القاعدة تشن حربا كيماوية على رعايا دولتها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء 20 مارس 2007
محمد عبد الجبار الشبوط
الان صرنا نعرف شيئا جديدا اخر عن "دولة العراق الاسلامية" التي اعلنتها القاعدة في بعض محافظات العراق، وامس اضافت اليها منطقة السيدية في بغداد، بعدما انجزت عملية تطهيرها الطائفية من سكانها الشيعة.
عرفنا في الماضي، من خلال بيانات "الدولة" وممارستها، انها مشروع تقسيمي طائفي انتقامي يمارس القتل بدون وازع، ويعاقب الناس بقسوة دون قانون عقوبات، واليوم عرفنا ان "الدولة الاسلامية" المزعومة تجيز استخدام الاسلحة الكيماوية ضد المدنيين من العراقيين. واقول "من العراقيين" تحديدا لأنها لم تستخدم اسلحة كيماوية ضد القوات الامريكية حتى الان، فلا نعرف ما هو موقفها الشرعي والفقهي من هذه المسألة.
فمنذ فترة صرنا نسمع عن عمليات ارهابية تنفذها القاعدة باستخدام غاز الكلور، عبر تفجير صهاريج محملة به، ما يؤدي الى تسمم الناس في محيط العملية التي تنفذ عادة في مناطق سكنية، ما يعني ان المدنيين هم الاهداف التي تستهدفها العمليات. اخر عملية ادت الى تسمم 350 مواطنا عراقيا مدنيا بينهم الكثير من الاطفال والنساء.
وبالمناسبة، فان دولة القاعدة الاسلامية لم تأت بجديد . فهي تسير على خطى الطاغية المشنوق صدام حسين الذي استخدم الاسلحة الكيماوية ضد مواطنيه في حلبجة والاهوار، مع فارق تقني وهو ان اسلحة صدام كانت اكثر تطورا، بالمقارنة مع اسلحة القاعدة التي مازالت متخلفة. لكن لا يوجد من يمنع من انها سوف تستخدم اسلحة كيماوية اكثر تطورا بمجرد حصولها عليها. فالتوجه السياسي واحد، وهو توجه يجيز ذلك.
استخدام الاسلحة الكيماوية البدائية من قبل القاعدة لا يعبر عن قوة، بل عن ضعف وانهزام. بل ان اللجوء الى غاز الكلور اقرب الى كونه انتقاما من العراقيين، من شيعة وسنة، الذين لا يؤيدون القاعدة ولا دولتها الاسلامية. هذا ما فعلته القاعدة في ديالى حين احرقت ما يقارب من ثلاثين بيتا بساكنيها، لأنهم رفضوا ان يرفعوا اعلام دولتها الاسلامية تعبيرا عن خضوعهم لها.
الاعمال الانتقامية لا تؤدي الى ارهاب الناس وحملهم على الانقياد للقاعدة ودولتها الاسلامية المزعومة، بل تزيد من عزلتها خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية السنية مثل محافظة الأنبار. وهذا ما كشف عنه رئيس "مجلس انقاذ الانبار" الشيخ ستار أبو ريشة الذي قال في تصريحات صحافية ان هذه الاعمال الانتقامية زجت غالبية عشائر المحافظة في الحرب على هذا التنظيم، وهو ما يعجل من "احتضاره". ومن علامات هذه العزلة الموقف النادر الذي اعلنته هيئة علماء المسلمين التي دانت التفجيرات الكيماوية، واعتبرتها "عملا اجراميا رهيبا" ذهب ضحيته "كثير من الابرياء ظلماً وعدواناً". وتابعت في بيان لها أنه "أياً كانت الجهة التي تقف وراءه، فان الهيئة تؤكد أن استعمال هذا السلاح المحرم عمل غير أخلاقي وغير انساني وغير شرعي"، لافتة الى أن "أحداً لا يملك القدرة على التحكم بمداه ولا بعواقبه". وكان الشيخ حارث الضاري، رئيس الهيئة يعتبر القاعدة منظمة "مقاومة للاحتلال الامريكي"؟
لا يمكن ان نقول الان ان القاعدة فشلت في مخططها الاصلي الرامي الى اشعال فتيل الحرب الاهلية بين الشيعة والسنة في العراق، بل انها نجحت الى مدى كبير في اثارة الفتنة الطائفية والاقتتال الطائفي بين الفريقين، لكن جنوحها الى العمليات الانتقامية ضد معارضيها، من الشيعة والسنة، يمكن ان يكون نقطة تحول قد تأذن، فيما لو احسن العراقيون استثمارها، بتراجع نفوذ هذه المنظمة الارهابية، التي اساءت الى الاسلام والمسلمين عموما بقدر ما اضرت بالشعب العراقي خصوصا.