مؤتمر بغداد.. هل سينقذ الأمن في العراق؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
د. سيّار الجميل
ينعقد خلال هذا الأسبوع مؤتمر تحضيري لدول الجوار الإقليمي ببغداد بدعوة من الحكومة العراقية ويشارك فيه كل من إيران وسوريا بوجود الولايات المتحدة الأميركية والمقرر عقده في العاشر من هذا الشهر، وسيشترك فيه كل دول الجوار الست للعراق فضلا عن البحرين ومصر ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة..
ويتمنى كل العراقيين على هذا المؤتمر أن يكون مؤتمراً امنياً بالدرجة الأولى لإنقاذ بلادهم من أهوال الحرب الطاحنة.. واعتقد أن فكرة المؤتمر أميركية، أو انه مشروع باركه الأميركيون، إذ أعلنت الولايات المتحدة مباشرة موافقتها على حضوره كأول دولة تعلن ذلك.
وسيعقبه المؤتمر الأساسي الثاني على مستوى وزراء الخارجية، والذي ينتظر عقده خلال شهر أبريل المقبل ، وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت أول من أمس أن مؤتمر دول الجوار العراقي سيخطو بالمنطقة خطوة إستراتيجية نحو الأمام وخصوصا في لقاء الولايات المتحدة الأميركية بإيران لأول مرة!
لقد وقفت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية أمام الكونغرس لتسحب كل "الثوابت" التي حددتها لها الإدارة الأميركية وهي تعلن موافقة بلادها علي دعوة الحكومة العراقية والمشاركة في مؤتمر بغداد جنبا إلي جنب ممثلي فرقائها!، فهل ستتشّكل مصداقية من نوع ما بين الفرقاء لتأسيس إستراتيجية جديدة إزاء العراق ؟ هل سيتقبل كل طرف شروط الطرف الآخر في ما يخص العراق؟ هل سيقضى نهائيا على كل عوامل الإرهاب في العراق ليبدأ حياته الجديدة؟ أم انه سيفتقد قضيته في خضم قضايا أخرى؟
ويصر القادة العراقيون على أن يبقى المؤتمر بعيدا عن دخول أي عناصر موالية للنظام السابق فيه .. ويعلق آخر قائلا: لا يمكن أن يحل السلام دون إكمال عملية المصالحة، ولتكن البداية من مؤتمر دول الجوار، فهو حدث تاريخي تشهده بغداد، ولو تم ستثبت العاصمة العراقية أنها قادرة على تحدي أعمال العنف وقادرة أيضا على تنظيم محافل دولية مهمة، ولكن هذا لن يحدث دون مشاركة فاعلة من كل العراقيين، وهو ما يدور في كواليس سياسية وإعلامية عربية.. أما الأجنبية، فهي تتوقع فشل المؤتمر بسبب عقم التلاقي!!
وربما ترغب الولايات المتحدة الوصول إلى أهداف أخرى لا نعرفها أبدا. ولكن ما يهمّني من هذا المؤتمر أن لا يبتعد في جدول أعماله عن قضية أساسية اجتمع من اجلها، الا وهي الأمن الإقليمي، ولا يمكن ترك العراق على وضعه الحالي، فأمن المنطقة من امن العراق.. وما يحدث في العراق نخشى امتداده ـ لا سمح الله ـ إلى كل دول الإقليم ومجتمعاته.
وهنا أناشد كل المؤتمرين الاتفاق على تحريم اختراق العراق بأي وسيلة كانت، وإيقاف الدعم لكل الأطراف المتصارعة في الداخل، وعلى العراقيين أنفسهم أن يتعهدوا أمام كل العالم بتحريم المحاصصة الطائفية واجتثاث كل الميليشيات المسلحة. صحيح أن الحكومة العراقية تريد من المؤتمر دعم العملية السياسية وجهودها في تثبيت الأمن والاستقرار بما يسهم في تكريس الوفاق الوطني في البلاد.
وصحيح أن العراق يطمح أن يكون عاملا موحدا لا خلافيا، فضلا عن انه يهدف إلى حشد الدعم الدولي لمساعدته على مواجهة التحديات، وصحيح أن لكل جار للعراق ورقته وقضيته ومشكلاته، ولكن ينبغي أن نقّدم الأهم على المهم، وان يتعهّد الجميع بالالتزام بمبادئ امن الإقليم قاطبة..
وعلى العراقيين أن يلحّوا على الورقة الأمنية التي تشّكل ضرورة الحياة والمستقبل، ولا يهتموا الآن بالعملية السياسية، فلا يمكن لأي عملية سياسية أن تتطور والحالة الأمنية صفر على الشمال! السؤال: هل سيكون اللقاء بين الفرقاء كفيلا بإذابة الجليد في ما بينهم؟، وإذا كانت الأوساط السياسية ترى فيه نهاية لمرحلة من الشد والجذب بينهم، فإنني اعتقد أن المؤتمر سيزدحم بجملة من الأعمال والقضايا التي يصعب حلها في قلب بغداد.
إن تحضير جدول عمل يفتح الباب على مصراعيه أمام معالجة الأمن ضرورة ملحة وأساسية .. وحبذا لو انعقد المؤتمر الثاني ببغداد أيضا نظرا لحاجة الإقليم كله إلى أن يستقر الوضع بالعراق نهائيا.. وان تحدد الولايات المتحدة زمنها وأسبابها وان تعترف بالأخطاء التي ارتكبتها.. ويستلزم تخفيف حدة التوتر الإقليمي. ولكن تجاذب الآخرين من اجل مصالحهم وصراعهم من اجلها سوف لا يجد موضوع البعد الأمني العراقي دوره في المؤتمر ـ كما اعتقد ـ، وهل سيشكّل موضوع العراق العمود الفقري للمؤتمر، ام يكون المؤتمر لتبادل الكلمات؟.
ومعروف أن إدارة البيت الأبيض ظلت ترفض التفاوض المباشر مع كل الفرقاء بشأن العراق، ورفض الرئيس بوش ما جاء من توصيات بهذا الاتجاه في تقرير بيكر ـ هاملتون. وتقول صحيفة نيويورك تايمز: إن وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس ستقود مفاوضات بلادها في المؤتمرين. وقالت رايس: آمل أن تغتنم جميع الحكومات هذه الفرصة السانحة لتحسين العلاقات مع العراق والعمل من اجل السلام والاستقرار في المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم: إن المسؤولين العراقيين قد سعوا لعقد مثل هذا اللقاء منذ عدة أشهر لكن إدارة الرئيس بوش كانت ترفض دوما. وهنا نعيد ونكرر انه لا يمكن عقد مؤتمر دولي في العراق إلا من اجل العراق، وان لا يكون العراق اليوم واسطة لحل مشكلات الآخرين، فهو غارق في مشكلاته.. ولا يمكن أن تمّرر في هذا المؤتمر أية صفقة على حساب ثمن غالٍ من الدم العراقي.
وأخيرا، نتمنى على المؤتمر كل النجاح والتوفيق وان يحقق أهدافه المثلى، وان يلتزم الجميع بالمقررات التي تعمل على الهدوء والسكينة في العراق ليبدأ صفحة تاريخية جديدة من حياته الصعبة.