موسى: قمة الرياض ستناقش الانقسام المذهبي وعودتي إلى بيروت مأمولة قبلها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
"الأسد تعاون بالقدر الذي يراه مناسباً" واللقاء مع نصرالله كان "ممتعاً" والحريري "من الدار إلى النار" ...
الكلام عن هجوم إيراني شامل تعبير غير دقيق والحل بالحوار سجلنا تقدماً في ملف دارفور...
وندعم الحكومة الصومالية للمصالحة والاستقرار
القاهرة - غسان شربل
هذا رجل يجب ألا يحسده أحد على منصبه ومسؤولياته ومهماته. على طاولته ملفات عدة لحروب أهلية عربية بعضها مستعر والبعض الآخر يستعد. والسباحة في الملفات العربية تشبه السباحة بين الأشراك والركام والحساسيات القديمة والمستجدة. وفي الشهور الماضية استضاف مكتبه زائراً جديداً تحول هاجساً هو الفتنة السنية - الشيعية.
هذا ما شعرت به وأنا أدخل مكتب عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية في أسوأ وضع عربي منذ عقود. وكالعادة اتسع صدره لكل الأسئلة مع حرصه ألاّ تضر الإجابات بالقدرة على استكمال الوساطات. وهنا نص الحوار الذي شارك فيه الزميل محمد صلاح مدير مكتب "الحياة" في مصر:
gt; هل تعتبر نفسك سيئ الحظ لأنك أمين عام الجامعة العربية في هذا المشهد العربي؟
- أنا أعتبر أننا جميعا سيئو الحظ لأننا نعيش مثل هذا العصر الأسوأ في تاريخ العرب حتى الآن، وليس لأنني أمين عام الجامعة العربية، ولكن لأني مواطن عربي مليء بالإحباط والغضب وكل المشاعر السلبية حيال ما أراه. لكن كوني أميناً عاماً للجامعة فهذا يضيف اليّ مسؤوليات كثيرة جداً لأنني أتعرض لهذه القضايا وأحاول فيها ألا أكون سلبياً رغم علمي بالتيارات العاتية التي تعصف بالعالم العربي سواء من داخله أو من أطرافه أو من الخارج.
gt; كم حرباً أهلية موجودة على مكتبك؟
- كلمة حرب أهلية أصبحت مطاطة، هناك دم يسيل في العراق ويسيل في دارفور وسال في الصومال. وهناك دم يسيل في غزة والضفة المحتلة، نرجو ألا يسيل الدم في لبنان رغم أنه سال. بعضها تستطيع أن تقول عنها إنها مشاهد لحرب أهلية وبعضها يمكن أن يوصف بأنه حرب أهلية بالفعل وسواء أكانت أهلية أم لا، هناك دم عربي يسيل. هذه الملفات موجودة على مكتبنا، والسؤال كيف نتعامل مع كل هذه الامور ونوقف شلال الدم؟
gt; إذا كتبت أنا الصحافي أن الوضع في العراق ينذر بنكبة أخطر من نكبة فلسطين، وقرأتَ أنتَ ذلك، هل توافق عليه أم تعتبره مبالغة؟
- لا يصح أن أوافق، وأرجو ألا تتم (النكبة) خصوصاً في العراق، لكن إذا استمرت السياسة الطائفية ولم تحارب ولم توقف عند حد ما عن طريق المصالحة الوطنية العراقية، وعن طريق تحريك العراق نحو عراق جديد فعلاً، فنحن نخشى على العراق، لكن الموضوع ليس العراق في ذاته أو فلسطين في ذاتها، هو موضوع الثقافة الجديدة الصاعدة، أنت في افتتاحيتك عن المتنبي اعطيتنا مثالاً يثير المخاوف. المسألة ليست أن هناك حزباً أو طائفة أو مجموعة أو جماعة أو غيره، بل أصبحت أن الشاب الصغير يسأل إذا كان المتنبي بجلالة قدره ليس على هوى السائل ليقرر ما إذا كان يجب أن يُشطب من التاريخ، تاريخ الإبداع العربي؟ المشكلة الكبيرة جداً، وأنت وضعت يدك عليها وأنا أعيها تمام الوعي. هناك في العراق - كما ذُكر لي - حالات طلاق بين شيعة وسنة لأنهم اصبحوا غير قادرين على التعايش، لماذا؟ بسبب الحقن الحاصل من هنا وهناك. المشكلة ليست فقط سياسية، ولا تكتيكية، بل هي مشكلة إنسانية، مشكلة مجتمعية، أصبح هناك فرق بين هذا وذاك، وطالما تكلمنا عن الشيعة والسنة فلا تستبعد المسلم والقبطي، وأن نذهب الى أبعد من ذلك. الخوف من النزاع السني - الشيعي صار جزءاً من النقاش الجاري حول كيفية التعامل مع الوضع القائم، أفهم أن هذا كان جزءاً من المحادثات التي جرت بين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
الانقسام الطائفي
gt; هل لديك ما تقوله حول ما بلغك عن نتائج تلك القمة؟
- تحدث معي الأمير سعود الفيصل بشأن نتائجها ونحن في البدايات، المشكلة لا تزال مستعرة، والمنطلق من جانبنا جميعا هو: نحن في غنى عن صدام إقليمي بين العرب والإيرانيين، أو بين الشيعة والسنة، يجب وقف هذا بأسرع ما يمكن، إذا كانت هناك مشاكل مع إيران، فهناك الحوار ووسائل كثيرة نستطيع أن نتبعها لحل أي مشاكل قائمة، المشكلة القائمة هي جزء من طبيعة الحياة في منطقة الشرق الأوسط وأي منطقة أخرى، أن ننتقل بالخلافات إلى مرحلة صدام خصوصاً إذا كان هذا الصدام لا يخدمنا وإنما يخدم سياسات أخرى، هي مسألة غير مطلوبة قطعياً. ولذلك الحوار العربي - الإيراني مهم، واللقاء السعودي - الإيراني الأخير مهم.
gt; هل تبلور قرار لجمع الإرادتين لمواجهة الفتنة السنية - الشيعية؟
- الإرادة قائمة، لكن هل تبلورت في قرار نهائي؟ لا أستطيع أن أقول إن ذلك حصل، لكن استطيع الحديث عن قرار استراتيجي، لا يمكن أن تستقيم الحياة السياسية في الشرق الاوسط إلا به، وأنا أعتقد أن هذا القرار يجب أن يتخذ جماعياً.
gt; بمعنى؟
- بمعنى أن القمة العربية في الرياض ستتعرض لموضوع الانقسام الطائفي، وأنا أتصور أننا سنناقش هذا الأمر وغيره. القمة المقبلة لن تكون قمة بيانات، سنعقد جلسة افتتاحية ثم جلسة مغلقة على الملوك والرؤساء ووزاء الخارجية فقط في غرفة مثل تلك التي نجلس فيها الآن، وليس في قاعة كبرى، بدأنا هذا التقليد في الخرطوم، الأمور كلها بحثناها داخل غرفة مثل هذه. سنتكلم في كل شيء والتقرير الذي سنقدمه سيشير إلى هذا.
العراق
gt; بعد اجتماع بغداد، ما الأفق، كيف ترى الوضع العراقي؟
- الوضع العراقي لا يمكن علاجه أمنياً ولا عسكرياً، ولا عن طريق تفكير طائفي. لا أقول علاجاً فهناك كلمة أدق من ذلك، لا بد أن يعاد الأمر إلى نصابه، نحن في القرن الحادي والعشرين، نحن في مرحلة انتقالية كبيرة، مرحلة انتقال من عصر الى عصر، العالم انتقل فعلاً من عصر إلى عصر، وعلى العالم العربي أن ينتقل من عصر الى عصر. إذا كنا سننشغل بموضوع الطائفية ومن هو شيعي ومن هو سني والمسؤولية على مَنْ، فهذا أمر لن يؤدي إلى خير إطلاقاً، ولذلك أعود فأقول إن العلاج في ما يخص الوضع في العراق لا يمكن أن يتم أمنياً فقط، لا بد من علاج سياسي، لا بد من الاتفاق على أنه لا يوجد تقسيم للعراق تحت أي ظرف وتحت أي مسمى. إذاً لا بد من إعمال المواطنة كأساس للتمتع بأي ثروة في العراق، أو بالوجود في العراق أو بالعمل في العراق أو بالعيش في العراق.. المواطنة لا فرق فيها بين شيعي وسني، بين كردي وعربي، بين مسلم ومسيحي. نحن نتكلم عن العراق الجديد، العراق الذي يجب أن يكون مثالاً للآخرين، هل هذا مثال للآخرين؟ الشكل الدموي يومياً لا يمكن أن يكون مثالاً إلا إذا كان الهدف هو إضافة الآخرين. أول شيء المواطنة، المقاربة الأمنية وحدها لا يمكن أن تكون حلاً، موضوع توزيع الثروة يجب أن يكون هناك توزيع عادل للثروة بين كل العراقيين ليستمتع الجميع بثروة العراق، وأيضاً موضوع الدستور ومراجعته طبقاً لما قرره مجلس النواب المنتخب، وموضوع الميليشيات، موضوع إعادة الإعمار، هناك نقاط عدة يجب العمل عليها كلها في الوقت نفسه لنحل موضوع العراق، إنما المفتاح هو في أن المقاربة يجب أن تكون مقاربة سياسية قائمة على نظرة مستقبلية وليس على نظرة عفا عليها الزمن.
gt; هل يحتاج هذا الأمر الى حوار أميركي - إيراني وحوار أميركي - سوري؟
- نعم يحتاج، لأنه لا يمكن التعامل مع الوضع في العراق من منطلق أمني فقط، إنما لم استبعد الناحية الأمنية وكان هذا لب النقاش الذي جرى أمس. والأمر كله، في رأيي، يستدعي الحوار الأميركي - الإيراني، وبالدرجة نفسها من الأهمية يستدعي الحوار العربي - الإيراني، وأن نبني تصرفاتنا وسياساتنا على معلومات موثقة لأن العالم صار ممتلئاً بمعلومات مكذوبة ومعلومات غير صحيحة، رأينا ذلك بأنفسنا وعشناه، ولذلك يجب مقاربة الوضع في العراق بناء على معلومات صحيحة موثقة وعلى أن المقاربة ليست أمنية فقط، وإنما ايضاً سياسية.. العراق الجديد لا يمكن أن يكون عراقاً جديداً، وهو ممعن في القدم في الوقت نفسه.
gt; هل ظهرت إشارات على ذلك في الاجتماع الذي اختتم أمس؟
- ذلك الاجتماع كان تحضيرياً لاجتماع وزاري يمكن أن يتم بعد ذلك، وأنا لست ضد عقد اجتماعات ومناقشة وحوارات بين العراقيين وجوار العراق والدول الخمس والدول الثماني، أي بين كل من له مصلحة سواء اقتصادية أو سياسية أو أمنية أو عامة أو خاصة، يجب أن نكون هناك، ويجب أن نعاون العراقيين على الخروج من هذا النفق المظلم، هم في نفق مظلم، يجب أن نعاونهم على الخروج من هذا النفق المظلم، وأنا رأيت - مثلاً - أن هناك الآن توجهاً نحو بلورة قانون خاص بتوزيع الثروة، العنوان مضبوط، وهذه خطوة، إنما هل هي خطوة رئيسية، أم خطوة تم عليها توافق أم لا؟ هي خطوة، الذهاب الى العراقيين ومحاولة تطمينهم الى أننا جميعاً معهم هي أيضاً خطوة مهمة، هذه الأطر لا يجب أن نستبعدها، وفي الوقت نفسه يجب الحوار مع الأميركيين، لأن لهم 150 ألف عسكري في العراق. كيف لا نتكلم معهم؟ يجب أن نتكلم معهم لأن لهم وجوداً كبيراً، قلت أكثر من مرة إننا جميعاً الآن في قارب واحد، وكلنا متضررون من الوضع في بغداد.
gt; تقصد مَنْ؟
- جيران العراق، الأميركان، كل العرب، العراقيون، المسلمون، الجميع متضررون من الوضع في العراق، والآن ليس وقت تبادل الاتهامات، إنما وقت تبادل المعاونات والمساعدات لعلاج الموقف في العراق. وقعنا في مطب في العراق وعلينا أن نبحث في كيفية الخروج منه.
ايران
gt; كأمين عام للجامعة العربية، هل لديك شعور بأن إيران تقوم بهجوم شامل على المنطقة؟
- اعتقد أن التعبير ليس دقيقاً، إيران دولة كبيرة في المنطقة وتريد أن تثبت وجودها وأن تكون جزءاً من المعادلة الإقليمية العامة في المنطقة، فلماذا نلومها، لا ينبغي لوم إيران على تفتيشها عن مصالحها، لا أحد يلام على تفتيشه عن مصالحه، وبالتالي لا يجب أن يلام العرب لعملهم من أجل الحفاظ على مصالحهم، وأنا عندما أقرأ عن مصالح إيرانية، لا بد ان يقرأوا هم أيضاً عن مصالح عربية، وهذا ما تداولت فيه علناً مع الرئيس السابق محمد خاتمي في دافوس.. نعم هناك مصالح إيرانية، وهذا أمر مفهوم وإلا فإننا نعيش في زمن ليس لنا، انما أرجو أن تفهم إيران أيضاً أن هناك مصالح عربية، المصالح المتقابلة تطرح سؤالاً: هل يمكن أن تكون هذه المصالح متناسقة، هل يمكن أن تكون هذه المصالح متضادة؟ وفي مصلحة من أن تكون متضادة، وفي مصلحة من أن تكون متناسقة، هذا هو لُب الحوار الذي يجب أن يتم.
gt; عندما تقرأ تعبير "الهلال الشيعي" ماذا يكون رد فعلك؟
- هذا الموضوع كان تحذيراً من احتمال أن يذهب الوضع في المنطقة إلى أسوأ مما هو عليه، نحن جميعاً نريد لهذه الأهلة كافة أن تتداخل وأن تتعاون. هذا تعبير عن مخاوف عربية ونتيجة للطائفية التي ظهرت، ولكنه أيضاً أساس اقتراح الحوار مع إيران، والحوار بين الشيعة والسنة، والحوار بين إيران والعرب، الهلال هو الهلال من حيث المعنى الرمزي، وأنا لا أزال على موقفي من أنه لا بد لنا من حوار استراتيجي.. حوار عميق وعاجل مع الإيرانيين، وأن يكون هذا بمطلب واقتناع منهم، وبمطلب واقتناع منا. وأرى أن اللقاء الأخير بين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس نجاد يصب في هذا الاتجاه.
gt; وأنت تدرس الملف العراقي هل يمكن أن ينتابك كعربي شعور بأنه ليت صدام حسين لا يزال على رأس الحكم في العراق؟
- هذا سؤال ملغوم جداً، أنا أحياناً استطيع نزع الألغام، لا شك أن العراق مر بأطوار مؤسفة، الحروب المتلاحقة لدولة نامية مثل العراق. من الصعب تصور الخروج من الحرب مع إيران ثم الدخول في حرب على الكويت، ثم حرب، هذه ليست سياسة وأدت إلى ما نراه. لا يمكن أن نمدح سياسة تؤدي الى النتائج التي نراها، إنما هذه النتائج والدم الذي يسيل لا يجعلنا نطمئن. ثم إن موضوع صدام حسين هو موضوع من الماضي، نتكلم وندردش فيه، إنما لا يتعلق بما هو قائم الآن ولا بالمستقبل، صدام انتهى، ونظامه انتهى، ولم يظهر بعد النظام العراقي الجديد، صحيح أن هناك مجلس نواب منتخباً وهناك دستورا ً وغير ذلك، إنما هذه مقدمة، نرجو أن تكون هي المقدمة السليمة والمنطقية للعراق الجديد.
طريق بيروت
gt; متى ستذهب مجدداً إلى لبنان؟
- تحدثت كثيراً عن موضوع الطابق اللبناني، أنا قلت إن لبنان مثل مبنى من أربعة طوابق: لبناني وعربي وإقليمي ودولي، وان هناك مصعداً يتحرك بين تلك الطوابق، ومن ثم هناك تداخل بين ساكني هذه الطوابق الاربعة، لكن ذلك لا ينفي في نهاية اليوم أن اللبناني طابقه منفصل وكذلك العربي.. ان يجتمع الشيخ سعد الحريري والرئيس نبيه بري فإن ذلك يعد خطوة عظيمة، خطوة ايجابية، ربما سهل لها الاجتماع الذي عقد في الرياض بين خادم الحرمين والرئيس أحمدي نجاد إنما يظل الأمر الآن مسؤولية هذين الزعيمين والزعامات الأخرى. أنا أؤيد جداً التحرك اللبناني - اللبناني، ويجب تسهيله وطالبت مراراً بذلك، أنا لم أكن أفهم أبداً كيف أن ساكني الطوابق الاربعة لا يكلمون بعضهم بعضاً، أن يجلسوا معا، فتلك بداية طيبة، ليتدارسوا حزمة الأفكار التي تركتها لهم والأفكار الأخرى ومنها ورقة الرئيس نبيه بري والتعليقات عليها، كل ذلك أصبح الآن في يد أصحاب الأمر، وأدعو الله أن يتفقوا حتى يبعد الشر عن لبنان، وأقصد بذلك أن المنطقة كما تعلم على كف عفريت بفعل التداخلات. لا أريد أن يكون لبنان مسرحاً لتصفية الحسابات، مسرحا تُدفع نحوه الرياح بدلاً من ناحية أخرى، إنقاذ لبنان هو في يد اللبنانيين الذين ينبغي أن يحموا بلدهم من التأثيرات الضارة السلبية في هذا الموقف الخطير، وهذا لا يكون إلا على قاعدة: لا غالب ولا مغلوب.
gt; حاولت توفير مظلة من بقية الطوابق للبنانيين... هل نجحت في بلورة مشروع مظلة عربية واقليمية للحل اللبناني؟
- المظلة العربية كانت موجودة، كان فيها بعض الثقوب. عندما قررت الذهاب الى لبنان تحدثت في القاهرة والرياض ودمشق. في القاهرة أتحدث مع كبار المسؤولين على الدوام.
الحزمة والعقدة
gt; لماذا لم تنجح محاولتك جمع الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة؟
- ربما كان المطلوب أن تتم تدخلات اكثر وضوحاً، وخلال الفترة من كانون الاول (ديسمبر) الماضي وحتى آذار (مارس) الجاري جرت مياه اخرى تحت الجسور أدت الى تسهيل انطلاق الحوار، وربما ببعض التشاور مع الدولة المهتمة تم التعامل مع كل هذا، أنا تركت الحزمة وهناك أيضاً الاقتراحات التي ترد من هذه الدولة أو تلك أو نتيجة لمحادثات اخرى، العقدة لن تحل إلا بهذا اللقاء الذي أرجو له النجاح.
gt; الحزمة تقول بالتوازي بين المحكمة والحكومة وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب 19 /11 أو 19 /10.
- هي كلها 19 / 11 أي أن تكون للوزير الحادي عشر بعض المواصفات أو بعض الضمانات. اقترحنا اختيار الوزير من لائحة تضم عشرة أسماء ثم من لائحة تضم خمسة أسماء.
gt; بمعنى أن تتفق عليه المعارضة والموالاة؟
- أن ترشحه المعارضة وتقبل به الموالاة، وهذا ما اقترحت أن يكون في عدد من الاسماء سواء قبل الذهاب أو بعد العودة، كنت أتواصل مع هذه الدول الثلاث، بالاضافة الى دول أوروبية عدة، لم أكن أعمل بصفة شخصية وإنما بتكليف من المؤسسة العربية.
gt; في ضوء زياراتك الثلاث للبنان، ما العقدة، هل هي المحكمة؟
- المحكمة أولاً هذه المسألة لها جدول أعمال طويل، إذا اختصرنا كل شيء في المحكمة نكون مبالغين، وإذا اختزلنا كل شيء في الحكومة وتشكيلها نكون أيضاً مبالغين، فكما تعلم هناك استحقاقات متوالية كلها معقدة "معقربة"، ولذلك الحزمة التي تكلمت فيها كانت على المحكمة والحكومة بالتوازي الزمني، وكان هدفي أن يتم هذا قبل مؤتمر باريس - 3، ثم تحدثت عن الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية بحيث هذا اللقاء يمكن أن يؤدي الى القبول ببعض المقترحات المتضمنة في المبادرة التي اقترحتها أنا أو المقترحات الاخرى، المهم أن يتفقوا عليها.
gt; هل هناك الآن أفكار أخرى؟
- لا، كلها في هذا المضمون.
gt; ليس هدفنا بالطبع تعقيد الوساطات، لكن من المحاور الأصعب بالنسبة إليك؟
- الأمر مثل العملة له وجهان، الجميع شكلوا صعوبة في كثير من الأحيان، كما شكلوا سهولة في بعض الأحيان.
gt; هل قابلت الأطراف كافة؟
- نعم، لم أترك أحداً لم أره.
gt; هل كانت المرة الأولى التي تلتقي فيها الدكتور سمير جعجع؟
- اللقاء كان جديداً من نوعه لكننا التقينا من قبل، اعتنيت بأن اتحدث مع الجميع، وعندما كان يتعذر اللقاء المباشر في بعض المرات كنت استعيض عن ذلك بالاتصالات الهاتفية.
gt; هل كان السيد حسن نصرالله صعباً؟
- التقيته في سهرة طيبة جداً، سهرة عمل ممتعة.
gt; كيف؟
- كنا نتحدث ليس كطرفين وإنما كمواطنين عربيين، هناك آراء نتفق عليها، واخرى نختلف بشأنها، تكلمنا في هذا الأمر، وكان ذلك اللقاء من أهم لقاءاتي في لبنان، التقيت كذلك البطريرك لقاء مشبعاً، التقيت الزعامات كافة.
gt; ماذا عن اللقاء مع وليد جنبلاط؟
- الحديث مع وليد بك جنبلاط يستدعي دائما عصفاً فكرياً.
تعاون الأسد
gt; كيف كان اللقاء مع الرئيس بشار الأسد؟
- التقيت الرئيس الأسد في هذا الاطار ثلاث مرات، لا يمكن أن ننكر الصلة السورية - اللبنانية الخاصة والاهتمام الخاص بعناصر المشكلة في لبنان لكونها مرتبطة بسورية، وأنا لم أر منه إلا التعاون، طلبت منه تأييد المبادرة فأيدها، طلبت منه أن ندرس سوياً بعض العناصر القائمة فناقشها معي عنصراً تلو الآخر، وأخذنا وقتنا في هذا النقاش، إنما أنا لا أفرض على سورية سياسة ما، وفي الوقت نفسه أطلب منها التعاون، والرئيس الأسد تعاون معي بالقدر الذي يراه مناسباً في هذه الفترة، ولو أن المحادثات استؤنفت سأتكلم مجدداً مع الرئيس بشار الأسد، والأفكار وهي تتطور يمكن أيضاً أن تأتي بتطور في الحلول.
gt; لم تجبني على السؤال بخصوص ما إذا كنت تنوي الذهاب مجدداً إلى لبنان؟
- لا أستبعد الذهاب الى لبنان قبل القمة، سيكون لذلك وقته وظروفه ومناسبته، الآن مثلاً لا داعي لأن أتدخل، فبري والحريري يتقابلان، لا داعي لأي تدخل لكننا نتصل ونتواصل ونطمئن ونهنئ... إلخ، لكن الأمر لا يحتاج إلى وجودي الآن في لبنان.
gt; من المرجح أن تزور لبنان قبل القمة؟
- استطيع أن أقول إن تلك الزيارة مأمولة قبل القمة.
من الدار إلى النار
gt; ما أن تنزل إلى مطار بيروت، تشعر أن بيروت ينقصها شيء بسبب غياب رفيق الحريري؟
- أنا من الناس الذين أحبوا رفيق الحريري، وربطتني به علاقة صداقة سليمة ومتينة كعربيين يلتقيان على المصلحة العربية ومناقشة القضايا العربية، كنت أزوره في بيروت ويناقشني وأناقشه حول فلسطين والعراق والسودان، وفي كل شيء، الله يرحمه كان شخصية فذة بلا شك. وأخيراً ذهبت الى بيته والتقيت سعد الحريري وتذكرت نقاشاتنا واجتماعاتنا على الغداء والعشاء سواء كنا وحدنا أو مع آخرين، تُذكرني كل زيارة للبنان برفيق الحريري.
gt; متى عرفت رفيق الحريري؟
- منذ وقت مبكر، منذ أن كنت وزيراً للخارجية.
gt; كيف وجدت سعد الحريري، وتعامله مع الإرث الكبير الذي يمكن أن يتحول عبئاً كبيراً؟
- هو إرث كبير وعبء كبير، اعتقد أن الشيخ سعد، خصوصاً الآن، وأنا أراه يتناقش ويجتمع ويتفاءل ويتفاعل مع الرئيس نبيه بري، أعتقد أن هذا يعطي زخماً كبيراً جداً لشخصية سعد الحريري وقدرته على التواصل خصوصاً مع إخواننا في لبنان ليس فقط من الأكثرية، بل من الأطراف كافة.
gt; حظه سيىء، يتدرب على الساخن؟
- حظه السيئ يرجع إلى أنه فقد والده، وحظه سيء أنه جاء من الدار الى النار، ولكن لهذا أيضاً جانبه الايجابي، إنه يتعلم.. الخبرة الحياتية تفرض نفسها وكذلك الخبرة السياسية في كيفية الوصول الى الحلول الوسط والاستماع الى الآخرين، أنا مطمئن للشيخ سعد الحريري.
gt; هل حاولت خلال الوساطة ترتيب زيارة للرئيس السنيورة للشام؟
- كان ذلك من ضمن الأمور التي طرحت، أريد أن أقول لك أنا أرتبط بصداقة وعلاقة طيبة جداً مع كل من الرئيس بري والرئيس السنيورة وهذا ما سهّل مهمتي، كنت أشد معهم وأضحك معهم، كنا نقضي سهرات جادة جداً يتخللها كلام لطيف مع كل منهما ولذلك فترة التفاوض على المبادرة العربية مع بري والسنيورة كانت فترة مهمة. ليس فقط الشباب هم الذين يتعلمون، أنا أيضاً أتعلم الفعل ورد الفعل والاقتراح ورد الاقتراح، سواء على هذا الجانب أو ذاك، كنت أشعر بالفجوة الموجودة وكنت اعتقد ان هذه الفجوة لا يمكن اجتيازها إلا باللقاء المباشر وهو ما يتم الآن، فحرارة مثل ذلك اللقاء تذيب بعض الصعوبات، وهذا أمر مهم.
gt; إذاً زيارة لبنان قبل قمة الرياض مأمولة، والقمة السعودية - الايرانية انعكست ايجاباً على المنطقة عموماً وعلى لبنان خصوصاً؟
- نأمل أن تنعكس ايجاباً على المنطقة، إنما انعكاسها على لبنان بدأ يظهر في تسهيل أمور عدة، لا أقول إنها كانت سبباً مباشراً في لقاء بري والحريري، إنما أقول إنها أسهمت في "ترويق" المناخ.
gt; على جدول اعمالك أيضاً أزمات عدة، بينها الملف النووي الإيراني، إلى أي مدى يمكن اعتبار هذه الازمة مخيفة إذا انتهت بحرب على إيران؟
- موضوع الملف النووي الايراني يجب أن تعاد صياغته ليكون الملف النووي في الشرق الاوسط. أما أن نثير الملف النووي الايراني من دون أن نثير موضوع الملف النووي الإسرائيلي، فإن المقاربة تكون أولاً معوجة وغير سليمة، وثانياً أصبح شبه ثابت أن هناك برنامجاً نووياً عسكرياً في إسرائيل، لم يصبح ثابتاً أن هناك برنامجا نووياً عسكرياً في إيران، ولا يوجد أي تقرير من الوكالة الدولية للطاقة النووية يؤكد ذلك أو يشير إليه، ثالثاً لا يجب أن نعتمد على معلومات مغلوطة. رابعاً من حق إيران الثابت القاطع أن تتوصل إلى الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بعناصر العلم النووي، وهذه شطارة من إيران.
سلبيات إسرائيلية
gt; هل تتوقع نجاح اتفاق مكة بين الفلسطينيين؟
- نعم، ما يقف ضده هو السياسة الإسرائيلية، وأكرر أنني رصدت ثلاث رسائل سلبية أخرى من إسرائيل، الرسالة الأولى هي معارضة اتفاق مكة، أي معارضة المصالحة. إذن سيفعلون كل ما هو ممكن لإفساد المصالحة، الرسالة الثانية تتعلق باستمرار سياسة فرض الأمر الواقع. مستوطنات تبنى وتنشر المناقصات الخاصة بها في الصحف. ناس يدفعون بهم إلى الأراضي المحتلة، حفريات في القدس، سياسة أمر واقع واضحة. الرسالة الثالثة تقول: يا عرب أنا أرى في مبادرتكم عناصر "مش بطالة" يمكن أن نقبلها لو حذفتم منها عنصرين: الحدود واللاجئين. هذه رسالة سلبية تماماً، كيف نستبعد موضوع الانسحاب، هل مطلوب أن نجعل إسرائيل هي التي تقرر أين هي الدولة الفلسطينية وحدودها، وكذلك موضوع اللاجئين ننتهي منه، وننسى موضوع القدس وغيره. فموضوع الحدود يشمل وضع القدس ايضاً، هذه الرسائل السلبية لا تطمئن أبداً، وهذا ما عرضته على مجلس وزراء الخارجية العرب وسأعرضه على قمة الرياض. أولاً تعديل المبادرة العربية غير وارد، فما مقابل ذلك التعديل؟ لا شيء إلا الرسائل السلبية، هل هذا معقول؟
gt; هل تتوقع أن تضاعف الإدارة الأميركية اهتمامها بحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي؟
- وزيرة الخارجية الأميركية قالت لعدد منا وأنا منهم كذلك، قالت إن الإدارة الأميركية ستنشط في هذا الاتجاه، ذكرت لي شخصياً أنها ستجتمع مع أولمرت وأبومازن وأنها ستعود الى المنطقة للاجتماع بهما مرة أخرى، لكن وفقاً لأبومازن انتهت المقابلة معه الى لا شي، إذا كان الأمر مجرد مقابلات و "تلفزيونات" ومراسيل جيئة وذهاباً ومبعوثين واجتماعات وتقسيمات الى معتدلين ومتطرفين وغير ذلك، وفي نهاية اليوم لا شيء، فلا يجب أن نسكت. العام 2007 هو فرصة تنشيط العمل على حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وإلا سننتظر سنوات طويلة لا نعلم ماذا يمكن أن يتم خلالها.
gt; هل ترى بُعداً إسلامياً من وراء اجتماع إسلام آباد للمبادرة العربية؟
- بُعد إسلامي داعم للمبادرة العربية، ولا يمكن قبول بُعد إسلامي يزايد على المبادرة العربية، لقد اطمأننت تماماً إلى أن اجتماع إسلام آباد هو اجتماع داعم ومؤيد للمبادرة العربية.
السودان
gt; كيف ترى أزمة دارفور؟
- ربما تكون الأزمة العربية الوحيدة التي يشهد السعي لحلها تقدماً، وإن كان بطيئاً. أزمة دارفور لا يجب أن تختزل في قوات حلف السلام سواء كانت أممية أو أفريقية أو غير ذلك، هذا جانب، أما الجانب الآخر من اتفاق السلام في ابوجا، فإنه يتعلق بالتنمية في دارفور والمصالحة والتعويضات وضرورة انضمام المنظمات المتمردة كافة الى النظام، هناك أمور أخرى في "السوفت سايد" في ذلك الاتفاق.
gt; ماذا عن الصومال، المريض العربي الدائم؟
- هو المريض العربي الدائم حتى الآن، ولكن أرجو أن ننجح في تحقيق الآتي: أولاً المصالحة القومية أو الوطنية الصومالية، ثانياً إقامة الدولة، ثالثاً الإعمار، وهذه مسؤولية كبيرة. الصومال بلد ثري، ليس بلداً فقيراً فعنده زراعة ومصايد أسماك هائلة ويمكن أن ينهض، لكنه يحتاج الى مساعدتنا، والمساعدة تحتاج الى استقرار والاستقرار يحتاج الى مصالحة. وهذا ما نتكلم فيه مع الصوماليين، هناك حكومة شرعية اتفقوا عليها فلنؤيدها، اليوم هناك قوات افريقية داخلة وقوات اثيوبية تخرج، ربما يؤدي هذا الى ما نسعى إليه، نحن نشطون جداً، للمرة الأولى تنظر الجامعة العربية جنوباً، كنا موجودين في محادثات أبوجا على مدى عامين من دون أن نغيب يوماً واحداً. لم نعد منظمة تنظر الى موضوع واحد، نهتم بالقرن الإفريقي لإيماننا بأنها منطقة حساسة مرتبطة ثقافة وامنا بالشرق الأوسط.
gt; ماذا عن المقاطعة الليبية لقمة الرياض؟
- هناك اتصالات جارية، ونتمنى الوصول الى نتيجة ايجابية خلال الأيام المقبلة.
gt; بعد منصبك الحالي إلى ماذا تطمح؟
- طموحاتي الآن تنصب على كيفية لملمة موضوع الانقسامات المذهبية والطائفية في المنطقة.