دعاة سعوديون يطالبون بوضع حد أعلى لقيم افتداء القاتل من القصاص
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
وسط مبالغة ملحوظة في حجم "الديات" للتنازل عن تنفيذ الحد الشرعي
الرياض -سوسن الحميدان
طالب دعاة سعوديون بضرورة التدخل لوضع حد لقيم الدية التي يدفعها أهل القاتل إلى ورثة المقتول من أجل فك رقبة قريبهم من حكم القصاص، مستندين في مطالبهم الى التضخم الكبير في قيم الديات خلال الفترة الماضية. حيث شهدت السعودية خلال الأعوام الماضية، ارتفاعا في قيم الديات التي تشترطها عائلات المقتولين، وصلت في بعضها إلى 10 ملايين ريال (2.6 مليون دولار).
واقترح الدعاة بأن يتم تحديد حد أعلى لا يمكن تجاوزه تحت أي ظرف أو أن توكل المسؤولية إلى لجنة من العلماء الذين يفهمون بالشريعة ويراعون المصالح والمفاسد في هذا الباب.
من جانبه قال الداعية الدكتور عائض القرني لـ"الشرق الأوسط": "إن الدية مقدرة ومحددة بحسب حال العصر الذي يعيش فيه القاتل والمقتول، ولكن في الآونة الأخيرة انفتحت شهية بعض أهل الدم على المال حتى أصبح الأمر كالمتاجرة، وهو أمر لا تحبذه الشريعة ولا يبشر بالخير".
وبين القرني ان من لا يستطيع العفو من اهل الدم ويفضل طلب الدية، يجب أن يكون المبلغ معقولا يستطيع معه أهل القاتل دفع القصاص عن قريبهم، موضحا ان الإنسان أغلى من أي ثمن وان طلب مبالغ كبيرة تعويضا للدم نوع من المتاجرة بالإنسان وهو أمر مرفوض في الإسلام، مشيرا إلى ان تضخيم مبالغ الدية يجب أن لا تترك دون تدخل ويجب حيالها اتخاذ أجراء حتى لا يصبح الأمر نوعا من المتاجرة في الدماء وطلب الدنيا.
وذكر أنه "يجب نشر ثقافة العفو والتسامح بين الناس ومن أراد أن يعفو فليكن لوجه الله تعالى حتى يبارك الله له بهذا العفو بلا مقابل، لان الدنيا مهما كثرت فهي إلى فناء وانتهاء".
من جانبه، اشار الدكتور محمد النجيمي، رئيس الدراسات المدنية بكلية الملك فهد الأمنية وأستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء، الى "انه يجوز لولي الأمر التدخل في مثل هذه الامور التقديرية لمنع المبالغات في قيمة الدية، وتحديد مبالغ معقولة يستطيع أهل القاتل تقديمها مقابل منع القصاص".
وأبان أن ذلك مثله مثل المهور التي يجوز لولي الأمر التدخل فيها أيضا، إذا رأى أن هذا الامر يشكل ضررا في عملية الزواج وتترتب عليه مفاسد كبيرة جراء ارتفاع قيمة المهور.
وأفاد أن ولي الأمر هو الوحيد الذي له السلطة في تقدير قيمة المبلغ المراد للدية او ان تسقط الدية عن القاتل تقربا لله ومطلبة لرضاه سبحانه وتعالى.
وانتشرت في السعودية، مبالغات في قيمة الدية كأحد الحلول لاستبدال القصاص تجاه قاتل قريبهم، بديات تحوي مبالغ طائلة تحرج أهل القاتل وتثقل كاهلهم في سبيل الذود عن ارواح أبنائهم ورد سيف الجلاد عن تنفيذ حكم القصاص الشرعي تجاههم.
وبالرغم من تدخل عدد كبير من مشايخ القبائل أو المعروفين في المنطقة لوقف نزيف الدم والحد من سيل الثأر الذي ما أن ينطفئ في مكان حتى يشتعل مرة أخرى في مكان آخر. إلا أن الأمر ما زال يواجه صعوبات من قبل الساعين الى الصلح والعفو، خاصة إذا رفض أهل الدم التنازل عن القاتل بتطبيق الحد الشرعي بحقه وكثيرا ما ينتج عن ذلك إغلاق الأبواب في وجه أي وساطة وأن علت مقامها. ويلجأ بعض الوسطاء إلى محاولة تعظيم الدية رغبة في الحصول على تنازلهم أو أن يكون التعظيم من قبل أصحاب الدم رغبة في إلحاق الضرر بأهل القتيل. وقد تصل المطالبات المادية إلى عدة ملايين مما يعيق أهل القتيل عن توفيرها وان ساهم أهل الخير في التبرع بجزء منها. وهنا علق النجيمي، على حقيقة المبلغ الشرعي للدية قائلا "يجوز المطالبة من قبل أهل الدم بأكثر من الدية الشرعية المقررة وهو ما جاء في حديث صحيح "وما صولحوا عليه فهو لهم"، كما يجوز لأهل القتيل المطالبة بأكثر من الدية المقررة شرعا. لكنه استدرك وأشار إلى أن هناك معيارا شرعيا أيضا عادلا في هذا الجانب، وذلك بأن تكون هذه الزيادة معقولة ومتوقعة ويستطيع أهل القاتل او أهل "العصبة" دفعها، أما المبالغة في قيمة الدية فيجب أن تكون في حدود معقولة من باب لا تفريط ولا إفراط.
من جانبه، قال عثمان العبد الله، عضو لجنة العفو وإصلاح ذات البين، عن آلية تلقي طلبات التدخل من اللجنة "إن اللجنة تتلقى طلبات من أهل القاتل للتوسط لدى أهل القتيل في تخفيض مبلغ الدية إذا كانت المبالغ المطلوبة للتنازل كبيرة، والتوسط مقابلها لدى أهل الدم للتنازل عن القصاص بأقل مبلغ ممكن".
وأضاف أن أعضاء من اللجنة يزورون أهل القتيل والتوسط لديهم لتخفيض مبلغ الدية، مشيرا إلى أن اللجنة تحاول أن لا تترك أهل القتيل مهما كانت صعوبة الدور الذي يقومون به، دون التوصل إلى حل يرضي الطرفين في شأن مبلغ الدية.
وعن عدم أمكانية أهل القاتل عن دفع مبلغ الدية، خاصة إذا كانت المبالغ المطلوبة في عداد الملايين قال العبد الله "ان اللجنة تتكفل بدفع المبلغ المتبقي من الدية المتفق عليها بين أهل الدم واللجنة إذا لم يستطع اهل القاتل توفير كامل المبلغ، وبعد تسليم المبلغ لأهل الدم يتم التنازل عن تطبيق القصاص وتخبر الجهات المختصة بذلك".