لبنان وفلسطين والعراق في تحولات الخطاب السوري - الايراني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نقاط التباين والتطابق تحت سقف "الخندق الواحد" ...
دمشق - إبراهيم حميدي
البيان السوري - الإيراني الذي صدر في ختام زيارة الرئيس بشار الأسد الى طهران الاسبوع الماضي، كان بمثابة رد على ما قيل من ان فجوة تقوم بين البلدين في شأن القضايا الإقليمية: العراق، لبنان، الأراضي الفلسطينية.
والبيان الذي صدر باسم الرئيسين الأسد ومحمود احمدي نجاد اجمل "نقاط التطابق" من دون أي إشارة الى نقاط الاختلاف. كما عكس تقدماً في الخطاب السياسي المشترك لكل من دمشق وطهران باتجاه "التوحد" العلني، على أساس تلاقي المصالح بصرف النظر عن الخلاف بين علمانية سورية وإسلامية إيران.
لدى الحديث عن العلاقات السورية - الايرانية، لا بد من العودة الى نهاية السبعينات، عندما اتجه الرئيس الراحل حافظ الأسد الى طهران بمجرد قيام "الثورة الإسلامية" العام 1979.
بعد توقيع الرئيس الراحل انور السادات اتفاق كامب ديفيد مع إسرائيل، طرق الاسد باب بغداد لأحداث نوع من التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط. لكن عندما انقلب الرئيس الراحل صدام حسين على "ميثاق العمل القومي" لدى وصوله الرسمي الى سدة الرئاسة، طرق الرئيس السوري باب طهران "الخمينية".
كانت إيران في حاجة الى جسر الى العالم العربي والى بوابة الى حدود الصراع العربي - الاسرائيلي. وكانت سورية تبحث عن حليف إقليمي يعوض الخلل الناتج من خروج مصر من ميزان القوة والى مصدر مالي بعد قطع الرئيس صدام أنبوب النفط الذي كان يوفر عائدات مالية الى الخزينة السورية، ذلك قبل بدء سورية بالإنتاج التجاري للنفط في منتصف الثمانينات.
تلاقت مصالح سورية - الأسد وإيران - الخميني في إقامة "تحالف استراتيجي" يهمل نقاط الاختلاف ويبني على نقاط الالتقاء. وبحسب الخطاب الرسمي السوري، حال الوقوف السوري مع إيران دون تحول الحرب الإيرانية - العراقية الى حرب عربية-فارسية والى تشجيع صراعات بديلة من الصراع الجوهري المتمثل بالنزاع العربي - الإسرائيلي. والآن، يقول منظرو الخطاب الرسمي ان الأيام أثبتت صحة التوجه السوري ومدى بعد نظر الرئيس الراحل، خصوصاً لدى قيام صدام بشن حرب على الكويت في 1990. واستطاعت سورية ان تلعب دور المهدئ من المخاوف الخليجية إزاء الطموحات الإيرانية والمفسر للأسئلة الإيرانية إزاء عناصر القلق العربية.
بقيت العلاقة السورية - الإيرانية محافظة على نوع من التنسيق لا التطابق، وان كان ظهر نوع من "الانشقاق" في الخطاب في النصف الثاني من عقد الثمانينات لدى حصول تقدم في مفاوضات السلام السورية - الإسرائيلية وتحسن في العلاقات السورية - الأميركية والعلاقة بين سورية والغرب عموماً.
لكن مع انهيار عملية السلام وفشل الفرصة الأخيرة في قمة الأسد ونظيره الأميركي بيل كلينتون في آذار (مارس) 2000، ثم اندلاع الانتفاضة الفلسطينية وانغلاق المسار الفلسطيني، بدأ الجانبان السوري والإيراني بإعادة ضخ الحرارة في عروق العلاقة بعد برود التسعينات.
يمكن القول ان التغييرات الأساسية التي أدت الى تبدل في طبيعة العلاقات السورية - الإيرانية، حصلت في السنوات الأخيرة. إذ شكل الغزو الأميركي للعراق في بداية 2003، نقطة أساسية في تقدم النفوذ الإيراني. فتخلصت طهران من الردع العراقي بعدما كانت عززت من موقعها الإقليمي عبر تخلصها من "طالبان" في أفغانستان. كما كانت في الوقت نفسه، تعمل على برنامجها النووي بصمت وبهدوء، بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية.
في المقابل، خرجت القوات السورية من لبنان في نيسان (أبريل) 2005، بعدما خسرت سورية بعداً استراتيجياً لدى احتلال العراق وانتشار قوات أميركية فيه، إضافة الى خسارتها نحو بليوني دولار أميركي سنوياً كانت تأتي الى سورية بعد التطبيع السوري - العراقي منذ 1997. وفرضت عزلة أميركية وأوروبية على سورية وبرود مع دول عربية كبرى.
في المؤتمر العاشر لحزب "البعث" الحاكم العام 2005 الذي عقد بعد انسحاب القوات العسكرية السورية من لبنان في نيسان من ذاك العام، حصلت نقطة انعطاف داخلية في صياغة التحالفات الإقليمية والدولية. كان هناك موقفان في سورية: موقف براغماتي يريد تقديم تنازلات الى أميركا في لبنان والعراق وفلسطين، وموقف آخر يريد "المقاومة والصمود" عبر تشدد داخلي وتجديد العلاقة مع إيران والتوجه شرقاً نحو آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا وروسيا والصين لمواجهة "العزلة".
بعد نقاشات انتصر دعاة مقاومة الضغوط المتمثلة بمحاولات واشنطن فرض العزلة على دمشق والكلام على "تغيير النظام" السوري، والتمسك بالأوراق بدلاً من رميها و "توحد القوى المستهدفة": إيران، سورية، حزب الله، حماس والجهاد الإسلامي.
وتمت ترجمة ذلك بقيام الأسد بزيارة إيران في آب (أغسطس) 2005 لتهنئة احمدي نجاد بالفوز بالرئاسة ثم استقبال الأسد قادة المنظمات الفلسطينية بينها "حماس" و "الجهاد الإسلامي" في القصر الرئاسي السوري وأمام الكاميرات ووسائل الأعلام في أيلول (سبتمبر) من العام نفسه.
كانت هذه اللقاءات تجسيداً عملياً لتشكيل "جبهة موحدة" من القوى المستهدفة. ومنذ ذاك لن يمر أسبوع من دون قيام مسؤول إيراني بزيارة دمشق أو مسؤول سوري بزيارة إيران. فجاء رئيس البرلمان الإيراني غلام علي حداد في تشرين الأول (اكتوبر) 2005، قبل ان يقوم وزير الدفاع السوري العماد حسن توركماني بتوقيع مذكرة تفاهم مع نظيره الإيراني في حزيران (يونيو) العام الماضي تضمنت "تشكيل لجنة دفاعية عليا تجتمع في شكل منتظم وتعزيز التعاون الدفاعي وتسريع العقود الموقعة". كما جرى دعم هذه العلاقة السياسية والعسكرية ببعد اقتصادي، حيث قال السفير الإيراني في دمشق حسن اختري لـ "الحياة" ان إجمالي قيمة الاستثمارات الإيرانية ستصل في العام الحالي الى نحو 1.5 بليون دولار أميركي موزعة على 100 مشروع بعدما بلغت بليوناً في العام الماضي، مشيراً الى ان نحو 500 ألف إيراني زاروا سورية في العام 2006.
وكان الشيخ اختري، الملقب بـ "مهندس" العلاقات السورية - الايرانية، عاد في بداية العام الماضي ليعمل سفيراً في دمشق بعدما كان عمل فيها لمدة عشر سنوات في عقد التسعينات، قبل ان يأتي احمدي نجاد الى دمشق في 20 كانون الثاني (يناير) العام الماضي.
صحيح ان هذه الزيارة شهدت استقبال احمدي نجاد قادة "حماس" و "الجهاد" قبل أيام من انتصار "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي ما كان بمثابة انتصار سياسي سوري - ايراني، لكن تلك الزيارة كشفت "تبايناً" في رأي البلدين إزاء بعض القضايا وفق التصريحات الرسمية.
العراق في ثنايا التباين
وبحسب البيانات الرسمية، ظهر اتفاق سوري - إيراني على "دعم العملية السياسية في العراق والعمل من أجل الاستقرار والمطالبة بانسحاب القوات الأجنبية بموجب جدول زمني محدد"، لكن الرئيس الإيراني ذهب ابعد من هذه المحاور الأساسية عندما قال: "إننا نساعد العملية السياسية واننا على قناعة بأن إقامة حكم شعبي ووطني تشكل الطريق الوحيد لمعالجة المشكلات في العراق"، انطلاقاً من الارتياح الإيراني لفوز الغالبية الشيعية وحلفاء إيران في الانتخابات الأخيرة في العراق. قبل أن يقول إن "بعض حالات اللاأمن والاغتيالات التي تحصل في العراق، تمثل حجة لاستمرار الاحتلال للأراضي العراقية" وان "استقرار الحكومة العراقية لن يبقي حجة أو ذريعة لبقاء المحتلين"، ويؤكد ان "استقرار الأمن سيكون لمصلحة المنطقة وخصوصاً إيران وسورية".
لا شك في ان هذا الموقف يختلف عن موقف دمشق وفق الزاوية التي ينظر من خلالها كل من البلدين. فبالنسبة الى ايران، كان هناك قلق من عراق قوي وتاريخ من العداء بسبب حرب استمرت ثماني سنوات. بينما تنظر سورية الى العراق على انه "عروبي قومي" وانه عمق استراتيجي على رغم الخلاف بين جناحي "البعث" الحاكمين في بغداد ودمشق، إضافة الى اعتقادها بأن أي تغيير سواء كان فوضى او تقسيماً او استقراراً، سينعكس على سورية في شكل أكبر بكثير لأسباب كثيرة بينها تشابه التوازنات في البلدين.
وربما، يفسر هذا الحماسة الإيرانية الى الإسراع في دعم العملية السياسية بمجرد حصول التغيير في العراق، في مقابل حذر سوري في دعم الانتخابات والعملية السياسية والمؤسسات الناتجة من "الاحتلال" مع دعم المقاومة والمطالبة بوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال.
وحتى بعد قيام وزير الخارجية السوري وليد المعلم بزيارة بغداد بين 19 و21 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي واعلان استئناف العلاقات الديبلوماسية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بـ "تشجيع" إيراني واستجابة للمصالح الاستراتيجية السورية، فان الموقف السوري لا يتطابق مع موقف إيران.
ووفق الخطاب السوري، إعادة النظر في الدستور بما يرضي جميع الشرائح، وان العراق لا يحكم إلا بالتوافق وبمشاركة السنة وليس فقط بالأكثرية الشيعية، مع ضرورة اعادة النظر بموضوع الفيديرالية، وحل الميلشيات وتشكيل جيش وقوى أمن على أسس وطنية وإعادة النظر بـ "قانون اجتثاث البعث". يضاف الى ذلك، ان دمشق لم توقف دعمها السياسي لسنة العراق و "هيئة علماء المسلمين" برئاسة الشيخ حارث الضاري و "بعثيي" العراق.
وهذا ما يفسر ان المعلم قام بزيارة طهران بعد زيارة الرئيس العراقي جلال طالباني الى دمشق في منتصف كانون الثاني الماضي، بهدف التأكيد على النقاط المشتركة بينها "الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً"، ما تطلب تنسيقاً مع أنقرة بهدف الحيلولة دون قيام كيان كردي او تقسيم العراق لأن ذلك ينعكس بدرجات متفاوتة على الدول الثلاث: سورية، تركيا، إيران.
وتحت هذا التوافق هناك موقف إيراني متمايز، تعبر عنه الى حد كبير القوى الموالية لإيران، خصوصاً "الائتلاف الشيعي" الحاكم والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بزعامة عبدالعزيز الحكيم، سواء ما يتعلق بموضوع الفيديرالية او الميليشيات، وصولاً الى الدور الذي تقوم به حكومة نوري المالكي.
نتيجة الاتصالات السورية - الايرانية، توصل الطرفان الى نقاط تفاهم مشتركة تم التعبير عنها في البيان المشترك في ختام زيارة الأسد الأخيرة، إذ اكتفى الطرفان بالتعبير عن "دعمهما للحكومة العراقية ولوحدة rlm;العراق أرضاً وشعباً ولسيادته ولاستقلاله بما يضمن خروج قوات الاحتلال منه وكذلك الحفاظ على هوية العراق العربية والإسلامية". وزاد البيان ان الطرفين "أعربا عن دعمهما لجهود الحكومة العراقية والجهود الأخرى الهادفة لتحقيق المصالحة الوطنية ونبذ الفتنة الطائفية ومواجهة المؤامرات التي تحاك في هذا المجال وناشدا الشعب العراقي التمسك بوحدته الوطنية".
اختلاف الزاوية في لبنان
وعن الوضع في لبنان، يمكن تلمس موقفي البلدين من خلال مراجعة التصريحات الرسمية. اذ بعد زيارة احمدي نجاد في بداية العام الماضي التي أعقبت انسحاب سورية من لبنان ووقوعها تحت ضغط دولي وتركيز إعلامي - سياسي بسبب التحقيق باغتيال الرئيس الاسبق رفيق الحريري، افادت بيانات رسمية ان الطرفين يؤكدان "دعم الاستقرار واستمرار المقاومة ومنع التدخل في الشؤون الداخلية او التدويل"، لكن الجانب الإيراني حرص على ان يميز نفسه بمناشدة "جميع الطوائف والتيارات التزام الصبر" والتحذير من ان "اي زعزعة في الامن سيصنف في خانة الاعداء"، خصوصاً في ضوء اعتقاد الرئيس الإيراني ان اسرائيل "ستصدر مأزقها الى الخارج" باحتمال القيام بعمل عسكري. وهذا ما حصل في حرب تموز (يوليو) الماضي، التي اثبتت صحة الرهان السوري - الإيراني على خيار المقاومة.
بعدها جرى تطوير الخطاب ليصل في البيان الرسمي المشترك لدى انتهاء القمة المشتركة في شباط الماضي. ونص البيان على ان البلدين "يؤكدان ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية والوفاق الوطني ويدعمان كل ما يتفق عليه اللبنانيون جميعاً بما يضمن أمن لبنان واستقراره وسلامة اراضيه"، ذلك بعدما أكدا "دعمهما لحق الشعب اللبناني في مقاومة الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على السيادة اللبنانية واستعادة ما تبقى من اراضيه المحتلة، وطالبا المجتمع الدولي بوضع حد لهذه الانتهاكات".
وجاء هذا الموقف السوري - الإيراني، بعدما تردد عن وجود "فجوة" بينهما على خلفية التحرك الإيراني - السعودي لحل الأزمة اللبنانية ووجود ورقة توصل اليها الامين العام للمجلس القومي الايراني علي لاريجاني مع نظيره السعودي الامير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، إزاء ملفات حكومة الوحدة الوطنية والمحكمة ذات الطابع الدولي والانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وقيل ان التباين بين دمشق وطهران يستند الى ان ايران تنظر الى لبنان كجزء من رؤيتها الى الشرق الاوسط ككل والحفاظ على دورها الاقليمي عبر حماية الورقة الضاغطة على اسرائيل في ضوء الاحتمالات المتعددة بين التصعيد والتسوية ازاء الملف النووي الايراني. بينما تنظر سورية الى لبنان على انه خاصرة امنية عربية في العمق الاستراتيجي على الضفة الغربية ضمن العلاقة التاريخية بين البلدين، اضافة الى ثنائية العلاقة بين استعادة الجولان السوري المحتل والتوتر الضاغط على شمال اسرائيل من جنوب لبنان.
وما يمكن اعتباره نتيجة للتشاورات، كان رئيس الوزراء اللبناني الاسبق سليم الحص نقل عن الاسد بعد مجيئه من طهران موقفاً قديماً - جديداً هو أن سورية ليست ضد مبدأ تشكيل المحكمة وانها ضد تسييسها، علماً ان الخارجية السورية كانت بعثت الى مجلس الامن الدولي ان "لا صلة" لسورية بالمحكمة ذات الطابع الدولي، مع ضرورة الاخذ في الاعتبار ان التحفظات التي تبديها المعارضة اللبنانية وتحديداً "حزب الله" على نظام المحكمة واحتمال تسييسها.
وفي مقابل سعي السعودية وإيران الى حلحلة الأزمة اللبنانية والتوتر بين السنة والشيعة فيه، ضمن تصور أوسع يتعلق بتخفيف التوتر المذهبي وإثارة الفتنة، هناك اعتقاد في دمشق ان ذلك يثير قلقاً لدى مسيحيي لبنان الأمر الذي يتطلب انخراطاً من الضلع الإقليمي الثالث للتسوية: سورية.
ولدى الاقتراب من ملف عملية السلام، يتضمن الخطاب الرسمي السوري - الايراني وفق ما جرى التعبير عنه في البيان المشترك الأخير، عن "الترحيب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مكة المكرمة بين الفلسطينيين لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والحرص على وحدة الشعب الفلسطيني ودعمهما لحقه في العودة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الفلسطيني".
ومرة ثانية، فان ايران تنظر الى القضية الفلسطينية باعتبارها جزءاً من الدور الاقليمي ككل باعتبار ان الصراع العربي - الإسرائيلي مدخل أساسي لدور ذي شعبية في الشارع العربي وصدى في اللعبة الدولية، اضافة الى ابعاد الصبغة الطائفية عبر دعم طهران حركتين سنيتين هما: "حماس" و "الجهاد الاسلامي". لكن سورية تنظر الى القضية من بعد قومي - تاريخي، إضافة الى البعد السياسي - البرغماتي والتقارب الجغرافي بين سورية واسرائيل.
وفق ذلك، نجحت دمشق الى حد كبير في الحفاظ على "شعرة معاوية" مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) خلال استعادتها للدور في الورقة الفلسطينية بعد فوز "حماس" في الانتخابات بعد استبعاد فلسطيني لدمشق منذ توقيع اتفاق اوسلو 1993.
وكان واضحاً ان دمشق لعبت دوراً في عملية جمع عباس ورئيس المكتب السياسي لـ "حماس" خالد مشعل في منتصف الشهر الماضي وتوصلهما الى مبادئ تحرم الاقتتال الداخلي وتلتزم الحوار لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية، ذلك بسبب حضهما على الوحدة الوطنية الفلسطينية أولاً، ولاعتقادها ان انطلاق قطار التسوية السلمية في الشرق الاوسط لا بد من ان تكون احدى محطاته في المفاوضات السورية - الاسرائيلية.
وإذا كان لافتاً ان إيران اقتربت من الموقف السوري في مطالبتها باستعادة الجولان لدى تضمين البيان الختامي فقرة تقول ان ايران "اعربت عن تأييدها لحق الشعب السوري في استعادة اراضيه في الجولان المحتل حتى خط 4 حزيران (يونيو) للعام 1967"، ذلك بعدما كان السفير اختري أكد قبل أسبوعين ان "استعادة الجولان هو هدف ايراني مثلما هو هدف سوري".
ولا شك في ان هذا الموقف الايراني متقدم ازاء مواقف سابقة كان عبر عنها احمدي نجاد خلال زيارته دمشق بداية العام الماضي. اذ في مقابل تأييد الجانب السوري لـ "استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وفي مقدمها اقامة دولة فلسطينية" وتأكيده على "حق العودة" والتعبير عن "دعم الشعب الفلسطيني في صموده ومقاومته الاعمال القمعية"، فان الجانب الايراني يذهب الى التشدد إزاء النظر الى الموضوع الفلسطيني، سواء لجهة تكرار احمدي نجاد ان "الخط البياني" لمستقبل اسرائيل في الشرق الاوسط يدل الى انها في طريقها الى "الافول والهبوط"، او لجهة تأكيد الرئيس الايراني ان "المقاومة هي الطريق الوحيد لإرغام العدو على الاعتراف بالحق المشروع للشعب الفلسطيني" مع التذكير بأن طهران تحرص على ذكر مصطلح "الكيان الصهيوني" بدلاً من "اسرائيل".
وإزاء تحذير الجانب السوري من محاولات واشنطن تمرير"الورقة الاخيرة" القائمة على "تحويلنا من دول وشعوب لها تاريخ وثقافة وفيها التعددية، الى دويلات طائفية متناحرة تؤدي الى انقسام العالم الإسلامي"، حرص الطرفان على الخروج بموقف مشترك مفاده ان "محاولات إثارة الفتنة تستهدف المسلمين جميعاً".