جريدة الجرائد

نووي كوريا وإيران .. أفق لدبلوماسية الصبر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


جيم هوغلاند - واشنطن بوست

تجبر القنابل النووية الرؤساء على قلب سياساتهم، التي ساد الاعتقاد بأنها محفورة على حجر، وقد كان هذا هو الحال مع رونالد ريغان والاتحاد السوفياتي، وهذا ما سيكون ربما مع جورج بوش والعضوين المتبقيين من محور الشر.

وفي هذا السياق عبّر الرئيس بوش عن تأييده للاتفاق الدبلوماسي الهادف إلى تحجيم ترسانة الأسلحة النووية في كوريا الشمالية، فيما ادى ذلك الى غضب بعض من أنصاره وسخرية من منتقديه، فيما يأمل هو أن يتم الوصول إلى اتفاق مؤقت مع إيران حول انتشار الأسلحة النووية أيضا.

ويقول دبلوماسي أوروبي: "هناك حركة وراء الكواليس. ويشعر الإيرانيون بالتأزم، وهم يريدون التفاوض". والى ذلك تم توزيع مقترحات إيرانية في بروكسل، فيما تدعم طهران منذ أربعة أشهر فتح جبهة إيرانية، على الرغم من النبرة الخطابية الحادة، التي تتبعها إيران بعد صدور إدانة جديدة للطموحات الإيرانية النووية عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومن جانبه استبعد بوش أي امكانية لمكافأة السلوك السيئ الذي تتبعه الدول، خلال فترة رئاسته الأولى، وكان استغلال صدام حسين للمجموعة الدولية، القوة الأساسية التي جعلته يضع العراق وكوريا الشمالية وإيران ضمن ما أطلق عليه بمحور الشر عام 2002، ثم أعقب ذلك بفترة قصيرة غزو العراق.

لكن طريقة مواجهة بوش الآن تستند إلى تقديم مكافآت اقتصادية ودبلوماسية لكوريا الشمالية، ولاحقا سيكون الحال مماثلا مع إيران، لتقليص التهديد من وقوع الأسلحة النووية بيد نظامين يتصرفان بشكل سيئ. وتخلى بوش عن أسلوبه التهديدي، خلال فترة رئاسته الأولى، لصالح طريقة أهدأ لإجراء الاتفاقات في الخارج، في وقت يمتص العراق جزءا كبيرا من القدرات الأميركية.

وجاء الانقلاب الكامل في سياسة بوش، من خلال الاعتماد على المهارات التفاوضية لجهازه الدبلوماسي وعلى الشركاء الأوروبيين والآسيويين للوصول إلى اتفاق مع كوريا الشمالية، وهذا انقلاب في السياسة الانفرادية، التي اتبعتها واشنطن لفترة قصيرة، بعد وصول بوش للحكم.

ووصف مسؤولون سابقون التغيير تجاه كوريا الشمالية، باعتباره قرارا استراتيجيا من قبل الرئيس الأميركي، لـ"رفع الغطاء" عن نظام يشكل بقايا من الحرب الباردة. كذلك ستساعد المفاوضات السداسية على تحقيق استقرار لعلاقات الصين باليابان والولايات المتحدة في هذا المجال.

وأشير هنا الى أن الرئيس بوش كان قد أدهش الرئيس الصيني هاو جينتاو، خلال تناولهما الغداء في البيت الأبيض في أبريل الماضي، حينما اقترح عليه أنه في حالة حل المأزق النووي، سيكون الوقت مناسبا لتوقيع اتفاقية سلام رسمية لإنهاء النزاع الكوري. وحينما تحدت كوريا الشمالية النصيحة الصينية، عن طريق إجراء تجربة نووية في أكتوبر الماضي، أصبحت الصين معنية أكثر في إعادة بيونغ يانغ إلى طاولة المفاوضات.

من المؤسف أن بوش لا يستطيع أن يعول على روسيا كي تلعب دورا مساعدا مع إيران، إذ يبدو أن الرئيس بوتين راغب بالمغامرة مع استقرار العالم، مقابل مكاسب تجارية قصيرة المدى، فيما جعلت الانقسامات في القيادة الإيرانية لجهة الوصول إلى تجميد متبادل، بحيث توقف طهران تخصيب اليورانيوم مقابل تعليق الأمم المتحدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، أمرا عسير التحقيق.

لكن السياسة الأميركية والأوروبية بحاجة إلى أن تلعب على هذه الانقسامات، التي ظهرت إلى السطح مع استمرار أحمدي نجاد في توجيه الانتقادات الحادة، بينما يعرض آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى مقترحات تهدف على الأقل إلى تشخيص الحواجز المتبقية أمام اتفاق بين الطرفين.

وفي الخريف الماضي كان علي لاريجاني قد أخبر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا أن بإمكان إيران أن تقبل بالمقترح الروسي ـ الأوروبي لتشكيل تجمع دولي يقوم بتخصيب الوقود النووي لإيران، إذا جرى التخصيب على الأرض الإيرانية.

وسبق أن صدرت ورقة دبلوماسية غير ملزمة يوم 1 أكتوبر 2006 كتبها دبلوماسيان، وكان الهدف منها "المساعدة في فتح طريق للمفاوضات". وحينما اتصلت بسولانا الأسبوع الماضي في برلين، تجنب الحديث عن هذه الورقة. مؤكدا إنه "لم يتم الاتفاق على أي شيء، ولم تطرح أي عروض بطرق رسمية".

والمشكلة أن الشرط الإيراني غير مقبول بالنسبة لواشنطن، لكن طرحه هو دليل على الضغوط التي دفعت بها وزارة المالية الأميركية لتقليص القروض لإيران وإدانة الأمم المتحدة لها، فكان لهما تأثير على إيران مثلما أن هذه الوسائل كان لها تأثير على كوريا الشمالية.

ويبدو أن بوش قرر اتباع الصبر كاستراتيجية في مسعاه للحصول على اتفاق نووي مع كوريا الشمالية، وأخذ نظرة بعيد المدى للمنطقة بما يخص استقرارها. ولذلك عليه أن يقوم بهذا الأمر مع إيران، بغض النظر عما تثيره من ردود فعل ساخرة سواء داخل طهران أو في واشنطن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف