جريدة الجرائد

وتبدد حلم الإصلاح

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


عباس الطرابيلي

كأنك يا أبوزيد.. ما غزيت!! وكأن كل هذا الحراك السياسى لم يؤثر فى صناع القرار فى مصر.. أو كأنهم فى وادٍ آخر، ولا يعيشون آلام الأمة ولا أحلامها.. الأمة المصرية ـ كلها ـ تحركت مرحبة بالاتجاه نحو تعديل الدستور.. واعتبرت ان تعديل الدستور أفضل من لا شىء، لأن الأمة ترى إن الأولوية هى إصدار دستور جديد يلائم متطلبات الشعب، تتولاه جمعية تأسيسية تمثل كل تيارات الأمة. ولكن حتى هذه التعديلات حرمها ترزية القوانين من أن تتحقق كما تحلم الأمة.. فاضاعت آخر فرصة كان يمكن أن تصل بين النظام والناس.

** وضاعت الفرصة الأخيرة للإصلاح الدستورى، الذى كنا ـ ومازلنا ـ نراه ضروريًا لإصلاح ما أعوج من مسيرة وطنية، ولكن هكذا دائمًا الذين لا يرون مصلحة الوطن، الذين يغلبون مصلحة الحاكم. وأصبحنا ولسان حالنا يردد ما قاله الشعب واصبح من الأمثال الشعبية رضينا بالهم.. ولكن الهم مش راضى بينا!!

ولقد حاول حزب الوفد من البداية أن يحذر من مغبة إجهاض أحلام الأمة، وحتى لا يتهمه أحد بأنه الذى يرفض دائمًا.. فقد وافقنا علي مبدأ التعديلات الدستورية، أى هى موافقة من حيث المبدأ على أمل أن ينجح الشعب فى استخلاص بعض المكاسب الجماهيرية.. ولكنهم ـ الذين لا يريدون خيرًا للبلد ـ أجهضوا حتي محاولة هذه التعديلات..

** وافق الوفد علي مبدأ التعديلات.. وقدم رئيسه، محمود أباظة، تصوره لهذه التعديلات، واعتبرها مجرد بداية.. فما لا يدرك كله.. لا يترك كله..

ولا نقول اننا أخطأنا بهذه الموافقة من حيث المبدأ.. ولكن بعد أن اتضحت الحقيقة، كان لابد لحزب الوفد أن يقول كلمته.. وأن يرفض التعديلات الصورية التي ظهرت مأساتها فى الأيام الأخيرة..

وظهر أن تجربة الأمة مع تعديل المادة 76 منذ عدة شهور كانت بروفة لما يمكن أن ينتهى اليه الأمر..

فالدعوة إلى التعديل كانت بريئة.. ولهذا تعلقت بها كل الأمة إلي ان جاءت بما لا تشتهى الأمة، سواء فى المادة 76 أو فى التعديلات الحالية للدستور..

** وتتكرر اللعبة.. وتعيش مصر نفس المأساة.. فإذا كانت البداية ظاهرها طيبًا.. فان النهاية شديدة المرارة وباطنها العذاب. وإذا حلم الأمد فى الاصلاح يتبدد.. وإذا بنا أمام انتكاسة رهيبة تعرقل كل محاولة مخلصة للاصلاح.. وإذا كنا ننظر للمستقبل البعيد، فانهم ينظرون فقط إلي قادم الأيام لاغير.

وما علموا ـ إن كانوا حقيقة يعملون ـ أننا نشرع لعشرات قادمة من السنين، وليس إلي 5 أو حتى 10 سنوات، وما هكذا يتم إعداد الدساتير التى هى عماد أى استقرار.. وعامود كل اصلاح..

** إننا ونحن نعيش أجواء ثورة 19 التى اندلعت يوم 9 مارس نستعيد كلمات زعيمها سعد زغلول عندما وجد بعض التكاسل قال قولته الخطيرة: لابد من قارعة. نقول ذلك لأن الذين أجهضوا الهدف الاسمى من هذه التعديلات لم يراعوا كل ما طالب به المصلحون من أبناء الأمة.

وإذا كنا قد قبلنا المشاركة فى هذه المحاولة الاصلاحية، فإنما قبلناها لاننا نرى فيها الحد الأدنى لما يطالب به الوفديون للاصلاح.

** ولكن ـ وبعد أن أجهضوا حتي هذا الحد الأدنى ـ نؤكد اننا نرفض محاولات تزييف إرادة الأمة التي تأكدت لنا.. وانهم ماضون فى تلك التمثيلية الهزلية التي ستمتد إلي يوم إجراء الاستفتاء علي هذه التعديلات.

** ونحن نقول للكافة إننا لن نشترك أكثر من ذلك فيما يجرى.. ولهذا نتجه إلي الأمة ليس لمقاطعة هذا الاستفتاء.. ولكن لكي تخرج مصر عن بكرة أبيها لتقول لهذا العبث لا.. و1000 لا.. فمصر قد استيقظت.. وحان لها أن تستعيد سلطتها من الذين تعودوا العبث بارادتها، حتي وإن أظهروا غير ذلك..

** ومرة أخرى: نرفض الردة الدستورية التي يساق فيها الشعب نحو استفتاء يقضى علي حلم الاصلاح.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف