جريدة الجرائد

الحجاب ولباس الرقص يتجاوران في أسواق دمشق

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


دمشق - وسيم إبراهيم


هناك بضائع معينة في دمشق تحرّض على التفكير بزبائنها، أكثر من البحث في تفاصيل الإنتاج والتصنيع. ومن المؤكد أن تجّار سوق "الحميدية" لا يقصدون تقديم "نزهة بصرية"، عندما يدجِّجون واجهات محالهم بأنواع بزّات الرقص، المبهرة في تنوع تصاميمها وألوانها. وأحياناً يجد المتفرج نفسه منساقاً إلى التساؤل إن كان بعضها صالحاً للاستخدام؟ نظراً الى المبالغة الكبيرة في الألوان، إلى جوار غزارة الأجزاء البراقة وكثرة "الإكسسوارات" المعدنية الملحقة بالرداء، الذي يكون غالباً بقطعتين. تدعى تلك المحال بـ "اللانجري"، وهي تبيع أزياء الرقص والألبسة النسائية الداخلية، التي تسابق مدارس التصميم العالمية في ابتكار الأكثر إثارة، وهو ما يمكن ملاحظته بسهولة في ما ترتديه فرق "المانيكان" على الواجهات. المفارقة أنه إلى جوار ذلك، هناك محال أخرى تبيع أنواع "الحجاب" و "الجلباب" و "الخمار"! وعلى رغم أن ذلك يشكّل واحداً من بذور "الإنفتاح"، يبقى جائزاً السؤال عن الرابط بين هاتين البضاعتين، وعن طبيعة الزبائن؟

من أمام محله المختص بـ "اللانجري" لا يجد أبو حمزة داعياً للاستغراب. فسوق الحميدية "سياحية" بالدرجة الأولى، والنسبة الأعظم من زبائن ألبسة الرقص هم الأجانب: "تأتينا طلبيات تصدير كثيرة إلى المغرب والأردن ولبنان وفرنسا، وأكثر المهتمين هم المغاربة في بلدانهم أو أماكن إقامتهم" إضافة إلى تلبية طلبيات محليّة تذهب إلى نوادي الاستعراض كما يقول أبو حمزة، الذي يؤكد أيضاً أن ما نسبته عشرين في المئة من سوق ألبسة الرقص يباع بالمفرّق للزبائن المحليين. ويعود هذا التاجر ليوضح أن الفرق الظاهري، بين زيّ الرقص والجلباب، أو الحجاب، لا يعني فرقاً حقيقياً بين زبائنهما، إذ "غالباً ما تكون زبونة رداء الرقص هي نفسها زبونة الحجاب والخمار، ودائماً هناك نساء حريصات على تدليل أزواجهن"، في إشارة إلى عرف سائد في المجتمع الشامي التقليدي، والمُتجلي في طقس الرقص الحميم الذي تخص به المرأة زوجها، بعد أن تتبرج وترتدي زيّ الرقص لهذا الغرض. كما ان رداء الرقص لا يزال محطة رئيسية لتبضّع العروس (جهازها كما هو شائع) قبل زفافها.

ومن اللافت أنه نادراً جداً ما تشرف المرأة على البيع في محال "اللانجري"، التي يحتلها الرجال. ومع تقدير مدى "حميمية" هذه البضاعة، في مجتمع لا يبدو على هذه الدرجة من الانفتاح، يصير وجود الرجال مثيراً للاستغراب فعلاً. زبونة شابة، تحفّظت على ذكر اسمها، قالت أنها شعرت "بحرج شديد" عندما اشترت "قطعة لانجري" وكان البائع رجلاً، وتضيف "كان ينظر إلي ويبتسم بطريقة لم تعجبني وهو يحدثني عن السعر. وكان واضحاً أنني غير متزوجة فلم يكن في أصابعي أي خاتم".

تجار "الحميدية" أعطوا مبررات لعدم استخدامهم فتاة لتبيع في محال "اللانجري"، وأكثرها تداولاً أن الدوام طويل، ما يستوجب توظيف فتاتين ويجعل "المصاريف كبيرة على المحل". والمبرر الأغرب هو أن "الرجل شاطر في البيع أكثر من المرأة"، ثم أن "النساء يفضلن التعامل مع الرجال، لأنهم طويلو البال ولا يتضايقون من كثرة الأسئلة"، أما النساء فهن "يناكدن بعضهن بعضاً في البيع والشراء" على حد تعبير أحد التجار.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف