منتدى التنمية وعلاج الإعلام الخليجي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الخميس 1 مارس 2007
د. أحمد عبد الملك
على مدى يومين، تداول خليجيون متخصصون هموم الإعلام في المنطقة، وكانت أبرز البدايات التي تناولها بعض المتداولين قضية الهوية، وهل "الخليجية" هوية يمكن الاعتداد بها؟ وهل هي هوية تختلف عن الهوية العربية والإسلامية؟ وهنالك من نادى بحذف هذه الكلمة "الخليجي" من قاموس التداول الفكري والأدبي والصحافي، لأن هذه الكلمة تثير حساسية العرب الآخرين، أو أنها محرِّضة على الانقسامات كما هو الحال مع الفصائل الصومالية. ولو حاولنا تسمية مواطني منطقة الخليج -كونهم يجمعهم مجلس التعاون وجغرافيا المكان والزمان- فماذا نسميهم "تعاونيين"، "عرباً يسكنون الخليج العربي"، أم "سكان الإمارات والبحرين والسعودية وعُمان وقطر والكويت"؟ تصوروا طول التسمية، وأنا هنا لا أرى أية غضاضة في تسميتهم بالخليجيين، كونهم فعلاً يسكنون إقليماً يطل على الخليج.
استمع المشاركون في المنتدى إلى شهادات حول حاضر ومستقبل الإعلام من وزراء إعلام سابقين، ومالكي مؤسسات إعلامية ضخمة في الوطن العربي من الخليجيين. كما طُرحت أوراق عمل مدروسة حول قضايا الإعلام وهموم الإعلاميين، وكذلك ورقة حول واقع الإعلام الخليجي. وعلى هامش المنتدى خُصصت جلسات لمنتديات متخصصة مثل المنتدى الإعلامي، الأكاديمي، النسائي، الشبابي، رجال الأعمال، وخصص يوم الجمعة للمناقشات العامة حول القضايا التي طرحت في اللقاء.
وفي رأينا أن المنتدى بعد 28 عاماً منذ إنشائه، يحتاج إلى مراجعة المسيرة، خصوصاً أنه لا يتبع أية حكومة ولا يتلقى دعماً، ومنتسبوه يعملون متطوعين ويسافرون ويسكنون ويأكلون على حسابهم الخاص. ذلك أن ثلث أعضاء المنتدى لم يحضروا هذا اللقاء، وجلّ الذين حضروا لم تكن لديهم خلفية تاريخية عن عمل المنتدى، ولا أطروحاته الجديدة حول التفريعات المشار إليها آنفاً. وكنا نعتقد أن اقتراح المنتدى الإعلامي الخليجي سوف يكون جهازاً مستقلاً يجمع أصحاب المهنة، ويدعم أفكارهم بما يساهم في الارتقاء بمهنة الإعلام، ويتصدى لمشكلات الإعلام في المنطقة! ولكن المقترح كان مختلفاً -لدى القائمين على أمر المنتدى- وهو إنشاء لجنة تتولى الإعداد للأمور الإعلامية المصاحبة لموضوع المنتدى العام، وتتناول الموضوع من ناحية إعلامية.
بالنسبة للمواضيع المهمة التي طرحت، فقد تراوحت بين الإعلام الرسمي والإعلام الأهلي، وكيف أن المحطات غير الرسمية قد سحبت البساط من تحت المحطات الرسمية -التي لا زالت تعاني من هيمنة الدولة وشخوصها ومن قلة الميزانيات، وقلة عدد المؤهلين، واختيار إداريين لا يملكون الموهبة ولا المؤهلات الإعلامية- وهكذا تستمر وتيرة الإعلام "المُقولب" والتنموي -دون تطوّر- وتزداد مشاكل هذا الإعلام بازدياد العاملين غير المؤهلين فيه. ومع "تسرّب" الطاقات الوطنية المبدعة، يُفتح المجال أمام أنصاف الإعلاميين للتغلغل إلى هذا الإعلام، وممارسة "التجارب" في جمهور المتلقين، سواء في الإعلام المكتوب أو المسموع أو المُشاهَد!
الموضوع الآخر كان عن غياب التشريعات الضامنة لحقوق الإعلاميين، وصيانة المجتمع وقيمه الأساسية من عبث الكلمة والصورة. فهنالك قوانين مطبوعات في بعض دول الخليج تجاوزها الزمن وما عادت تصلح للاستخدام الآدمي، بل إن نصوص الدساتير المتطورة تُحيل قضايا الإعلام إلى تلك القوانين البالية، والتي يحمل بعضها نصوصاً تسجن الكاتب 3 شهور لو أساء لعلاقة الدولة مع دولة صديقة، وبذلك يمكن -تحت هذا القانون- أن يتم سجن مواطن كتب ينتقد سياسة الولايات المتحدة في العراق، أو عن انفجار قنبلة في "كيسمايو"!
الموضوع الثالث كان إهمال التدريب، وعدم اهتمام مسؤولي الإعلام بشأن التدريب، وهذا أخلّ بالقاعدة الرئيسية التي يقوم عليها الإعلام، وساهم في تغريب الإعلام عبر توظيف غير أبناء المنطقة، والذين أصبحوا يتحدثون في التراث والشعر والثقافة الخاصة بالمنطقة دونما وعي أو إدراك لخصوصية هذا الشأن، أو إهمال هذا التراث وتلك الثقافة لعدم درايتهم بها، وفي كلا الحالين لا تتحقق فائدة وراء ذلك الإعلام.
الموضع الرابع، كان الترفيه، التركيز على الترفيه بشكل واضح، ولقد أثرنا هذا الموضوع، وذلك لشعورنا بغياب البرامج الجادة والفكرية من على كثير من الشاشات العربية، وطغيان فضائيات الإلهاء، بل والخروج على المألوف، إلى درجة الاجتراء على قيم المجتمع العربي. وأن تلك المحطات تعوّل على الإعلان، والإعلان لا يأتي إلا عن طريق هزّ البطون والأرداف، وعن "الباربيات" اللاتي يتقافزن عبر الشاشات، دونما وعي ثقافي أو حتى ثقافة اتصال، كما أن رسائل الـ(SMS) أصبحت "الجوكر" الوحيد في اللعبة.
من المواضيع المهمة التي تم التطرق إليها، كان موضوع "مدى عمل خريجي أقسام وكليات الإعلام -في المنطقة- في الميدان الإعلامي"، وكان رأينا أن 20% من هؤلاء لا يعملون في المجال الإعلامي إما لكونهم غير مؤهلين -ولقد درسنا مجاميع كبيرة منهم- وإما لأن المساقات الشفوية "النظرية" لا تؤهلهم للعمل الإعلامي! ونرجو أن تتبنى إحدى الجامعات الخليجية هذا الموضوع، وتقيم له ندوة أو دراسات للوقوف على المشكلة.
ومن النقاط المهمة التي أثيرت أيضاً، أن الأغنية (التي ينتجها الفنانون في كل من الإمارات - البحرين - عُمان - قطر - السعودية - الكويت) -انظروا لو أزلنا "الخليجية" من القاموس- قد انتشرت بصورة إيجابية وتسيّدت الموقف الإعلامي، وكذلك المسلسل الخليجي -عفواً- لكن البرامج لا زالت تراوح مكانها، صحيح نريد "كلام نواعم" ولكن أيضاً نريد كلام "مخشوشنين"! ونعني بهم أهل الفكر والثقافة. كما نريد أن تبحث المحطات الأهلية الخاصة عن مقدمين ومذيعين يثرون الشاشة بأفكارهم ورؤاهم.
وفي رأينا، تبقى المحطات الشاملة (الحكومية) أرضية، ولا تنقل إلى الفضاء، ذلك أن المحطات المتخصصة بدأت تتسيّد الموقف.
مواضيع عديدة، وهموم كثيرة، لكن مساحة المقال لا تسمح.. ولا نريد إزعاج الجيران في الصفحة!