جريدة الجرائد

الديمقراطيون ... هل خانوا قاعدتهم الحزبية؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الخميس 22 مارس 2007


جونا جولبيرج

إنه أمر مثير للسخرية حقاً؛ فحسب معظم الروايات، فإن "الجمهوريين" منوا بهزيمة نكراء في الانتخابات الأخيرة لأنهم "فقدوا أسلوبهم"! وفي هذا الإطار، نشرت مجلة "تايم" على غلاف عددها الأخير صورة للرئيس رونالد ريجان وهو يبكي مثل الهندي الأميركي في الإعلانات المعارضة للتلوث في سنوات السبعينيات. غير أنه بدلاً من أن ينظر ريجان إلى النفايات المطروحة على جانب الطريق، فالأرجح أنه كان ينظر إلى فوضى "الحزب الجمهوري".
لكن كيف فقد "الجمهوريون" أسلوبهم؟ الكليشيهات المتداولة تقول إنهم باتوا مرتاحين في السلطة؛ ونسوا سبب وجودهم في واشنطن، وأصبحوا مدمنين على الإنفاق، وفقدوا الاتصال مع ناخبيهم ومبادئهم وأرواحهم. وإذا كانت هذه الأمور من قبيل الكليشيهات، فذلك لا يعني أنها ليست صحيحة، بل إن المرء يسمع هذه الشكاوى من القاعدة المحافظة أكثر مما يسمعها من أي مكان آخر.
وإليكم الآن الجزء المثير للسخرية. ففجأة، يبدو كما لو أن "الديمقراطيين" باتوا نسخة خاصة لـ"الجمهوريين". والواقع أن الوقت مازال مبكراً للحكم بذلك، كما أن "الديمقراطيين" أنهوا بالفعل عقدهم الصغير مع أميركا -المسمى المئة ساعة الأولى- بنجاح نسبي من حيث المضمون، ولكن وسط كثير من الصخب الإعلامي.
ولعل أهم موضوع في انتخابات نوفمبر المنصرم، مثلما يؤكد ذلك كل مراقب سياسي، هو حرب العراق. والواقع أن المراوغة الكلامية والتحايل بالتعابير والكلمات من قبيل "إعادة الانتشار الاستراتيجي" و"تغيير النهج"... الخ، لا يمكنها أن تخفي حقيقة أن "الديمقراطيين" إنما انتُخبوا في المقام الأول من أجل وضع حد للحرب. وتلك في الواقع هي الطريقة التي كانت ومازالت تنظر بها القاعدة الليبرالية للحزب.
لكن لننظر إلى الطريقة التي يتصرف بها "الديمقراطيون" اليوم؛ إنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في وقف زيادة عديد القوات الأميركية في العراق، كما أن جهودهم الأخيرة الرامية إلى إيقاف الحرب في غاية التعقيد -جداول زمنية فوق جداول زمنية- إلى درجة أن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي (الديمقراطية من سان فرانسيسكو)، ورئيس لجنة الرصد المالي التابعة لمجلس النواب "ديفيد أوبي" (الديمقراطي من ويسكونسون) الذي يعد الشريك في القرار القاضي بعودة القوات الأميركية من العراق في سبتمبر 2008، لا يستطيعان تقديم تفسير بخصوص ذلك.
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر، فقد أذاع الصحفي جون روبرتس من قناة "سي إن إن" ضمن برنامج "ليت إيديشن"، مقتطفات من مؤتمر صحافي لم يُدلِ فيه "أوبي" بأية معلومة أو فكرة واضحة حول خطة "الديمقراطيين" لإنهاء الحرب. ثم سأل روبرتس السيناتورَ جوزيف آر. بايدن (الديمقراطي من ديلاوير): "كيف تمررون أو تدعمون شيئاً لا تستطيعون حتى شرحه؟". الحقيقة أنه سؤال وجيه.
غير أن الجواب قد لا يهم على اعتبار أن "ديمقراطيي" مجلس النواب قرروا دعم مشروع قانون التمويل الإضافي بمليارات الدولارات لبيع مواقفهم الداعية إلى سحب القوات. وفي هذا الإطار، تقول صحيفة "واشنطن بوست" إنه "تدخل في إطار التشريع مبالغ مالية كبيرة للمساعدة على كسب الدعم. أما التكلفة، فتفوق الطلب الذي تقدم به الرئيس جورج بوش بخصوص الحرب بـ24 مليار دولار". والحال أنه لو ظل "الديمقراطيون" يمثلون أقلية في الكونجرس، لكانوا قد نددوا بهذا الأمر واتهموا "الجمهوريين" بالسعي لتحقيق مآرب سياسية على حساب القوات الأميركية.
وإضافة إلى ذلك، فعندما وُوجهِ "أوبي" في أروقة الكونجرس بمجموعة من النشطاء المناوئين للحرب، والذين أرادوا معرفة لماذا استغرق وضعُ حد للحرب كل هذا الوقت الطويل، وصفهم بـ"الليبراليين الأغبياء"! قد يعتقد المحافظون أن "أوبي" لم يفقد الاتصال مع القاعدة، غير أني أشك في أن تكون لليبراليين نفس النظرة.
أما الآن، فلننسَ أمر الحرب للحظة، ولنطرح السؤال التالي: ما هو ثاني أهم موضوع بالنسبة لليبراليين اليوم؟ إنه ارتفاع حرارة الأرض، بطبيعة الحال. وفي هذا الإطار، يقول السيناتور جون كيري (الديمقراطي من ماساشوسيتس)، إنه لن يترشح لانتخابات 2008 الرئاسية؛ وبالتالي، يمكنه أن يكرس وقته لمواضيع العراق وتغير المناخ. ثم إن المانحين الرئيسيين في هوليود الذين يكرهون تخيل فكرة تصببهم عرقاً بسبب الغازات المسببة للاحتباس الحراري أثناء صعودهم سلم طائراتهم الخاصة، يرون أن ارتفاع حرارة الأرض هو الموضوع الأهم في عصرنا.
وبناء على ما سلف، ينبغي حل مشكلة ارتفاع حرارة الأرض اليوم، أليس كذلك؟ لقد تعرضنا على مدى عدة سنوات لاتهامات تفيد بأن الرئيس بوش "رفض التوقيع على بروتوكول كيوتو". حسناً، ولكن أتعلمون؟ بوش لم يستطع توقيع كيوتو لأنه وُقِّع من قبل الرئيس السابق الذي وضعه على الفور في درج مكتبه. لكن بوش أيضاً لم يوقع اتفاقية فرساي!
وإذا كان بروتوكول كيوتو على هذا القدر الكبير من الأهمية، فلماذا لم يدفع زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ "هاري ريد" (الديمقراطي من نيفادا) في اتجاه تبنيه؟ الواقع أننا لم نرَ "ريد" يناضل من أجل بروتوكول كيوتو على رغم أنه أملنا الكبير في محاربة "أخطر تهديد يواجه الإنسانية". والحال أن بروتوكول كيوتو لن يُمرَّر أبداً حتى في ظل توفر "الديمقراطيين" على الأغلبية في مجلس الشيوخ، لأنه ببساطة سيضر بالاقتصاد!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف