جريدة الجرائد

القمة، كيف تطلق لبنان عربياً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

غسان تويني

هل تنعقد القمة العربية في موعدها على خلفية سأم من عجز "لبنان الرسمي" عن بلوغ حل كان على الأقل يحول دون تمثل الجمهورية بوفدين متخاصمين قد يثير وجودهما جنباً الى جنب أكثر من احراج، فضلاً عن السأم، بل الأسى وربما الغضب؟...
نعم نقول الغضب، لأن العجز اللبناني - والتعجيز السوري كان يمكن ان يتجاوزه لبنان اللبناني لو توقف اللبنانيون المتسورنون، وفي طليعتهم "حزب الله" وصولاً الى السيد وئام وهاب مروراً بالكراميين والفرنجيين المردة والارسلانيين الخ... (ولا ننسَ دور الرئيس لحود بالذات وحاشيته التي سيتشكل منها وفده "الرئاسي"!!!) عن تعطيل المؤسسات الدستورية بوضع الأزمة خارجها، بل في مواجهتها على نحوٍ يسترهن الحل لمفاوضة لا مع سوريا وحدها بل مع كل من تريد دمشق ان تسوي علاقاتها الاقليمية معه، من العراق وصولاً الى اميركا والروسيا وربما، اذا استمرت الأزمة، مع الصين والهند واليابان... ولعل هذا ما عناه تصريح "مولوتوفي" لنائب الرئيس الشرع او خلفه النجيب الوزير المعلم عندما قال هذا او ذاك ان سوريا لن "تساعد في اخراج اميركا من عزلتها الدولية بدون ثمن" (كذا، لمن لايزالون يتذكرون).

bull; bull; bull;

ونسارع الى القول ان لبنان لا مصلحة له في بقاء اميركا في عزلة، ولا بالأحرى في بقاء سوريا في عزلة، لأن لبنان هو الذي دفع وسيستمر يدفع ثمن العزلة السورية التي ترى دمشق صورتها في مرآتها الديبلوماسية "عزلة اميركية" متجاهلة أو جاهلة ان القرارات التي تحاول مقاومتها ليست قرارات اميركية وحدانية، بل قرارات من المنظمة الدولية متخذة باجماع نادر لم تتخلف عنه لا الصين ولا حتى قطر!
وفي نظرنا انه لا يزال في وسع المملكة السعودية بالذات - متعاونة مع مصر والاردن - ان تتجاوز ضجرها من الأزمة اللبنانية فتضعها في اطارها العربي على نحو يقرّب سوريا من لبنان من غير ان يعني ذلك اعادة التسلّط الذي صار مستحيلاً.
والسبيل الى ذلك ليس مستحيلاً اذا صارح العرب الرئيس البشار على مستوى القمة، بأنهم يعرفون اسرار المحاولات السورية لزعزعة الأمن والاستقرار في لبنان بل لمنع الحكم الجمهوري من أخذ مجاله الطبيعي. ولا نخال القمة تجهل ان مثل هذا الموقف السوري عانته الجامعة منذ تأسيسها، اذ أبدت دمشق اذذاك تحفظاتها عن عضوية لبنان التي رأت فيها تكريساً لاستقلال كان بودها ان يكون فقط استقلالاً عن الانتداب الفرنسي، انما على نحو يلغي اتفاق "سايكس-بيكو"... وهي نغمة تكررها دمشق باستمرار، مباشرة عند الحاجة، انما في احيانٍ كثيرة عبر حلفاء لها لا يفقهون معنى ما يقولون (وبعضهم ذهب به الجهل الى حد التحدث عن "مستر سايكس - بيكو" وكأنه رجل واحد!!!)

bull; bull; bull;

ماذا يمكن ان تطلب القمة من سوريا عملياً لنخرج كلنا من الحلقة المفرغة؟
أولاً: الموافقة على اعلان لبنانية منطقة شبعا حتى تنتقل هذه الى سيادة الأمم المتحدة (وهذا ما ترفضه اسرائيل واستطراداً سوريا) تمهيداً لانتقالها الى لبنان وفق القرار 1704.
ثانياً: الموافقة على ترسيم الحدود واحترامها، بل مراقبتها دولياً، فلا يستمر انتقال الاسلحة عبرها، اياً يكن من تُرسل اليه هذه الأسلحة. وكان الأحرى ان يجري تفعيل الاتفاق العسكري السوري - اللبناني بحيث يعاون الجيش السوري "لبنان الجيش" عند تعرضه للعدوان كما حصل في تموز الماضي. وكان لافتاً ان دمشق، بدل معاونة لبنان بصورة من الصور، انصرفت الى اجراء مفاوضات سرية مع اسرائيل لم تنكرها بعدما فضحت مراجع اسرائيلية أمرها.
علماً بأن لبنان أيد ويؤيد سوريا كلياً في سعيها الى مفاوضة اسرائيل بغية جلائها من الجولان قبل فوات الأوان.
ثالثاً: توصية دمشق بالموافقة على اقامة علاقات ديبلوماسية مع لبنان شأن ما هو حاصل بينها وبين بقية الدول العربية.
رابعاً: ان تعلن دمشق موافقتها على المحكمة الدولية بصورة لا يكتنفها الالتباس ولا تتجلبب بالتناقضات... كأن تستمر تقول انها غير معنية بالمحكمة، ثم تضع شروطاً (لن يأخذ بها مجلس الأمن على كل حال) تلقي شبهات على مسؤولية سوريا عن التفجيرات والاغتيالات. علماً بأن موسكو قد ادخلت على نظام المحكمة الدولية كل التحفّظات التي تحول دون استعمالها اداة سياسية ضد سوريا وتبقيها رادعاً ضد استمرار الاجرام. والاجرام صرّح المسؤولون عن "اليونيفيل" ان خطره ليس من "حزب الله" بل من "قواعد" ارهابية استوطنت لبنان، وتعلن "اليونيفيل" انها تعرف أين ومَن هي بالضبط، مما يعني انها ربما وجدت نفسها مضطرة الى التصدي لها وهذا سيعقّد الأمور اذا صدف وحصل.

bull; bull; bull;

وبعد... حتى لا يذهب سدى ما انجزته السعودية، في "ديبلوماسيتها المكّية" بشأن الحكومة الفلسطينية، نرى ان تطلب القمة من الشقيقة سوريا الانسجام مع القمة من دون تحفظ في أي "خريطة طريق" نرى ان القمة مدعوة لرسمها في سبيل اعلان الدولة الفلسطينية وجمع الاعترافات الدولية بها وفرض التعامل مع الدولة العتيدة ومع الحكومة الائتلافية من دون تحفظ حتى تسترجع هذه الاراضي المحتلة عبر مفاوضات سلام تنطلق من المشروع الذي طرحته السعودية على القمة العربية في بيروت عام 2002. وهذا ما جرت الدعوة اليه في لقاء "الرباعية العربية" مع وزيرة الخارجية الاميركية في اجتماع أسوان يوم السبت الماضي.
وبديهي ان الظرف مؤات لمبادرة سلام فلسطينية - عربية (تشمل سوريا اذا تضامنت) ويكون لبنان مدعواً لتوظيف الحدب العالمي الذي يحيطه به مجلس الأمن والرأي العام الدولي. الا ان هذا الدور اللبناني يفترض بالطبع ان يسمح الرئيس (غير الشرعي الولاية الثانية) اميل لحود بأن يخرج الوطن الأسير من المآزق الدستورية التي يسربله فيها، فتتألف حكومة وحدة وطنية قابلة للتصرف وتجري انتخابات مبكرة ثم يجري انتخاب رئيس قادر على القيام بدور ريادي لبنانياً وعربياً، بالتنسيق مع كل الاشقاء العرب من دون استثناء، وفي طليعتهم سوريا، اذا عقلت، وبمبادرة "مكيّة" ليبقى الاسلام واحداً ولا ينقسم اسلامين يتحاربان كما ولا مرة في التاريخ الحديث.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف