تطبيق العقوبات على إيران قد يبعد شبح الحرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
روجر شتيرن - انترناشنال هيرالد تريبيون
يتعزز الدليل على وجود أزمة اقتصادية معمقة داخل ايران، لكن مغزى تلك الأزمة ما يزال ضائعاً عند الاتحاد الاوروبي الذي يظل غير راغب في تلبية دعوة واشنطن لفرض عقوبات أشد اذا لم توافق طهران على تعليق تخصيب اليورانيوم. ومع ذلك، فإن هشاشة ايران الاقتصادية التي تتضح يوما بعد آخر تشير الى احتمال ان يؤتي ذلك التهديد أكله.
في منتصف كانون الثاني - يناير الماضي، اتخذت طهران قرارها الخطير حول بدء العمل بنظام ترشيد استهلاك البنزين في المحافظات الحدودية من البلاد، حيث يعمل تهريب الوقود الرخيص وإعادة بيعه في الخارج بعض الايرانيين العاديين لكسب العيش في غمرة اقتصاد غارق في بطالة نسبتها 15% وتضخم مستفحل. لكنها الائتمانات الأوروبية واستثمارات البترول هي التي تبقي رأس إيران طافياً فوق المياه، وبالكاد.
كان المفاوضون الاوروبيون مستجيبين للضغط الذي تمارسه واشنطن، قد وافقوا الأسبوع الماضي على توسيع إطار الحظر المفروض على التعاملات المالية وعلى تصدير المواد والتكنولوجيا التي يمكن لايران استخدامها في تطوير أسلحة نووية. والآن، وقد تحدت طهران قرار الامم المتحدة بوقف التخصيب، فإن الوقت قد حان ليزيد الاتحاد الاوروبي من حجم التأثير الذي يمارسه على ايران لمواكبة العقوبات الاميركية المفروضة على استثمارات الطاقة وخطوط الائتمان.
وفي الوقت الذي ادرك فيه الاقتصاديون الايرانيون منذ سنوات أن دعم طهران لبنزينها وغازها الطبيعي ليس قابلا لأن يكون واقعاً مستداماً، أثبتت كافة المحاولات السابقة لرفع اسعار الوقود او ترشيد استهلاكه استحالة نجاحها من الناحية السياسية. وقد دأبت الحكومة الايرانية دائماً على التضخيم من حجم موارد إيران البترولية. كما يعرف الناس ايضا أن النخبة الدينية-التكنوقراطية الفاسدة ستفلت من الصعوبات والمشقة الناجمة عن التقنين.
أما الشيء الذي يشكل نذيراً أخطر لطهران، فهو حقيقة أن "صندوق إدامة استقرار النفط" لديها يبدو وقد استنفد. ونستطيع ان نستقرئ هذا الواقع من تقارير وسائل الاعلام الايرانية التي اشارت الى ان تغطية العجز في الميزانية فيما يخص واردات النفط لعام 2006 قد تمت باستخدام احتياطيات العملة الاجنبية، وليس من صندوق الاستقرار المذكور كما كان يتم في الماضي.
تستورد ايران الوقود لان الاقبال المحلي آخذ في التزايد على نحو هائل بسبب الدعم الحكومي، في وقت هبط فيه نشاط المصافي الايرانية. وهكذا، بات يترتب على ايران استيراد الوقود بسعر السوق ثم اعادة بيعه محليا بالسعر المدعوم الأقل بما لا يقاس. ومع عدم توفر مزيد من الاموال الكافية لعمليات الاستيراد، فان احتياطيات ايران من العملات الصعبة تصبح آخر معاقلها المالية، بالاضافة الى الائتمانات الخارجية. ولا يمكن لأي انفاق جديد على استيراد الوقود أن يفضي سوى الى زيادة الضغط الذي يتنامى بسرعة على احتياطيات العملات.
سيكون استخدام احتياطيات العملات الاجنبية في عمليات الشراء غير العادية فحسب شيئا بالنسبة لايران، لكنه سيكون شيئا مختلفا تماما اذا ما تم استخدامها من أجل تغطية الاحتياجات اليومية، وهو ما يحدث حاليا. وقد كان من بين أسباب الإغارة الأخيرة على مبلغ 3,25 بليون دولار من الاحتياطيات هو "تغطية العجوزات في الميزانية، والتي واجهتها المؤسسات التنفيذية في دفع الرواتب والأجور".
لا غرابة في ذلك - فبالرغم من تضاعف عوائد ايران النفطية بمقدار أربعة أضعاف منذ عام 1998، نمت ميزانية الجمهورية الاسلامية بمقدار ثمانية اضعاف خلال نفس الفترة. وكي تكون الامور أسوأ، تراجعت صادرات إيران النفطية الى مستوى منخفض جديد في شهر كانون الاول - ديسمبر الماضي، وهبط إنتاجها الآن الى 500.000 برميل في اليوم تحت سقف الحصة التي حددتها لها منظمة البلدان المصدرة للبترول - اوبيك.
بينما يمكن تبرير ازدراء الاتحاد الاوروبي للنشاطات الاميركية في الخليج، فان عدم رغبة الاوروبيين في الانضمام الى أميركا في تطبيق عقوبات الطاقة والائتمان هي حماقة في حد ذاتها. ولعل السؤال الذي ينبغي على الاوروبيين ان يسألوه لانفسهم هو ما اذا كانت الفائدة قصيرة الامد من وراء السماح للبنوك ومؤسسات الطاقة بادامة ثيوقراطية ايران هو أمر يستحق كلفته.
إن المفارقة الكامنة في لامبالاة اوروبا حيال العقوبات المفروضة على ايران هي أن ايران قد أعلنت حرباً اقتصادية مفتوحة على اوروبا. وهي تسعى لخلق اتحاد احتكاري شبيه بمنظمة "أوبيك" للغاز الطبيعي مع روسيا التي تعتبر بدورها دولة شديدة الاهتمام بانتزاع ما تستطيع انتزاعه من المستهلكين الاوروبيين.
والى ذلك، فإن انخراط اوروبا في هذا الشأن هو ما يحتاجه العالم. إذ ربما يمكن لذلك، وربما لذلك فقط، أن يوجد حلاً سلميا لازمة الاسلحة النووية الايرانية.