرضتها إسرائيل والإدارة الأميركية وأطراف دولية على شعبنا، خصوصا في ظل الحصار القاسي، هي التي خلقت أجواء التوتر الفلسطيني. فوقع المحظور... ولا أعفي أنفسنا كفلسطينيين من المسؤولية. لكن هذا كان العامل الأهم.
وأنا أقول عندما يتم حماية الفلسطينيين بإرادة عربية من التدخلات الخارجية، إضافة أن نقوم بمسؤولياتنا كفلسطينيين، سنتجاوز هذا الخلاف، خصوصا أنه كما يطلب من الشعوب الأخرى أن تحتكم للقانون وللشرعية وللنتائج الانتخابات، أنا أخاطب المجتمع الدولي: اتركوا الفلسطينيين ليديروا قراراتهم بأنفسهم!
أعتقد أن هناك ضمانات حقيقية ليس فقط الاضطرار وليس فقط حقن الدماء بل أيضا استشعار المسؤولية بدليل الشعب الفلسطيني صار لسنوات طويلة دون قتال، وبالعكس قدم صورة مشرقة رغم الظروف الصعبة.
bull; ما مدى التواصل بينك وبين قواعد "حماس" في الداخل؟
- بحكم مسؤوليتي في الحركة، تمكنت من التواصل مع كل أطراف الحركة في الداخل والخارج.
bull; إذا لماذا ردود الفعل من هذه القواعد على "اتفاق مكة" في الأيام الأخيرة، ليس كما تقول سعيدة بالاتفاق؟
- ليس صحيحا... قواعد الحركة في الداخل والخارج سعيدة بماجرى في مكة وكل الشعب الفلسطيني سعيد بما جرى لأن وقف الاقتتال الداخلي مصلحة كبرى، والجميع بارك الاتفاقية وكان حريصا عليها ولم يكن ينتظر من مكة إلا هذا ولم يكن ينتظر من حماس وفتح إلا هذا،علما أن حماس ذهبت الى "اتفاق مكة" بقرار قيادي من مؤسسة الحركة، لأن هذا هو نبض الحركة، نبض القيادة ونبض القواعد على حد سواء.
bull; لكننا سمعنا عن أربعة اجتماعات فاشلة عقدها إسماعيل هنية مع عدد كبير من قيادات الحركة ترفض الاتفاق وترفض مفاوضات الحكومة الوطنية؟
- هذا ليس صحيحا، ولو كان الأمر كذلك لما قدم استقالته ولما باشر بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مكة.
bull; هل كل الشخصيات من "فتح" ستكون مقبولة في حكومة الوحدة الوطنية؟
-الإطار العام لـ "اتفاق مكة" هو التوافق، بمعنى أننا اتفقنا على تشكيل الحكومة واتفقنا على موضوع منظمة التحرير وعلى وقف الاقتتال، وبدأنا الحديث عن الشراكة التي تحتاج إلى استكمال. في تشكيل الحكومة، اتفقنا على محددات وأسس وتوزيعات معينة. الآن نحن في مرحلة اختيار الشخصيات والوزراء. هذا الأمر سيتم بالتوافق بين الحركتين ومع بقية شركائنا في الحكومة من الكتل ومن الفصائل وبتواصل دائم بين أبو مازن وأبو العبد (هنية) بحكم أن أبو العبد هو رئيس الوزراء المكلف وهو الآن يجري مشاورات حثيثة مع الجميع وإن شاء الله في جو الوفاق والاتفاق سنحقق هذه الحكومة في بحر الأسبوعين المقبلين.
bull; ما رأيك تحديدا في موقف دحلان خلال الأيام الماضية في تفاعلات غزة؟
- متى تقصد؟
bull; قبل الوصول الى "اتفاق مكة"؟
- قبل الوصول الى "اتفاق مكة" تلك صفحة طويناها ولا نريد أن ننكأها، وبعد الاتفاق صفحة جديدة، فتحنا قلوبنا وعقولنا للجميع ومن أجل مصلحة الوصول.
bull; ما رأيك في المعلومات التي تقول إن السعودية قدمت نوعا من أنواع الدعم المالي لكي يمر الاتفاق؟
- هذا الكلام لايليق لا بالسعودية ولا بالشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني لايشترى بالمال حتى يتفق، والسعودية أكبر من أن تفعل هذا. نحن اتفقنا لأننا نريد الاتفاق أما الدعم السعودي فهو في مسار موازٍ. فالسعودية في طليعة الدول العربية التي تلتزم بدعمها المتواصل تجاه القضية والشعب الفلسطيني.
bull; أليس هناك جديد؟
- لم يجر الحديث عن المال في سياق التشجيع على الاتفاق.
bull; أي نوع من أنواع التحفيز الإضافي؟
- نهائيا أنا أجزم بذلك وأنا قلت لك نحن كفلسطينيين لا نقبل هذا المنطق على الإطلاق.
bull; إلى أي مدى ممكن أن يؤثر "اتفاق مكة" على العلاقة بين حماس وإيران؟
- أيضا هذا مفهوم خاطئ.
bull; اشرح من فضلك.
- لأن قرار حماس ليس مرتهنا عند أحد. حماس حرة في قرارها، وقرارها عند مؤسستها القيادية وبالتالي نحن ذهبنا إلى مكة بقرارها ولا سلطان لأحد علينا ولا أحد يملك وصاية على حماس واتفاقنا مصلحة فلسطينية ومصلحة عربية ومصلحة إسلامية، وهذا الاتفاق يسعد العرب ويسعد المسلمين ولا تعارض بين هذا وبين علاقاتنا مع إيران أو أي دولة أخرى.
bull; إذاً كيف توصف العلاقة الحالية مع إيران؟
- ممتازة.
bull; بهدف؟
- نحن محتاجون لأمتنا في معركتنا ضد الاحتلال الإسرائيلي.
bull; هل تعتقد أن الدعم المالي الإيراني سيستمر في الفترة المقبلة؟
- نحن لا نظن أن هناك مايستدعي أن يتوقف الدعم الإيراني تجاه الحكومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
bull; هل يكون التحليل الذي يقول إن حماس قررت أن تبتعد قليلا عن إيران حتى لا تتحمل الحسابات الإقليمية المعقدة بخصوص إيران. هل هذا كلام صحيح؟
- هذا تفسير مبني على فرضية خاطئة. حماس كانت محسوبة على محور إيران أو محور سورية والآن ابتعدت عن هذا المحور.
bull; أنت ترفض فكرة أن هناك محوراً يضم حماس و"حزب الله" وإيران وسورية؟
- نحن ضد سياسة المحاور، إنما لنا علاقات متميزة مع سورية ولنا علاقات متميزة مع إيران ومع "حزب الله" هذا صحيح وكما لنا علاقات متميزة مع مصر ومع السعودية ومع اليمن والسودان لأن هذه أمتنا. هذا هو الوضع الطبيعي لكن نحن ضد سياسة المحاور وفرضية أن حماس محسوبة على محور ضد محور.
bull; ما هي ردود الفعل السورية التي تلقيتها باعتبار أن سورية هي الدولة التي تستضيفك في ما يتعلق بـ "اتفاق مكة"؟
- هي في طليعة الدول التي رحبت بـ "اتفاق مكة" بعد ساعات من توقيعه.
bull; وفي ما يخص إيران؟
- لا أدري.
bull; لكن الصورة التي كانت موجودة، هي أن التأثير السوري على قرار حماس هو شديد الوطأة؟
- تستطيع أن تسأل الوسطاء الذين زارونا خلال الشهور الماضية ولعبوا دور الوساطة مثل الأخ محمد رشيد ود. زياد وهما يدركان تجربة الوساطة، والحوارات بيننا وبين فتح أعطت رسالة مهمة لكل هذه الأطراف أن حماس لا سلطان لأحد عليها وأن وجود حماس في الجغرافيا السياسية العربية لا يحملها أي التزامات أو وصاية من أحد عليها.. نحترم الجميع وحريصون على علاقة مع الجميع ولكن قرارنا مستقل مئة بالمئة.
bull; سأقبل هذا المنطق بشكل أو بآخر لكن ما هي دلالة لقائك اليوم للمرة الأولى مع وزير الخارجية المصري؟
- أنا على اتصال به والتقينا به قبل ذلك أثناء حوارات القاهرة، أنا سعيد بلقائه اليوم (أمس) ونحن لا نلزم أحداً أن يلتقي معنا لكن سعداء ونرحب بأي لقاء مع أي مسؤول عربي خصوصا في مصر الشقيقة الكبري.
bull; من الذي طلب اللقاء؟
- نحن طلبنا لقاءات. نحن جئنا الى القاهرة كعادتنا لنلتقي مع المسؤولين ورغبنا أن نلتقي بأكبر عدد من المسؤولين ورُتب في هذا البرنامج أن نلتقي مع أبو الغيط.
bull; هل تفرض عليكم أو فرضت عليكم في أي وقت مصر أجندة معينة أو مطالب محددة؟
- لا، مصر تنصح، تقترح وتبدي حرصها، تتدخل لمصلحة الشعب الفلسطيني سواء سياسيا أو في المسائل الميدانية ونحن نتعامل معها باحترام متبادل وبعقل وقلب مفتوح. وكما ذكرت، حريصون على مصر ودورها، لأن مصر تبقى في صدارة الموقف العربي ويبقى لها ثقلها العربي والإسلامي والإقليمي والدولي وثقتنا كبيرة بمصر.
bull; هل هناك متغير في ما يتعلق بموضوع الجندي الاسرائيلي المختطف جلعاد شاليت؟
- الجهود المصرية متواصلة، وأعتقد أن العقدة تبقى في الموقف الإسرائيلي هو الذي يبطئ اتمام الصفقة.
bull; هل لك سيطرة حقيقية على الخاطفين؟
- أنا بحكم موقعي في الحركة ومسؤوليتي كمسؤول أول عن الحركة مسؤول عما تمارسه الحركة وأتحمل كامل المسؤولية.
لكن بسبب ظروفنا المعقدة في الحركة ونظام عملنا المؤسسي فيها من ناحية، حيث كل له اختصاصه وله أطره ولأن الواقع الأمني الذي نعيشه صعب ولأن تشتتنا في الجغرافيا بين غزة والضفة والخارج والسجون، هذا يفرض علينا آليات معقدة في إدارة القرار فنحن حركة واحدة لها قيادة مسؤولة عن كل أعمال الحركة لكن كل جهة لها اختصاصها: الجناح العسكري يعمل في إطاره والجناح السياسي كذلك وأطر الحركة تعمل ضمن السياسة العامة للحركة.
bull; لكن الجناح العسكري حسب المؤشرات ليس في الاتجاه نفسه الآن؟
- لا لا، الجناح العسكري منضبط بسياسات الحركة وهو جزء أصيل وأساسي وهو موضع ثقتنا في قيادة الحركة.
bull; بغض النظر عن التعقيدات، ما هي تعليماتك المباشرة للجناح العسكري بعد "اتفاق مكة"؟
- ليست قضية تعليمات، هناك سياسات للحركة عندما تقر في مؤسسات الحركة يلتزم بها الجميع وكل محطة سياسية مثل "اتفاق القاهرة"، عندما قمنا بالتهدئة التزم بها الجميع.
bull; ألا تخشى تفاوتا بين فلسطينيي حماس في الداخل وحماس في الخارج؟
- تعدد الجغرافيا بالتأكيد يفرض تعددا أيضا في زوايا النظر وتعددا في المعطيات، لكن الجوهر يبقى واحدا والالتزام واحدا، والجميع يسير على برنامج الحركة وعلى نهجها وسياستها ويلتزم بمواقفها وقراراتها.
bull; ألا تجد أنه ينبغي الالتقاء مع عدد من فلسطينيي الداخل كي يحدث نوع من أنواع الحوار أو إذابة نوع من سوء الفهم؟
- ليس هناك سوء فهم، أنا قلت، ان حماس لديها آليات معقدة في إدارة القرار والتواصل رغم تشتتنا الجغرافي والعوائق الأمنية الهائلة والتآمر الكبير على الحركة، لكن الحركة لديها من قوة المؤسسة ما يسمح لها بإدارة قراراتها بطريقة سليمة، وإذا أتيحت فرصة اللقاء بين قيادات الداخل والخارج من وقت لآخر يكون هذا أمرا إضافيا وإيجابيا ونسعد به دائما.
bull; ما الهدف من زيارة موسكو؟
- في السياق نفسه الذي ذكرته، اي ما بعد اتفاق مكة وضرورة حشد موقف إسلامي عربي ودولي لمصلحة كسر الحصار عن الشعب الفلسطيني والتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية واحترام إرادة الوفاق الوطني الفلسطيني، وأعتقد أن موسكو موقفها متميز وزرناها في العام الماضي ونسعد بزيارتها في هذا العام.
bull; ألم يحدث أي نوع من أنواع التواصل مع الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية؟
- كانت هناك اتصالات مع الأميركيين في التسعينات هم أوقفوها بضغط إسرائيل عليهم واللوبي الصهيوني، بعد ذلك لم تكن هناك اتصالات، وحصلت اتصالات مع بعض المستويات في سنوات سابقة، لكنها لم تستمر طويلا.
bull; في عامي 2005 و2006؟
- لا، ليست هناك اتصالات.
bull; إطلاقا.. ولو بعد "اتفاق مكة"؟
- خالد مشعل: لا.
bull; ولا عبر وسطاء؟
- لا، ولا عبر وسطاء، في العام الماضي جاء وفد من شخصيات أميركية وأوروبية إلي بيروت والتقينا بهم، وأعلن في ذلك الوقت، ولكن ليسوا رسميين.
bull; في ما يخص الإخوان في مصر... ما علاقتكم بجماعة الإخوان وكيف تسير؟
- حماس منفتحة على جميع القوى العربية والإسلامية، سواء كانت إسلامية كالإخوان المسلمين والحركات الإسلامية الأخرى والحركات الوطنية والقومية... حماس منفتحة على الجميع لأننا حريصون على أن تكون الأمة كلها معنا في مشروعنا الوطني الفلسطيني.
bull; أليست هناك علاقة تنظيمية بشكل أو بآخر بينكم وبين الإخوان المسلمين؟
- لا، نحن كما قلت لك، نعم جذورنا إخوانية كحركة حماس ومعروف هذا في تاريخ الحركة ونشوئها.
ولكن نحن حركة حماس اليوم حركة إسلامية ووطنية تمارس السياسة والمقاومة ولديها مشروع وطني ومنفتحون على الجميع، ولدينا استقلاليتنا الكاملة، وليست لدينا أي صلة مع أي من التنظيمات القائمة.
bull; ولا أعضاء في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين كما يسمى، ولا تخضع لتوجيه من المرشد العام محمد مهدي عاكف؟
- أنا كما قلت لك على علاقة مع الإخوان في العالم كله، ومع الحركات الإسلامية الأخرى ومع الحركات القومية والوطنية، ونعتز بهذه العلاقات لأن هذه قوى حية في الأمة. لكن نحن لدينا استقلالية كاملة ولا سلطان لأحد علينا، وندير هذه العلاقات بشكل مفتوح في الهواء الطلق لمصلحة القضية الفلسطينية.
bull; هل كنت تتعمد إحراج الدولة المصرية عندما كنت تعقد لقاءات مع جماعة غير معترف بها قانونا في مصر؟
- أنا لم أعقد لقاءات وإذا حصل وكانت هناك لقاءات كانت في الهواء الطلق.. وأنا أزور مصر ولقاءاتي معروفة.
bull; ألم يسبب هذا نوعا من أنواع الحرج؟
- أنا هنا في مصر. من يزورني في فندق ألتقي به في شكل طبيعي أيا كانت هذه الشخصية، لكن لا أتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، وأعرف حساسيات الوضع الداخلي ولا أتدخل فيه.
bull; ولا أيضا في ما يتعلق بتلقي الأموال أو التبرعات من الإخوان المسلمين؟
- الشعب الفلسطيني وحماس جزء منه يتلقون الدعم والتبرعات من كل قطاعات الأمة، وبالتالي ليس لدينا "فيتو" على أي دعم يأتينا من دول أو من حركات أو من قوى أو من جماعات أو من أفراد أو من تجار بشرط ألا يكون مشروطا.
bull; بشرط ألا يكون مشروطا.. ولم تأتكم أي أموال مشروطة؟
- أبدا.
bull; وحتى لو جاءت من جماعة غير شرعية في مصر؟
- مشروطة؟
bull; لا يهم مشروطة أو غير مشروطة، لكن من تنظيم غير معترف به في مصر؟
- أنا أقول لك، بصرف النظر، أنا في النهاية أقبل أي دعم يأتيني من أي مكان في العالم، ومن يمكن أن يرفض دعما لصمود شعبنا ولتخفيف معاناته للأيتام، دعم لمؤسسات المجتمع الفلسطيني، شيء طبيعي، ان الشعب الفلسطيني منفتح على العالم كله ويتقبل أي دعم من أمته، لكن لا يقبل أي دعم مشروط.
bull; السؤال الأخير في ما يتعلق بحركة نقل الأموال بالذات عبر منفذ رفح، هل دار حوار بينكم وبين مصر حول هذا الموضوع، خصوصا أن ذلك يمثل مشكلة قانونية بشكل أو بآخر؟
- لا مصلحة في الحديث عن هذا الأمر، فعلاقتنا مع مصر من الثقة والعمق ما نعرفه نحن وإخواننا في مصر، وإدخال الأموال في فترات سابقة عبر معبر رفح هو جزء من اجتهاد الحكومة الفلسطينية لإدخال أموال لمصلحة شعبها في ظل الحصار القاسي الظالم الذي مورس على الشعب الفلسطيني.
bull;هل دخلت كل هذه الأموال إلى حسابات الحكومة أم إلى حسابات حماس؟
- الأموال التي أدخلتها الحكومة ذهبت إلى حسابات وزارة المالية الفلسطينية، وكل هذا موثق وحماس أمينة على المال الفلسطيني ولديها الشفافية الكاملة في كل التفاصيل.