الصقر إيراني والثعلب إسرائيلي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء 20 مارس 2007
سعد محيو
ldquo;إيران ذات الـ 70 مليون نسمة واقتصاد الـ 50 مليار دولار، والتي تتمتع بموقع جيوسياسي وقوات مسلحة مقتدرة، و10 ملايين من عناصر التعبئة (البسيج)، هي ضمانة أمن الخليج الفارسي (العربي). وإذا ما تعرضت إلى هجوم، سيكون ردها مدمراًrdquo;. هكذا تحدَث قبل أيام الجنرال رحيم صفوي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني.
ldquo;إيران بلد يتفشى فيه الفقر، وكذلك الفساد. والنظام هناك لا يستطيع إطعام الأولاد اليورانيوم المخصَب. القنابل لا تحل المشكلات بل تجلب المتاعب، ليس فقط لبقية العالم بل أيضاً للشعب الذي يملكهاrdquo;.. وهكذا، تحدث، قبل أيام أيضاً شيمون بيريز، نائب رئيس الوزراء ldquo;الإسرائيليrdquo;.
وكما هو واضح، الصورة التي يطرحها كلا الطرفين تبدو متناقضة تماماً. في الاولى (الإيرانية) نحن أمام قوة إقليمية كبرى، تملك جيشاً جراراً يفترض أن يكون الاكبر في العالم نسبة لعدد السكان، واقتصادا قويا، وقدرة على رد وردع أي هجوم. وفي الثانية، ldquo;الإسرائيليةrdquo;، تبدو إيران دولة هشة غير قادرة حتى على إطعام سكانها، ويعاني شعبها من الفساد الداخلي والعزلة الخارجية. وبالتالي، فهي غير قادرة عملياً لا على الدفاع عن نفسها ولا عن غيرها.
من نصَدق: الصقر الإيراني، أم الثعلب ldquo;الإسرائيليrdquo;؟
المسألة نسبية، فإيران ستكون قوية للغاية، إذا ما قورنت بجمهورية أذربيجان المجاورة، او أفغانستان المحاذية، أو دول الخليج العربي القريبة، لكنها ستبدو ضعيفة للغاية إذا ما قورنت بrdquo;إسرائيلrdquo; التي يبلغ دخلها القومي أكثر من 100 مليار دولار، برغم أن عدد سكانها لا يتجاوز الأربعة ملايين، والتي تمتلك أقوى سلاح جو وبحر في كل منطقة الشرق الاوسط الكبير.
وبالطبع، تصبح المقارنة مضحكة حين نقارن إيران بأمريكا، فالميزانية العسكرية وحدها لهذه الاخيرة، والتي تقدَر بنحو 450 مليار دولار، تبلغ عشرة أضعاف كل الدخل القومي الإيراني أما اقتصادها فيتعدى حجمه ال 12 تريليون دولار مقابل ال50 مليار دولار في إيران.
ومع ذلك، فإن المقارنة مفيدة من ناحية واحدة، فهي تبرز دور الإرادة القومية في السياسة، والأولوية التي تحتلها أحياناً الايديولوجيا على حساب الاقتصاد. وكلا هذين العاملين يبدو قيد العمل بنشاط هذه الأيام في إيران.
صحيح، كما قال بيريز، ان أطفال إيران لا يستطيعون تناول فطورهم من اليوارنيوم المخَصب، لكن في وسعهم أن يستمتعوا برؤية آبائهم وهم يصفقون بحماسة للرئيس أحمدي نجاد وهو يعتبر اليورانيوم موازياً للكرامة القومية الإيرانية.
وصحيح أن لسعات الفقر تلهب ظهور أكثر من 30 في المائة من الشباب العاطلين عن العمل، إلا أن شعور هؤلاء بأن الغرب يواصل ldquo;تآمرهrdquo; على بلادهم، مكرراً بذلك مأساة محمد مصدق في الخمسينات، يجعلهم أقرب إلى النظام الداخلي الذي يضطهدهم من الأنظمة الخارجية التي تعد بتحريرهم.
في إطار لعبة الإرادة - الإيديولوجيا المزدوجة هذه، لا تعود قاعدة موازين القوى التقليدية قابلة للتطبيق. ثمة شيء آخر يحل مكانها: موازين قوة الإرادة، التي قد لا تنقذ إيران من الدمار إذا ما نشب صدام مسلح بينها وبين امريكا وrdquo;إسرائيلrdquo;، لكنها ستجعل مثل هذا الدمار مشتركاً على حد كبير.
وهنا، وفي هذه النقطة فقط، يبدو الصقر الإيراني على حق والثعلب ldquo;الإسرائيليrdquo; على خطأ.