هل الولايات المتحدة الخاسر الأكبر في اتفاق مكة؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء 27 فبراير 2007
الين شانون ـ التايم
ترجمة: فاروق السعد
ربما مازال الفلسطينيون يحتفلون بمناسبة التوصل الى اتفاق بين الفصيلين المتنافسين حماس و فتح لتشكيل حكومة وحدة وطنية، و لكن ليس هنالك من رأي صادر من واشنطن. " السلام ليس في متناول اليد"، كما قال مسؤول امريكي رفيع. ولكن في الوقت الذي قد تعتبر فيه إدارة بوش الاتفاق على انه نكسة لاحتمالات إقامة السلام في الشرق الاوسط، فان العديد من المراقبين يعتقدون بانه يشكل حقا نكسة للنفوذ الامريكي في المنطقة- خصوصا لهدفها في عزل حماس. من حيث الظاهر، ان الاتفاق الذي وقع في مكة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس من حركة فتح و خالد مشعل من حماس، مازال بعيدا عن مبادئ مجموعة الوساطة الدولية التي تعرف بالرباعية، و التي تتكون من الولايات المتحدة، الاتحاد الأوربي و روسيا، والتي تنص على وجوب ان تقوم حكومة الوحدة الوطنية بالاعتراف باسرائيل، نبذ العنف و الالتزام بعملية السلام.
ان مباحثات مكة، التي دعا إليها الملك عبد الله، قد أسفرت عن تعهد حماس "باحترام" الاتفاقيات الفلسطينية السابقة في السير بعملية السلام مع اسرائيل. ولكن قادة حماس لم يقبلوا بوضوح دعوات الرباعية الداعية الى الاعتراف بحق اسرائيل بالوجود والتحرك باتجاه الحل المبني على إقامة دولتين. وقد أوضح المسؤولون الامريكان بانه طالما ان (حماس) لا تقبل بمطالب الرباعية، فان حالة الجمود ستستمر. تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس مع ممثلي الرباعية- الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، رئيس السياسة الأمنية للاتحاد الاوربي خافير سولانا، وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، وزير الخارجية الألماني فرانك فالتير شتاين ماير، و المفوض الأوربي للعلاقات الخارجية بنيتا فيريرو-فالدنر- من خلال مؤتمر هاتفي أمين. وفي تصريح صدر لا حقا في نفس اليوم، أعادت المجموعة التأكيد على مبادئها، وتبنت مبدأ موقف الانتظار لمعرفة نتيجة خطة حكومة الوحدة الوطنية و دعت الى جلسة استراتيجية للرباعية في 21 شباط في برلين. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية توم كيسي للصحفيين بان الولايات المتحدة ستنتظر الى ان يتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بالفعل و تشرع في رسم سياستها لكي تحكم ان كانت الولايات المتحدة ستستأنف إرسال المساعدات المالية الى الحكومة الفلسطينية. في الوقت الحالي، كما يقول كيسي، " لم يتغير الموقف الامريكي من حماس. انها عبارة عن منظمة إرهابية مسلحة وهذا يضع تقييدات على أنشطة الولايات المتحدة وتعهداتها." ويقول السفير الامريكي السابق الى اسرائيل مارتن انديك، والذي يشغل الآن مدير معهد بروكنك، مركز سابان لسياسة الشرق الاوسط، بان اتفاق مكة يمثل " إحراجا كبيرا" بالنسبة الى رايس ونكسة لآمالها في رعاية المباحثات الإسرائيلية-الفلسطينية التي ستضع الأساس لإقامة دولة فلسطينية مسالمة. قال مسؤولو وزارة الخارجية اليوم بان رايس مازالت تخطط للسفر الى القدس في 19 شباط لأجل إقامة مباحثات ثلاثية إسرائيلية-فلسطينية- أمريكية مع عباس، (المعروف شعبيا باسم أبو مازن) والرئيس الاسرائيلي ايهود اولمرت. " ان هذا ليس هو الشيء الذي كان في ذهن الادارة" كما قال انديك الى التايم. " فقد كانوا يتوقعون بان أبا مازن المدعوم من مصر والعربية السعودية، قد يتحرك في عملية استثناء حماس. ولم يتوقعوا بان يساوم السيد عباس مع حماس. ولم يريدوا منه ان يساوم مع حماس، ولم يعتبروا ذلك امرا ضروريا. " لقد فشل الفريق الامريكي، كما يقول انديك، في توقع بان (عباس) سيتجه نحو "المصالحة و التعاون بدلا من المواجهة" مع حماس. وعلاوة على ذلك، كما يقول انديك، تلقي الصفقة ظلالاً على الجهود الامريكية لبناء تحالف قوي مع السعودية، مصر و الدول العربية الأخرى المعتدلة حول عدة مسائل، تشمل ليس المسألة الإسرائيلية-الفلسطينية فحسب بل ايضا مواجهة التحدي النووي الايراني و العمليات في العراق، لبنان و الأراضي الفلسطينية. " لقد توقعوا بان تلعب مصر والعربية السعودية دورا مختلفا" كما يقول انديك. " لقد بدأ السعوديون بموقف متشدد جداً من حماس و لكن تلك السياسة قد تغيرت في مطلع كانون الثاني. والى حد ما توصل أبو مازن، السعوديون والمصريون الى قرار يشير الى انه من الأفضل التعامل مع حماس بدلا من مواجهتها. وقرروا التراجع عن حافة الهاوية وتقديم أنواع التنازلات." كما يتوقع انديك المزيد من التوترات داخل الرباعية. وفي الوقت الذي لا يوجد فيه من بعد من وضوح بين الولايات المتحدة والأوربيين، كما يقول، " ستعتبر روسيا ذلك ترخيصا بالتعامل مع حماس." ومنذ ان نجحت حماس في السيطرة على الحكومة الفلسطينية في انتخابات كانون الاول الماضي، قطعت الولايات المتحدة والدول الأوربية الغربية تقديم الأموال بشكل مباشر الى السلطة الفلسطينية. وقد قال العديد من النقاد بان الإجراءات قد ارتقت الى مصاف عملية خنق للأراضي الفلسطينية وهو ما سبب أزمات إنسانية-وسياسية. ولكن القوى الغربية تصر على انها حاولت تفادي هذه الأنواع من ألازمات- والضغط الدولي لغرض التوصل الى تسوية مع حماس- عن طريق تدفق كميات كبيرة من المساعدات الى الأراضي الفلسطينية من خلال منظمات غير حكومية. وطبقا الى الولايات المتحدة والمسؤولين الأوربيين، تسلم الفلسطينيون 700 مليون دولار كدعم خارجي العام الماضي، مقارنة بمبلغ 350 مليون دولار عام 2005. " انها ليست أزمة إنسانية" كما قال مسؤول رفيع في الادارة في إيجاز صحفي الأسبوع الماضي. " هنالك وضع اقتصادي صعب في بعض المناطق، اكثر حدة من الأخريات. ولكن بصورة عامة، اعتقد بان المجتمع الدولي كان قادرا على توزيع المساعدات بطريقة كانت تنوي القيام بها قبل ما يقارب العام. " ومع ذلك، تتساءل بعض المجموعات التي تقدم المساعدات عن فعالية تلك الآلية المعقدة، زاعمة بانها تكلف الكثير من النقود و تستغرق المزيد من الوقت للحصول على المساعدات المطلوبة كثيرا في الأراضي الفلسطينية.