جريدة الجرائد

مَنْ يَقِف مع حسين العراقي؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

السبت 17 مارس 2007

جمعة اللامي


ldquo;ليس كافياً أن تقدّم معروفاً للضعيف. ينبغي الاستمرار في تقديمهrdquo;

(وليم شكسبير)

بعدما فرغت من تقليب ldquo;قضية حُسَين العراقيrdquo; على خامس وسادس، وكان ذلك بعد صلاة الجمعة، أمس، هبط علي شاعرنا العربي من العلياء، وهو ينشد:

ازْرَع جميلاً ولوْ في غيْر مَوْضعه

فَلَنْ يضيع جميلٌ أيْنما وُضِعا

إن الجميلَ وإنْ طال الزمانُ به

فليسَ يحْصدهُ إلا الذي زرعا

ولم يزرع جميلاً، السفير البريطاني في عمّان. ولم يرحب بالجميل بعض محطات التلفزة العربية. لكن نفراً من أهل الغيرة، ولفيفاً من أصحاب المروءة، عرفوا الجميل، وتخلقوا بأخلاق مبدع كل جميل، وقصدوا غريب المتروك، وقالوا له: ldquo;هُوَ ذا موطن زراعة الجميل في موضعه الصحيح والحقيقي. فهل أنت ابن بجدتها؟ وهل أنت قادر على إيصال رسالة الى مَنْ خُلُقهم زراعة الجميل؟rdquo;.

أوقفني المتروك، بين ldquo;مسجد الملك فيصلrdquo; وبين ldquo;السوق المركزيrdquo;، وقال: ldquo;افْشِ حكاية الطفل حسين العراقي بين الناس، كما يجب أن يُفْشى السلام والمروءةrdquo;. وكان هذا حملاً ثقيلاً، وعبئاً ضخماً، أثقلا كاهلي طيلة الأيام الثلاثة الماضية.

حُسَيْن العراقي، طفل من عائلة بصراوية، ولد سنة ،1999 لأب يعمل في الصحافة، وكانت ولادته بين هدير الطائرات والأصوات الفظيعة لقصف بغداد، فكان يهرب وهو الصغير الى حضن والده، أو والدته، واضعاً كفيه على أذنيه.

قبل ثلاث سنوات عرف أبوه، المصور الصحافي كريم كاظم، أن حُسَيْن لا يستطيع الكلام، ولا يقدر على السمع، فانخلع قلبه، وعمّ الحزن والدته، وأخاه علياً، وشقيقتيه نورس وديانا.

رأيت هذا الطفل العراقي، على مدى ثلاثة أيام في الشارقة، بصحبة والده، وكأنه عرف أن الحزن سوف يسكنني لمدى ما تبقى لي من حياة، إن لم أحقق رغبة ldquo;المتروكrdquo; في عرض حاله على الناس.

أراد أبوه أن يسافر به الى لندن، فقال له السفير البريطاني في العاصمة الأردنية: ldquo;تسافر أنت ولا يسافر هوrdquo;. وقال له في الأردن: ldquo;عليك بالطب عند أهل الإماراتrdquo;. ووصل إلينا حُسَيْن، ومعه ldquo;20rdquo; ألف دولار أمريكي، مستحقات عملية زرع قوقعة في إحدى أذنيه ليستطيع السمع والنطق. وأخذت الدولارات تتآكل بسبب أجور الفنادق وغيرها.

وقالوا له في الجمعيات الخيرية: ldquo;لا نستطيع مساعدتك، لأنك لست مقيماً بصورة قانونيةrdquo;. وقال لي: ldquo;ماذا أعمل يا ابن وطني؟ فلوسي معي، وأخشى أن أصرف أغلبها على أجور الفنادقrdquo;.

قلت لأبي حسين: ldquo;ستعرف اليوم، وربما غداً، بعون الله تعالى، أن أغنى الناس، أكثرهم إحساناًrdquo;.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف