جريدة الجرائد

قمة الرياض تنجح «لبنانياً» ... والالتزامات الشجاعة خلال أيام

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


نجاد يتصل بالأسد وعبد الله ... ومجلس الجامعة يؤيّد المحكمة في إطار التوافق اللبناني
ضمانات سعودية لدمشق بعدم تسييس التحقيق ... وموسى يدرس إمكان العودة إلى بيروت



السفير

"الأجواء أكثر من إيجابية جداً. إنها ممتازة". بهذه العبارة لخصت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع نتائج المشاورات الإقليمية حول الملف اللبناني، وخاصة في ضوء نتائج القمة السعودية الإيرانية الأولى من نوعها، من حيث حجم القضايا التوافقية بين الرياض وطهران على الصعيد الإقليمي، ولا سيما مواجهة موضوع الفتنة السنية الشيعية.
وحسب المصادر نفسها، فإن العناوين العامة للتسوية على الصعيد اللبناني، باتت شبه محسومة، "ولم يبق سوى تظهير القرارات والالتزامات الشجاعة من جانبي الموالاة والمعارضة"، في موضوعي حكومة الوحدة الوطنية والمحكمة ذات الطابع الدولي.

ويفترض أن السعوديين والإيرانيين أنجزوا تقريباً دورهم التسهيلي للمبادرة العربية التي يقودها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وبقي على بعض الأطراف الداخلية وخاصة رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل سعد الحريري أن يتحملا مسؤولية تسويق "التسوية الشجاعة" لدى فريقيهما.
وقال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لـ"السفير" إنه مرتاح كثيراً لمناقشات ونتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، مشيراً إلى أن الأجواء كانت صريحة "وقد دخلنا جميعاً "في الجد" سواء بالنسبة الى العراق أو لبنان أو فلسطين، حيث كان ضرورياً في النقطة الأخيرة أن نتساءل جدياً عن جدوى اجتماعات وقرارات اللجنة الدولية الرباعية طالما انها لا تلتزم هي بما تقرره ولا بأس أن يزعلوا من موقفنا".

وأكد موسى أن الأمانة العامة للجامعة هي التي أعدت الصيغة المتعلقة بالمحكمة ذات الطابع الدولي في لبنان وأنه كان على اتصال دائم بالجانبين اللبناني والسوري حيث طرحت أكثر من صيغة وتم إقرار الصيغة الأخيرة بإجماع وزراء الخارجية العرب بمن فيهم سوريا.
وحول إمكان أن يزور بيروت قربياً، قال موسى لـ"السفير" إنه يدرس الأمر حالياً وهو وارد ولكنني لم أحسم امري نهائياً، مضيفاً انه ينتظر الاطلاع على التقارير المتعلقة بنتائج القمة السعودية الإيرانية في الرياض، مشيراً إلى أن المعطيات الأولية تشير إلى أن النتائج كانت إيجابية. وأكد أن مجلس وزراء الخارجية العرب فوضه بإجراء الاتصالات اللازمة من أجل تسوية الأزمة اللبنانية.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية لـ"السفير" إن المناخات الإيجابية التي سادت الاجتماع الوزاري العربي، على الرغم من بعض المناقشات الحادة والمطولة حول بعض النقاط ومنها المحكمة الدولية، جاءت استكمالاً لنتائج قمة الرياض حيث سادت الأجواء الإيجابية مناقشات الجانبين في معظم الملفات وكان التوافق كبيراً خاصة في ما يتصل بالعراق وفلسطين ولبنان.

وأضافت المصادر ان السعوديين والمصريين كانوا في أجواء تعامل السوريين بجدية وانفتاح مع موضوع المحكمة، وهذا ما أظهره القرار الخاص بلبنان، حيث أكد الوزراء العرب على ضرورة الكشف عن الحقيقة فى جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريرى ورفاقه ومثول المتهمين أمام المحكمة ذات الطابع الدولي "وفقاً للنظام الذى سيعتمد للمحكمة وذلك فى إطار توافق اللبنانيين على نظام هذه المحكمة التى ستنشأ استناداً إلى قراري مجلس الأمن 1644 و1664 وبناءً على طلب الحكومة اللبنانية وفقاً للأنظمة والأصول الدستورية، لينالوا عقابهم العادل بعيداً عن الانتقام والتسييس، بما يساهم فى إحقاق العدالة وتعزيز إيمان اللبنانيين بالحرية فى بلدهم والتزامهم بنظامهم الديموقراطى ويساهم أيضاً فى ترسيخ الأمن والاستقرار فى لبنان والمنطقة".

وحسب مصادر دبلوماسية عربية، فإن ما يمكن ترقبه في الساعات المقبلة، هو استمرار مناخ التهدئة السياسية في لبنان، وعلى الصعيد العربي مواصلة الجهد المصري الذي يتقاطع مع دور اساسي لعمرو موسى ومساعده المستشار الرئاسي السوداني مصطفى عثمان اسماعيل من أجل تحقيق خطوات أكثر تقدماً على صعيد الانفراج في العلاقات السورية السعودية، خاصة في ضوء الإشارات الإيجابية التي عبّرت عنها مقررات الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة، حيث صدر، وللمرة الأولى، موقف رسمي سوري واضح ومحدد من المحكمة.
وقالت المصادر العربية إن دمشق حصلت على ضمانات سعودية حول عدم تسييس عمل المحكمة وإبعادها عن النزعة الثأرية والانتقامية التي طالما غلّفت خطاب بعض قوى الاكثرية في لبنان ولا سيما النائب وليد جنبلاط وسمير جعجع.

وأضافت ان السعوديين كما العديد من العواصم العربية لن يقبلوا بتمرير نظام المحكمة الحالي، وبالتالي كان هناك تفاهم كامل بين القيادتين السعودية والإيرانية حول المحكمة، مع تجديد موقف الرياض القائل بالانفتاح على اية تعديلات تصب في خانة كشف الحقيقة وعدم التسييس، لا بل إن القيادة السعودية ابلغت النائب سعد الحريري ان نظاما كهذا للمحكمة يمكن أن يطاله هو شخصياً في المستقبل، ولذلك يجب التعامل بواقعية مع المطالب القائلة بجعل المحكمة جزائية وليس سياسية.

وحسب المصادر العربية نفسها، والتي اطلعت على نتائج قمة الرياض، فإن السعوديين تبلغوا من الإيرانيين جهوزيتهم الكاملة للمساعدة في كل ما يمكن ان يحصن الوضع الاسلامي العام ويضع حداً للفتنة المذهبية، وبالتالي فإن هناك بداية مناخ من الثقة بين الجانبين، عبّرت عنه الخلوة الثنائية التي جرت بين الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس محمود احمدي نجاد، وهذه الثقة يفترض ان تسحب نفسها في أكثر من مستوى بين الجانبين في المرحلة المقبلة.
وتشير المصادر العربية الى أن ايران التي تدعم بقوة "حزب الله"، على خلفية دوره البارز في المقاومة، أكدت للمسؤولين السعوديين واللبنانيين والعرب أنها ليست راغبة مطلقاً في توظيف الأزمة اللبنانية في ملف نزاعها مع الغرب، وأنها تفضل تهدئة الأجواء في لبنان، لا بل إن بعض المسؤولين الايرانيين ذهبوا الى حد القول إنهم لم يكونوا متحمسين لنزول المعارضة اللبنانية الى الشارع وأن المعارضة تصرفت من تلقاء نفسها.

وكشفت المصادر ان الرئيس الايراني الذي أجرى، أمس اتصالاً بالملك عبدالله تم خلاله "استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وتطورات الأحداث الإقليمية والدولية"، أجرى ايضاً اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد، فيما كان العاهل السعودي، يستقبل عشية اجتماعه بنجاد، رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري ويعقد معه اجتماعاً مطولاً، شارك فيه السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة الذي عاد مساء أمس، الى بيروت والتقى على الفور الرئيس نبيه بري على أن يجري سلسلة لقاءات مع عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين لإطلاعهم على نتائج القمة السعودية ـ الإيرانية.
ومن المتوقع أن يعود النائب الحريري الى بيروت في غضون الساعات المقبلة، حيث سيجري سلسلة اتصالات بعيدة عن الأضواء بكل من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي تحدث، امس، عن "ثمة حل فعلي قيد البحث يرتكز على تشكيل لجنة مصغرة لدراسة ما اذا كان يلزم إدخال بعض التعديلات الطفيفة على مشروع المحكمة وثانياً تشكيل حكومة وفاق وطني على اساس 19+10+1".

وفيما قالت مصادر بارزة في قوى الرابع عشر من آذار، لـ"السفير" أن اي تسوية ستكون على قاعدة مبادرة عمرو موسى (19+10+1)، تكتم الرئيس بري على مضمون التسوية، وظلّ محافظاً على منسوب تفاؤله الكبير لكن بحذر شديد استناداً الى التجارب السابقة، وعبّر عن ارتياحه لنتائج قمة الرياض، وتوقع أمام زواره أن تبدأ ترجمة معطياتها في غضون ثمان واربعين ساعة. وجدد تقديره وشكره للدور الذي يقوم به الملك عبدالله لحل الازمة وقال "لقد راهنا على دوره التاريخي وسينجح رهاننا بإذن الله". كما اشاد بري بمواقف باقي الدول ومنها الدور الإيراني المتجاوب جداً مع كل المبادرات لترسيخ الوحدة الوطنية في لبنان ووضع حد لأية محاولة للانزلاق نحو فخ الفتنة المذهبية.

وقالت مصادر في قوى الاكثرية إن تحويل التسوية من مجرد هدنة لا تستمر سوى اشهر ثلاثة بحد اقصى الى تسوية سياسية ابعد مدى، تقتضي مقاربة الملف الرئاسي ضمن سلة واحدة، وذلك على قاعدة إكمال الرئيس اميل لحود ولايته ولكن مع تقريب موعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، حتى لا يذهب الجهد العربي سدى، وأشارت الى أن ثمة معطيات تساعد على السير في هذا الاتجاه.
وفيما شاعت معلومات عن احتمال توجه بعض المسؤولين اللبنانيين ومنهم العماد ميشال عون ووفد من "حزب الله" الى الرياض، رفضت مصادر "حزب الله" تأكيد او نفي ذلك، أما "التيار الحر" فأكدت مصادره أن زعيمه السياسي ميشال عون قد طلب موعداً لزيارة السعودية وما زال ينتظر جواباً عبر السفير السعودي في بيروت، وكذلك الأمر بالنسبة الى المصريين.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف