دبابة إسرائيلية من 4 طبقات يستخدمها الأميركيون قريباً في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
"غولان" ورثت "همركباة" التي فشلت في لبنان ...
القدس المحتلة - آمال شحادة
ليس كل دروس الحرب على لبنان واخفاقاتها بُدئ بتطبيقها في اسرائيل، فالقادة مشغولون في مقارعة لجان التحقيق وملفات الاتهام المتعددة، لكن الصناعات العسكرية الاسرائيلية، التي تعتبر جزءاً من الجيش لكنها تعمل بأسلوب تجاري صرف، لم تُضِعْ أي لحظة. وراحت تجري المراجعات وتبني الخطط لاختراعات جديدة، مساهمة منها في الجهود لضمان استعادة قدرتها العسكرية أمام أي مواجهات محتملة.
المعارك التي دُرست هي التي خاضها الجيش الاسرائيلي خلال حرب لبنان في قرى بنت جبيل وعيتا الشعب ومارون الراس... حيث أنزل الجيش الى المعركة دبابات "همركباة" باعتبارها أقوى وأكثر الدبابات تطوراً في العالم، ولكنها فشلت في المهمة. وفي اسرائيل لا يؤمنون بأن الفشل ناجم عن قوة المقاومة أو عن ضعف الأداء الحربي، انما يصرون على ان هناك أموراً ناقصة في الدبابة جعلتها غير مناسبة لمثل هذه المعارك، وان الطبيعة الجغرافية للمنطقة كانت هي الأخرى عاملاً لم يساعد على إدارة المعركة لمصلحة "همركباة". فإلى جانب عدم إمكان تحركها السريع لم تصمد أمام الصواريخ المتطورة التي استخدمها مقاتلو "حزب الله" وأدت الى تدمير عدد منها... وهذا كان الاستنتاج المطلوب في الصناعة العسكرية لكي ينكب قادتها على طرح حلول للمشكلة.
بعد شهر واحد من انتهاء الحرب، في أواسط ايلول (سبتمبر)، قرر الجيش صناعة مركبة عسكرية جديدة تحمل مواصفات قريبة من "همركباة" مع تغييرات وتحسينات تضمن تفادي الفشل المذكور وحل المشاكل التي قد تواجهها في ظروف كتلك التي واجهها الجيش في الحرب على لبنان. ولتحقيق هذا الهدف بنجاح وصل الى اسرائيل خبراء أميركيون للمساهمة في التخطيط والصناعة.
المركبة العسكرية اطلق عليها اسم "غولان" نسبة الى اسم "غولاني"، وهي واحدة من ابرز الوحدات العسكرية المختارة في الجيش الاسرائيلي.
في حينه، وعند طرح الموضوع وضعت مسألة الموازنة كعقبة امام صناعة هذه المركبات في وقت خصصت اسرائيل موازنة طائلة لترميم صناعة دبابة "همركباة" التي خيبت آمال الجيش، ولكن الاصرار على صناعة هذا النوع من المركبات ضمن الاستعدادات لمواجهات متوقعة اخرج الفكرة الى حيز التنفيذ من دون ان تتوقع اسرائيل ان يأتي المنقذ لها من العراق.
تزن مركبة "غولان" 15 طناً وتحمل عشرة جنود. وهي من اربع طبقات، الوسطى منها بمثابة سقف محكم من الحديد الصلب القادر على صد الرصاص الذي تطلقه المدافع الرشاشة من عيار 14.5 ملليمتر. الطبقة الثانية توفر الحماية ضد سلاح "ار بي جي" وصواريخ من نوع IED والطبقة الثالثة (الداخلية) تحمي الدبابة من عبوات قد تنفجر حولها، اما الطبقة الرابعة فمفصولة عن الثلاث الأخرى وقد خصصت لضمان حماية الجنود.
وخلافاً للمركبات العسكرية لا توجد أرضية مسطحة لمركبة "غولان"، فقد تم تركيب جهاز من أربعة لوالب اوتوماتيكية شبيهة بتلك التي تركب في المدافع، لتضمن عدم تفجيرها بعبوة كبيرة مغروسة في الأرض. وقد اهتم الخبراء العسكريون في صناعة هذه المركبة بتخصيص خمسين في المئة من العمل في الدبابة لحماية الجنود.
حل مشكلة الجيش الأميركي
الوضعية التي واجهها الجيش الاسرائيلي في الجنوب اللبناني، بحسب ما تقول مصادر اسرائيلية، كانت شبيهة بتلك التي واجهها الجيش الاميركي في العراق عند استخدامه المركبة العسكرية "سترايكر" (Striker) التي نقلت الى العراق في العام 2004، ولم توفر الحماية الكافية للجنود وقد تعرضت لاضرار كثيرة في اثناء المواجهات وابرز هذه الاضرار كانت في الاطارات الكبيرة التي كان الجنود يضطرون لاستبدالها مرات عدة في المواجهات ذاتها.
مركبة "غولان" جاءت لتساهم في حل مشكلة الجيش الاميركي حيث انها ملائمة للمعارك التي تدور في مناطق مفتوحة. ورأى الاميركيون طبيعة الأرض في العراق قريبة من الجنوب اللبناني وقرروا ان هذه المركبة ستكون مناسبة لاستخدامها في الاراضي العراقية ايضاً. وفي اقل من شهرين خرجت الصفقة الى حيز التنفيذ، فوصلت 15 مركبة وستصل لاحقاً 60 اضافية الى القوات الأميركية في العراق.
التخوف من انتقام "القاعدة"
تنفيذ هذه الصفقة وان كان ينعش الاسرائيليين من الناحية الاقتصادية ويعيد اليهم القليل من هيبتهم العسكرية التي فقدت في الحرب على لبنان، الا انها تثير قلقاً كبيراً في صفوف أجهزة الأمن ما يدفع البعض الى محاولة إبقاء الموضوع قيد السرية. وبحسب المصادر الإعلامية المقربة من الاستخبارات، فان واشنطن وإسرائيل تسعيان الى إبقاء مثل هذه الصفقات قيد السرية خوفاً من استخدامها كمبرر للتنظيمات التي تصنفانها بـ "الارهابية" لتنفيذ هجمات على اسرائيل وأهداف اسرائيلية في الخارج.
وتقول هذه المصادر ان ظهور مركبات من صناعة اسرائيلية ثقيلة في العراق تستخدم في المواجهات بين الجيش الاميركي والعراقيين، أمر يحصل للمرة الأولى. وتتخوف القيادتان العسكرية في أميركا واسرائيل من ان يفسر ذلك على انه مشاركة اسرائيلية في الحرب ما يستدعي الرد على اسرائيل. وتضيف المصادر: "هناك تخوف من قيام "القاعدة" وعناصر من "السنة" بتنفيذ عمليات كبيرة ضد هذه المركبات او محاولة السيطرة عليها بهدف اظهار ذلك كنصر كبير لهم ولتقديمه كدليل على مشاركة اسرائيل في الحرب في العراق". وترى جهات اسرائيلية متخصصة في "محاربة الارهاب" ان "القاعدة" قد تستخدم مركبة "غولان" في العراق كذريعة "لتوسيع حرب الارهاب لتصل الى الاردن واسرائيل".
يذكر ان هذه ليست المساهمة العسكرية الاولى لاسرائيل في العراق فقد كشف عن نشاط كبير لاحدى الشركات الاسرائيلية التي اقامها رئيس "الموساد" الأسبق، داني ياتوم، بعد تركه منصبه في جهاز الامن, وقد نشطت هذه الشركة في العام 2004 في شمال العراق وقامت بنقل كميات كبيرة من الأسلحة القتالية متعددة الاستخدام الى كردستان، ووصلت أرباح الشركة الاسرائيلية الى ملايين الدولارات. وشملت صفقات ياتوم اجهزة للكشف عن مواد متفجرة بلغت قيمتها مئة مليون دولار، كما شملت إرسال كلاب إسرائيلية مُدرّبة على كشف المواد المتفجرة.